التعليق على تفسير القرطبي - سورة هود (04)
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله، وصحبه أجمعين.
قال الإمام القرطبي -رحمه الله-:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ الْإِنْسَانُ} [هود:9] "الإنسانُ" اسْمٌ شَائِعٌ لِلْجِنْسِ فِي جَمِيعِ الْكُفَّارِ. وَيُقَالُ: إِنَّ الْإِنْسَانَ هُنَا الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَفِيهِ نَزَلَتْ. وَقِيلَ: فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيِّ. {رَحْمَةً} [هود:9] أَيْ نِعْمَةً، {ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ} [هود:9] أَيْ سَلَبْنَاهُ إِيَّاهَا، {إِنَّهُ لَيَئُوسٌ} [هود:9] أَيْ يَائِسٌ مِنَ الرَّحْمَةِ، {كَفُورٌ} [هود:9] كَفُورٍ لِلنِّعَمِ جَاحِدٌ لَهَا؛ قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ".
ابن الأعرابيِّ.
"قالهُ ابن الأعراَبيِ النحاس".
لا، ابن الأعرابي . النحاس قال يعني مرتين قول مستأنف.
"قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ. النَّحَّاسُ".
عادة المؤلف، جرت عادة المؤلف في حذف القول أحيانًا، في حذف القول أحيانًا، فيقول: ابن الأعرابي مثلًا، ابن الأعرابي كذا النحاس: ليئوس من يأس ييأس، والمقصود قال النحاس.
يقول: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً} [هود:9] "فالإنسان" اسمٌ شائع للجنس؛ لأن "أل" هنا للاستغراق، ف"أل" الاستغراقيه تقتضي العموم، ولذا قال: شائعٌ للجنس يعني اسمٌ شائعٌ في جنسه، ويجوز أن يحل محلها "كل"، فإذا قلت" كل الناس أو "كل إنسان أذقناه منا رحمة... إلى آخره"، {وَالْعَصْرِ إن الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:1: 2] "أل" جنسية، يعني إلا من استثني، واستثني هنا "الذين صبروا" على ما سيأتي اسمٌ شائع للجنس في جميع الكفار بدليل قوله: {إنهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ} [هود:9]، وإلا يمكن أن يتصف بهذه الصفة من المسلمين من قلَّ صبره فإذا أذيق الرحمة ثم نزعت منه يأس، وهذا يوجد في بعض المسلمين، ومثله إذا أذيق النعمة بعد الضراء يقول ما يقول، لكنه في الكفار أظهر، وهو شامل لجميع الكفار كما هو الأصل، وإن كان السبب نزل في شخصٍ خاص على ما يقوله أهل العلم، ولذا قال: ويقال: إن الإنسان هنا الوليد بن المغيرة وفيه نزلت، وقيل: في عبد الله بن أبي أمية المخزومي، ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرر في الأصول، وعلوم القرآن وغيرها.
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، هذه قاعدة يطلقونها، بل نقلوا عليها الاتفاق، وإن كان للمالكية قول بالعكس، وهنا العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.
وعلى كل حال مع أنه نقل عليه الاتفاق فليست مضطردة، نعم هي أغلبية، لكنها ليست مضطردة، قد يُلجأ إلى خصوص السبب إذا عُورض العموم بما هو أخص منه، فيُلجأ حينئذٍ إلى خصوص السبب.
فمن أمثلة ذلك العموم في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم» هذا عمومه يشمل كل قاعد، ويشمل كل صلاة فيشمل النافلة، والفريضة من كل مصلٍّ قاعدًا «صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم» فعموم الخبر يقتضي أن كل من صلى قاعدًا، له من الأجر نصف من صلى قائمًا، مع قوله في حديث عمران: «صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا»، فالقيام مع القدرة ركن من أركان "الصلاة" لا يصح إلا به. كيف نوفق بين الحديثين؟
العلماء حملوا حديث عمران على الفرض حملوا حديث عمران على الفرض «صلِّ- الفريضة- قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا»، ولذا قالوا: من أركان "الصلاة" القيام في الفرض مع القدرة، وأما النافلة فتصح من قعود، لكنه ينقص أجرها إذا كان مستطيعًا القيام، ونزلوا عليه الحديث الآخر«صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم»، ورجعوا في ذلك إلى سبب الورود؛ وسبب ورود الحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد والمدينة مُحمَّة، يعني فيها "حُمَّه" فوجد الناس يصلون من قعود، فقال -عليه الصلاة والسلام-: «صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم، فتجشم الناس الصلاة قيامًا» قاموا لما سمعوا مثل هذا الكلام، فدل على أن الحديث الثاني في "النافلة"؛ لأنه دخل عليهم وهم يصلون، وهم لا يصلون قبله فريضة، إنما يصلون نافلة، وأيضًا في القادر على القيام بدليل أنهم لما تجشموا القيام قاموا فدل على أن قوله -عليه الصلاة والسلام-: «صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم في النافلة لمن يستطيع القيام» رجوعًا إلى السبب سبب الورود، والذي ألجأنا إلى الرجوع إلى سبب الورود المعارضة بين الحديث وحديث عمران بن حصين.
حديث عمران بن حصين لا ثُنيا فيه «صلِّ قائمًا فإن لم تستطع» دل على أن الصلاة لا تصح من قعود للمستطيع، وللتوفيق بين هذه الأحاديث رجع إلى سبب الورود فحُمِّلَ على سببه، ولم يقولوا: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هي القاعدة، نعم هي قاعدة أغلبية، وليست كلية.
وهنا {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً} [هود:9] "الإنسان" اسمٌ شائعٌ للجنس من صيغ العموم اقتران إيش؟
طالب:.........
