بلوغ المرام - كتاب الصلاة (21)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نبدأ ببعض الأسئلة حتى يكتمل العدد؛ لأن العدد ناقص.
باب: صلاة التطوع:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
"باب: صلاة التطوع:
عن ربيعة بن كعب الأسلمي -رضي الله عنه- قال: قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((سل)) فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: ((أو غير ذلك؟)) فقلت: هو ذاك، قال: ((فأعني على نفسك بكثرة السجود)) رواه مسلم".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة التطوع" أي صلاة المسلم التطوع، وهو من باب إضافة المصدر إلى مفعوله، وفاعله محذوف ويراد به المسلم والمسلمة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن ربيعة بن كعب الأسلمي -رضي الله عنه- قال: قال لي النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((سل)) وهذا له سبب، كان يخدم النبي -عليه الصلاة والسلام-، فأحضر له وضوئه في ليلةٍ من الليالي، فقال له: ((سل)) مكافئة له على ذلك، لزم النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحبه وخدمه، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يكافئه فقاله له: ((سل)) "فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة" همة، همة عالية، ولو قيل للواحد منا: سل، ما سأل شيئاً من أمور الدين، إنما تنصرف همته إلى أمور الدنيا، والمرء حيث يضع نفسه، وحيث تسمو به همته أو تضعف، فهذه همم الصحابة يسألون الجنة "أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: ((أو غير ذلك؟)) يعني اسأل شيء ثاني...... "قلت: هو ذاك" يعني لا حاجة لي بحطام الدنيا، ولا شك أن من عرف حقيقة الحال ما سأل غير ذلك؛ لأن الدنيا لا شيء بالنسبة للجنة ((موضع سوط أحدكم من الجنة خيرٌ من الدنيا)) والدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة كما جاءت بذلك الأخبار.
ما الذي يساعد على دخول الجنة؟ وجهه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى أمرٍ مهم يغفل عنه كثيرٌ من الناس "قلت: هو ذاك، قال: ((فأعني على نفسك بكثرة السجود)) هل معنى هذا أنه سجود مفرد؟ أو من باب التعبير بالجزء عن الكل، وإرادة الصلاة ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) يعني بكثرة الصلاة، ومن هذا يؤخذ أنه لا عدد محدد للنوافل، لا في الليل ولا في النهار، وعمل سلف هذه الأمة عليه فحفظ عنهم العدد الكبير من الصلوات أثناء اليوم والليلة.
نعم، يذكر مبالغات لا يستوعبها الوقت، فذكر عن علي -رضي الله عنه- أنه يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، الوقت لا يستوعب، الوقت لا يستوعب ألف ركعة، ذكر عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- أنه يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة، إذا اعتبرنا كل ركعة مجزئة بدقيقة فالثلاثمائة تحتاج إلى ست ساعات هذا ممكن.
الحافظ عبد الغني المقدسي يذكر عنه أنه بعد ارتفاع الشمس إلى الزوال ثلاثمائة ركعة بالفاتحة فقط.
المقصود أن سلف هذه الأمة ضربوا بنصيبٍ وافر من كثرة النوافل، امتثالاً لمثل هذا التوجيه ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) فالكثرة مطلوبة، والاستكثار من التعبد لا يدخل في حيز البدعة مهما كثرت، إذا جاء على وجهٍ مشروع، في الضحى مثلاً صليت عشر تسليمات عشرين تسليمة ثلاثين ما الذي يمنعك؟ بين العشاءين، بعد صلاة العشاء، بين صلاة الظهر والعصر، ما الذي يمنعك من الإكثار من الصلوات إذا لم يكن ذلك عائقاً بين مصالحك الدينية والدنيوية؟ ما هو أهم من ذلك من النفع المتعدي والأمور الواجبة، فالإكثار من التعبد ليس ببدعة امتثالاً لمثل هذا التوجيه، وعليه سلف هذه الأمة، ثبت عن عثمان -رضي الله عنه- أنه يقرأ القرآن في ركعة، من يقول: إن عثمان مبتدع، وثبت عنهم أنهم يصلون أعداد من الركعات، وهذا الحديث أصل في مثل هذه المسألة ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) وجاء من حديث صحيح: ((أفضل الصلاة طول القنوت)) يعني: القيام، المراد بالقنوت القيام، فهل الأفضل أن يطيل المصلي القيام ويطيل القراءة كما حفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى في ركعة بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران، أطال القيام، يعني خمسة أجزاء في ركعة، كانت قراءته -عليه الصلاة والسلام- مد، ترتيل، ولا يمر بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية عذاب إلا استعاذ وهكذا.
فمتصور أن تكون هذه الركعة ساعتين مثلاً فهل الأفضل أن يطيل المصلي القيام أو يكثر السجود؟ يقصر القيام يعني بدلاً من أن يصلي تسليمة يصلي عشر تسليمات والوقت واحد؟ وقل مثل هذا في الأفضل: هل يقرأ في ساعة جزء واحد من القرآن أو خمسة أجزاء؟ ما الأفضل في الصلاة أن تطيل القيام والركوع والسجود مع تقليل العدد أو تكثر العدد مع تخفيف الكيفية؟ هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، حديث الباب يدل على أن الكثرة أفضل، الكثرة أفضل ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) وفعله -عليه الصلاة والسلام- حينما قام حتى تفطرت قدماه وقرأ الخمسة الأجزاء في ركعة {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [(2) سورة الملك] ما قال: أكثر، كل هذا يقتضي أن يكون إطالة القيام مع إطالة الركوع وإطالة السجود أفضل، وحديث الباب يدل على كثرة السجود.
