بلوغ المرام - كتاب الصلاة (33)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

يقول الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -رحمه الله-: "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "مضت السنة أن في كل أربعين فصاعداً جمعة" رواه الدارقطني بإسناد ضعيف"

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "مضت السنة أن في كل أربعين فصاعداً جمعة" رواه الدارقطني بإسناد ضعيف" ولا يكفي أن نقول: ضعيف، بل هو ضعيف جداً، وحكم بعضهم بوضعه، حكم بعضهم بوضعه؛ ولأنه من رواية عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي، قال أحمد: اضرب على أحاديثه فإنها كذب أو موضوعة، وقال النسائي: ليس بثقة، إلى غير ذلك من أقوال أهل العلم التي تدل على أنه لا يعتد به، ولا بما يروي، فالخبر ضعيف.

مسألة العدد هل هناك حد محدد للجمعة أو أن الجمعة كغيرها من الصلوات تقوم باثنين فقط إمام ومأموم خطيب ومستمع؟ فالمسألة خلافية بين أهل العلم، وصلت الأقوال فيها إلى أربعة عشر قولاً، وعلى كل حال المذهب عند الحنابلة والشافعية ما جاء في هذا الحديث الأربعين، وإن كان عمدة القول هذا الحديث التالف فلا يعتد به، ولا يعول عليه، منهم من قال: لا بد من إمام ومؤذن، ثم من يتجه إليه الخطاب بقوله: {فَاسْعَوْا} {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [(9) سورة الجمعة] الخطاب للواحد أو للجماعة؟ لجماعة {فَاسْعَوْا} يدخل في هؤلاء الجماعة الإمام والمؤذن أو الإمام دخل على المنبر والمؤذن يؤذن؟ يعني هل الإمام والمؤذن مطالبان بالسعي في هذه الآية؟ أولاً: المؤذن موجود؛ لأن هو الذي أذن {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ} لأن {فَاسْعَوْا}  معطوف على الأذان فهو غيره، فالمطالب بالسعي غير المؤذن، والمؤذن لا يؤذن حتى يدخل الإمام، فنحن بجماعة غير الإمام والمؤذن فسعوا، والخلاف في أقل الجمع معروف، أقل ما قيل فيه: اثنان،  {فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [(11) سورة النساء] يعني المراد اثنان،  لأن أقل الجمع اثنين، وقيل: أقل الجمع ثلاثة، وهو قول معتبر عند أهل العلم؛ لأن التثنية تقابل الجمع، إفراد وتثنية والجمع، فالجمع غير التثنية، وهذا هو الأصل، لكن يحتاج إلى القول بأن أقل الجمع اثنين في مثل آية المواريث، فمن قال: بأنه خمسة، وذهب بعضهم بأنه ثلاثة تقوم بهم الجمعة، ثلاثة تقوم بهم الجمعة؛ لأنه قد يخاطب ويأمر الواحد بلفظ الجمع، نعم قد يأمر الجمع {فَاسْعَوْا} ولو واحد الموجود، فالإمام والمؤذن موجودان، وهذا المأمور بالسعي، لكن لو قال قائل: إن الجماعة تتم بالإمام والمؤذن الجمعة؛ لأنه إذا لم يوجد من يسعى والإمام على المنبر والمؤذن يؤذن ماذا يصنع الإمام والمؤذن؟ ما وجد من يخاطب بالسعي، أو ما استجاب أحد، ينزل الإمام من المنبر ويصلون ظهر وإلا يكملون؟ يعني افترضنا أنه ما وجد من يتمثل هذا الأمر (اسعوا) ما هو بهذا الأمر (اسعوا) بعد حصول الأذان؟ يعني بعد مباشرة أسباب الصلاة والخطبة؟ بعد الشروع في مقدمتها، دخل الإمام وصعد المنبر وشرع المؤذن بالأذان ونودي الناس للصلاة ما وجد من يستجيب، ما في أحد، أو ما في إلا عصاة نسأل الله السلامة والعافية، ممن طبع الله على قلبه، دليل على أن أسباب الصلاة ومقدماتها بوشرت قبل حضور المطالبين بالسعي، المسألة فيها خلاف كبير، ومنهم من يقول: إن الجمعة شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، القصد منها إغاظة الأعداء باجتماع المسلمين، فإذا اكتمل عدد الذين تحصل بهم الإغاظة تشرع الصلاة، وهذا القول لا يضبطه ضابط، وأيضاً حتى الأربعين لا تحصل بهم الإغاظة، المقصود أنه ليس هناك حد، فيرجع في ذلك إلى العرف، يرجع في ذلك إلى العرف، والأقوال كثيرة، فإذا وجد جمع يستحقون أن يخطب بهم، يستحقون الخطبة، وتبين لهم الأخطاء، ويحثون على طاعة الله، أقيمت صلاة الجمعة وإلا فلا.

سم.

"وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات كل جمعة" رواه البزار بإسناد لين.

وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في الخطبة يقرأ آيات من القرآن، ويذكر الناس" رواه أبو داود، وأصله في مسلم"

هذا الحديث وهو أيضاً كسابقه ضعيف جداً، ضعيف جداً، بل متروك، يقول: "وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات كل جمعة" زاد في رواية الطبراني: "والمسلمين والمسلمات" "رواه البزار بإسناد لين" لكن هل يكفي أن يقال: لين وهو من راوية يوسف بن خالد السمتي عن أبيه؟ الأب متروك، ومتى يترك؟ إذا كان ضعفه شديد، أتهم بوضع مثلاً أتهم بالكذب مثلاً، فحش غلطه يترك، المقصود أن الحديث ضعيف جداً، ولو دعا واستغفر الخطيب للمؤمنين والمؤمنات ودعا للإسلام والمسلمين لا شك أن هذه من أهداف الخطبة؛ لأنها موطن دعاء؛ لأنها موطن دعاء، الخطبة موطن للدعاء، كما جاء في خطبة العيد: "يشهدن الخير ودعوة المسلمين" فدل على أن الخطبة تتضمن الدعاء.

