السائل يقول: إنهم مبتدؤون، والمبتدئ يبدأ بصغار العلم قبل كباره، ويقرأ ويحفظ ما ألَّفه العلماء لطلاب الطبقة الأولى من المبتدئين، فمثل هؤلاء يبدؤون بـ(الأربعين النووية)، ثم منها ينتقلون إلى (العمدة) للحافظ عبد الغني المقدسي، ثم بعد ذلك في المرحلة الثالثة ينتقلون إلى (البلوغ) أو (المحرر) حفظًا ودرسًا ومراجعة للشروح، وإذا حضروها على مَن يشرحها مِن أهل العلم كان هذا هو الأكمل وهو الأولى وهو الأصل، لكن إذا لم يتيسر لهم مَن يشرحها لهم فيحفظون المتن ويراجعون الشروح المسجلة والشروح المطبوعة، وإذا حضروا الدروس بواسطة الإنترنت والآلات والمسجلات -إذا لم يكن هناك مَن يتصدى لها في بلدهم- فإنهم ينتفعون كثيرًا، فإذا انتهوا من هذه الكتب أو هذه الطبقات التي هي أولًا: (الأربعون)، ثم (العمدة)، ثم (البلوغ) أو (المحرر) بعد ذلك ينتقلون إلى الكتب المسندة مثل: الصحيحين، فإذا اجتمعوا عليها وهم ستة –كما ذكر السائل- وقرأ واحدٌ هذا الباب وتناقشوا فيه، وإذا أشكل عليهم شيء سألوا عنه أو راجعوا الشروح عليه، فهذه طريقة نافعة بلا شك. والشيخ عبد القادر بن بدران وهو يشرح طريقته مع زملائه في تحضير الدروس قبل الحضور على الشيوخ، يقول: نحفظ المتن، ثم يَشرع كلُّ واحد منا بانفراده على شرح هذا المتن، فيأخذ القلم والورقة ويشرح هذا المتن بنفسه من دون مراجعة شروح، ثم بعد ذلك يقرؤون الشرح فيصححون ما وقعوا فيه من أخطاء وما فهموه على غير وجهه، ثم بعد ذلك يقرؤون ما كتب عليه من حواشٍ، ثم بعد ذلك يذهبون إلى الدرس وحضور شرح الشيخ، فيستكملون ما نقصهم بعد ذلك من علم الشيخ وتجاربه، هذه طريقة جدًّا نافعة.
يقول السائل: (فهل يجوز أن نجتمع لقراءة (صحيح البخاري) بحيث يقرأ كلُّ واحد منّا بابًا، ثم يقرأ الثاني وهكذا)؟ هذه اجتماع مدارسة للصحيح وليست قراءة جماعية، ويقول: (فهل في طريقة القراءة الجماعية محذور)؟ هذه ليس فيها شيء، يعني إذا قيل: الذكر الجماعي بدعة، وقراءة القرآن جماعةً من غير إرادة التعليم كما هو في الكتاتيب بمعنى أن مجموعة يقرؤون القرآن بصوت واحد لم ترد عن سلف الأمة ولا أئمتها، إنما الاجتماع لمثل هذا الذي ذكره السائل يُسمى مدارسة «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة..» [مسلم: 2699] إلى آخره، فهذا من هذا النوع، والله أعلم.