فهل نقول: إن كثرة السجود تليق بمثل هذا السائل بحال هذا السائل؟ كما أن التوجيه لكثرة السجود ويقصد به الإكثار من نوافل الصلاة يليق بهذا الشخص، ومن كان في حكمه من فقراء المسلمين، أو نقول: لو سأل شخص كما جاءت الأجوبة متنوعة في أفضل الأعمال، تختلف اختلاف الأشخاص، رجل عنده أموال وثروات يقول: أفضل الأعمال؟ نقول: البذل والإنفاق في سبيل الله؛ لأن هذا نفعه متعدي، وشخص في جسده قوة وجلد وصبر، نقول: الجهاد في سبيل الله، وشخص عنده ذكاء وتميز بالحفظ والفهم، نقول: العلم أفضل.
فهل هذا الحديث يتنزل على مثل هذا؟ ونقول: إن بعض الناس عنده صبر وجلد يصبر على قراءة خمسة أجزاء في ركعة وشخص ما يصبر، فمثل هذا يوجه إلى الطول وهذا يوجه إلى الكثرة، هذا توجيه حسن، وقال به بعض أهل العلم، كما أن التفاوت في القدر المقروء مع اتحاد الوقت يعني شخص يقرأ بساعة خمسة أجزاء، وآخر في الساعة يقرأ جزء واحد مع الترتيل والتدبر أيهما أفضل؟ نعم الجمهور على أن من يقرأ بالترتيل والتدبر ولو قلت قراءته أفضل، وبعضهم يقول: تحصيل أجر الحروف أولى لأنه محدد، كل حرف عشر حسنات، تقرأ خمسة أجزاء في ساعة خمسمائة ألف حسنة، نصف مليون حسنة، لكن لو قرأت جزء بالتدبر على الوجه المأمور به تحصل مائة ألف حسنة للحروف، لكن الأجر المرتب على القراءة على الوجه المأمور به أعظم، يعني كون الحسنات تضاعف لا يقابل الإصابة في العمل، الذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق له أجران، يتعتع في القرآن ويشق عليه له أجران، لكن الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، أيهما أفضل؟ الماهر.
الذي صلى بالتيمم وأعاد الصلاة له أجران، والذي لم يعد الصلاة أصاب السنة، إصابة السنة أفضل من تكرار الأجر، وهنا نقول: إن من يقرأ على الوجه المأمور به ولو قلت قراءته أفضل ممن يكثر من قراءة الحروف مع الإخلال بما أمر به من ترتيل وتدبر.
نعود إلى مسألتنا: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) يستدل بهذا من يقول: إنه لا مانع من أن يزيد الشخص على ما جاء في النصوص من النوافل المحددة بالنصوص، الذي جاء في النصوص أربعين ركعة، النصوص المقيدة أربعين ركعة، كان شيخ الإسلام -رحمه الله- وهو في صدد رده على ابن المطهر الذي زعم أن علياً يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، قال: لو قلنا: إن الزيادة على الأربعين غير مشروعة لما بعد، لكن هذا الحديث يدل على أن الزيادة مطلوبة، حديث الباب يدل على أن الزيادة مطلوبة.
نعم جاءت الأربعين بالنصوص يعني محددة، الفرائض سبعة عشر ركعة، الوتر إحدى عشر، هذه ثمان وعشرين، الرواتب ثنتا عشرة هذه أربعون، هذه أربعون ركعة، لكن ألا يزاد أربع قبل العصر، وبين كل أذانين كل صلاة على ما سيأتي، يعني ليست حاصرة الأربعين، وفي الحديث: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصره به)).. إلى آخر الحديث، فدل على أن الإكثار من العبادات مطلوب، لكن على ألا يعوق ما هو أهم منه، ما يجلس يتعبد يصلي الضحى ساعة ساعتين في وقت الدوام ويترك العمل المنوط به الواجب، لا، لكن صلاة ركعتين خفيفتين أثناء الدوام ما تعوق عن تحصيل العمل والمحافظة على السنة، ما تعوق -إن شاء الله-.
فالمسألة مسألة موازنة...... ((وما تقرب إلى عبدي أحب إلي مما افترضته عليه)) الفرائض أهم، فعلى المسلم أن ينتبه لهذا الأمر، ويكثر ما دام في وقت المهلة، فإذا كان ديدنه في حال السعة، في حال الإقامة، في حال الصحة، في حال الشباب، في حال القوة والقدرة الإكثار من التعبد، إذا عجز عن ذلك يكتب له ما كان يعمله، لا يفرط في وقت السعة ثم إذا عجز عن ذلك فيما بعد قال: ليتني أفعل، ليتني فعلت، ما ينفع، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، يكون لك نصيب من التعبد، من المكث في المسجد، المسجد بيت كل تقي.
وخير مقامٍ قمت فيه وحليةٍ |
|
تحليتها ذكرُ الإله بمسجدِ |
فلا بد أن يروض المسلم لا سيما طالب العلم نفسه على هذا الأمر، كثيرٌ من الناس يجد المشقة الشديدة في مزاولة هذه الأعمال السهلة الميسرة، قراءة القرآن، الإكثار من النوافل، النفع المتعدي، بذل النفع للناس، وهذه الأمور يسيرة على من يسرها الله عليه، لا بد أن تري ربك من نفسك خيراً، يعني يوجد من يقرأ القرآن في سبع، ويكثر من النوافل، ويعين المحتاجين، ويساعد المضطرين، يزور المرضى، يزور المقابر، ويصل الأرحام، ويؤدي عمله المنوط به على أكمل وجه، يعني ما في تعارض، وبعض الناس تضيع أيامه بدون عمل، فعلينا أن نغتنم هذه الأنفاس وهذه الأوقات، والله المستعان.