اقتران الاسم "بال" الجنسية، بال الجنسية، وهي هنا "أل" للجنس، ولذا قال المؤلف -رحمه الله-: الإنسان اسمٌ شائعٌ للجنس في جميع الكفار فجميع الكفار هذه حالهم وهذا وضعهم، وإن كان سبب الورود خاصًّا بالوليد بن المغيرة أو عبد الله بن أبي أمية.
{رَحْمَةً} [هود:9]، {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ} [هود:10]، {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً} [هود:9] يعني "نعمة"، {ثُمَّ نَزَعْنَاهَا} [هود:9] يعني سلبت منه هذه النعمة، {إنهُ لَيَئُوسٌ} [هود:9] أي: يائسٌ من الرحمة، وهذا مع الأسف يوجد في كثيرٍ من المسلمين مع ضعف الإيمان، وضعف اليقين، وقلة الصبر، وضعف الاحتساب، كفورٌ للنعم، جاحدٌ لها، وكفر النعمة كما هو معروف لا يخرج عن الملة، ولذا يمكن أن يقال: الإنسان هنا اسمٌ شائع لجميع من ينطلق عليه أو جميع من يطلق عليه من مسلمٍ وكافر إلا من استثني، إلا من استثني.
جاء في النساء أنهن أكثر أهل النار بكفرهن، يكفرن العشير، يكفرن النعمة، يكفرن نعمة العشير، وليس بكفرٍ مخرج عن الملة، وإن كان متوعدًا عليه.
{إنهُ لَيَئُوسٌ} [هود:9] أي يائسٌ من الرحمة كفور للنعم جاحدٌ لها، قاله ابن الأعرابيِّ: انتهى الكلام، النحاس يعني: قال النحاس، أو وقال النحاس "لَيَئُوسٌ" من يئس ييأس، وحكى "سيبويه" يئس ييئسُ على فعل يفعل.
"َليَئُوسٌ" مِنْ يَئِسَ يَيْأَسُ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ يَئِسَ يَيْئِسُ عَلَى فَعِلَ يَفْعِلُ، وَنَظِيرُهُ حَسِبَ يَحْسِبُ وَنَعِمَ يَنْعِمُ، وَبَئِسَ يَبْئِسُ؛ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: يَئِسَ يَيْئِسُ؛ وَلَا يُعْرَفُ فِي الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ إِلَّا هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ الْأَحْرُفَ مِنَ السَّالِمِ جَاءَتْ. عَلَى فَعِلَ يَفْعِلُ؛ وَفِي وَاحِدٍ مِنْهَا اخْتِلَافٌ. وَهُوَ يَئِسَ، و"يَئُوسٌ" عَلَى التَّكْثِيرِ".
وفي واحدٌ منها اختلاف وهو يئسٌ، يعني يستأنف كلامًا جديدًا.
"وَفِي وَاحِدٍ مِنْهَا اخْتِلَافٌ. وَهُوَ يَئِسَ، و"يَئُوسٌ" عَلَى التَّكْثِيرِ كَفَخُورٍ لِلْمُبَالَغَةِ".
يقول: نظير يئس ييئسُ بالكسر حسب يحسبُ، ونعِمَ ينعِمُ يقول في كتابه: ويئس ييئس ما جاء بجديد، فهي كيف تكون أربعة أحرف؟ هي ثلاثة، يئس، وحسب، ونعم، لكن لعل صواب العبارة يبس ييبسُ، يبس ييبس كما قاله المعلق هنا، لتكون الأحرف أربعة، والمراد بالأحرف الكلمات، يطلق الحرف على حرف المبنى كما يطلق على حرف المعنى، هذه أحرف يعني كلمات، كما أنه يطلق الحرف ويراد به حرف المبنى على حروف الهجاء، ويطلق على الكلمة، ولذا حصل الخلاف في المراد قوله -عليه الصلاة والسلام-: «بكل حرفٍ حسنة، والحسنة بعشر أمثالها» لا أقول: "ألف، لام، ميم" حرف، ولكن ألفٌ حرف، ولامٌ حرف، وميمٌ حرف. هل المراد حروف المبنى، حروف البناء، حروف الهجاء أو المراد حروف المعاني؟ يعني الكلمات.
من الحديث ماذا يترجح؟
"ألف، لام، ميم" ثلاثة حروف. هي حروف بناء، أم حروف معانٍ؟
طالب:..........
ألفٌ، لامٌ، ميم، فيه فرق بين "ألف"، أو أوضح منها "لامٌ"، و"لا" أيهما حرف مبنى؟
"لامٌ" أم "ل"، ل مفتوحة، أم ل مضمومة، أم ل مكسورة.
طالب:............
ل المفردة إذاّ "لامٌ" ثلاثة من حروف المباني من حروف الهجاء، يعني فيه فرق بين "ألم"، و"ألف لام ميم"، ألف لام ميم ثلاثة حروف بالنص، و"ألم"؟
طالب:............
تدخل في النص؟
طالب:.........
ثلاثة حروف لكنها حروف "مبانٍ"، وليست حروف "معانٍ" على هذا من يقرأ القران كاملًا على القول بأن المراد بالحروف حروف البناء، حروف الهجاء يستحق (ثلاثة ملايين) حسنة، والذي يقول: المراد حروف المعاني، والقران (سبعون) ألف أو يزيد يستحق (سبعمائة) ألف "الربع" يستحق الربع؛ لأن متوسط الكلمات أربعة حروف، يعني إذا قلنا: "ألف لام ميم" ثلاثة حروف، "ألم تر كيف" ألم ثلاثة حروف، أم حرف واحد أو حرفان؟
طالب:.............
نعم ثم بعد ذلك الحروف التي لا ينطق بها أو ينطق بها ولا تكتب محل خلافٍ طويل بين أهل العلم، ولكن الأمل في الله سبحانه وتعالى يُرجحُ بأن المراد بالحروف حروف البناء.
فضل الله سبحانه وتعالى لا يحد ولا نعمه لا تعد، وإن كان ممن يقول بالقول الثاني شيخ الإسلام رحمه الله-.
