شرح القواعد الفقهية (2)
طالب:.....
لا هو جرت عادته بأن يسوق الخلاف؛ يذكر كلام الأكثر، ثم يذكر من خالف، ثم يقول الصواب في ذلك عندنا كذا لإجماع أنا جئت به للإجماع.
طالب: .....
يصوبها ويعتمد ولكن ما يقول: لإجماع؛ لأنا ما أتينا بها لا لترجيح القراءة ذاتها وإنما لبيان منهجه في الإجماع، يقول: لإجماع القرأة في ذلك وهم الأكثر وليس الكل، لكن بلغه بالتلقي قراءات ولو ما عرف المقصود ليس لإثبات القراءة ولا لنفيها، إنما سقنا كلام الطبري لأجل بيان أن مذهب الطبري أن الإجماع قول الأكثر لا قول الجميع.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ذكرنا بالأمس أن يكون المحور في الدرس على النظم (الفرائد البهية نظم القواعد الفقهية) ونستفيد من شرحها ونستفيد من الأشباه والنظائر للسيوطي وابن نجيم وغيرها من كتب القواعد المشابهة، ومادام الأمر في البداية، وقبل أن ندخل في أول قاعدة، يعني إن كنتم تريدون إكمال القواعد الكلية الخمس فيما تبقى من الأيام، هذا شيء لكنه ناقص، وإن كنتم تريدون بقية الأيام في القاعدة الأولى وإن استطعنا أن نأخذ الثانية بها ونعمت، على أن يكون هذا نواة درس مستمر في القواعد، فالأمر إليكم، يعني إن أردتم التفصيل نفصل، وإن أردتم الإجمال نجمل، علشان ما هو إذا انتهينا قلتم والله ما أخذنا إلا قاعدة أو قاعدة ونصف أو شيء من هذا؛ لأن الإيضاح مطلوب لطلاب العلم، وأيضا إكمال المقرر كثير من طلاب العلم يتوق إليه ويرغبه ولو كان على حساب الإفادة والتطويل، فعلى كل حال نجتهد على أن نجمع أطراف الموضوع مع الفائدة المترتبة عليه إن شاء الله تعالى.
القواعد التي نظمها الأهدل في فرائده هي القواعد التي ذكرها السيوطي في أشباهه على ما تقدم بيانه بالأمس، وهي عبارة عن قواعد كلية خمس، ثم قواعد أغلبية، القواعد كثيرة جدًّا بالمئات، والكتب المطولة في هذا الباب فصلت ووضحت القواعد وما يندرج تحتها وما يشذ عنها، فهي كثيرة جدًّا، وإن كان القاضي حسين من الشافعية رد القواعد إلى أربع -في مذهب الشافعي- إلى أربع فقط هي: اليقين لا يُزال بالشك، والمشقة تجلب التيسير، والضرر يزال، والعادة محكمة، أربع، لكنه ترك ما هو أهم منها، فعلى هذا نجزم بأن هذه القواعد لا تجمع الفقه الشافعي، فلا بد من إضافة القاعدة الخامسة التي هي الأولى في الحقيقة، والتي يبدأ الحديث عنها في درسنا هذا، وهي الأمور بمقاصدها، هي أهم من هذه القواعد كلها، وهي أجمع القواعد، قال بعضهم في كون هذه الأربع دعائم الفقه: كله فيه نظر، فإن غالبه لا يرجع إليها إلا بتكلف، وإذا سلكنا مسلك التكلف رجحنا قول العز بن عبد السلام حينما يرجع القواعد إلى جلب المصالح ودرء المفاسد، إذا أردنا أن ندخل نحشر الأبواب تحت أقل قدر من القواعد، ولو كان هناك شيء من التكلف وعدم الظهور بحيث لا تخطر على بال كثير من المتعلمين دخول هذه المسائل الفقهية في هذه القاعدة، فإننا نستطيع أن نقول: إن تحصيل المصالح يجمع جميع أبواب الدين؛ لأن الدين عبارة عن مصالح فنرجعه إلى شق قاعدة، لكن أهل العلم حينما يذكرون مثل هذه الأمور يذكرون ما يدخل فيها بوضوح ومن غير تكلف.
مما يتكلم فيه في القاعدة الأولى من أجل تعرفون كيفية الضم الأمور بمقاصدها، يقول أهل العلم: يشترط لكل عبادة يتقرب بها إلى الله -جل وعلا- شرطان: الأول الإخلاص، والثاني المتابعة، بأن يكون العمل خالصًا لوجه الله –تعالى-، وأن يكون على سنة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يقول بعضهم: يكفي واحد، تكفي المتابعة، ولغيره أن يعكس، كيف تكفي المتابعة عن الإخلاص، نعم الرسول -عليه الصلاة والسلام- تعبد لله -جل وعلا- بإخلاص، فإذا اختل هذا الشرط لم يتحقق الشرط الثاني، وإذا تحقق الشرط الثاني دخل فيه الشرط الأول؛ لأنه لا تتحقق المتابعة للنبي -عليه الصلاة والسلام- إلا بإخلاص، لكن هب أن العلماء قالوا مثل هذا الكلام وأطبقوا عليه وترك الشرط الأول -رغم أهميته- متى يذكر المتعبد النية والإخلاص؟ يعني بعض الأمور لأهميته في الشرع ينص عليه، ولو أمكن الاستغناء عنه بغيره؛ لأنه لو لم يذكر العلماء الإخلاص في كل عبادة ويكرر في كل عبادة؛ لعزفت النية عن ذهن المتعبد، ولأشرك في عمله وهو لا يشعر، فالنية شرود، فإذا أُكِّد عليها في كل عبادة وفي كل مناسبة تحقق هذا الشرط الهام الذي عليه المعول في قبول العبادات، ومنهم من يقول: نعكس، يكفينا الإخلاص، كيف؟ يعني إذا نصصنا على الإخلاص، نكتفي عن المتابعة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا تتم متابعته إلا بالإخلاص، والعمل الذي لا إخلاص فيه لا متابعة فيه، إذًا يكفي الإخلاص، وعلى كل حال لا بد من ذكرهما معًا؛ لأنه أحيانًا يصرح بالشيء لمجرد التوضيح.
ما تعدون مثل هذا الصوت الذي يخرج من الجوال؟
ماذا يعده الناس؟ لأنهم يتنازعون في بعض النغمات، هل تدخل فيما حرم الله -جل وعلا- من الموسيقى أو لا تدخل؟ يختلفون فيها، وهل من مرد يمكن أن نرد مثل هذه الأصوات إليه مما له أصل في الشرع؟ نعم، جرس الدواب هو الفاصل، وهذا مثله أيضًا مع الأسف يوجد مثل هذا من طلاب علم، يعني ننظر إلى عمال وننظر إلى وافدين وننظر إلى رجال أعمال وننظر إلى ناس عاديين ونتحسر على ما يصدر من بعضهم، فإذا كان هذا من طالب علم وفي بيت من بيوت الله كان الأمر أشد، وفتوى اللجنة الدائمة في تحريم الموسيقى في نغمات الجوال منشورة ومعروفة، فإذا كانت هذه النغمة وكل إنسان على ما يدين الله به عليه أن يتقي الله -جل وعلا- فإذا كان يقارن بين هذه النغمة وبين الجرس الذي يعلق على الدواب الذي جاء النهي عن اصطحابه؛ جاء النهي عن اصطحاب الدابة التي يعلق عليها الجرس، فإذا كانت أشد إطرابًا من جرس الدواب منعت، وإن كانت أقل فالأمر سهل، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا- وأن يقيس الأمور بعضها على بعض ويرد أعماله وتصرفاته إلى الشرع.