أحسن الله إليك.
"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: حفظت من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح" متفق عليه.
وفي رواية لهما: "وركعتين بعد الجمعة في بيته.
ولمسلم: "كان إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين".
حديث: "ابن عمر -رضي الله عنهما-" في بيان الرواتب، الرواتب التي يداوم عليها الإنسان "حفظت من النبي -عليه الصلاة والسلام- عشر ركعات -يعني رواتب- ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته" كانوا يسمونها البيتية "وركعتين بعد العشاء في بيته" أيضاً، "وركعتين قبل الصبح" وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يصليهما في بيته، فكأن النوافل النهارية في المسجد، والليلية في البيت ((وأفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) فالنوافل كونها في البيت أفضل؛ لأنها أبعد عن رؤية الناس ومراءاتهم وملاحظتهم، وفيها أيضاً نفع لأهل البيت للاقتداء والائتساء، يتعلم النساء، يتعلم الصغار، يقتدون به، يقتفون أثره، وقبل ذلك يقتدي هو بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.
"ركعتين قبل الظهر" يأتي في حديث أم المؤمنين أنها أربع ركعات، فكأن ابن عمر رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي هاتين الركعتين، وخفي عليه الركعتان الأخريان، فالرواتب ثنتا عشر ركعة، أربع قبل الظهر "وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته" والعصر لا راتبة لها، ويأتي الحث على أربع ركعات قبل العصر "وركعتين بعد المغرب في بيته" ثم بعد الركعتين نفل مطلق "وركعتين بعد العشاء في بيته" هذه تابعة للصلاة، لكن لو صلى بعد ذلك ما شاء بعد أن يصلي هاتين الركعتين له أن يصلي ما شاء من النوافل المطلقة "وركعتين قبل الصبح" وهما آكد الرواتب، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يدعهما سفراً ولا حضراً مع الوتر.
"متفقٌ عليه، وفي رواية لهما: "وركعتين بعد الجمعة في بيته" إذا صلى ركعتي الجمعة في البيت اقتصر على ركعتين، وإذا صلاها في المسجد صارت أربعاً، وبهذا تجتمع النصوص، فحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصلي بعد الجمعة أربعاً، وكان يصلي ركعتين، فحمل هذا على اختلاف المكان، فإذا صلى في المسجد صلى أربعاً بعد الجمعة، وإذا صلى في البيت صلى ركعتين.
"ولمسلم: كان إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين" لا يصلي إلا ركعتين؛ لأن الوقت وقت نهي، إذا طلع الفجر بدأ وقت النهي انقطع التنفل المطلق ولا صلاة إلا ركعتي الفجر، ومن صفة هاتين الركعتين أنهما خفيفتان، حتى قالت أم المؤمنين: لا أدري أقرأ بفاتحة الكتاب أم لا؟ لتخفيف هاتين الركعتين؛ لأن هاتين الركعتين مع تأكدهما جاءتا في وقت نهي، وهما نفل، فهما على خلاف الأصل ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس)) وهذا يشمل ما قبل الصلاة وما بعدها، وجاء الاستثناء إلا ركعتي الصبح فهما مستثنيتين، والجمهور على هذا أن من صفة ركعتي الصبح الخفة، حتى جاءت المبالغة: "لا أدري أقرأ بفاتحة الكتاب أم لا؟" وقال بعضهم: إنه لا يزيد على الفاتحة، لا يزيد على الفاتحة، والصواب على ما سيأتي أنه يزيد على الفاتحة سورتي الإخلاص.
بعضهم يبدي -أو دلت بعض النصوص- على أن الفائدة من هذه الرواتب تكميل الفرائض، لا شك أن الإنسان في صلاة الفريضة قد يغفل، قد يسهو، وقد يحصل له خلل في صلاته تكمل من هذه الرواتب، وفي الحديث: ((انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكمل به الفريضة؟)) فإذا كان يتطوع تكمل به الفريضة، لكن إذا كان لا يتطوع، يقتصر على الواجبات إذا حصل الخلل من أين يكمل له؟!
نعم جاء في حديث ضمام بن ثعلبة لما ذكر الصلوات الخمس قال: هل علي غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) ثم ذكر له الصيام وبقية شرائع الإسلام، فأقسم ألا يزيد على ذلك ولا ينقص، لكن من يضمن لنا أن الإنسان لا ينقص عما افترض الله عليه، إذا ضمن فالنوافل زيادة فضل من الله -جل وعلا-، ورفعة درجات، لكن لا يترتب على تركها عقاب، لكن من يضمن أنه لا ينقص من هذه الفرائض، فعلى الإنسان أن يحرص، يرفو هذه الخروق وهذه الفتوق التي توجد في عباداته بالنوافل، والله المستعان.
أحسن الله إليك.
"وعن عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يدع أربعاً قبل الظهر وركعتين قبل الغداة" رواه البخاري".
