مسألة ينبغي أن يُتنبه لها، وهي أنه إذا ثبتت السنة بحديث لا يلزم أن يتكرر تشريعها في كل موطن. فإذا ثبت عندنا أن حكم أهل مكة في مكة والمشاعر واحد، وأن مسافتهم ليست مسافة قصر، فإذا صلوا خلف المسافر بمكة، وهو يصلي ركعتين عليه أن يقول لهم: «أتموا فإنا قوم سَفْر» [البيهقي: 5170 ]. كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم- لأهل مكة، فإنهم لا يحتاجون إلى التنبيه في كل مرة؛ لأنهم نبهوا سابقًا ويكفي التنبيه الأول. لكن الذي يشكل على هذا، أنه حضر في هذه المواقف في الحج جمع غفير، لم يحضر صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بالمسجد يوم الفتح، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. ونظيره كذلك ما جاء في حديث: «إلا لمن لم يجد النعلين، فإن لم يجدهما فليقطعهما أسفل من الكعبين» [البخاري: 5806] ولم يذكر النبي –صلى الله عليه وسلم- القطع في خطبته بعرفة، مع وجود جمع غفير لم يحضروا خطبة المدينة. وفي مواطن كثيرة لم يرد النبي -عليه الصلاة والسلام- السلام، مع أنه مأمور به، ورده في مواطن أخرى، فنقول: إنه بيّن حكم رد السلام ويكفي. وسلام الملائكة على إبراهيم -عليه السلام- جاء في مواضع: {قالوا سلامًا قال سلام} [هود: 69] [الذاريات: 25]، وفي سورة الحجر ما قال: سلام [الحجر: 52]. فهل يقال: إن إبراهيم –عليه السلام- ما رد السلام؟ بل رد السلام.