طالب:.........
نعم.
طالب:.............
فرق كبير، يعني تختم القرآن (بسبعمائة) ألف حسنة، أم (بثلاثة) ملايين؟ فرق.
طالب:.............
هنا يقول: ولا يعرف من الكلام العرب إلا هذه الأربعة أحرف يعني هذه الكلمات، وهي يئس، ونعم، وحسب ويبس
طالب:.............
ماذا؟
طالب:............
بئس يبئسُ، الكلام على اللغة على كتب اللغة.
طالب:...........
هل هي من فعل يفعل بئس؟
طالب:...........
نعم
طالب:............
أما "يبس" نعم، يبس ييبس نعم، على كلٍّ المصحح لغوي، والمطبعة التي تولت طباعة الكتاب طبع في القسم الأدبي معروف من دار الكتب؛ لأنه ما عندهم قسم شرعي، فعنايتهم باللغة، وهو يئسٌ، ويئوسٌ، "يئوس" من يتكرر منه اليأس صيغة مبالغة كشكور، وكفور، ومن ذلكم: طهور، وبهذا احتج من قال بأن الماء المستعمل في الطهارة طهور؛ لأنه تكرر منه التطهير.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ} [هود:10] أَيْ صِحَّةً وَرَخَاءً وَسَعَةً فِي الرِّزْقِ، {بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ} [هود:10] أَيْ بَعْدَ ضُرٍّ وَفَقْرٍ وَشِدَّةٍ، {لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} [هود:10] أَيِ الْخَطَايَا الَّتِي تَسُوءُ صَاحِبَهَا مِنَ الضُّرِّ وَالْفَقْرِ {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} [هود:10] أَيْ يَفْرَحُ وَيَفْخَرُ بِمَا نَالَهُ مِنَ السَّعَةِ، وَيَنْسَى شُكْرَ اللَّهِ عَلَيْهِ؛ يُقَالُ: رَجُلٌ فَاخِرٌ إِذَا افْتَخَرَ وَفَخُورٌ لِلْمُبَالَغَةِ، قَالَ يَعْقُوبُ الْقَارِئُ: وَقَرَأَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ (لَفَرُحٌ) بِضَمِّ الرَّاءِ كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ فَطُنٌّ وَحَذُرٌ وَنَدُسُّ. وَيَجُوزُ فِي كِلْتَا اللُّغَتَيْنِ الْإِسْكَانُ؛ لِثِقَلِ الضَّمَّةِ وَالْكَسْرَةِ".
فرحٌ على لغتين على لغة الضم وعلى لغة الكسر.
نعم.
"فطُن" ومثله يقُظ، وحذُر، وندُس كلها على فعُل، ولذا في ألفية العراقي -رحمه الله- فيمن تقبل روايته ومن ترد: أجمع جمهور أئمة الأثر والفقه في قبول ناقل الخبر بأن يكون ضابطًا معدلًا أي "يقُظًا" أي يقظًا ولم يكن مغفلًا ... إلى آخره.
على كلٍّ هذه صفة الإنسان المذكور أنه إذا أصيب بالنعمة ثم نزعت منه "يئس"، وإن أصيب بالنقمة أولًا ثم رفعت عنه فإن كان مريضًا ثم عوفي، كان فقيرًا ثم رزق مالًا نسي أن هذه النعمة من الله سبحانه وتعالى، وقال: {لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي أنهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} [هود:10] يفخر ويفرح، وقد ينسب ذلك إلى نفسه وجهده قال: {إنمَا أوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي} [القصص:78] {إنمَا أوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي} [القصص:78].
نعم.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [هود:11] يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ، مَدَحَهُمْ بِالصَّبْرِ عَلَى الشَّدَائِدِ. وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. قَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ؛ أَيْ لَكِنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي حَالَتَيِ النِّعْمَةِ وَالْمِحْنَةِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ} [هود:11] أَيْ مِنَ الْإِنْسَانِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ بِمَعْنَى النَّاسِ، وَالنَّاسُ يَشْمَلُ الْكَافِرَ وَالْمُؤْمِنَ؛ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ وَهُوَ حَسَنٌ، {أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} [هود:11] ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ. {وَأَجْرٌ}[هود:11] مَعْطُوفٌ، {كَبِيرٌ} [هود:11] صِفَةٌ".
{إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات} [هود:11] هذا الاستثناء معروف أنه من الإنسان، فإذا قلنا: إن المراد بالإنسان "الكفار"، كما قرره المؤلف، حينئذٍ يكون الاستثناءُ منقطعًا، وتكون "إلا" بمعنى "لكن"، يعني كما تقول: "قام القوم إلا حِمارًا"، فالمستثنى ليس من جنس المستثنى منه، وهنا {الذين صبروا وعملوا الصالحات} [هود:11] ليسوا من جنس الإنسان الذي هو الكافر، وإذا قلنا: إن الإنسان يشمل المسلم كما يشمل الكافر قلنا: يمكن الاستثناء، وحينئذٍ يكون الاستثناء متصلًا، فإن الإنسان بمعنى "الناس"، والناس يشمل الكافر والمؤمن، هذا هو الصحيح، فهو استثناء متصل، وهو حسن.
{أولئك لهم مغفرة} [هود:11] "أولئك" مبتدأ، "ولهم" ؟
طالب:..........
متعلق بمحذوف.
طالب:...........
خبر مقدم، و"مغفرةٌ مبتدأ مؤخر، والجملة من المبتدأ والخبر خبر "أولئك" ؟
طالب:..........
و"أجرٌ" معطوف على "مغفرة"، و"كبير" صفة، فعندنا {أولئك لهم مغفرة} [هود:11] جملة واحدة أم جملتان؟
طالب: جملتين
جملتان مبتدأ ثم مبتدأ خبر، والجملة الثانية خبر المبتدأ الأول، والإشارة تعود إلى "الذين صبروا".
"قوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ}[هود:12] أَيْ فَلَعَلَّكَ لِعَظِيمِ مَا تَرَاهُ مِنْهُمْ مِنَ الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ تَتَوَهَّمُ أَنَّهُمْ يُزِيلُونَكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ : إِنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا : {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} [هود:12] هَمَّ أَنْ يَدَعَ سَبَّ آلِهَتِهِمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ؛ فَالْكَلَامُ مَعْنَاهُ الِاسْتِفْهَامُ؛ أَيْ هَلْ أَنْتَ تَارِكٌ مَا فِيهِ سَبُّ آلِهَتِهِمْ كَمَا سَأَلُوكَ؟ وَتَأَكَّدَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فِي الْإِبْلَاغِ؛ كَقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة:67]. وَقِيلَ: مَعْنَى الْكَلَامِ النَّفْيُ مَعَ [ص:13] اسْتِبْعَادٍ؛ أَيْ لَا يَكُونُ مِنْكَ ذَلِكَ، بَلْ تُبَلِّغُهُمْ كُلَّ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ؛ وَذَلِكَ أَنَّ مُشْرِكِي مَكَّةَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَوْ أَتَيْتَنَا بِكِتَابٍ لَيْسَ فِيهِ سَبُّ آلِهَتِنَا لَاتَّبَعْنَاكَ، فَهَمَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَدَعَ سَبَّ آلِهَتِهِمْ؛ فَنَزَلَتْ".
نعم الطلب أن يقولوا: {لَوْلا أنزِلَ عَلَيْهِ} [هود:12] يعني طلبوا منه أن ينزل عليه كنز أو يجيء معه ملك، ورتب على كلام المصنف على هذا الكلام المتأخر الكلام المتقدم، ولذا قال في قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} [هود:12] أي فلعلك لعظيم ما تراه منهم من الكفر والتكذيب تتوهم أنهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه، يزيلونك عن بعض ما أنت عليه. وقيل: إنهم لما قالوا: "لولا أنزل عليه ملك" {لَوْلا أنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أو جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} [هود:12] يعني الكلام الذي يلي هذا، فكأنهم قالوا له أولًا: {لَوْلا أنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أو جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ}[هود:12] همَّ أن يدع سب ألهتهم فنزل قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ} [هود:12] يعني في الآية ما هو من المقدم والمؤخر.
وأسلوب التقديم والتأخير موجود في بعض الآيات، فعلى كلام المؤلف هذا منه، قالوا له أولًا: {لَوْلا أنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أو جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} [هود:12] همَّ -عليه الصلاة والسلام- بسبب مقولتهم أن يدع سب ألهتهم، فنزلت هذه الآية {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ} [هود:12].
وإذا قلنا: الآية على نسقها، وعلى ترتيبها، فيكون قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} [هود:12]؛ خشية أن يقولوا، فتكون الجملة الثانية علَّة، خشية أن يقولوا: {لَوْلا أنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أو جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} [هود:12]، فكأنك {تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} [هود:12] يعني مجاملٌ لهم، مداهنٌ لهم خشية أن يقولوا: {لَوْلا أنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أو جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ أنمَا أنتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [هود:12]، {أنمَا أنتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [هود:12] يعني لا تلتفت إلى قولهم مهما قالوا، لا تلتفت إلى ما يثيرونه من الشبهات، وما يطلبونه {أنمَا أنتَ نَذِيرٌ} [هود:12]، بلغ ما أنزل إليك، إن عليك إلا البلاغ.
وليس -عليه الصلاة والسلام- من طبعه "المداهنة"؛ {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم:9]، نعم "المُداراة" قد يحتاج إليها في بعض الأوقات، أما "المداهنة" فلا، المداهنة التي تقتضي السكوت عن بيان الحق في وقته، والحاجة إليه أو إقرار المنكر مع شدة الحاجة إلى إنكاره، هذه "مداهنة".
لكن "المُداراة" قد تحصل، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- انبسط لرجل مع قوله فيه: « بئس أخو العشيرة»، بسط معه في الكلام، فهذا نوعٌ من "المداراة".
نعود إلى كلام المؤلف، يقول: فلعلك لعظيم ما تراه من الكفر والتكذيب تتوهم أنهم يزيلونك، يعني تتوقع أنهم يزيلونك عن بعض ما أنت عليه، وقيل: إنهم لما قالوا: {لَوْلا أنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أو جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} [هود:12] همَّ أن يدع، وهذا على ما تقدم من أسلوب التقديم والتأخير، يقول: فالكلام معناه الاستفهام.
{فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} [هود:12] يعني هل تترك بعض ما يوحى إليك؛ لأنهم قالوا، أو خشية أن يقولوا، على الاحتمالين، أي هل أنت تاركٌ ما فيه سب ألهتهم كما سألوك، وتأكد عليه الأمر في الإبلاغ كقوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة:67]، وقيل: معنى الكلام النفي مع استبعاد، {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ}[هود:12] أي لست بتاركٍ بعض ما يوحى إليك، فهذا معناه النفي مع الاستبعاد، أي لا يكون ذلك منك أبدًا، بل تبلغهم كل ما أنزل إليك، يقول: وذلك أن مشركي مكة قالوا: للنبي -صلى الله عليه وسلم-: لو أتيتنا بكتاب ليس فيه سب آلهتنا لتبعناك، فهمَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدع سب ألهتهم.
جاء النهي عن سب آلهة المشركين؛ خشية أن يسب الله سبحانه وتعالى، {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا} [الأنعام:108] فإذا أدت المصلحة إلى مفسدة أعظم منها تترك، وعلى هذا إذا أدى الأمر بالمعروف إلى مفسدةٍ أعظم أو النهي عن المنكر إلى مفسدةٍ أعظم فإنه يترك، لكن هنا ما يترتب عليه مفسدة، ولذا لما همَّ النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يدع سب ألهتهم نزل قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} [هود:12]، الشأن فيك أنك نبيٌ مرسل، لا تترك بعض ما يوحى إليك من أجل طلبهم واقتراحهم.