"وعن عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان لا يدع أربعاً قبل الظهر" هذه الراتبة القبلية، يدخل فيها -في الأربع- الركعتين الواردتين في حديث ابن عمر السابق، ولا يقال: أربع واثنتين يكون المجموع ست، فالراتبة القبلة أربع، والبعدية ركعتين، لكن إذا فاتت الراتبة القبلية متى يقضيها؟ جاء الإنسان لصلاة الظهر فوجد الصلاة قد أقيمت، يدخل مع الناس يصلي الفريضة، فتفوته الأربع الركعات التي هي قبل الصلاة، متى يقضي هذه الراتبة القبلية؟
طالب:......
بعد الصلاة مباشرة، قبل البعدية وإلا بعدها؟ يصلي الفريضة مع الناس مع الجماعة، ثم يصلي الراتبة الركعتين البعدية، ثم بعد ذلك يأتي بالركعات الأربع القبلية قضاءً.
"وركعتين قبل الغداة" يعني قبل صلاة الصبح، كان لا يدع هذه الصلوات؛ لأنها رواتب، كما أنه لا يدع الرواتب الأخرى، وكان لا يدع ركعتي الصبح ولا الوتر سفراً ولا حضراً لتأكدها.
"وعنها قالت: لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر" متفق عليه.
ولمسلم: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها".
"وعنها" يعني عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- "قالت: لم يكن النبي -عليه الصلاة والسلام- على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر" أشرنا مراراً أنها تصلى سفراً وحضراً، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يواظب عليها في السفر والحضر ولا يخل بها، قد يخل..، قد يشغل أحياناً عن بعض النوافل فيقضيها، لكن ركعتا الفجر لا يخل بهما، بل يحرص عليهما أشد الحرص، وهما كالمقدمة للصلاة، النوافل البعدية عرفنا أنها مكملة للفريضة، والرواتب القبلية مهيئة للفريضة، يتهيأ الإنسان، يفرغ قلبه للفريضة التي هي المطلب الأصلي، فهذه النافلة تهيئ النفس للصلاة المشهودة صلاة الصبح.
"ولمسلم: ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" يعني على ما جاء في وصفهما يمكن أن تؤدى ركعتا الفجر بدقيقتين، دقيقتين من العمر، لو قيل للإنسان ترضى بديل بهاتين الركعتين بألف ريال، يرضى وإلا ما يرضى؟ هما ركعتان بدقيقتين خيرٌ من الدنيا وما فيها، قد يتهاون الإنسان ويتساهل بالعمل وهو عند الله عظيم والدنيا كلها لا تسوى شيْ، ولا تعادل شيئاً بالنسبة لما يتعلق بالآخرة، ويقرب إلى الله -عز وجل-، لو قيل للشخص: هاتان الركعتان في دقيقتين بمليون ريال، الدنيا تحتوي على مليارات ما هي بمليون أو ملايين، لكن ركعتا الصبح في يوم واحد من الأيام خيرٌ من الدنيا وما فيها.
يعني هل هذا الكلام مجرد خبر عاري عن الفائدة أو هو منبه للمسلم أن ينظر إلى حقائق الأمور وأن ينزل الأشياء منازلها؟ فالدنيا ليست بشيء، نعم على الإنسان أن يأخذ منها ما يعينه على أمور الآخرة {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] يعني الذي يعينك على اجتياز هذه المرحلة من السفر، الدنيا سفر، وحياة المرء كلها كمثل مسافر استظل تحت شجرة مدة إقامته بالنسبة لعمره لا شيء، والدنيا كلها بالنسبة للآخرة لا شيء، ومن أيسر الأمور أن يفرط الإنسان بهذه الأشياء التي جاء الحث عليها والترغيب فيها، نعم هذا شيء مشاهد، يجلس الإخوة من الأخيار الساعات من الليل ثم إذا بقي ساعة يجاهد نفسه هل يوتر أو لا يوتر؟ ثم تأتي له التأويلات، وإن كانت السهرة كما هو الغالب ليلة جمعة يأتيه الشيطان ويقول له: إن الجمعة لا تخص بقيام ولا نهارها بصيام، وينام ويترك الوتر، وإن كان بغير ليلة الجمعة يقول: المداومة على النوافل يشبهها بالفرائض أرتاح، كل هذه عقوبة لما فرط فيه من وقته، هذا شيء ملاحظ ومشاهد، من أثقل الأمور على النفس الوتر ما هو بالنسبة للنائم، بالنسبة للقائم الذي أضاع وقته في القيل والقال، وما يتعرض له الإنسان من صوارف وصواد عن العبادات السهلة الميسرة كلها عقوبات لما يرتكبه.
"وعن أم حبيبة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من صلى اثنتا عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة)) رواه مسلم.
وفي رواية: ((تطوعاً)) وللترمذي نحوه، وزاد: ((أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر)) وللخمسة عنها: ((من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار)).
حديث أم المؤمنين أم حبيبة -رضي الله عنها- قالت: "سمعت رسول -صلى الله عليه وسلم- يقول" فذكرت الرواتب الاثنتي عشرة ركعة، من حافظ عليها وداوم عليها ((بني له بيتٌ في الجنة)) الحديث مخرج في الصحيح ((صلى اثنتا عشرة ركعة في يوم وليلة)) يعني من غير الفرائض، يعني من النوافل، وجاء بيانه في رواية الترمذي: وأنها أربع قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الصبح، هذه هي الرواتب، من حافظ عليها بني له بيتٌ في الجنة.
((من صلى اثنتي عشرة)) ورواية الخمسة: ((من حافظ عليها)) الرواية الأولى: ((من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة)) تقتضي أنه في كل يوم يبنى له بيت في الجنة، ورواية: ((من حافظ)) تدل على أنه يبنى له بيتٌ في الجنة إذا حافظ عليها في عمره كله.