ومنها هذا، لكن ليس اعتماداً على هذا الحديث، وقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: "بإسناد لين" قول لين، قول لين، الحديث الذي هو "عن جابر بن سمرة -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان في الخطبة يقرأ آيات من القرآن، ويذكر الناس" يقرأ من القرآن، ويذكر الناس "رواه أبو داود، وأصله في مسلم" وأصله في مسلم، والشارح يرى أن أصله حديث أم هشام بنت الحارث السابق التي تقول: "ما أخذت (ق) والقرآن المجيد -تقدم قريباً- "ما أخذت (ق) والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس" رواه مسلم، فهو من حيث الجملة مؤيد لحديث الباب يقرأ آيات من القرآن فـ(قاف) من القرآن، لكن هل هذا هو أصل حديث أبي داود؟ يعني لو اختلف الصحابي يسمى أصل لهذا الحديث؟ ما يسمى أصل، يسمى حديث أخر، يشهد له حديث أم هشام بنت حارثة، أما كونه أصل له، لا، الأصل فيما إذا كان في غير الصحيحين مثلاً بسط للحديث وتفصيل، ثم يكون في الصحيحين شيء من هذا الحديث عن نفس الصحابي، قطعة من الحديث، نعم يكون أصله في الصحيح، وعلى كل حال في صحيح مسلم "عن جابر بن سمرة كنت أصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكانت خطبته قصداً، وصلاته قصداً، وكان يقرأ شيئاً من القرآن" على كل حال هذا أصله من طريق نفس الصحابي جابر بن سمرة.

"كان في الخطبة يقرأ... القرآن" اشترط أهل العلم أن تشتمل الخطبة على آية أقل الأحوال، لا بد أن تشتمل على شيء من القرآن "ويذكر الناس" يعظهم ويوجههم ويرشدهم، ويذكرهم بما أمامهم، وما ينبغي أن يستعدوا به لما أمامهم، ومن أعظم ما يذكر به القرآن {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ} [(45) سورة ق] وبما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبأقوال العلماء –الأئمة- الموثوقين من سلف هذه الأمة وأئمتها، فهذه أهداف الخطبة، قراءة قرآن تبدأ بالحمد كعادته -عليه الصلاة والسلام- كما تقدم، ويصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويأتي بـ(أما بعد) وتشتمل على القرآن والتذكير، توجيه الناس وإرشادهم، وبيان ما يلاحظ عليهم، إلى غير ذلك، نعم.

"وعن طارق بن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: مملوك، وامرأة، وصبي، ومريض)) رواه أبو داود، وقال: لم يسمع طارق من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأخرجه الحاكم من رواية طارق المذكور عن أبي موسى"

يقول: "وعن طارق بن شهاب" طارق بن شهاب له رؤية، رأي النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم يثبت له سماع من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإذا ثبتت رؤيته للنبي -عليه الصلاة والسلام- فهو صحابي، إذا رآه مؤمن به، أما إذا رآه قبل أن يؤمن به ثم آمن بعده فيكون من كبار التابعين، من كبار التابعين؛ لأنه لا بد أن تكون رؤيته حال كونه مؤمن به؛ لتثبت له الصحبة، فطارق هذا رأي النبي -عليه الصلاة والسلام- وأدرك الجاهلية قبل البعثة، رأي النبي وليس له سماع منه -عليه الصلاة والسلام-، إن كان صحابياً وكان حال رؤيته للنبي -صلى الله عليه وسلم- مؤمن به فهو صحابي ولا إشكال، ولو لم يثبت له سماع من النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه حينئذٍ يكون مرسل صحابي، وحكمه الوصل، ونقل عليه الاتفاق.

أما الذي أرسله الصحابي

 

فحكم الوصل على الصوابِ

وفيه خلاف لبعض أهل العلم، لكنه شاذ، مراسيل الصحابة مقبولة، وإلا فكم من حديث ترويه عائشة -رضي الله عنها- سمعته بواسطة بعض الصحابة، وكم من حديث يرويه ابن عباس وهو من المكثرين، من المكثرين ابن عباس من رواية الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- دون واسطة، وقد صرح جمع من أهل العلم أنه لم يسمع من النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر من الأربعين، بل بالغ بعضهم قال: إنه لم يسمع إلا أربعة، لكن هذا ليس بصحيح.

ابن حجر يقول: "تتبعت مرويات ابن عباس فوجدت ما صرح به بالسماع من النبي -عليه الصلاة والسلام- مما صح أو حسن نحو أربعين" المقصود أن مثل هذا وهو مكثر بقية أحاديثه التي لم يسمعها من النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما سمعها بواسطة، وحينئذٍ تكون من مراسيل الصحابة، ومراسيل الصحابة لا إشكال في قبولها.

البيهقي يقول: هذا مرسل جيد، فطارق من خيار التابعين، وممن رأى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولم يسمع منه، ولحديثه هذا شواهد، المقصود أن الحديث تقوم به الحجة، تقوم به الحجة، فأقل أحواله أنه بشواهده صحيح، يعني صحيح لغيره "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الجمعة -يعني صلاة الجمعة- حق واجب)) تقدم بيان حكمها، وأنها فرض عين على كل من لم يستثن مما ذكر من هذا الحديث، يعني مجموع من استثني ممن لا تجب عليه ستة ((الجمعة حق واجب كل مسلم في جماعة)) يعني الجمعة لا تصح فرادى، إنما لا بد أن تكون في جماعة ((إلا أربعة: مملوك)) لأنه منشغل بأمور سيده، مملوك مشغول بحقوق سيده، ولا شك أن انشغاله بالجمعة يفوت على سيده بعض حوائجه، فالمملوك مستثنى بهذا، وداود الظاهري يقول بوجوب صلاة الجمعة على المملوك لأنه داخل في عموم قوله -جل وعلا-: {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [(9) سورة الجمعة] وهو داخل في هذا العموم، لكن ولو دخل في هذا العموم يكون الحديث مخصص للآية، مخصص للآية، هذا من حيث اللزوم، لكن لو حضرها المملوك أذن له سيده وحضر الجمعة، لا شك أنها تجزئه مملوك وامرأة، والمرأة مجمع على عدم وجوب الجمعة عليها، المملوك الذي يعتد بقول داود لا يحكي الإجماع، لكن الذي لا يعتد بقول داود يقول: المملوك مجمع عليه، لم يخالف إلا داود، وذكرنا مرراً أن النووي -رحمه الله- في شرح مسلم يقول: "ولا يعتد بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد" فالذي لا يعتد بقول داود ينقل الاتفاق، لكن الذي يعتد بقول داود وهو إمام من أئمة المسلمين نعم عنده أمور لا يرى القياس، فإذا كانت المسألة عمدتها القياس لا يعتد بقوله، لكن إذا كان عمدتها نصوص يعتد بقوله؛ لأنه إمام من أئمة المسلمين، ومن أهل النظر.