طالب:.........
نعم.
طالب: ما الضابط؟
الضابط الآمر والناهي ينبغي أن يكون على جانبٍ من تقدير المصالح والمفاسد، وسمعنا المصالح والمفاسد، والمصلحة والمفسدة تدور على مصلحته الخاصة.
طالب:...........
ترتب عليه مصلحة، يعني الإسراع فيه ترقية، يخشى أن يترتب عليه مفسدة، فصل من وظيفة، لا لا هذا ما يهم، ما يدور عليه الحق.
طالب:...........
المصالح العامة نعم، يعني شخصًا، لو قُدر أن شخصًا يقول: أنا أريُد أن أبين الحق، لكن أخشي أن أُفصل، فله أن يترخص إذا كان يتضرر في نفسه أو ماله أو ولده، نعم له أن يترخص.
طالب:..........
لكن العزيمة شيءٍ آخر، إذا كانت المفسدة خاصة به، هذه لها حكم، إذا كانت المفسدة تتعداه لغيره، هذا أيضًا له حكم، لو قدر أن شخصًا تعيَّن عليه بيان الحق في مجمع من المجامع، وفي مجلس من المجالس فعليه أن يبين ما دام تعيَّن عليه، وإلاف متى يبين الحق؟ إذا سكت العالم من يتكلم؟
وعلى كل حال لا بد من ملاحظة المصالح والمفاسد، والمصالح العامة مقدمة على المفاسد الخاصة، إذا قدِّر أن شخصًا من أهل الأمر والنهي قد يترتب على إنكاره هذا المنكر الخاص مفسدة عامة، يصدر نظام، يصدر قرار، يقيد الأمر بالمعروف كله مثلاً، يقيد الجهاز بأكمله، نقول: يا أخي تريث، داعٍ من الدعاة أراد أن يتعجل ويبيِّن، وينكر بقوة، ولكن مصلحة الدعوى تقتضي الحكمة في مثل هذا.
وعلى كل حال ينبغي أن يكون الداعية، والآمر والناهي على قدرٍ كبير من العلم، لاسيما فيما يأمر به، وفيما يدعو إليه يكون على جانب كبير من الدراية بالمصالح والمفاسد، والله المستعان.
طالب:............
كيف؟
طالب:............
على كُلٍّ الأمور بمقاصدها، وهو إن اجتهد وقرر أن هذه مصلحة نظرًا إلى مصلحة الدين وأهله فهو مأجور على كل حال، لكن الذي يخشى، وكل ما يخشى أن تكون مصلحته الخاصة مصلحته الخاصة أو المفسدة الخاصة به، هذا يخشى منه، إلا إذا اجتهد وقرر أن المصلحة في كذا متجردًا في ذلك لله سبحانه وتعالى فهو مأجور أصاب أو أخطأ في تقدير المصلحة، فإن هذه مسألة يدخلها الاجتهاد.
طالب:.........
نعم.
طالب:............
ماذا؟
طالب:...........
الرسول -عليه الصلاة والسلام- في حديث "علي" الذي رواه أبو الهياج الأسدي «ألا أبعثُك على ما بعثني به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن لا تدع...» ماذا؟
طالب:..........
ماذا؟
طالب:..........
«ولا قبرًا مُشرفًا إلا سويته» الصورة ما تعبد، لكن يُخشى أن تجر إلى العبادة، قبر "مشرف" يُخشى أن يغلى فيه ويعبد من دون الله، لا شك أن هذا من باب أولى، من باب أولى.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} [هود:12]".
نعم في تقدير المصلحة لو قُدِّر أن من ينتسب إلى عبادة هذا الصنم، نعم أجمع وجزم، وغلب على الظن أنه بعمله هذا يريد أن يبيدهم، ويمحو الإسلام من بلادهم، هنا نقرر المصلحة، نعم إذا غلب على الظن أنهم يجلبون بجيوشهم كلها؛ من أجل مقاومة هذا الاعتداء على معبودهم، ويترتب عليه مفسدة كبرى، بمعنى أن يباد المسلمون وأن تمحى آثار الإسلام من تلك البلاد، نقرر المصلحة.
طالب:.............
أما أن نقول: هذه آثار، والأمة تتابعت على رؤية الآثار ولم تمتد إليها يد..
طالب:............
لا لا، أبدًا، مثلما يقول -أظنه شوقي- يخاطب رجُلًا يهدم الآثار قال:
أتتلفها شُلت يمينك خلها لمعتبرٍ أو زائرٍ...
هذا الذى يجلبون من ورائه الدنيا وحطامها، نسأل الله العافية، على حساب الدين.
طالب: بعضهم يحتج أن الصحابة رأوها في بعض البلاد ولم يهدموها.
وقدروا على هدمها أم..؟
طالب: ملكوا البلاد.
لكن قدروا أم عجزوا، الأهرامات كيف هدمها؟ كيف هدمها؟
طالب:...........
تدري سمك الجدار أنت، ولا الديناميت يقدر هدمها.
الطالب: التماثيل الموجودة يا شيخ؟
أين؟
الطالب: التماثيل الموجودة في مصر على سبيل المثال؟
أين هي؟ هذه مطمورة في الأرض، طلعوها.
الطالب: فيه معابد يا شيخ معابد قديمة.
أين؟
الطالب: كانت قبل عمرو بن العاص ودخلوا..
التى بالأقصر وغيرها هذه كانت مطمورة في الأرض، استخرجها من ينقبون هؤلاء، نحن قلنا: إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- بعث إلى الجهات كلها، وكسر الأصنام بيده {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} [الإسراء:81] ما معنى هذا؟ نترك المحكم، ونذهب إلى المتشابه؟ الله المستعان.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} [هود:12] عَطْفٌ عَلَى "تَارِكٌ"، و"صَدْرُكَ" مَرْفُوعٌ بِهِ، وَالْهَاءُ".