يقول: قال بعض العلماء: لا بد من أن يجتمع في العمل ثلاثة شروط: الإخلاص، المتابعة، أصل الإيمان.
{وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورًا} يعني الأعمال التي تشترط فيها هذه الشروط، أعمال عموم الناس أو أعمال المسلمين، يعني الخطاب الموجه الملزم بتحقيق هذين الشرطين، المسلمون أو غيرهم أو عموم الناس؟ عموم الناس، إذًا الإيمان لا يصح عمل بدونه، فلا بد من تحققه فلا يصرح به؛ لأن المفترض أن الكلام موجه للمسلمين، وعلى كل حال قد يقول قائل: إذًا لماذا نقول: شروط الصلاة تسعة: الإسلام، والعقل، والتمييز، وهذه الشروط تذكر في كتب العلم التي يدرسها طلاب العلم الذين هم من خواص المسلمين، كيف نقول: الإسلام وهم مسلمون؟ لماذا لا نشترط الإيمان لصحة العلم؟ أحيانًا يصرح بالشيء إنما هو لمجرد التوضيح، وأحيانًا يصرح به للاهتمام به والعناية بشأنه، وأحيانًا يصرح به؛ لأن العمل ينتفي بانتفائه، عرفنا أن القاضي حسين أرجع قواعد المذهب -مذهب الشافعي- إلى أربع، وزاد بعضهم مما يجب أن تكون أهم هذه القواعد وهي الأمور بمقاصدها، فهي خمس قواعد، وأرجع الشيخ عز الدين بن عبد السلام الفقه كله إلى اعتبار المصالح ودرء المفاسد، بل قد يرجع الكل إلى اعتبار المصالح، فإن درء المفاسد من جملتها. قال الناظم:
الفقه مبنيٌّ على قواعدْ وبعدها اليقينُ لا يزالُ . وتجلب المشقة التيسيرا . رابعها فيما يقالُ الضررُ |
| خمسٍ هي الأمورُ بالمقاصدْ بالشَّكِّ فاستمعْ لما يُقالُ ثالثها فكن بها خبيرا يزال قولا ليس فيه غررُ |
قولاً أو قولٌ في بعض النسخ قولاً وفي بعضها قولٌ.
خامسها العادةُ قلْ: محَكَّمهْ . بل بعضهم قد رجع الفقه إلى وهي اعتبارُ الجلبِ للمصالحِ بلْ قالَ قدْ يرجعُ كلهُ إلى |
| فهذه الخمس جميعاً محكمهْ قاعدةٍ واحدة مُكَمِّلا والدرء للمفاسدِ القبائحِ . أوّل جُزءَيْ هذه وقُبِلا |
يعني إلى أول جزئيها وهي جلب المصالح، ولا داعي درء المفاسد؛ لأن درء المفاسد من جلب المصالح.
وإذا عرفت الخمس بالتجميل |
| فهاك ذكرها على التفصيل . |
وإذا عرفت الخمس يعني القواعد الخمس، بالتجميل يعني إجمالا فهاك ذكرها على التفصيل، ثم أخذ يفصل، ونصيب القاعدة الأولى من النظم أربعون بيتًا من النظم، وشرح أربعين بيتًا يحتاج إلى وقت، ثم فصلوا السيوطي وتبعه الناظم قالوا: القاعدة الأولى: الأمور بمقاصدها؛ فهذه هي القاعدة الأولى عند السيوطي في الأشباه وتبعه الناظم، لكنها القاعدة الثانية عند ابن نُجيم، ابن نجيم في الأشباه والنظائر جعل الأمور بمقاصدها الثانية، والأولى عنده القاعدة الأولى عنده لا ثواب إلا بنية، والثانية الأمور بمقاصدها، هل هناك فرق بين القاعدتين؟ قال: القاعدة الأولى لا ثواب إلا بالنية، والثانية الأمور بمقاصدها، هل هناك من فرق بين القاعدتين؟ أو يمكن إدراج القاعدتين في قاعدة واحدة، كما فعل السيوطي والناظم؟ وهل صنيع ابن نجيم في قسمه القاعدة إلى قاعدتين؟ لأن بعض الناس يستفيد من كتاب فائدة كبرى، ولئلا يظن به النقل الحرفي من هذا الكتاب يُوجد بعض الاختلافات، يضيف بعض الإضافات، يجدد يقدم يؤخر، يعني القاعدة الأولى الأمور بمقاصدها قلنا: ما جاب جديد، لا سيما وأن فيه بعض الأسطر بحروفها منقولة من أشباه السيوطي، بعض الناس يصير عنده شيء من النباهة، ينقل كلام غيره ويقدم ويؤخر ويزيد وينقص ويتصرف؛ لئلا يقال: إنه أخذه بحروفه من ذلك الغير، وبعضهم ينقل الصفحة والصفحتين من غير تغيير؛ ظنًّا منه أن الكتاب الأصلي لن يقع بيد كثير من الناس فيمشي عليها، ولا شك أن مثل هذه التصرفات داخلة في القاعدة الأمور بمقاصدها؛ لأننا نرى أحيانًا بعض العلماء ينقل من غيره من غير عزو صفحة وصفحتين ثلاث أحيانًا، ينتحل كتابًا كاملاً ينسبه إلى نفسه، والأمور بمقاصدها، قد ينتحل كتاب كاملاً ويضيفه إلى نفسه، أو ينتحل أكثر الكتاب وينقله من غير إشارة، وهو في ذاك محسن، ونعود إلى القاعدة الأمور بمقاصدها، إن كان قصده من ذلك التكثر، والتشبع بما لم يعط ونسبة هذا القول له وهو في الحقيقة لغيره، فالأمور بمقاصدها، هو آثم بهذا متشبع بما لم يعط، فهو كلابس ثوبي زور، وإن كان قصده ترويج الكلام إذا نسبه لنفسه؛ لأن من نطق به غير مقبول.
في بلد أو في زمن ابن أبي العز في شرح الطحاوية جل كلامه منقول من كتب شيخ الإسلام وابن القيم، لكن ما يعزو لماذا؟ لأنه عاش في وقت تُحرق فيه كتب شيخ الإسلام وابن القيم، فكونه لا ينسب هذا الكلام هو مأجور على هذا.