((من صلى اثنتي عشرة ركعة في يومٍ وليلة)) حصل له الجزاء المذكور، ومقتضاه أنه لو في يومٍ واحد، لكن بيّن المطلوب رواية الخمسة وأن المراد المحافظة على هذه الركعات الاثنتي عشرة، وفي رواية: ((تطوعاً)) وهذا تصريح بما هو مجرد توضيح، وإلا فمعلومٌ أنها قدرٌ زائد على الفرائض.
"وللترمذي نحوه، وزاد: ((أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر)) وللخمسة" لداود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد: ((من حافظ على أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها حرمه الله على النار)) الأربع هي الراتبة، والاثنتين رواتب أيضاً وزيادة ركعتين، تبقى الرواتب أربع قبل الظهر واثنتين بعدها، وإذا صلى الأربع قبلها والأربع بعدها حرمه الله على النار ثوابٌ آخر وجزاءٌ آخر له إذا زاد ركعتين بعد الظهر، زاد على الاثنتين اثنتين صارت أربع، لكن هي ليست راتبة، ومعنى ((حرمه الله على النار)) التحريم المنع في الأصل، والمحرمات ما منع منها الإنسان, الحرمان أيضاً منع ((حرمه الله على النار)) يعني منعه من دخولها، كما منعه مما حرمه عليه في الدنيا.
"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((رحم الله امرأً صلى أربعاً قبل العصر)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن خزيمة وصححه".
حديث ابن عمر: ((رحم الله امرأً صلى أربعاً قبل العصر)) الحديث فيه كلام لأهل العلم، لكن أقل أحواله الحسن، صححه بعضهم لكنه لا يصل إلى درجة الصحيح، وفي إسناده محمد بن مسلم بن مهران فيه مقال خفيف لأهل العلم، وثقه ابن حبان وغيره، لكنه لا يسلم من التضعيف اليسير، الحديث حسن، وفيه الحث على صلاة أربع ركعات قبل العصر، ومقتضاه الحث على التبكير لصلاة العصر، الحث على صلاة أربع ركعات قبل العصر يتطلب التبكير لصلاة العصر، وصلاة العصر كما هو معلوم شأنها عظيم ((من فاتته العصر فكأنما وتر أهله وماله)) ((من صلى البردين دخل الجنة)) ((من ترك العصر فقد حبط عمله)) المقصود أن صلاة العصر لها شأن، وينبغي إذا كانت هذه الصلاة لها هذا الشأن العظيم أن يكون لها مقدمات تساعد على فراغ البال، وإقبال القلب بهذه الركعات الأربع: ((رحم الله امرأً صلى أربعاً قبل العصر)) وإن لم تكن هذه الأربع من الرواتب لكنها جاء الترغيب فيها بما سمعنا.
"وعن عبد الله بن مغفل المزني -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب)) ثم قال في الثالثة: ((لمن شاء)) كراهية أن يتخذها الناس سنة، رواه البخاري.
وفي رواية لابن حبان: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى قبل المغرب ركعتين.
ولمسلم عن أنس: "كنا نصلي ركعتين بعد غروب الشمس، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يرانا فلم يأمرنا ولم ينهانا".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن مغفل المزني -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلوا قبل المغرب)) أمر بالصلاة قبل المغرب، والأصل في الأمر الوجوب، ثم بين -عليه الصلاة والسلام- أنه ليس بالأمر اللازم "قال في الثالثة: ((لمن شاء)) كراهية أن يتخذها الناس سنة" يعني راتبة لا يفرطون فيها، وإنما هي نفلٌ مطلق بعد أن انتهى وقت النهي، وانتهى المنع من الصلاة يصلي المرأة ما دامت الفريضة لم تحضر، ويؤيد ذلك الحديث الآخر: ((بين كل أذانين صلاة)).
"كراهية أن يتخذها الناس سنة" طريقة مألوفة وجادة متبعة لا يخل بها ولا يفرط فيها فيشبهها بالرواتب "رواه البخاري، وفي رواية ابن حبان: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى قبل المغرب ركعتين" فجاءت هاتان الركعتان، أو جاء الحث عليهما بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا قبل المغرب)) وجاءت مشروعيتهما بفعله -عليه الصلاة والسلام- فكان يصلي قبل المغرب ركعتين، وجاءت أيضاً بإقراره -عليه الصلاة والسلام- في رواية: "مسلم عن أنس قال: كنا نصلي ركعتين بعد غروب الشمس، وكان -صلى الله عليه وسلم- يرانا فلم يأمرنا ولم ينهانا" فتضافرت أنواع السنن القولية والفعلية والتقريرية على مشروعية هاتين الركعتين، فأمر بهما وفعلهما، وأقر من فعلهما، فالسنة إما قول أو فعل أو تقرير، وقد تضافرت السنن على إثبات هاتين الركعتين، لكنها ليست من الرواتب التي يحافظ عليها، نعم إن تيسرت صلاها إن كان في المسجد صلاهما، وإلا فليس أمرهما مثل أمر الرواتب التي على المرء أن يحافظ عليها، وليست مثل ركعتي الصبح التي يتعاهدها النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يفرط فيها حضراً ولا سفراً.
النصوص السابقة تدل على الرواتب، وهي اثنتا عشرة ركعة، يضاف إلى ذلك ركعتين بعد الظهر، كم يصير المجموع؟ أربع عشرة، والأربع التي قبل العصر، كم؟ ثمان عشرة، يضاف إلى ذلك الركعتين قبل المغرب، عشرون، لكن الرواتب التي تلي الفرائض بالأهمية الاثنتي عشرة، وما عدا ذلك فأمرها أخف، والمرتبة الثالثة النوافل المطلقة.