قوله تعالى: {وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ}[هود:12] عطف على " تارك " و"صدرك" مرفوع به.
يعني صدرك فاعل لاسم الفاعل، نعم فاعل لاسم الفاعل، ما الذي رفع صدرك يا أشرف؟
طالب: نعم.
ما الذي رفعه {وضائق به صدرك} [هود:12]؟ أين اسم الفاعل؟
طالب: "ضائق".
"ضائق" عمل اسم الفاعل يعمل عمل..؟
طالب: الفاعل.
عمل فعله.
طالب: عمل فعله.
عمل فعله، فيرفع الفاعل وينصب
طالب: المفعول به.
المفعول بشرط أم بدون شرط؟
طالب: بشرط.
وما هذا الشرط؟ أو توكل هشامًا؟
طالب: موجود أم مو موجود؟
موجود.
طالب: ما استطيع أن أتكلم في وجود هشام.
عجيب هذه حيلة هنا شرط يا هشام أم..؟
طالب: بدون شرط، البصريون بشرط.
بدون شرط. البصريون بشرط إيش؟
طالب:..........
أن يعتمد، أن يعتمد على شيء نعم.
"وَالْهَاءُ فِي "بِهِ" تَعُودُ عَلَى "مَا" أَوْ عَلَى "بَعْضَ"، أَوْ عَلَى التَّبْلِيغِ، أَوِ التَّكْذِيبِ. وَقَالَ: "ضَائِقٌ" وَلَمْ يَقُلْ: ضَيِّقٌ؛ لِيُشَاكِلَ "تَارِكٌ" الَّذِي قَبْلَهُ".
نعم؛ ليكون البناء واحدًا، كله على وزن فاعل.
"وَلِأَنَّ الضَّائِقَ عَارِضٌ، وَالضَّيِّقَ أَلْزَمُ مِنْهُ".
أن الضائق {وضائق به صدرك} [هود:12] يعني ليست بصفة لازمة، ملك، هيئة، راسخة فيك الضيق، وإنما هو شيء عارض، هو ضائق وليس بضيق.
"{أَنْ يَقُولُوا} [هود:12] فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ؛ أَيْ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَقُولُوا، أَوْ لِئَلَّا يَقُولُوا كَقَوْلِهِ: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء:176]أَيْ لِئَلَّا تَضِلُّوا. أَوْ لِأَنْ يَقُولُوا".
المعنى كله واحد، المعنى في هذا كله واحد، يعني خشية أن يقولوا.
"أَوْ لِأَنْ يَقُولُوا. {لَوْلَا} [هود:12] أَيْ هَلَّا. {أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} [هود:12] يُصَدِّقُهُ، قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ؛ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا مُحَمَّدُ {إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ} [هود:12] إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تُنْذِرَهُمْ، لَا بِأَنْ تَأْتِيَهُمْ بِمَا يَقْتَرِحُونَهُ مِنَ الْآيَاتِ".
{إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ} [هود:12] هذا حصر، والقصر حقيقي أم إضافي؟
طالب:...........
نعم
طالب: حقيقي.
القصر حقيقي أم إضافي؟
طالب: حقيقي.
الحقيقي ما له غير صفة "النذارة"؟
طالب: إضافي.
إضافي: لأنه له صفات أخرى، هو نذير، وهو بشير، وله أوصاف أخرى صفات البشر كلها.
"{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [هود:12] أَيْ حَافِظٌ وَشَهِيدٌ. {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود:13] "أَمْ" بِمَعْنَى بَلْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "يُونُسَ" أَيْ قَدْ أَزَحْتَ عِلَّتَهُمْ وَإِشْكَالَهُمْ فِي نُبُوَّتِكَ بِهَذَا الْقُرْآنِ، وَحَجَجْتَهُمْ بِهِ؛ فَإِنْ قَالُوا: افْتَرَيْتَهُ أَيِ اخْتَلَقْتَهُ".
افتريتَه افتريتَه.
"فَإِنْ قَالُوا: افْتَرَيْتَهُ أَيِ اخْتَلَقْتَهُ، فَلْيَأْتُوا بِمِثْلِهِ مُفْتَرًى بِزَعْمِهِمْ. {وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ} [هود:13]مِنْ دُونِ اللَّهِ أَيْ مِنَ الْكَهَنَةِ وَالْأَعْوَانِ".
هنا وقع التحدي بعشر سور {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ} [هود:13] بعشر سور، وجاء التحدي بسورة، وجاء التحدي بالقرآن كله، لكن هل جاء التحدي بآية؟ لا، ما جاء التحدي بآية. لماذا؟
لأن الآية قد تكون كلمة، والكلمة لا يعجز أحد عن أن يأتي بكلمة، نعم قد يعجز أن يأتي بكلمةٍ مثلها أو قريب منها في سياقها، في سياقها، لكن بمفردها والآية قد تكون كلمة، لا يقع التحدي به، إنما وقع التحدي بسورة، والسورة أقل ما تكون من الآيات ثلاث آيات أو بعشر سور أو بالقرآن كله، وهذا تدريج في التحدي. {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود:13] ما دام هذا القرآن مفترى، افتريته يا محمد فقل لهم يا محمد: ائتوا بعشر سور، لا أطالبكم بأن تأتوا (بمائة وأربعة عشر) سورة ،هاتوا عشرة، {وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ} [هود:13] يعني استطعتم أن تأتوا بمثله في الإعجاز حينئذٍ يتثنى لكم أن تدعوا من استطعتم من دون الله {إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [هود:13]، وأنى لهم ذلك، "وعجزوا" أعلنوا العجز عن معارضة القرآن على ما هم عليه من الفصاحة، والبلاغة، ومحلهم من هذا معروف، والله سبحانه وتعالى خلى بينهم وبين ذلك، فلم يستطيعوا، بل تحداهم، واستثارهم {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ} [الإسراء:88] تحداهم أسلوب تحدٍّ هذا، وأثار حفيظتهم فلم يستطيعوا، مع أنه خلى بينهم وبين ذلك ولا نقول: إنه منعهم من ذلك، لا كما يقوله. من؟ المعتزلة ولذا الإعجاز عندهم إيش؟
طالب: بالصرفة.