ونرجع إلى قاعدتنا الكلية الأمور بمقاصدها، فكونه فتت هذه القاعدة وجعلها قاعدتين، إما أن يكون ملحظه الحديث الذي هو الأصل لهذه القاعدة «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» على القاعدتين لا ثواب إلا بالنية ظاهر أو ما هو ظاهر؟ يعني تصرف ابن نجيم ماشي على القاعدتين، على الجملتين في الحديث أو لا؟ نعم يمشي بعض العلماء يرى أن الحديث -كما يأتي في كلام القرطبي- الجملة الثانية مؤكدة للجملة الأولى وليست مؤسسة لمعنى جديد، فهما بمعنى واحد، فعلى هذا ما يمشي كلام ابن نجيم، يمشي كلام غيره، قاعدة واحدة ولا يمكن قسمها إلى قاعدتين، أقول: لعل السبب في جعل القاعدة قاعدتين مجيء حديث عمر -رضي الله تعالى عنه- الذي هو أصل هذه القاعدة المُخرج في الصحيحين وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» يقول القرطبي فيه: يعني الجملة الثانية من الحديث وهي "وإنما لكل امرئ ما نوى" تحقيق لاشتراط النية والإخلاص في الأعمال، يعني وهذا ما يفيده الجملة الأولى، الجملة الأولى تفيد هذا، فجنح إلى أنها مؤكِّدة، وقال غيره: بل تفيد غير ما أفادته الأولى؛ لأن الأولى نبهت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها فيترتب الحكم على ذلك؛ لأن الجملة الأولى نبهت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها، فيترتب الحكم على ذلك، والثانية أفادت أن العامل لا يحصل له إلا ما نواه، لا يحصل له إلا ما نواه، هو قول ابن نجيم في القاعدة الأولى "لا ثواب إلا بالنية".
وقال ابن دقيق العيد: الجملة الثانية تقتضي أن من نوى شيئًا يحصل له، يعني إذا عمله بشرائطه أو حال دون عمله له ما يعذر شرعًا بعدم عمله، وكل ما لم ينوه لم يحصل له، ومراده بقوله: ما لم ينوه، أي لا خصوصًا ولا عموما، أما إذا لم ينو شيئًا مخصوصا، لكن هناك نية عامة تشمله فهذا مما اختلفت فيه أنظار العلماء، ويتخرج عليه من المسائل ما لا يحصى؛ شخص صلى العصر وجلس في المسجد يذكر الله إلى أن حان وقت صلاة المغرب، وجلس وانتظر المغرب، هذا مرابط يذكر الله بين الصلاتين إلى أن جاءت الصلاة الأخرى، لكن هل يؤجر هذا المرابط على ترك المعاصي؛ لأنه ما فعل شيئا منها، يعني وجد من يشرب وهو ما شرب، هل نقول: أنت مأجور؛ لأنك ما شربت الخمر؟ هل أنت مأجور على أنك ما ارتكبت بعض المعاصي من سرقة وزنى وغيرهما؟ نعم، النية هي التي تميز مثل هذا الجلوس وهذا الترك؛ فإذا استحضر مع جلوسه وانتظار الصلاة إلى الصلاة وقراءة القرآن والذكر في هذا الوقت استحضر مع ذلك ألا يزل؛ لأنه إن خرج من المسجد ترتب عليه الالتقاء بالآخرين، ولقاء الآخرين قد يترتب عليه شيء من المعاصي؛ غيبة ونميمة وكلام بذيء وسب وشتم، وقد يكون في طريقه نساء متبرجات، فيرسل نظره إليهن، إذا استحضر أنه ليكف بصره عما في الطريق ويكف لسانه عما يدور في مجالس الناس يؤجر على ذلك، فكونه لا ينوي شيئا البتة لا يحصل له إلا ثواب ما عمله، ولا يحصل ثواب ما تركه؛ فإن نوى شيئًا إجماليًا مثلاً قال: لئلا يعصي جلس في المسجد، لئلا يعصي، وكان السلف يحفظون صيامهم بالمكث في المساجد، إذا جلس لا يعصي.
النية مجملة، هل يثاب على الأمور التفصيلية، أو يثاب بقدر هذه النية المجملة؟ والثالث نوى أنه جلس في المسجد؛ لئلا يغتاب ولا يسرق، قد يتيسر له سرقة، ولا ينظر نظر محرم، إذا استحضر مثل هذه الأمور أجر عليها؛ ولذلك يقول ابن دقيق العيد: الجملة الثانية تقتضي أن من نوى شيئا يحصل له، يعني إذا عمله بشرائطه أو حال دون عمله لهم يعذر شرعًا بعدم عمله، وكل ما لم ينوه لم يحصل له، يعني جلس بالمسجد خوفًا من غريم مثلاً، يعني هذا على قدر ما في باله وفي نيته، ومراده في قوله: ما لم ينوه، أي لا خصوصًا لهذا الأمر ولا عمومًا بأن يحفظ صيامه، يحفظ جوارحه عن المعاصي، ولا عموم. أما إذا لم ينو شيئًا مخصوصًا لكن كان هناك نية عامة تشمله، فهذا مما اختلفت فيه أنظار العلماء، فالنية العامة تنفع، والنية الخاصة تنفع، أما مع عدم النية فلا، وهذا هو منطوق الحديث، ويتخرج عليه من المسائل ما لا يحصى، وقد يحصل غير المنوي لمدرك آخر؛ كمن دخل المسجد فصلى الفرض أو الراتبة قبل أن يقعد، فإنه يحصل له تحية المسجد نواها أو لم ينوها، دخل المسجد فوجد الناس يصلون الفرض، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين»، هل نقول له: صلِّ ركعتين تحقيقًا لهذا الأمر، صل ركعتين امتثالاً لهذا، أو نقول: صل مع الجماعة والتحية تدخل تبعًا؟ يقول: لأن القصد بالتحية شغل البقعة، وقد حصل بعض الناس يأتي إلى المسجد بعد طلوع الفجر فيصلي تحية المسجد، ثم يأتي براتبة الصبح، نقول: يا أخي تحية المسجد ما لها داعي، إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر فقط، وتحية المسجد تدخل.