((والمرأة)) أيضاً مجموعون على عدم وجوب الجمعة عليها، والشافعي -رحمه الله تعالى- يقول: يستحب للعجائز حضور الجمعة بإذن الزوج، ونقل عنه القول بالوجوب، لكن أصحابه لا يعرفون إلا القول بالاستحباب، ومسألة الجمعة وحضور النساء للخطبة وإفادتهن لا شك أنه أمر مطلوب، لكن ليس بواجب، على ألا يرتكبن محظوراً أثناء خروجهن، مع الأسف أن بعض النساء من حرصها على الخير تجيب النداء تخرج إلى الجمعة، وتخرج إلى التهجد والتراويح وغيرها، لكن ترتكب بعض المحظورات إما جهلاً وإما تساهلاً، تخرج مع سائق أجنبي إلى صلاة التهجد، هذا تناقض هذا، تخرج متطيبة إلى صلاة الجمعة، هذا لا شك أنه إما جهل وإما تناقض، فعلى المرأة إذا أرادت أن تحضر الجمعة وإلا فالأصل أنه ليس عليها جمعة أرادت أن تحضر الخير ودعوة المسلمين أن تخرج من غير فتنة واستشراف ونظر للرجال أو تعريض للرجل بالنظر إليها، وإذا كان هذا بالنسبة للجمعة فأمر العيد أكد، فأمر العيد أكد، في حديث أم عطية: "أمرنا أن نخرج العواتق والحُّيض وذوات الخدود إلى صلاة العيد يشهدن الخير ودعوة المسلمين" هذا أمر، حتى قال بعضهم بوجوب خروج المرأة إلى صلاة العيد، لكن يلاحظ ما ذكر، درء المفاسد مقدم على جلب المصالح،

إذا كانت بحيث يفتتن الرجال بها قد..، عليك القرار في بيتك، والله المستعان.

((وامرأة وصبي)) الصبي أيضاً متفق أنه لا جمعة عليه، الصبي الصغير الذي لم يكلف يعني من حيث الوجوب كغيرها من واجبات الإسلام، لم يكلف بعد، لكن يأمر بحضورها، ويأمر بالصلاة، ويأمر بالصيام إذا أطاقه تمريناً له على الطاعة، ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع)) ليمرن، أم من حيث الوجوب وكونه يأثم بعدم الحضور لا، وهذا متفق عليه.

((ومريض)) مريض لا يجب عليه حضور الجمعة إذا كان يتضرر بالحضور، تحلقه مشقة شديدة، أو يتأخر برؤه، أو يزيد مرضه، مثل هذا لا تجب عليه الجمعة؛ لأن الله -جل وعلا- لا يكلف الإنسان إلا ما يطيق {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [(16) سورة التغابن] لكن بعض الناس ويوجد هنا في مثل هذا المسألة ناس أهل تحري فتجد الإنسان في غاية المشقة، في غاية الحرج، في مرض شديد وآلام ومع ذلك لا يترك الجمعة، وبعض الناس لأدنى شيء، لأدنى مرض يعذر نفسه ويصلي في البيت، مسألة تساهل بالشعائر خلاف ما ذكره الله -جل وعلا- في قوله: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [(32) سورة الحـج] نعم لا شك أن التحامل على النفس والحضور مع شيء من المشقة، لا أقول: مشقة شديدة بحيث يتأذى بها الإنسان هذا من تعظيم شعائر الله، وكان الرجل من الصحابة يؤتى به يهادى بين الرجلين ليحضر الصلاة، والله المستعان.

ويبقى أن الدين دين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، لا يحمل الإنسان ما لا يطيق، لكن أيضاً بالمقابل الإنسان لا يترخص لنفسه بأدنى رخصة، فيتنصل بذلك عن فعل الواجبات.

((ومريض)) رواه أبو داود، وقال: لم يسمع طارق من النبي -صلى الله عليه وسلم-" وأخرجه الحاكم من رواية طارق عن أبي موسى، فبانت لنا الواسطة، وأن طارقاً رواه عن صحابي، فهو إن قلنا: إن طارق صحابي فلا إشكال ولو لم نعرف الواسطة، وإن قلنا: إنه تابع وعرفنا الواسطة ارتفع الإشكال، على أن كبار التابعين مراسليهم تختلف عن مراسيل غيرهم، هي أولى بالقبول من غيرها من المراسيل، أولى بالقبول من غيرها من المراسيل من أوساط التابعين فضلاً عن صغارهم، والشافعي -رحمه الله- يحتج بمراسيل كبار التابعين لكن بشروط اشترطها، نعم.

"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس على مسافر جمعة)) رواه الطبراني بإسناد ضعيف"

هذا الحديث يضاف إلى ما تقدم، وهو أيضاً نظيره، يعني يصح بشواهده.

"عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس على مسافر جمعة)) رواه الطبراني" يعني في الأوسط "بإسناد ضعيف" لأن في إسناده عبد الله بن نافع، وهو ضعيف، لكن له شواهد، له شواهد يصل بها إلى درجة القبول، فيضاف المسافر إلى الأربعة الذين ذكروا في حديث طارق، فمن لا تلزمهم الجمعة يجتمع من النصوص: المملوك، والمرأة، والمريض، والمسافر، فليس على المسافر جمعة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في جميع أسفاره لم يثبت أنه جمع فيها، صلى فيها الجمعة، يوم عرفة هو يوم جمعة بالنسبة له –عليه الصلاة والسلام- هل صلى الجمعة أو صلى الظهر والعصر جمع تقديم بنمرة؟ نعم ما صلى جمعة، صلى الظهر والعصر، فالمسافر ليس عليه جمعة، وأضاف أهل العلم سادساً وهم أهل البادية، ولذا يتشرط كثير من أهل العلم لوجوب الجمعة أن يكونوا مستوطنين، أهل استقرار واستيطان في مكان تمر عليهم فيه الفصول الأربعة، ليس من الرحال، الفصل في مكن هؤلاء بادية، والمقصود بالبادية الذين ينتقلون من مكان إلى مكان تبعاً للرعي وأماكن الخصب بخلاف أهل القرى والأمصار الثابتين في أمكانهم المستقرين.

"وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا" رواه الترمذي بإسناد ضعيف، وله شاهد من حيث البراء عند ابن خزيمة"

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا" يعني الجميع يستقبل الخطيب بوجه، سواء كان في وسط الصفوف أو في أطرافها على مقتضى هذا الحديث.

يقول: "رواه الترمذي بإسناد ضعيف" جداً لا يكفي أن يقال: بإسناد ضعيف، بل هو ضعيف جداً؛ لأن فيه محمد بن الفضل بن عطية شديد الضعف، بل كذبه بعضهم "وله شاهد من حديث البراء عند ابن خزيمة" وهو أيضاً عند البيهقي حديث البراء عند البيهقي، فهو بشاهده إذا قيل: ضعيف لا بأس، يعني بشاهده، وإن كان الأصل ضعيف جداً لا يعتبر به ولا يعول عليه، لكن حديث البراء صححه ابن خزيمة، وأخرجه البيهقي، المقصود أن هذه المسألة قال فيها الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يستحبون استقبال الإمام إذا خطب، وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق يستحبون استقبال الخطيب عملاً بحديث الباب على ضعفه، ولما يشهد له من حديث البراء وعمل الصحابة، وهو اختيار سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، على كل حال من عمل به لأنه عمل هؤلاء المتقدمين فلا بأس، ومن تكره باعتبار أن الخبر لا تقوم به حجة فهو ضعيف حتى أن ضعفه لا يقبل الإنجبار، ضعفه شديد، نعم.

"وعن الحكم بن حزن -رضي الله عنه- قال: "شهدنا الجمعة مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فقام متوكئاً على عصا أو قوس" رواه أبو داود"

"عن الحكم بن حزن" من مسلمة الفتح، مخزومي "قال: شهدنا الجمعة" يعني صلاة الجمعة "مع النبي الله -صلى الله عليه وسلم-" صلاة الجمعة وخطبتها "شهدنا الجمعة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام متوكئاً على عصا أو قوس" رواه أبو داود" ورواه أيضاً أحمد في المسند، وهو حديث لا بأس به، إسناده حسن، إسناده حسن، فاعتماداً على مثل هذا نص الفقهاء على أنه يستحب للخطيب أن يعتمد على عصا أو أو قوس سيف، بعضهم قال: يعتمد على السيف، ويعللون هذا بالإشارة إلى أن الإسلام انتشر بالسيف، فالفقهاء يقولون هذا، النبي -عليه الصلاة والسلام- توكأ على عصا أو قوس، وجاء في بعض الأخبار أنه كان يعتمد على عنزة، لكن لم يحفظ عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه توكأ على سيف، يقول ابن القيم: "وكان أحياناً يتوكأ على قوس، ولم يحفظ عنه أنه توكأ على سيف، وكثير من الجهلة يظن أنه كان يمسك السيف على المنبر إشارة إلى أن الدين إنما قام بالسيف، وهذا جهل قبيح.

الدين انتشر بالدعوة، انتشر بالدعوة، وانتشر أيضاً مما انتشر به الفتوح إنما كانت بالجهاد، لكن لا يتعين الجهاد لنشر الإسلام، يعني الجهاد باب من أبواب النشر، وفعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفعله أصحابه، نشروا الدين بالجهاد، أما أن يكون السيف هو الوسيلة الوحيدة لإخضاع الناس للدين كثير من الناس دخلوا في دين الله أفواجاً من غير سيف، وإلى وقتنا هذا يسلم من يسلم من الكفار بغير سيف، ويسلم من يسلم منهم بغير دعوة؛ لأنه دين الفطرة، ولا يعني هذا أنه يقلل من شأن الجهاد لا، الجهاد باب من أبوب نشر الدين، من أبواب نشر الدين الدعوة، من أبواب نشر الدين القدوة الصالحة، كما حصل بالنسبة لكثير من التجار المسلمين، من أسباب انتشار الدين ملائمته للفطرة، ومطابقته للعقل، ويحضرنا الآن قصتان: في الأيام الأخيرة أسلم غسال أمريكي بدون دعوة، فسأل عن السبب، قال: إذا جاءتني الثياب ثياب المسلمين نظيفة رائحتها طيبة، وإذا جاءت ثياب غيرهم جاءت نجسة قذرة، رائحتها كريه؛ لأن الإسلام الدين دين طهارة، دين استنجاء واستجمار ووضوء، يختلف عن غيره.

وأسلم هندوسي من الهند بدون دعوة، وجاء ليعلن إسلامه، فسألوه عن السبب ما سبب إسلامك؟ هل دعاك أحد؟ قال: أبداً ما دعاني أحد، إيش السبب؟ قال: إن أمه ماتت وعندهم في ديانتهم أن من مات يحرق، فذهب بأمه -وهذا من البر بها عندهم- فجمع لها الحطب الكثير بعد أن كفنها لفها ووضعها في النار، أوقد عليها النيران، يقول: فجاءت النيران فأكلت الكفن فقط، ولم تمس البدن، فظهرت أمه عارية تماماً أمام الناس، فجمع عليها حطب ثاني وزاد عليها من أسباب الاشتعال وأشعلها وأوقدها، ثم جاء يعلن أسلامه لماذا؟ لأن المسلمون إذا مات فيهم الميت طهروه ونظفوه وصلوا عليه ودفنوه في حفرة من غير أن ترى عورته ومن غير..، دين عظيم، أما كونه انتشر بالسيف لا يعني أنه انتشر بالسيف فقط، ولا يعني أن السيف ليس بوسيلة، لا الجهاد شرع مقرر في دين الله، ماضٍ إلى قيام الساعة بعز عزيز وذل ذليل، شريعة هذه ما هي بمسألة لعب، فريضة من فرائض الإسلام، ذروة سنام الإسلام، لكن لا يعني أن الدين انتشر بالسيف فقط، انتشر بالدعوة من الدعاة المحققين المخلصين، انتشر أيضاً بالقدوة الصالحة من التجار المسلمين الذين جابوا الأقطار، ورأى الناس منهم الصدق في المعاملة والاضطراد في الحياة ولا تناقض ولا شيء.