بالصرفة نعم، يعني صرفهم عن ذلك، حاول بعض السفهاء أن يعارض القرآن ففضح نفسه، وما يروى عن "مسيلمة" من ذلك من المضحكات، مما يسخر منه، مثله ما يذكر عن "المعري" له كتاب اسمه إيش؟
طالب:...........
ماذا؟
طالب:...........
لا لا.
طالب:............
مطبوع طبع باسم كذا إيش؟ في مواعظ البريات، أصل الكتاب -فيما يقولون- في معارضة الآيات مطبوع اسمه إيش؟ غاب عني اسمه، موجود الكتاب.
طالب:...........
لا لا، هو مطبوع، كتاب في مواعظ البريات، كتاب مطبوع في مجلد، والذين ترجموا له قالوا: إنه اسمه في معارضة الآيات، إنما حكم عليه بحكم غير الاسم المقصود أن من تعرض للقرآن افتضح؛ لأنه لا يمكن أن لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ما استطاعوا، وهذا خبرٌ لا يخلف بعض الأدباء المعاصرين قال: تجرأ وأنه لا يوجد كلام سالم من النقض، وأن قلمه سوف يعمله في أي كلام.
وعلى كل حال هم مع جرأتهم على الله سبحانه وتعالى فضحهم الله سبحانه وتعالى، وبيَّن عوارهم، وأخزاهم في دنياهم قبل أُخراهم.
طالب:..........
وكيل، لماذا وكيل؟
طالب:
نعم نعم.
طالب:...........
توقع يعني حافظًا وشهيدًا.
طالب: تفسير تفسير لهذا ما فيه تأويل للمعنى، ما فيه تأويل لظاهر المعنى، يعني و"كيل" مرادفها.
طالب: حافظ لها تختلف عن ....
يعني تفسير الشيء بلازمه يعتبر تأويلًا أم ليس بتأويل؟ إذا قلت: في قوله- عليه الصلاة والسلام-: «والذي نفسي بيده» قلت: روحي في تصرفه، الكلام صحيح، روحك في تصرفه، ما أحد ينكر أن الأرواح كلها في تصرف الله.
هل نقول: إنك فررت من إثبات اليد؟
طالب: إذا كانت هذه الكينونة في تصرفه أطلقت من هو معروف بتأويله في الصفات..
نعم.
طالب: يخشى عليه أو يخشى أن يكون وراء هذه الكلمة ما وراءها، أما إن كان المطلق لها معروف بالإثبات، لكنه يريد أن يوضح المعنى فما فيها شيء.
لكن في هذا القسم إثبات اليد لله سبحانه وتعالى، إثبات اليد لله سبحانه وتعالى، ولا شك أن الأرواح كلها في تصرف الله. فهل نقول: إن قوله: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [هود:12] أي حافظ وشهيد. ما معنى الوكيل؟
طالب:..........
ما معنى الوكيل؟
طالب:.........
الوكالة من لازمها الرعاية والحفظ.
طالب:.........
الرعاية والحفظ، والله وكيل هل يسمى الله سبحانه وتعالى بالوكيل؟ وهو أيضًا شهيد، نعلم أن دائرة التسمية أضيق من دائرة الوصف، والوصف أضيق من الإخبار. فهل نستطيع أن نقول: عبد الوكيل وعبد الشهيد؟
طالب: منتشر في بعض البلاد..
ماذا؟
طالب: منتشر..
طالب:.........
لكن حديث التسع والتسعين مدرج، ما هو من المرفوع ،حديث الترمذي وابن حبان مدرج، والأحاديث ليس فيها أسماء.
على كلٍّ في الآية خبر عن الله سبحانه وتعالى أنه وكيل، ولا يمنع أن يكون معنى الوكيل الحافظ والشهيد.
طالب: إذا قلنا بجواز تفسير الوكيل بالحافظ والشهيد، أليس مثله ... يعني إذا كانت من رجل لم يعرف بالتأويل..؟
هو إذا عرف منهج الرجل أنه لا يقصد تأويلًا، ثم ذكر أن من لازم هذا كذا فلا بأس، لا يقصد منه الفرار من الصفة، يعني حينما يقول: اليد النعمة، له عليك أيادٍ يعني النعمة، جاءت في لغة العرب بهذا المعنى، لكن إذا عرف أنه سوف يفر بهذا الكلام من وصف الله سبحانه وتعالى باليد، قلنا له: هذا تأويل، ومنهج السلف ومذهبهم خلاف ذلك، مثل «والذي نفسي بيده»، ولذا في كثير من شروح الحديث يقولون: روحي في تصرفه، روحي في تصرفه، فإذا عرفنا من منهج الشخص أنه يثبت اليد لله سبحانه وتعالى على ما يليق بجلاله وعظمته فالكلام صحيح، الروح في تصرف الله سبحانه وتعالى، لكن إذا عرفنا أنه لا يثبت الصفات قلنا: هذا ابتداع، وهذا هروب من وصف الله سبحانه وتعالى باليد، وصفه ثابت بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} [هود:14] أَيْ فِي الْمُعَارَضَةِ وَلَمْ تَتَهَيَّأْ لَهُمْ فَقَدْ قَامَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ؛ إِذْ هُمُ اللُّسْنُ الْبُلَغَاءُ، وَأَصْحَابُ الْأَلْسُنِ الْفُصَحَاءُ. {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} [هود:14] وَاعْلَمُوا صِدْقَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "و" اعْلَمُوا {أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [هود:14] اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزٌ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ".