قوله: يحصل له التحية، فإنه يحصل له تحية المسجد نواها أو لم ينوها، حصول التحية هل المراد به سقوط الطلب بهذا الفعل أو المراد الثواب المرتب على التحية؟ دخل المسجد والناس يصلون، فإذا جاء أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع، الإمام كبر وركع وسجد مع الإمام وما صلى تحية المسجد، الآن يحصل له تحية المسجد، هل المقصود أنه يحصل له شغل البقعة الذي من أجله شرعت تحية المسجد، أو المراد به الثواب المرتب على تحية المسجد؟ شغل البقعة يعني إن نواها، التداخل الآن إذا دخل والإمام في الفريضة، أو دخل قبل صلاة الظهر ولها راتبة قبلية، أو قبل صلاة الفجر ولها راتبة قبلية فصلى الراتبة نقول: لا يطالب، تحصل له تحية المسجد، يحصل له شغل البقعة بلا شك، لكن إن نوى تحية المسجد مع الفريضة أو نوى تحية المسجد مع الراتبة يحصل له أجرها أو لا يحصل؟
يعني تداخل العبادات، مسألة التداخل في العبادات، في أوائل القواعد لابن رجب قال: إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مقضية والأخرى مؤداة، دخلت الصغرى في الكبرى، فتدخل النافلة في الفريضة، مثل هذا لو جاء والإمام راكع فكبر للإحرام ولم يكبر للانتقال تكفي، لكن لو كبر للانتقال ولم يكبر للإحرام لم تنعقد صلاته، فمثل هذا لو نوى بصلاته تحية ركعتي الفجر مثلاً أو راتبة الظهر نوى فيها التحية، والراتبة هذا إذا قلنا: إن التحية مقصودة لذاتها؛ فتحتاج إلى نية، أما إذا قلنا: إنها ليست مقصودة لذاتها؛ فتدخل في أي صلاة، لكنها لا تدخل إلا في صلاة مكونة من ركعتين، يعني لو دخل بعد صلاة العشاء وقال: أوتر بواحدة، تدخل فيها تحية المسجد أو لا؟ ما تدخل حتى يصلي ركعتين، وهذا ما صلى إلا ركعة وهكذا.
طالب: .....
لا ما انعقدت الصلاة أصلا، ما دخل، من دخل والإمام راكع وأراد أن يكتفي بتكبيرة واحدة فلينو تكبيرة الإحرام؛ لأنها هي ركن الصلاة، وبدونها لا تنعقد الصلاة، إذا نوى تكبيرة الانتقال الركوع فإن صلاته لم تنعقد، فلا بد أن ينوي تكبيرة الإحرام وتدخل فيها تكبيرة الانتقال، وإن كبرهما معا فهو الأصل.
قوله: يحصل له التحية، قلت: يعني أنه يسقط عنه الطلب لا ثواب التحية إلا بالنية، وقال النووي: أفادت الجملة الثانية اشتراط تعيين المنوي، كمن عليه صلاة فائتة لا يكفيه أن ينوي الفائتة فقط حتى يعينها ظهرًا مثلاً أو عصرًا، والكلام في هذا كثير، الكلام في المراد بالجملتين كثير في الشروح عند أهل العلم، لكن هذا خلاصة ما يقال فيه، والداعي لمثل هذا الكلام وإن كان ليس الكلام عن الحديث وشرح الحديث له مواضع أخرى، لكن نحتاج إلى مثل هذا الكلام للفرق بين تصرف السيوطي وتصرف ابن نجيم، الشيخ محمود حمزة مفتي دمشق اقتصر في قواعده التي أسماها الفرائد البهية في القواعد الفقهية، عندنا الفرائد البهية في نظم القواعد الفقهية، وكتاب محمود أفندي حمزة هذا اسمه الفرائد البهية في القواعد الفقهية، اقتصر في قواعده على أولى قاعدتي ابن نجيم، يعني اقتصر على قوله: لا ثواب إلا بالنية، ما جاب القاعدة التي اتفقوا عليها، وهي الأمور بمقاصدها إنما قال: لا ثواب إلا بنية، فابن نجيم جمع بين القاعدتين وأفرد كل واحدة بمبحث خاص، بعنوان: القاعدة الأولى، القاعدة الثانية؛ ولذا صارت الكليات عنده ستًّا بدلا من خمس، السيوطي اقتصر على الكلام الأعم، الأمور بمقاصدها، ويشفع له كلام القرطبي في شرح الحديث، وأن الثانية مؤكدة للأولى، وأما محمود حمزة هذا اقتصر في قواعده قال: قاعدة لا ثواب إلا بنية ولم يورد الأمور بمقاصدها، ومعول محمود حمزة معوله في قواعده على قواعد ابن نجيم على الأشباه والنظائر لابن نجيم؛ لأنه حنفي مثله، فيعول عليه كثيرًا ولا يخرج عنه إلا نادرًا، بل يأخذ قواعده من كتب الحنفية، الأصل قواعد ابن نجيم، ويضيف إليها ما وقف عليه من كتب الحنفية، الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحم الله الجميع قال في أولى قواعده:
النية شرط لسائر العمل |
| بها الصلاح والفساد للعمل . |
هذه القاعدة الأولى عنده، فعدل عن تعبيرهم الأمور بمقاصدها إلى النية لماذا؟ لأنها بمنطوق الحديث جاءت إنما الأعمال بالنيات، وفي رواية: «لا عمل إلا بنية»، إنما الأعمال بالنية فجاء في قاعدته الأولى بمنطوق الحديث، وأولئك عدلوا عن منطوق الحديث إلى ما هو أعم على ما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى.
يقول الشيخ ابن سعدي في تقرير هذه القاعدة يقول: القاعدة أنفع القواعد وأجلها، وتدخل في جميع أبواب العلم، فصلاح الأعمال البدنية والقلبية أعمال القلوب وأعمال الجوارح إنما هو بالنية، وفساد هذه الأعمال بفساد النية، فإذا صلحت النية صلحت الأقوال والأعمال، وإذا فسدت النية فسدت الأقوال والأعمال، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» إذا تقرر هذا فالأصل المعول عليه في تقرير هذه القاعدة هو حديث عمر -رضي الله تعالى عنه- الذي سبق ذكره: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» لما قررت القاعدة إنما الأعمال بالنيات، وأردفت بما يزيد المسألة بيانًا وإيضاحًا، ويدخل في الباب ما لم يدخل في الجملة الأولى على ما تقدم.
قال: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله» سياق مدح أو ذم؟ سياق مدح بلا شك الجملة الثانية، «ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» مدح أو ذم؟ ذم بلا شك، قد يقول قائل: أنا بحثت عن زوجة في بلدي ما وجدت، فانتقلت إلى بلد آخر ووجدت زوجة، أنا ممدوح أو مذموم؟ أنا هاجرت تركت بلدي إلى بلد آخر من أجل أن أتزوج، وأنا في بلدي ما رزقت، طرقت جميع أبواب الرزق ما وُفِّقت، فهجرت بلدي وتركت معارفي وأقاربي إلى بلد آخر، ففتح الله علي أبواب الرزق يذم أو ما يذم؟ كيف جاء في الحديث سياق ذم، ونحن نقول: هذا ما يذم؟ الأمور بمقاصدها، وإنما لكل امرئ ما نوى، متى يذم مثل هذا؟ يذم مثل هذا إذا أظهر للناس بلسان مقاله، أو بلسان حاله، أو بشيء من تصرفاته وأفعاله، أنه إنما هاجر لله ورسوله يذم، ومن أوضح الأمثلة.
طالب: سبب ورود الحديث.