الرواتب على الإنسان أن يحافظ عليها، ويتعاهدها في الحضر، إذا سافر والمسلم يكتب له ما كان يعمله إذا كان مقيماً، وجاء الخبر لو كنت مسبحاً لأتممت، فأهل العلم يقولون: الرواتب لا تفعل في السفر باستثناء ركعتي الصبح، فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يدعها سفراً ولا حضراً.
النوافل المطلقة تفعل في السفر، مع أنه إذا كان يحافظ عليها في الحضر، وتكبت له ما دام يحافظ عليها في الحضر، تكتب له في السفر وفي المرض فينبغي أن يكون شأنها شأن الرواتب، والتخفيف من صلاة الفرض ملاحظةً للمشقة اللاحقة بالمسافر تقتضي ذلك، لكن أهل العلم ينصون على الرواتب؛ لأنها هي التي يحافظ عليها، أما ما عدا ذلك من النوافل المطلقة بما في ذلك ما نص عليه من أربع الركعات قبل العصر لا بد من الإخلال بها، فالمحافظة عليها ليس مثل المحافظة على الرواتب.
"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني أقول: أقَرأ بأم الكتاب?" متفق عليه.
وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في ركعتي الفجر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص]، رواه مسلم".
هذا وصف ركعتي الصبح، الفريضة تطول فيها القراءة كما جاء في حديث عائشة: أول ما فرضت الصلاة ركعتين فزيد في الحضر، وأُقرت صلاة السفر، وزيد في الحضر إلا المغرب فإنها وتر النهار وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة، هذا بالنسبة للفريضة، أما بالنسبة للنافلة فتخفف فيها القراءة، يعني لا يجتمع إطالة النافلة مع إطالة الفريضة، فجاء في وصفهما أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يخفف الركعتين، يخففهما "حتى إني أقول: أقَرأ بأم الكتاب..؟" هذه مبالغة في تخفيف هاتين الركعتين، حتى قال بعضهم: إنه لا يشرع قراءة شيء قدر زائد على الفاتحة، وشذ بعضهم فقال: إنه لا تقرأ ولا الفاتحة، لكنه قولٌ شاذ لا يعول عليه، كلام عائشة -رضي الله عنها التشكيك في الفاتحة يدل على أنه لا يمنع من قراءة الفاتحة، لكن مبالغة في التخفيف.
الحديث الذي يليه: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في ركعتي الفجر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص]"، وهما سورتا الإخلاص، فتشرع قراءتهما في افتتاح الصلاة بالنهار، ويقرأ بهما في ركعتي المغرب، وفي ركعتي الطواف، وفي الوتر، المقصود أنهما سورتان عظيمتان تنفيان الشرك بأنواعه، وتثبتان التوحيد بأنواعه، فيحرص على قراءتهما.
جاء في الصحيح من حديث أبي هريرة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قرأ في ركعتي الصبح في الأولى بآية البقرة {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا} [(136) سورة البقرة]، وفي الركعة الثانية قرأ بالآية التي في آل عمران {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} [(64) سورة آل عمران] عوضاً عن {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [(1) سورة الكافرون] و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [(1) سورة الإخلاص] فدل على أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يقرأ بعد الفاتحة إما سورة قصيرة كسورتي الإخلاص، أو آية واحدة، وعلى هذا تجوز الصلاة بآية، وبعضهم يقول: لا بد أن تكون هذه الآية بمقدار أقصر السور، وعلى كل حال إذا كانت ينطبق عليها ما تيسر تسمى قراءة، لكن لو قال: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] آمين، {ثُمَّ نَظَرَ} [(21) سورة المدثر] ثم ركع، وفي الركعة الثانية قال: {مُدْهَامَّتَانِ} [(64) سورة الرحمن] أو العكس وركع، هو قرأ آية، إذا كانت الآية بقدر السورة لا شك أنه مشتمل على الإعجاز، ويقع بها التحدي، أما مطلق الآية لم يقع بها التحدي، فجاء التحدي بالقرآن كاملاً، وجاء التحدي بعشر سور، جاء التحدي بسورة، لكن لم يأتي التحدي بآية، نعم إن كانت هذه الآية بقدر سورة يحصل بها التحدي، لكن مطلق الآية الإطلاق الذي يشمل كلمة واحدة {مُدْهَامَّتَانِ} [(64) سورة الرحمن] أو {ثُمَّ نَظَرَ} [(21) سورة المدثر] هذا لا يحصل به تحدي، ويحصل به ثواب قراءة ما تيسر بعد الفاتحة أو لا يحصل؟ يعني لو كبر لصلاة نافلة قال: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] آمين، {مُدْهَامَّتَانِ} [(64) سورة الرحمن] هذه آية، في الركعة الثانية: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] آمين، {ثُمَّ نَظَرَ} [(21) سورة المدثر] الله أكبر، هل يحصل له قراءة ما تيسر بعد الفاتحة؟ نعم كونه -عليه الصلاة والسلام- قرأ بآية، آية البقرة وآية آل عمران في ركعتي الصبح يدل على أن الأجر يثبت بآية، لكن هذه الآية مما يحصل به التحدي مما يكون بقدر أقصر السور.
"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن" رواه البخاري.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح فليضطجع على جنبه الأيمن)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه".