من أهل العلم من يرى أن الاعتماد على القوس أو العصا إذا خطب على الأرض فقط، أما إذا خطب على المنبر فلا، ولذا يقول الألباني -رحمه الله تعلى- ضمن كلام طويل: الظاهر من تلك الأحاديث أن الاعتماد على القوس والعصا قوس إذا خطب على الأرض؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- كان يخطب على الأرض فلما كثر الجمع قيل له: لو اتخذت منبراً؟ كان يستند إلى الجذع، وهذا ذكرناه في درس مضى، نعم.

باب: صلاة الخوف:

"عن صالح بن خواتٍ عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صلت معه وطائفة وجاه العدو، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ثبت قائماً، وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو".

وِجَاه.

"ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم ثم سلم" متفق عليه، وهذا لفظ مسلم، ووقع في المعرفة لابن منده: عن صالح بن خوات عن أبيه"

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة الخوف" باب: صلاة الخوف، الخوف: هو ضد الأمن، الذي أشرنا إليه، والخوف ابتلاء من الله -جل وعلا-، ابتلاء من الله -جل وعلا- وامتحان واختبار؛ لكي يراجع الناس دينهم، ويقلعوا عما ارتكبوه من المعاصي، وهو عقوبة دنيوية وعقوبة الآخرة أشد، فإذا لم يقلع الناس بهذه العقوبة عما اقترفوه واجترحوه من المعاصي جمع الله لهم بين هذا وبين عقوبة الآخرة، نسأل الله السلامة والعافية.

لكن إذا راجعوا دينهم لا شك أن الله -جل وعلا- يكشف عنهم الخوف ويبسط عليهم الأمن، وهو من باب إضافة إيش؟ صلاة الخوف يعني الصلاة التي سببها الخوف، من إضافة المسبب إلى سببه، من إضافة المسبب إلى سببه، وصلاة الخوف ثبتت في الكتاب والسنة، وجماهير أهل العلم على أنها ثابتة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى قيام الساعة، وأبو يوسف صاحب أبي حنيفة يرى أنها لا تفعل إلا مع النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن غير النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس عنده من الميزة في الإمامة بحيث يفرط في ببعض أفعال الصلاة، يعني بدلاً من أن تصلى صلاة الخوف على شيء من النقص في الصلاة على ما سيأتي في صورها تصلى كاملة تامة في أكثر من إمام، وينتهي الإشكال، ويستدل بقوله -جل وعلا-: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ} [(102) سورة النساء] إذا كنت فيهم, فالخطاب موجه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكونه فيهم في الآية يوحي بأنه شرط، لكن خطاب النبي -عليه الصلاة والسلام- خطاب له ولأمته، بدليل قوله -جل وعلا-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] هل معنى هذا أن غيره لا يؤخذ صدقة من الناس؟ ما يأخذون الزكاة؟ ما يجبون الزكوات؟ من يقوم مقامه من الأئمة ما يجبي الزكاة؟ لا، وأيضاً فعلها الصحابة بعده -عليه الصلاة والسلام-، فدل على أن تشريعها قائم إلى قيام الساعة، وهي أيضاً شرعية صلاة الخوف من أعظم الأدلة على وجوب صلاة الجماعة، من أعظم الأدلة على وجوب صلاة الجماعة كيف؟ صلاة الخوف إنما شرعت من أجل الحفاظ على الجماعة، فإذا كانت الجماعة واجبة في مثل هذا الظرف وهو الخوف في مواجهة الأعداء في الجهاد مع التنازل عن بعض الواجبات في الصلاة، واشتمال صلاة الخوف على ما يبطلها لو كانت في حالة الأمن، لا شك أن العناية بهذه الفريضة أعني الجماعة في مثل هذا الظرف لا شك أنه يدل على اهتمام شديد من الشارع ففي حال الأمن من باب أولى.

"عن صالح بن خوات" بن جبير بن النعمان الأنصاري، تابعي، سمع أباه خوات من جبير، وسمع سهل بن أبي حثمة وسمع جمع من الصحابة.

"عن صالح بن خوات -رضي الله عنه- عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" عمن صلى صالح بن خوات يروي الخبر عمن صلى، الذي صلى هذا صحابي وإلا ليس بصحابي؟ إذاً يرويه عن صحابي، صحابي معروف وإلا مبهم؟ لا في هذا النص مبهم، جهالة الصحابي تضر وإلا ما تضر؟ ما تضر إذاً الحديث صحيح، عرفنا من صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عرفنا الواسطة أو لم نعرف "عمن صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم-" جاء تعيين هذا المبهم في صحيح مسلم: عن صالح بن خوات بن جبير عن سهل بن أبي حثمة، فصرح بمن حدثه في رواية مسلم، وجاء في المعرفة لابن منده: عن صالح بن خوات عن أبيه، عن صالح بن خوات عن أبيه، ولا يبعد أن يروي صالح بن خوات الخبر عن الاثنين، مرة عن أبيه ومرة عن سهل بن أبي حثمة، ومرة يبهم؛ لأنه الخبر تقوم به الحجة على أي حال كان حتى مع الإبهام مادام أن المبهم صحابي، ابن حجر رجح أن يكون المبهم أبوه خوات بن جبير، والذي في صحيح مسلم يرويه صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة، وعلى كل حال سواء كان هذا أو ذاك أو لم نعرفه البتة فالأمر لا يختلف، إبهام الصحابي لا يضر، وصالح بن خوات يرويه مباشرة دون واسطة عن صحابي.

"عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم ذات الرقاع" وهي غزوة وقعت في مكان من نجد بأرض غطفان، ذات الرقاع سميت بذلك لأن أقدامهم نقبت من الحفاء، فلفت عليها الرقاع يعني الخرق، أو لأن راياتهم مرقعة، أو لأن الأرض هناك ذات ألوان كأنها خرق مرقعة، أو لجبل هناك فيه أكثر من لون، المقصود أن أولى ما يعتمد عليه هو أصح ما ذكر في الباب أن أقدامهم نقبت من الحفاء فلفت بالرقاع بالخرق، وهذه الغزوة كانت في قول جمهور أهل السير في السنة الرابعة من الهجرة، في السنة الرابعة من الهجرة، وصلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هذه الصلاة في هذه السنة الرابعة، وإذا كانت السنة الرابعة تكون قبل الخندق أو بعد الخندق؟ قبل الخندق، وثبت أن البني -عليه الصلاة والسلام- في الخندق حبس عن الصلوات، وأدى الصلوات بعد خروج وقتها، فلو كانت صلاة الخوف مشروعة ما أخر الصلوات عن وقتها، وهذا ما يجعل الإمام البخاري وابن القيم يجزمان بأن غزوة ذات الرقاع بعد الخندق؛ لأن لو أن صلاة الخوف شرعت قبل الخندق ما أخر الصلوات عن وقتها، يصلها بعد غروب الشمس أربع صلوات يصلها بعد غروب الشمس، كان يصلي كل صلاة في وقتها على هذه الطريقة.