سبب ورود الحديث ظاهر، لكن يبقى أن عندنا مثال؛ غدا الاثنين مثلاً والاثنين كما جاء سابقًا مما يشرع صيامه، يستحب صيامه، جاء الترغيب في صيام الاثنين، فلو أن شخصًا قبل غروب الشمس بربع ساعة دخل ومعه كيس فيه تمر وفيه ماء وفيه قهوة وفلّ السماط بجوارنا، ووضع ما معه على هذا السماط، وانتظر الأذان، فقال: بسم الله وأكل، وهو ما صام، هل يستطيع أحد أن يقول: إن الأكل في المسجد حرام، لكن صنيعه ممدوح أو مذموم؟ مذموم؛ لأنه يوحي للناس أنه صائم، لكن لو جاء الظهر مثلا وفل السماط ووضع الغداء وتغدى في المسجد، ما أحد يلومه، الأكل في المسجد جائز ما لم يتسبب إلى تلويثه مثلاً وامتهانه، والا ما فيه إشكال، لو أكل الظهر ما أحد يلومه، لكن لما انتظر كل شوي ينظر في الساعة ثم أذن قال: بسم الله، فأظهر للناس أنه صائم نقول: مثل هذا يذم، والا لو أكل في غير هذا الوقت ما يذم، فلا شك أن مثل هذه الأمور لا بد من ملاحظتها؛ لأن الأنسان قد يحبط عمله بنفسه وهو لا يشعر، وقد يتحايل على نفسه يعرف أن الرياء محرم، وشرك أصغر، ويعرف أن الحديث عن النفس وإبراز ما كان يعمله خفيًّا، يعرف أن هذا إن لم يحبط العمل أنقص ثوابه، فتجده يأتي بطرق ويلتوي، وأحيانًا يذم نفسه ليمدح، يذم نفسه بما يعرف الناس عنه أنه ليس فيه من أجل أن يمدح، والأمور بمقاصدها فمداخل الشيطان وحيل الشيطان على المسلم من أجل أن يحبط العمل يأتي من هذه الأبواب، الأصل في هذه القاعدة حديث عمر؛ ولذا سمعنا في كلام أو سيأتي في كلام الناظم إن شاء الله تعالى:
الأصل في الأمور بالمقاصد . |
| ما جاء في نص الحديث الوارد | ||
| أي إنما الأعمال بالنيات . |
| وهو مروي عن الثقات . |
|
يضاف إلى ذلك جميع النصوص التي جاءت في الكتاب والسنة في الإخلاص، وفي إرادة وجه الله، وفي ابتغاء وجه الله، كل هذه تضاف إلى الحديث لتكون أصلاً لهذه القاعدة، الإخلاص يقول الشيخ ابن سعدي رحمه الله: من مراتب النية، وهو قدر زائد على مجرد نية العمل، فلا بد من نية نفس العمل، والمعمول له -الذي هو الإخلاص لله جل وعلا- يقول: وهذا هو الإخلاص، وهو أن يقصد العبد بعمله وجه الله لا يريد غيره، ويقول السيوطي: حديث عمر -رضي الله عنه- حديث صحيح مشهور، أخرجه الأئمة الستة وغيرهم من حديث عمر بن الخطاب، وأخرجه ابن الأشعث في سننه من حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الأشعث هو أبو داود سليمان بن الأشعث، والدارقطني في غرائب مالك، وأبو نعيم في الحلية من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، وابن عساكر في أماليه من حديث أنس -رضي الله عنه-، كلهم بلفظ واحد، إنما الأعمال بالنيات، وعند البيهقي في سننه من حديث أنس: «لا عمل لمن نية له» وفي مسند الشهاب من حديثه -يعني من حديث أنس-: «نية المؤمن خير من عمله» وهو بهذا اللفظ في معجم الطبراني الكبير من حديث سهل بن سعد والنَّواس بن سمعان، وفي مسند الفردوس للديلمي من حديث أبي موسى ما يتصل بالنية باللفظ لم يثبت إلا من حديث عمر، فهذه الأحاديث التي ذكرها السيوطي من حديث علي وحديث أبي سعيد وحديث أنس وحديث أنس الثاني كلها لا تثبت، وكذلك حديث "نية المؤمن خير من عمله" هذا حديث ضعيف عند أهل العلم، وإن كان معناه يمكن أن يوجه إلى معنى صحيح، نية المؤمن خير من عمله، يعني النية المجردة خير من العمل المجرد، يعني النية بدون عمل ينوي الخير هذا مأجور، لكن يعمل الخير بدون نية هذا مأزور لا يؤجر.
وفي الصحيح من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال له النبي عليه الصلاة والسلام: «إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت فيها، حتى ما تجعل في فيّ امرأتك» ومن حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: «ولكن جهاد ونية» يعني لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وفي السنن الأربعة من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه-: «إن الله يدخل السهم الواحد ثلاثة الجنة وفيه وصانعه يحتسب في صنعته الأجر»، والنصوص في هذا المعنى كثيرة جدًّا، قد تواتر النقل عن الأئمة في تعظيم قدر حديث النية، حديث عمر تواتر عنهم النقل في تعظيم هذا الحديث والرفع من شأنه، فقال أبو عبيد: ليس في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم شيء أجمع وأغنى وأكثر فائدة منه، واتفق الشافعي وأحمد بن حنبل وابن مهدي وابن المديني وأبو داود والدارقطني وغيرهم على أنه ثلث العلم، ومنهم من قال: ربع العلم، ووجه البيهقي كونه ثلث العلم بأن كسب العبد يقع بقلبه ولسانه وجوارحه، وجه البيهقي كونه ثلث العلم بأن كسب العبد يقع بقلبه ولسانه وجوارحه، من ذلك الإيمان قول وعمل ونية، قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان، فهذه ثلاثة من متعلقات الكسب، فالنية أحد أقسامها الثلاثة، بل هي أرجحها؛ لأنها قد تكون عبادة مستقلة وغيرها يحتاج إليها، يعني لو أن الإنسان نطق ووعظ الناس موعظة بليغة، بكى الناس منها، لكنه لم يقصد بها وجه الله -جل وعلا- يؤجر عليها أو يؤزر؟ يأثم لو أنه صلى أبد الدهر بغير نية أثم في صلاته، ولو أنه نوى الخير وبيت النية وحدث نفسه بفعل الخير لا شك أنه يؤجر عليه ولو لم يفعله، إذا لم يتمكن منه، بل منعه منه مانع وعزم على فعله ما تيسر له، لا شك أنه يؤجر عليه، للحافظ أبي الحاسن طاهر بن مفوِّز الأندلسي يقول:
عمدة الدين عندنا كلمات . |
| أربع من قول خير البرية . |
اتق الشبهات وازهد ودع ما |
| ليس يعنيك واعملنّ بنية . |
فذكر حديث النعمان في اتقاء الشبهات «وازهد فيما في أيدي الناس» «ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك» ما ليس يعنيك «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» واعملنّ بنية حديث عمر -رضي الله عنه-: «إنما الأعمال بالنيات» وقال ابن مهدي أيضًا: حديث النية يدخل في ثلاثين بابًا من العلم، وقال الشافعي: يدخل في سبعين بابًا، منهم من يقول: إن هذا من باب المبالغة، يعني للحث على فهم الحديث وتطبيق الحديث من الإمام الشافعي أنه يدخل في سبعين بابًا ذكر السيوطي ما يدخل فيه من الأبواب فزادت على السبعين، يعني بالتفصيل عند السيوطي في الأشباه ذكر أكثر من سبعين بابًا يدخل فيه هذا الحديث؛ ليبين فساد قول من قال: إن مراد الشافعي بقوله: يدخل في سبعين بابًا من العلم المبالغة، قال: وإذا عددت مسائل هذه الأبواب التي للنية فيها مدخل لم تقصر عن أن تكون ثلث الفقه، أو ربعه، يقول: وإذا عددت مسائل هذا الباب أو هذه الأبواب هو عدد أبواب إذا عددت فصلت مسائل هذه الأبواب لا تقصر عن أن تكون ثلث العلم، أو ربع العلم، يقول الناظم رحمه الله تعالى:
الأصل في الأمور بالمقاصد |
| ما جاء في نص الحديث الوارد |
أي إنما الأعمال بالنيات |
| وهو مروي عن الثقات |
الحديث حديث الأعمال بالنيات لم يثبت إلا من طريق عمر بن الخطاب، فهو فرد مطلق، وعن عمر لم يثبت إلا عن علقمة بن وقاص الليثي، وعن علقمة لم يثبت إلا من طريق محمد بن إبراهيم التيمي، وعن محمد بن إبراهيم التيمي لم يثبت إلا عن يحيى بن سعيد الأنصاري، ثم عن يحيى انتشر انتشار واسع جدًّا حتى قيل إنه روي عنه من أكثر من سبعمائة طريق، قوله: وهو مروي عن الثقات، لا ندخل الصحابة في هذا؛ لأنهم ليسوا بحاجة إلى توثيق، وأما من بعدهم من التابعين وتابعيهم إلى الطبقة الرابعة إلى يحيى بن سعيد، لا شك أنهم ثقات، يناسب مجموعهم الجمع الثقات، لكن إذا نظرنا إلى مفرداتهم فإنه مروي عن ثقة لا عن ثقات، فقوله: وهو مروي عن الثقات، إنما يقصد بذلك مجموع رواة الحديث، يعني سلسلة إسناد الحديث، جاء بإسناد رجاله ثقات، لكن لو قدر أنه يريد بذلك أنه جاء من طرق متعددة من طريق الثقات نقول: لا، هو في طبقاته الأربع فرد مطلق، لا يصح إلا عن هؤلاء الأربعة؛ ولذا انتقد من يقول في تعريف الحديث الصحيح هو الحديث الذي يرويه العدول الضابطون مع اتصال، أو ما اتصل سنده بنقل العدول الضابطين، انتقد، لأنه لا يلزم أن يرويه العدول يرويه عدل واحد يكفي، ضابط واحد يكفي، عدل ضابط يكفي، لا يلزم أن يروى من طرق متعددة ولا من طريق العدول الضابطين، وإنما يكفي واحد؛ ولذا لا يشترط تعدد في الرواية، ولذا الصواب في التعريف الصحيح أنه ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط الواحد، وما زاد على ذلك فهو نور على نور، لكن لا يقال: العدول الضابطين، بحيث يتوهم بعض الناس أنه لا يصح إلا إذا تعددت طرقه؛ ولذا انتقد من قال هذا، وهو النووي رحمه الله، إلا إذا كان يريد بذلك سلسلة الإسناد الذين من طريقهم وردنا هذا الخبر ولو كان إسنادًا واحدًا، فهم عدول ضابطون لكن الجملة العبارة لا شك أنها محتملة، وهو مروي عن الثقات، قالوا: وذا الحديث ثلث العلم، يعني هذا الحديث ثلث العلم، وقيل: ربعه، فجل بالفهم.
وهو في السبعين بابا يدخل . |
| عن الإمام الشافعي ينقل . |
تقدم هذا، وحديث الأعمال بالنيات شرح في ضمن شروح كتب السنة، وشرح أيضًا بشروح مفردة، يعني أفرد بالشرح ولو صنف فيه مجلدات ما هو كثير؛ لأنه يدخل في السبعين الباب فتحتاج إلى ذكر هذه السبعين الباب بالتفصيل، يعني كما صنع ابن هبيرة في حديث من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، أدخل تحته جميع أبواب الفقه، وذكر مواضع الاتفاق والاختلاف، وطبع الكتاب في جزئين، أحيانًا تأتي في مجلد طبعة الشام ممكن أن تأتي بمجلد وطبع أيضًا في مجلدين، فالحديث هذا في غاية الأهمية فطالب العلم عليه أن يعنى به، النية إنما شرعت لمقاصد جليلة، شرعت لمقاصد في الشريعة في غاية الأهمية، منها تمييز العبادات عن العادات، وتمييز رتب العبادات بعضها من بعض، الوضوء والغسل مثلاً يتردد بين التنظف؛ والتنظيف هذا عبادة أو عادة؟ عادة، وشرع أيضًا للتبرد، وشرع أيضًا لرفع الحدث الذي هو عبادة، كيف يتميز هذا من هذا؟ شخص دخل المغتسل فاغتسل، ليس لنا إلا أن نحكم على ظاهره، هل يستطيع إنسان أن يقول: غسلك هذا لا يجزي، أو يقول: يجزي، وهو ما يدري عنه؟ هو يمكن اغتسل للتبرد، أو اغتسل للتنظف، استحم، اغتسل لرفع الحدث، هذه الأمور لا يطلع عليها إلا الله -جل وعلا- فإن قصد بذلك التنظف ما ارتفع الحدث، إن قصد بذلك التبرد لم يرتفع الحدث، إن قصد بذلك رفع الحدث ارتفع، فالمعول في الفارق بين هذه الصور النية والقصد الإمساك عن الأكل قد يكون للحمية، مريض قال له الطبيب: لا تأكل لمدة أربع وعشرين ساعة، هل نستطيع أن نقول: الإنسان هذا صائم، هو ممسك، صائم بالمعنى اللغوي، لكن المدار على النية الإمساك وعدم الأكل قد يكون للحمية، وقد يكون للتداوي، أو لعدم الحاجة إليه، وقد يكون للتقرب إلى الله -جل وعلا- بهذه العبادة العظيمة، «من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا»، فإذا صام؛ لأن الطبيب قال له: صم، الأكل يضرك، ولم يستحضر نية الصيام الشرعي، فإنه لا يستفيد شيئًا، إن قال الطبيب: لا تأكل لمدة أربع وعشرين ساعة، وقال: فرصة مادام أنا ممنوع من الأكل، لماذا لا أنوي الصيام، ينفعه أو ما ينفعه؟ ينفع تشريك عبادة بمباح؛ لأنه لما قيل له: صم، مقصود الطبيب بذلك أو لا تأكل يعني لا تأكل شيئًا يضرك، لماذا لم يشرب ماء في أثناء النهار، يعني لو كان القصد عدم الأكل المقصود به الأكل الذي يضره، فكونه امتنع عن كل شيء حتى الماء الذي لا يضره متقربًا بذلك إلى الله -جل وعلا-، دل على أنه ما عدل من الصيام والإمساك اللغوي إلى الشرعي إلا بنية التقرب إلى الله -جل وعلا-، فيؤجر على هذه النية، قال له الطبيب: عليك أن تمشي في اليوم ثلاثة كيلو، وعنده سور المقبرة ثلاثة كيلو، وعنده رصيف في الشارع ثلاثة كيلو، وعنده المطاف وعنده المسعى كلها متفاوتة، كونه يطوف على المقبرة ولو بغير نية تعظيم المقبور، لا شك أنه من باب سد الذريعة الموصلة إلى الشرط، يمنع، لو مشى في الشارع على الرصيف امتثالاً لقول الطبيب: أنت بحاجة إلى المشي، نقول: مباح، إذا قال: بدلا من أمشي في الشوارع وأجوب الشوارع أذهب إلى المطاف وأطوف في كل يوم عشرة أسابيع تحصل لي المطلوب وأكثر، نقول: ما عدل عن الشارع إلى المطاف إلى لنية التقرب إلى الله -جل وعلا-، والبحث عن الأجر فهو مأجور، لو قال: لا، المسعى أفضل، المسعى طريق مستقيم، وما فيه أدنى إشكال يعين على المشي، ماذا يقال له؟ نقول: إن السعي لا يشرع إلا في نسك، في حج أو عمرة، يسأل كثير من الناس عن السعي فيه أجر أو ما فيه أجر؟ نقول: لا، ما فيه أجر، لماذا؟ لأنه أفضل من المطاف في المشي، يعني مع الأسف أن بعض الناس يأتي إلى مكان هذه العبادة، يعني المطاف بنية المشي؛ ولذلك تجد بعضهم (مكمّل) رياضة، ومع الأسف إذا كان هذا بعد من النساء، وقد رأينا بعض من يلبس تكميلة رياضة (ترنق) و(كنادر) الجزم حقت اللعب بالكرة، ويجي للمطاف، مثل هذا ما أدري والله هل كونه يحصل على أجر؟ لا سيما إذا كان من نوع مأمور بالستر، فهذا إلى الإثم أقرب.
فعلى كل حال هذا يقرر لنا القاعدة الكبرى الأمور بمقاصدها، وكل من الوضوء والغسل والصلاة والصوم ونحوها قد يكون فرضًا ونذرًا ونفلاً، والتيمم قد يكون عن الحدث أو الجنابة وصورته واحدة، فشرعت النية لتمييز رتب العبادات بعضها من بعض، كذا في الأشباه ونحوه للشيخ ابن سعدي رحمه الله، ويقول الحافظ ابن رجب في شرح الأربعين: النية في كلام العلماء تقع بمعنيين ..، ولعلنا نرجئ كلام ابن رجب إلى الدرس القادم إن شاء الله تعالى، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"في الحديث الصحيح من حديث أبي سعيد أنه رقى الكافر سيد العرب الذين نزل بهم وهو كافر وبرئ.
الشيخ سليم الهلالي حققه في ثلاثة أجزاء، وقواعد ابن رجب حققه الشيخ مشهور.
طالب العلم يعني مطالب أكثر من غيره بالأمر والنهي، لكن بالأسلوب الذي يحقق المصلحة ولا يترتب عليه مفسدة، من القواعد المقررة عند أهل العلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
التلخيص والاختصار كغيره من الكتب التي فيها شيء من البسط.
الكراس أقرب ما يكون بالملازم، ملازم الكتب، تجدون في الكتب كانت تطبع قديمًا، أما الآن فلا، ما يذكرونها في نهاية كل ملزمة يكتبون، يعني ثمان ورقات من هذا الكتاب ملزمة؛ ولذلك تجدون في الصفحة السابعة عشرة يقول: اثنين، فوائد اثنين، يعني الملزمة الثانية، وفوائد يعني من كتاب الفوائد، وتجد أيضًا فيما بعدها مثلاً صفحة سبعة وتسعين، هذا مطّرد عندهم، كل ثمان ورقات ملزمة، سبع يعني الملزمة السابعة فوائد، وهكذا..، الكتب على حسب حجمها في الصغر والكبر، أحيانًا الأصل -أصل الملزمة- ورقة واحدة كبيرة بقدر هذه الماصة، تدخل يطبع وجهها ثم يطبع خلفها من الجهة الثانية، ثم هذه الورقة الكبيرة تثنى وتسفط حتى تصير ثمان ورقات، الكتب الكبيرة ملزمتها أربع ورقات، فأقرب ما تكون الكراسة إلى الملازم هذه وليست مجلدات أو أجزاء، يتوسعون الآن طلاب العلم الذين يدرسون في المدارس النظامية، يتوسعون في مفهوم الملزمة، مفهوم الملزمة معروف أنها الورقة التي تطبع دفعة واحدة من الحجم الكبير جدًّا، ثم تقسم هذه الورقة إلى ثمان ورقات، الشباب الآن من طلاب العلم وطالبات العلم يسمون الملزمة المذكرة، ولو بلغت مئة صفحة، هذا على غير الاصطلاح.
أولا إذا كانت تتضرر بذلك فلها أن تأخذ ما لا يضر بصحتها، ولا بد من اتفاق الطرفين على ذلك، فإن كانت تتضرر بذلك وهو لا يوافقها، بمعنى أنه يريد الحمل ويريد كثرة النسل فله حلول أخرى، يعني له التعدد، حل، يتزوج زوجة أخرى تنجب له الأولاد، ويترك هذه على حسب ما تحتمله وتطيقه، ونعرف أن كثيرًا من النساء قد تتحمل الحمل، لكن لا تتحمل الضرة. ومن الطرائف جاني سؤال تقول: إن وزنها خمس وثلاثين كيلو يعني نضوة الخلقة جدًّا، وأنها لا تستطيع أن تحمل في كل سنة ولا سنتين ولا ثلاث، والزوج يصر إلا أن تحمل، فقلت هناك: إذا كان لديكم تقرير طبي فلا يجوز له أن يلزمك بشيء مما لا تطيقينه، قالت: نعم عندي تقرير طبي، قلت: لا يجوز له أن يلزمك، لكن لديه حل هو يتزوج ثانية تنجب له، قالت: لا، أستطيع التوأم.