حديث: "عائشة -رضي الله عنها-" تذكر أن "النبي -صلى الله عليه وسلم-" كان "إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن" في الحديث الصحيح في البخاري، من فعله -عليه الصلاة والسلام- لا إشكال فيه، لكن الأمر الوارد في الحديث حديث أبي هريرة "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح فليضطجع على جنبه الأيمن))، الحديث في المسند والسنن، وصححه بعضهم، لكن شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: ليس بصحيح، الأمر بالاضطجاع ليس بصحيح، تفرد به عبد الرحمن بن زياد، لا يحتمل تفرده، أو عبد الواحد بن زياد، وهو ممن لا يحتمل تفرده، كما نقل ذلك ابن القيم عنه.
أما من فعله -عليه الصلاة والسلام- فهو ثابت "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن" وهذه الضجعة بعد ركعتي الفجر اختلف أهل العلم في حكمها، فبالغ ابن حزم فقال بالوجوب، بل قال: إن صلاة الصبح لا تصح لمن لم يضطجع بعد ركعتي الصبح، يبطل الصلاة إذا لم يضطجع قبلها، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يضطجع وهذا من فعله، لكن هل هذا الأمر أو هذا الفعل له ارتباط بالصلاة؟ ليكون له أثر في حكم الصلاة؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقوم الليل قياماً طويلاً، فيحتاج إلى الراحة، حتى قال بعضهم: إن هذه الضجعة لا تشرع إلا لمن أطال القيام، أما شخص قام من فراشه وصلى ثلاث ركعات أوتر بثلاث ركعات، بثلاث دقائق ثم جاء بركعتي الصبح بدقيقتين المجموع خمس، هذا يحتاج إلى أن يضطجع ليرتاح، لكن من صلى ساعة ساعتين يحتاج يرتاح، قال بعضهم: هذه للحاجة، إن احتاج إليها فعلها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يفعلها لحاجته إليها، ولذا كان ابن عمر يحصب من اضطجع، يرميه بالحصبة، فهذان قولان متضادان، عدم المشروعية أصلاً، والقول بالوجوب، وتأثير العدم على الصلاة الفريضة كما يقول ابن حزم، وأنها لا تصح إلا إذا اضطجع، ولا بد أن يكون على جنبه الأيمن، فلو لم يستطع الاضطجاع على جنبه الأيمن ماذا يصنع؟ عند ابن حزم يقول: لا يضطجع على جنبه الأيسر، يومئ إيماءً إلى الاضطجاع، لا يضطجع هذه حرفية، تطبيق حرفي، أما إبطال الصلاة فلا.
ابن عمر كان يحصب من اضطجع، نعم من اضطجع في المسجد، النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكن يضطجع في المسجد، إنما كان يضطجع في بيته، فالاضطجاع سنة لمن صلى الركعتين في بيته اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يربط ذلك بالحاجة، إنما يربط بفعل..، ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- من الركعتين، إذا صلى الركعتين اضطجع في بيته، إذا لم يضطجع في بيته لا يضطج
فقد كان ابن عمر يحصب من اضطجع، ومعلومٌ أنه لا يحصب الناس في بيوتهم، إنما يحصبهم في المسجد، وعلى هذا يحمل.
((إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح فليضطجع)) اللام لام الأمر ((على جنبه الأيمن)) نعم، لو ثبت الأمر، الأمر الأصل فيه الوجوب، لكن يبقى أنه أمر خارج عن الصلاة، فهو أمر توجيه وإرشاد وإرفاق، فأقل أحواله الاستحباب.
فعرفنا أنه مروي من طريق عبد الواحد بن زياد وفيه مقال لا يحتمل تفرده، ولذا حكم شيخ الإسلام ابن تيمية على الحديث بأنه ليس بصحيح.
"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى)) متفق عليه.
وللخمسة، وصححه ابن حبان بلفظ: ((صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)) وقال النسائي: هذا خطأ"...
على كل حال إذا كان هذا مستمر وهو سلسل كما ذكرت لا تلتفت إليه، انضح فرجك وسراويلك ثم لا تلتفت إليه، وهنا يكمن علاج مثل هذا المرض، ومثله الوسواس يقطع بمثل هذا.
نعم، إذا كان لا أثر له على العمل، إذا كنت جالس بدون عمل فكونك تشغل وقتك بالقرآن أو بالذكر أو بشيء ينفعك مطلوب.
هذا شُرح بالأمس، يعني إن كان قد زاد في صلاته فهاتان السجدتان اللذان يسجدهما للسهو يشفعن صلاته، إن كان صلى خمساً فبهاتين السجدتين يكون كأنه صلى ستاً وهكذا.
((ترغيماً للشيطان)) إلصاقاً لأنفه بالرغام وهو التراب.
لا، يجب عليك سداد القرض، وأنت أقدمت على هذا على أنه قرض وليس بهبة، إنما هو قرض والمسلمون على شروطهم، ولا تدري ما نصيبك من بيت المال هل يزيد أو ينقص؟ فتكون قد تعديت على..، وأمراً... وأيضاً تصريف أموال بيت المال بيد الإمام لا يجوز لأحد أن يتعدى عليه.
وقت صلاة الظهر -وهي الصلاة الأولى- جاء بيانه في حديث إمامة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وجاء أيضاً في حديث عبد الله بن عمرو في الصحيح، وأنه يبدأ من زوال الشمس إلى مصير ظل كل شيء مثله، ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر من مصير ظل كل شيء مثله إلى غروب الشمس، ثم وقت المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر، ووقت العشاء من مغيب الشفق إلى منتصف الليل، كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو، يبقى وقت الصبح من طلوع الصبح إلى طلوع الشمس.