من أهل العلم من يرى أنه للتوفيق بين هذه النصوص أن يقول: إن صلاة الخوف لا تفعل إلا في السفر والخندق في الحضر، ما نفعل صلاة الخوف في الحضر، والمانع له -عليه الصلاة والسلام- من الصلاة على هذه الكيفيات في الخندق هو كونه في الحضر، لكن أيضاً الصلاة في الحضر لا مبرر لتأخير الصلوات عن وقتها، يعني كونهم يصلون فرادى أو جماعات كثيرة كل صلاة في وقتها، أو يجمعون في الحضر لا بد أن تكون كل صلاة في وقتها ولو فرادى أيسر من تأخير الصلوات عن وقتها، لكن قد يكون الأمر أعظم من أن يصلي كل إنسان بمفرده، والخوف أشد من أن تصلى كل صلاة في وقتها، وهذا ما حصل في عهده -عليه الصلاة والسلام- حيث حبسه العدو، على كل حال الإمام البخاري يرجح أن غزوة ذات الرقاع بعد الخندق وكذلك ابن القيم, ويقول....... بأن صلاة الخوف تفعل في السفر الحضر، ولا معارضة بين هذا وبين ما حصل في عهده -عليه الصلاة والسلام- في غزوة الخندق.

"يوم ذات الرقاع صلاة الخوف، أن طائفة صلت" في المسلم: "صفت"، "معه وطائفة وجاه العدو" يعني في مواجهة العدو، في مقابلته للحراسة، طائفة صفت مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، يقسم الجيش إلى قسمين إلى طائفتين، والطائفة: القطعة من الجيش، وأقل ما تطلق عليها الطائفة واحد فتصح صلاة الخوف بثلاث إمام ومأموم وحارس، فصلى بالطائفة التي صلت معه، والطائفة الأخرى تحرس وجاه العدو، في مواجهة العدو، في مقابلته "فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائماً" كبر للإحرام بالطائفة الأولى، ثم قرأ، ثم ركع، ثم رفع، ثم سجد سجدتين، ثم قام إلى الثانية "ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم" أثناء قيامه -عليه الصلاة والسلام- وعلى هذا يكون قد أطال القيام لتدرك الطائفة الثانية التي تحرس هذه الركعة أطال القيام -عليه الصلاة والسلام-، هؤلاء لما أطال القيام أتموا لأنفسهم "ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو" يعني في مقابلة العدو، في مكان إخوانهم، وجاء إخوانهم الطائفة الأخرى فصلى بهم النبي –عليه الصلاة والسلام- الركعة التي بقيت، الركعة التي بقيت، صلى بالطائفة الأولى ركعة، ثم أتموا لأنفسهم، ثبت قائماً في الركعة الثانية، جاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم هذا الركعة "فثبت جالساً ثم أتموا لأنفسهم" وأطال الجلوس للتشهد حتى أتموا لأنفسهم، "ثم سلم بهم" وهذا من تمام العدل، من تمام عدله -عليه الصلاة والسلام-، لو نظرت إلى الصلاة صلاة الطائفتين لوجدت أن كل من الطائفتين أخذ نصيبه من النبي -عليه الصلاة والسلام- بقدر ما أخذت الطائفة الأخرى من غير زيادة، نعم حصّل هؤلاء تكبيرة الإحرام، وهؤلاء حصلوا على السلام، وكلاهما ركن "ثم سلم بهم" متفق عليه" وهذا لفظ مسلم، ووقع في المعرفة لابن منده معرفة الصحابة كتاب لابن منده، ومنده بالهاء في الوقف والدرج كابن داسه وابن ماجه، عن صالح بن خوات عن أبيه وفيه تعيين المبهم، وهذا الصورة تسلك إذا كان العدو في غير جهة القبلة، في غير جهة القبلة، بحيث يحتاجون إلى حراسة، وعلى كل حال صلاة الخوف ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من أوجه، ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من أوجه ستة أو سبعة كما قال الإمام أحمد -رحمه الله-، وأوصلها بعضهم إلى أربعة عشر وجهاً، على كل حال هي ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على أوجه، وكلها صحيحة، كل الصور صحيحة الستة أو السبعة التي أشار إليها الإمام أحمد، وعلى الإمام أن يفعل من الصور الأحوط للصلاة، الأبلغ في الحراسة، الأحوط للصلاة والأبلغ للحراسة.

الخوف لا أثر له في القصر، القصر معلق بالسفر، فالخوف كان سبب في القصر وارتفع السبب {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] نعم هذا كان الأصل في مشروعية القصر، لكنه ارتفع الخوف وثبت الحكم، فصار القصر صدقة تصدق الله بها على عباده، هذا إذا كانت الصلاة ثنائية أما إذا كانت ثلاثية فيثبت الإمام ويطيل التشهد الأول وتنصرف الطائفة الأولى؛ لأن الركعة لا يمكن قسمتها ركعة واحدة، نعم لا يمكن قسمتها إلى قسمين، أما الرباعية فيستمر في التشهد الأول كالثلاثية.