فهل أنتم مسلمون؟ يقول: استفهام معناه الأمر، معناه "أسلموا"، اعلموا أنه لا إله إلا هو فأسلموا كما في قوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ}[المائدة:91] فيها تحريم الخمر، {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ} [المائدة:91]، ولذا جاء الجواب انتهينا، انتهينا، وينبغي أن يكون الجواب هنا: أسلمنا أسلمنا؛ لأنه استفهام لا يراد به حقيقة الاستفهام الله سبحانه وتعالى لا يستفهم، ولا يسألهم، بل أعلم بهم من أنفسهم إنهم هل هم مسلمون؟ يعني بعد هذا الكلام هل هم مسلمون؟ وإنما يطلب منهم الإسلام.
"وَقَالَ: {قُلْ فَأْتُوا} [هود:13] وَبَعْدَهُ. {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} [هود:14] وَلَمْ يَقُلْ: "لَكَ"، فَقِيلَ: هُوَ عَلَى تَحْوِيلِ الْمُخَاطَبَةِ مِنَ الْإِفْرَادِ إِلَى الْجَمْعِ؛ تَعْظِيمًا وَتَفْخِيمًا، وَقَدْ يُخَاطَبُ الرَّئِيسُ بِمَا يُخَاطَبُ بِهِ الْجَمَاعَةُ. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي "لَكُمْ" وَفِي "فَاعْلَمُوا" لِلْجَمِيعِ، أَيْ فَلْيَعْلَمِ الْجَمِيعُ أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي "لَكُمْ" وَفِي "فَاعْلَمُوا" لِلْمُشْرِكِينَ؛ [ص: 14] وَالْمَعْنَى: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِبْ لَكُمْ مَنْ تَدْعُونَهُ إِلَى الْمُعَاوَنَةِ، وَلَا تَهَيَّأَتْ لَكُمُ الْمُعَارَضَةُ {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} [هود:14]. وَقِيلَ: الضَّمِيرُ فِي "لَكُمْ" لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلِلْمُؤْمِنِينَ، وَفِي "فَاعْلَمُوا" لِلْمُشْرِكِينَ".
نعم الخطاب لمحمد -عليه الصلاة والسلام- {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} [هود:14] ولأتباعه من بعده، ولذا جاء بضمير الجمع، وقد يكون الضمير له على سبيل الاستقلال، وفي حكمه أتباعه، والعرب تخاطب الواحد بضمير الجمع، تخاطب الواحد بضمير الجمع، وتؤكد فعل الواحد بضمير الجمع كما في تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} [يوسف:2] في صحيح البخاري، قال: والعرب يؤكد فعل الواحد بضمير الجمع{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} [هود:14] يعني يا محمد أنت ومن تبعك إذا طلبتم منهم ذلك "فاعلموا"، {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} [هود:14] فاعلموا أيها المشركون، وإذا قيل بالقول الثاني {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} [هود:14] أيها الكفار إن لم يستجيبوا لكم من تطلبون منهم المدد والعون، تطلبون منهم المظاهرة على معارضة القران إن لم يستجيبوا لكم، بل أعلنوا العجز {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} [هود:14] يعني ازعموا، واعترفوا، وأسلموا.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} [هود:15] فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: "مَنْ كَانَ" كَانَ زَائِدَةٌ، وَلِهَذَا جَزَمَ بِالْجَوَابِ فَقَالَ: {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ} [هود:15] قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: "مَنْ كَانَ" فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ بِالشَّرْطِ، وَجَوَابُهُ {نُوَفِّ إِلَيْهِمْ} [هود:15] أَيْ مَنْ يَكُنْ يُرِيدُ، وَالْأَوَّلُ فِي اللَّفْظِ مَاضٍ، وَالثَّانِي مُسْتَقْبَلٌ، كَمَا قَالَ زُهَيْرٌ:
وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الْمَنِيَّةِ يَلْقَهَا |
| وَلَوْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ |
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ.."
نعم يقول: "كان" هنا زائدة بمعني أنها زائدة لتأكيد اللفظ، ولا تكون زائدة من كل وجه بمعنى أنه يمكن أن نستغني عنها، لا، ويريد أن يبين أنها زائدة من الناحية الإعرابية، وإلا فالأصل الجملة "من يريد الحياة الدنيا نوف إليهم" فكان على كلامه هنا زائدة، قال: ولهذا جزم الجواب فقال: نوف إليهم، وعلى كلٍّ جملة الشرط إذا كان فعل الشرط ماضي، والجواب مضارع أو العكس فما الحكم؟
طالب:.........
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ} [هود:15] يا هشام، إذا كان فعل الشرط ماضيًا وجوابه مضارعًا أو العكس؟
طالب:.............
يعمل الشرط ولو كان الفعل ماضيًا؟ من كان ويريد أن يقرر أنه إنما جزم الجواب؛ لأن فعل الشرط مضارعًا.
طالب:............
هو يريد من قوله: "كان" زائدة؛ ليقرر أن فعل الشرط مضارع كجوابه وجزائه، ولذا جزم في آخره قال: "نوفِّ"، ما دام يقول: زائدة، فلماذا لم يعمل الشرط في فعله وهو يُرِيدُ؟ ما قال: "مَنْ كَانَ يُرد الْحَيَاةَ" [هود:15] كما قال في جوابه: "نُوَفِّ"، وهذا يضعف كونها زائدة، وقال الزَّجَّاجُ: من كان في موضع جزم بالشرط، الجملة الماضية لا يتطرق إليها الجزم لفظًا، وإن جزمت محلًا، وجوابه "نُوَفِّ إِلَيْهِمْ" أي من يكن يريد، والأول في اللفظ ماضٍ، وإن كان في حقيقته مستقبلًا، والثاني مستقبل في لفظه وحقيقته.
"وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ".
"