التحديد بالساعات يختلف من وقت إلى آخر، والتقويم يحدد بالساعات، على ما قيل في التقويم من عدم انضباط في بعض الأوقات، لكن هو في الجملة لا بأس به، الخلاف في كونه يتقدم الوقت قليلاً هذا موجود، لكن على كل حال العمل عليه، ومعتمد عند أهل العلم، لكن على الإنسان أن يتحرى لا سيما صلاة الصبح، يجعل بين الأذان والإقامة نصف ساعة لتكون صلاته بعد دخول الوقت بيقين.
العمل في البنوك التي تزاول الربا من التعاون على الإثم والعدوان، لكن بنك الراجحي فيما نعلم لا يقصدون التعامل بالربا، قد يدخل عليهم شيء من غير قصد، ويتخلصون منه، وقد أفتوا بذلك.
أولاً: الإشراق: هو بزوغ الشمس، والذي في التقويم على البزوغ، لا على ارتفاع الشمس الذي تصلى فيه الركعتان إن صح الخبر فيمن صلى الصبح في جماعة وجلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، فالصلاة لا تصلى إلا بعد ارتفاع الشمس، وحينئذٍ يدخل وقت الضحى، فالذي يجلس بعد صلاة الصبح إلى ارتفاع الشمس اقتداءً بفعله -عليه الصلاة والسلام-، ثبت عنه في الصحيح أنه كان يمكث في مصلاه حتى ترتفع الشمس، فإذا ارتفعت الشمس صلى ركعتي الضحى التي أوصى بهن النبي -عليه الصلاة والسلام- عدداً من أصحابه -رضوان الله عليهم-، وجاء الحث عليهما، فإذا جلس امتثل، اقتدى بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإذا صلى الركعتين سواءً ثبت الخبر أو لم يثبت، صلاة الضحى ثابتة، ووقتها قد دخل بارتفاع الشمس.
الشاهد: ما يأتي مما يشهد للحديث أو غيره طريق صحابيه من طريق صحابيٍ آخر، والمتابع: ما كان عن نفس الصحابي، والمقطوع: ما أضيف إلى التابعي، والمنقطع: ما سقط من أثناء إسناده راوٍ أو أكثر لا على التوالي، والمرسل: ما رفعه التابعي للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والموصول والمتصل: بمعنىً واحد ما رواه..، أو ما تحمله كل راوٍ من رواته عمن فوقه بطريق معتبر، بحيث لا يسقط من إسناده شيء، المسند: المرفوع عند قوم، وهو المتصل عند آخرين، والمسلسل: ما تتابع رواته على هيئةٍ أو صفةٍ فعلية أو قولية، بحيث يلتزمها جميع رواته يكون مسلسلاً.
نعم بين الأذان والإقامة صلاة، وهي مندوبة.
على كل حال القرآن يسر، يسره الله -جل وعلا-، لكن قد يرتكب الإنسان من الموانع مما يجعل القرآن صعباً عليه عقوبةً له، وإلا فالأصل في القرآن أنه ميسر.
إذا فاتتك صلاة الفجر تبدأ بالنافلة ما لم تخشَ طلوع الشمس، إذا خشيت طلوع الشمس فاغتنم الوقت وصلِ الصلاة في وقتها أداءً ثم اقضِ النافلة.
جاهد، جاهد نفسك، جاهد ولا تترك، الترك ليس بعلاج، إنما جاهد نفسك لدفع الرياء.
يقول: وما الحل إذا كنت أنا أقرأ الموجودين في المسجد؟
على كل حال عليك أن تحمد ربك على هذه النعمة وتشكره، ولا تزدري الآخرين، فقد يكون شخص من عوام المسلمين لا يقرأ آيةٍ من القرآن وهو أفضل منك بكثير، لما وقر في قلبه من إيمان وتصديق، ولما عندك من إعجاب ورياء، فلا تغتر.
هذا بسطناه مراراً.
وما هي أوقات النهي؟
تقدم الكلام فيها بالتفصيل.
على كل حال المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- كله يأمر بإعفائها وإكرامها وإرخائها، وكان -عليه الصلاة والسلام- كث اللحية، وترى لحيته من خلفه، وتعرف قراءته باضطراب لحيته، ولا يمكن أن يكون هذا مع القبضة، وما جاء من أخذ ما زاد على القبضة من فعل ابن عمر ثابت، وعن بعض الصحابة وبعض السلف، لكن هذه الأفعال لا تعارض بها الأحاديث المرفوعة، والتجربة أثبتت أن المقص إذا دخل اللحية أفناها شيئاً فشيئاً.
لا، لا تسجد يا أخي.
الصلاة الثنائية هل فيها تشهد ثاني؟ ليس فيها تشهد ثاني، التشهد الثاني في الثلاثة والرباعية، أما الثنائية فليس فيها إلا تشهد واحد، والتورك في الثنائية كصلاة الصبح والنافلة يقول به المالكية؛ لأن التورك عندهم في كل تشهد، وإذا كان يعقبه سلام أيضاً يقول به الشافعية، أما المعروف عند الحنفية أنه لا تورك في الصلاة كله افتراش، وعند الحنابلة التفريق بين الأول والثاني، التشهد الأول افتراش والثاني تورك، وعليه يدل حديث أبي حميد.
لا تصلِ يا أخي، اجلس، أو انتظر حتى ترتفع ثم صلِ.