طلاب الجهات التي يسود فيها مذهب الإمام مالك -رحمه الله تعالى- هؤلاء إذا كانوا مبتدئين لهم كتب، وإن كانوا متوسطين فلهم كتب، وإن كانوا متقدمين فلا يوجد عندهم أفضل من مختصر خليل، يعني يمكن يبدأ الطالب برسالة ابن أبي زيد القيرواني، ثم بعد ذلك يقرأ في مختصر خليل؛ ومختصر خليل أشبه ما يكون بالألغاز، وعر جدًّا، صعب، لكن يربى عليه طالب علم، بحيث لا يشكل عليه أي جملة أو أي كلمة أو أي فقرة في كتاب آخر، حتى بالغوا بعض المالكية -يبالغ في مختصر خليل- يقول: إنه يشتمل هو بقدر هذا صغير يعني ما هو كبير يعني قريب من زاد المستقنع، يقول: إنه يشتمل على مائة ألف مسألة منطوقة، ومائتي ألف مسألة مفهومة، هذه مبالغة يعني لا مبرر لها ولا تصدق أبدًا، والكتاب على كل حال من أجمع الكتب المختصرة، ومثلما قلنا في التفقه على سائر المذاهب، يعني طالب العلم في البداية يتفقه على مذهب؛ ليضبط له الطريق، لكن ليس معنى هذا أن هذه الكتب لا يحاد عنها، يعني منزلة أو دساتير أو أحكامها مُلزِمة، أبدًا، إذا وجد فيها ما يخالف الكتاب والسنة يضرب به عرض الحائط.
نعم، له أن يحضر هذا الدرس ويستفيد إن شاء الله تعالى، لكن إن قرأ قبل الحضور في قواعد الشيخ ابن سعدي مع تعليقه عليها طيب، يوطد له ويمهد له الإفادة من هذا الدرس.
هذا ما سيأتي ذكره.
صلاة المغرب لا يتصور فيها الفرق بين المقيم والمسافر، وعلى هذا المسافر أن يتم، يصلي العشاء أربع ركعات؛ لأن قولهم: وإن ائتم بمقيم لزمه الإتمام، ولا فرق في هذه الصلاة بين المقيم والمسافر، إذن في هذه الصورة يلزمه الإتمام، وهل المنظور له في كلام أهل العلم هل المنظور له الإمام نفسه أو الصلاة؟ إن ائتم بمقيم لزمه الإتمام، هل المنظور له الإمام نفسه أو الصلاة؟ ما نبغي كلام جزاف ما يستند إلى علم، هذا مسافر دخل مع الإمام يريد أن يصلي العشاء، والإمام يصلي التراويح وسلم من ركعتين، الإمام مقيم، مقيم أو مسافر الإمام؟ يلزمه الإتمام أو يقصر؟ يعنى مقتضى قولهم: من ائتم بمقيم يلزمه الإتمام، فإذا صلى خلف الإمام المقيم الذي يصلي التراويح يتم أو يقصر، يعني عموم قولهم: يلزمه الإتمام، لكن المنظور له في الحقيقة الصلاة لا الإمام، فإذا كانت أكثر من صلاة المسافر يتم، وإذا كانت أقل يقصر.
نعم الشارح ذكر أن العز بن عبدالسلام سلطان العلماء بالنص، هو استفاض عند أهل العلم تلقيبه بهذا، أما كونه بإشارة من النبي -عليه الصلاة والسلام- فهذه رؤيا منام، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يتلبس به الشيطان، فإن صحت صارت مستندًا لهذه الاستفاضة وإلا فلا.
نعم، حديث الأعمال بالنيات روي من طريق مالك في الصحيح وغيره، لكن نص أهل العلم على أن مالكًا لم يخرج حديث الأعمال بالنية، والذين نصوا نظروا إلى أكثر الروايات، وإلا فهو موجود في موطأ محمد وفي موطأ أبي مصعب.
هما كتابان متقاربان؛ البلوغ فيه أحاديث لا توجد في المحرر لا يستغني عنها طالب علم، فإذا أخذت هذه الزوائد وأضيفت إلى المحرر اكتمل العمل، وإلا في كلام ابن عبد الهادي من الأحكام على الأحاديث من نفائس المنقول عن سلف هذه الأمة في الأحكام والتعليل لا يوجد في البلوغ.
تغسيل الجنائز فرض كفاية؛ إذا قام به من يكفي صار سنة في حق الباقين، وإذا كان يشغل طالب العلم عما هو بصدده من طلب العلم فليتركه لغيره، على أن يشارك أحيانًا في ذلك، أما إذا لم يوجد من يقوم به فيتعين على من علم بحاله ولو كان طالب علم، طالب العلم أولى بالمبادرة إلى مثل هذه الأمور ما لم تكن على حساب غيرها مما هو أهم منها.
لا يبدأ بالزاد؛ لأن الروضة الندية ذكرنا أن المتن الدرر البهية كتاب اجتهادي.
أظن هذا الكلام ما يحتاج إلى رد، كيف تصل إلى مرحلة تفهم فيها كلام أهل العلم، يعني إذا كان لا حاجة للعلماء؛ لأن الكتب تكفي والكتب موجودة، لكن متى يصل الإنسان إلى مرحلة يفيد من هذه الكتب، الذي يقول: إنها تكفي، لن يصل إلى هذه المرحلة إلا بواسطة العلماء فلا بد من مزاحمة الشيوخ، شاء أم أبى.
جاء في الخميس مقرونًا بالاثنين، وأنهما يومان تعرض فيهما الأعمال، فله خصيصة وله ميزة على سائر الأيام، وأفضل الأيام يوم الاثنين بلا شك؛ لأنه ثبت فيه الخبر، وأما يوم الخميس فقد قرن مع الاثنين، وكونه يضاهي -أي بقية أيام الأسبوع- فلا أفضل من يوم الجمعة، فإفراد الجمعة بالصيام منهي عنه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أم المؤمنين أن تفطر لما علم أنها تفرد الجمعة، وكذلك جاء النهي عن صيام يوم السبت.
إيش معنى «راعي صايبة» قصده بذلك العين التي تصيب في الغالب الذي اشتهر بها على هذا نخافه ونتقيه، العين جاء فيها ما جاء وهي حق لا شك ولها أصل، وجاءت في السنة فيتقى مثل هذا، إذا كان المراد به العيان، يتقى شره بالأذكار التي جاء في النصوص ما يدل على أنها تحفظ الإنسان، أما كونه يُخاف خوفًا مع تعظيم فهذا لا يجوز إلا لله -جل وعلا-، وأما الخوف الجبلي الذي يخافه الإنسان على نفسه مما يضره فهذا جبل الإنسان عليه، لكن يبقى أنه في هذا الباب -في باب العين- كلما اشتد الخوف من العين صار أسرع للإصابة وأضعف للنفس المقابلة، وهذا شيء مشاهد.
كتب الأصول في الجملة يأتي في ثناياها ويرد شيء من القواعد، كما أنه يرد فيها شيء من الفروع الفقهية للتمثيل، فلا يمكن أن يسلم كتاب في الأصول من قواعد أو العكس، بينهما تداخل، لكن هي في أصول الفقه.