"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "غزوت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل نجد فوازينا العدو فصاففناهم، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بنا، فقام طائفة معه، وأقبل طائفة على العدو وركع بمن معه، وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاءوا فركع بهم ركعة، وسجد سجدتين ثم سلم، فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين" متفق عليه، وهذا لفظ البخاري"

نعم هذه صورة من صور صلاة الخوف، وهي كسابقتها في الصحيحين من حديث "ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "غزوت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل نجد -يعني جهة نجد- فوازينا العدو -أي قابلناهم- فصاففناهم -صفوا صفاً واحداً في وجاه العدو للقتال- فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بنا" وفي رواية: "يصلي لنا"، "فقام طائفة معه وأقبل طائفة على العدو، وركع بمن معه وسجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل" هذه الصورة توافق الصورة التي تقدمت من وجه وتخالفها من وجه، توافق الصورة السابقة في كونه قسم الجيش إلى قسمين، وبكونه صلى بالطائفة الأولى ركعة كاملة، لكن تخالفها في كون الطائفة الأولى لم تتم لنفسها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته، بل انصرفوا يحرسون، صلوا ركعة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم انصرفوا يحرسون وهم في صلاة، صلاتهم ما تمت، "فقامت طائفة معه واقبل طائفة على العدو، وركع بمن معه وسجد سجدتين، ثم انصرفوا" يحرسون، يعني "مكان الطائفة التي لم تصل" وهم في صلاة، ما كملت صلاتهم، فجاءوا فركع بهم الطائفة الثانية "جاءوا فركع بهم ركعة وسجد سجدتين ثم سلم" بهم "فقام كل واحد منهم" كل واحد من الطائفتين هذا الأصل، كل واحد من الطائفتين ما تمت صلاته واضح وإلا ما هو بواضح؟ كل واحد من الطائفتين بقي له ركعة "فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين" متفق عليه"

هذا يوحي بأن الطائفتين جاءوا بالركعة الثانية في وقت واحد؛ لأن اللفظ يحتمل "فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة، وسجد سجدتين" والاحتمال الثاني أن يكون فقاموا كل واحد منهم من الطائفة الثانية أقرب مذكور فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين ثم سلم، وذهبوا للحراسة، ثم أتمت الطائفة الأولى ركعتها الباقية، فالذي يظهر من الحديث ويؤيده كون الضمير لأقرب مذكور أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها، جاءت بالركعة الثانية بعد سلامه -عليه الصلاة والسلام-، أما الطائفة الأولى فلم تصل الركعة الثانية حتى استلمت الطائفة الثانية الحراسة، من أهل العلم من يرى أن هذه الصورة يمكن أن تؤدى بأن تصلي طائفة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- ركعة ثم ينصرفوا للحراسة، ينصرفوا للحراسة، ثم تأتي الطائفة الثانية فيصلي بهم ركعة، ثم ينصرفوا للحارسة وهم في صلاتهم كالأولى، ثم تأتي الطائفة الأولى لتتم الصلاة، نعم فإذا تمت الطائفة الأولى صلاتها بما بقي من الركعة الأخيرة من الركعتين، ثم بعد ذلك تعود الطائفة الثانية لتصلي على الولاء كذا، يعني على التعاقب، لكن ظاهر الحديث يدل على أنهم..، أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها، بعد ما سلم جاءت بالركعة ثم بعد ذلك ذهبوا للحراسة، وهذا كأنه أقل في الحفاظ على أصل الصلاة، أما كونهم وهو الاحتمال الأول يصلون كلهم الركعة الثانية في آن واحد، واللفظ يحتمله، فقام كل واحد منهم يعني من الطائفتين، لكن هذا وإن احتمله اللفظ، أولاً: هو الاحتمال المرجوح ومع ذلك يلزم عليه تضييع الحراسة تضييع الحراسة، وصلاة الخوف إنما شرعت من أجل الحراسة والاحتياط، نعم.

"وعن جابر -رضي الله عنهما- قال: "شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف، فصفنا صفين، صف خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وكبرنا جمعياً، ثم ركع وركعنا جميعاً، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى السجود قام الصف الذي يليه فذكر الحديث.

وفي رواية: "ثم سجد وسجد معه الصف الأول، فلما قاموا سجد الصف الثاني، ثم تأخر الصف الأول وتقدم الصف الثاني فذكر مثله، وفي أخره: ثم سلم النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلمنا جمعياً" رواه مسلم.

ولأبي داود عن أبي عياش الزرقي مثله، وزاد أنها كانت بعسفان"

حديث جابر -رضي الله عنه- في صورة من صور صلاة الخوف، وهي فيما إذا كان العدو بين المسلمين والقبلة، والحراسة تكون حينئذٍ ممكنة أثناء الصلاة، أثناء الصلاة الحراسة ممكنة، يقول: "شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف فصفنا صفين" صف مقدم وصف مؤخر، صف أول وصف ثاني، "صف خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والعدو بيننا وبين القبلة" هذه الصورة تختلف عن سابقتيها، لا يحتاجون إلى من يحرس، ولا يدخل في الصلاة هم يحتاجون من يحرس وهو داخل الصلاة؛ لأن العدو في جهة القبلة "صف خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وكبرنا جميعاً" كبر الصف والأول والثاني الحراسة ممكنة كلهم دخلوا في الصلاة "ثم ركع وركعنا جمعياً" الحراسة ممكنة في حال الركوع "ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً، ثم انحدر بالسجود" ثم انحدر -عليه الصلاة والسلام- للسجود، هوى للسجود "والصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في نحر العدو" للحراسة، يعني من غير أن يسجدوا معه -عليه الصلاة والسلام-، إنما ثبتوا قياماً للحراسة، سجد انحدر بالسجود والصف الذي يليه، إعراب والصف؟ نعم معطوف علي إيش؟ فاعل انحدر، يجوز العطف في هذه الطريقة؟ ما نقول: انحدر هو؟ الضمير المستتر ما في إشكال، لكن يجوز العطف على الضمير المستتر المرفوع بهذه  الطريقة؟

وإن على ضمير رفع متصل

 

عطفت فافصل بالضمير المنفصل

فافصل بالضمير المنفصل، قل: انحدر هو والصف الذي يليه، لكن التعبير الذي معنا صحيح وإلا غير صحيح؟

طالب:.......

نعم؟ كيف؟

طالب:.......

لا، لا، معطوف معطوف على الضمير في انحدر، انحدر وانحدر الصف الذي يليه.

وإن على ضمير رفع متصل

 

عطفت فافصل بالمضير المنفصل

ج

لا يجوز أن تقول: انحدر والصف، لكن هنا حصل الفصل بالجار والمجرور، ولذا يقول: "أو فاصل ما" أي فاصل, وهنا حصل الفصل بالجار والمجرور.

أو فاصل ما و بلا فصلٍ يرد   

 

في النظم  فاشياً وضعفه اعتقد

ج

فالفاصل هنا موجود وهو "بالسجود"، "ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وقام الصف المؤخر في نحر العدو" ما سجدوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، طيب سجد النبي –عليه الصلاة والسلام- سجدتين فاتهم ركنين أو ثلاثة أركان الصلاة صحيحة وإلا باطلة؟ يعني لو كان في حال سعة في حال أمن انقطع الصوت وثبتوا قائمين إلى أن قام إلى الركعة الثانية انشبك الصوت صار الركعة صحيحة وإلا باطلة؟ باطلة؛ لأنهم فاتهم أركان مع الإمام، فاتهم ثلاثة أركان، لكن هذه صلاة خوف يتجاوز فيها ما لا يتجاوز في صلاة الأمن، "وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى السجود قام الصف الذي يليه.. فذكر الحديث"، وفي راوية: "ثم سجد وسجد معه الصف الأول، فلما قاموا سجد الصف الثاني ثم تأخر الصف الأول وتقدم الصف الثاني" ليفعلوا في الركعة الثانية مثل ما فعلوا في الركعة الأولى، ما الداعي إلى التقدم والتأخر؟ لتمام العدل، ليتم العدل بين الصف الأول والثاني، يعني لو فعلوا في الركعة الثانية مثل ما فعلوا في الركعة الأولى صار الصف الثاني مظلوم، صلاة أرباب الصف الأول تامة، فكونهم يتقدمون إلى الصف الأول ويحزون فضيلة الصف الأول بعد أن كانوا في الصف الثاني لا شك أن هذا من تمام عدله -عليه الصلاة والسلام-، "وفي أخره: ثم سلم النبي -عليه الصلاة والسلام- وسلمنا جميعاً" نعم لأنهم في حال القيام، وفي حال الركوع في حال الجلوس لا يحتاجون إلى حراسة؛ لأن العدو في جهة القبلة، أما في حال السجود وهي التي حصل فيها الاختلاف مع صلاة الأمن يحتاجون إلى الحراسة، فمثل هذه الصورة تفعل فيما إذا كان العدو في جهة القبلة، أما إذا كان العدو في غير جهة القبلة فالصورتان السابقتان وغيرهما من الصور.

يقول: "ولأبي داود عن أبي عياش الزرقي -رضي الله عنه- مثله" مثل رواية جابر، لكنه زاد في تعيين محل الصلاة، متى كانت هذه الصلاة التي شهدها جابر؟ كانت بعسفان، وهو موضع على مرحلتين من مكة، موضع على مرحلتين من مكة، يعني مسافته مثل الطائف عن مكة، ومثل جدة عن مكة، نعم.

"وللنسائي من وجه آخر عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بطائفة من أصحابه ركعتين، ثم سلم ثم صلى بآخرين أيضاً ركعتين ثم سلم.

ومثله لأبي داود عن أبي بكرة"

بكرة وإلا بكر؟

طالب: عندي بكرة

 طيب، يقول -رحمه الله تعالى-: "وللنسائي من وجه آخر عن جابر" في قصة أخرى؛ لأنها تختلف عن الصورة السابقة "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بطائفة من أصحابه ركعتين" ثم صلى بآخرين ركعتين ثم سلم، صلاته بالطائفة الأولى هي فريضته -عليه الصلاة والسلام-، صلى بهم ركعتين فريضته، والثانية حينما صلى بالطائفة الثانية ركعتين هو مفترض وإلا متنفل؟ متنفل؛ لأنه صلى الفريضة مع الطائفة الأولى، ولا شك أن في مثل هذه الصورة محافظة على جميع أجزاء الصلاة، يصلي ركعتين كاملتين كما يصلي في الحضر، كما يصلي في حال الأمن، ويصلي بالطائفة الثانية ركعتين كما يصلي في حال الأمن، لكن يرد على هذه الصورة أنه في الأولى مفترض وفي الثانية متنفل، فمن يقول بصحة صلاة المفترض خلف المتنفل لا إشكال عنده، والذي لا يرى صلاة المفترض خلف المتنفل تشكل عليه مثل هذه الصورة، تشكل عليه مثل هذه الصورة، وعلى كل حال القصة صحيحة والخبر صحيح، وما دام ثبت لا يمنع من أن يصلي الإمام بطائفة صلاة، وبطائفة أخرى صلاة أخرى، وجاء مثله من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-، وهذه يحصل فيها المحافظة على كيفية الصلاة التامة، فإذا كانت الصلاة ثنائية أو مقصورة يصلي ركعتين، ثم ركعتين، إذا كانت ثلاثية يصلي ثلاث ويصلي ثلاث بطائفة أخرى، إذا كانت رباعية يصلي أربع بطائفة وأربع بطائفة أخرى، وهذا إذا كان الإمام أو من ينيبه الإمام، أو كان شخص له مزية على غيره، بحيث يكون الاجتماع إليه أهيب عند العدو، أما إذا وجد ناس لا، لا مزية لبعضهم عن بعض، متساوون في المزية مثل أن يحضر شخص إلى بلد وهو مسافر، ثم يؤم الناس وهو ما له أدنى مزية، طالب من طلاب العلم، ومثله كثير يصلون خلفه، ثم يؤم الناس ويقصر الصلاة، والناس خلفه عشرة صفوف أو أكثر هذه مسألة واقعة: "أتموا فإن قوم سفر" يا أخي لماذا تتقدم تحرج الناس؟ تخلي الناس بدءً من المؤذن كلهم يتمون الصلاة، هذا إنما يكون لمن له مزية عالم جليل يقتدى به، تفضل الصلاة بالصلاة خلفه، أما شخص شاب من الشباب لا مزية له، ولم يتميز بشيء يكون عنده من الجرأة بحيث يتقدم، وهذا حاصل في مساجد مكة حصلت في أيام الموسم عشرين صف وكل العشرين الصف يقضون الصلاة، وأتموا فإن قوم سفر، تصلي بهم ركعتين ولا مزيلة؟! أقول: مثل هذا تكرر الجماعات ويحافظ على أصل الصلاة، أما إذا كان الإمام أو نائبه أو شخص له مزية بحيث يرى العدو الهيبة في اجتماع حول هذا الإمام نعم، أما شخص لا مزية له، إيش المانع من أن تصلى على هذه الطريقة بأكثر من إمام؟ نعم.

"وعن حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى صلاة الخوف بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة ولم يقضوا "رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان.

ومثله عند ابن خزيمة عن ابن عباس"

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن حذيفة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في الخوف بهؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة ولم يقضوا" هذه الصورة إذا كان العدو في غير جهة القبلة، يقسم الجيش إلى قسمين، فيصلي بهؤلاء ركعة وينصرفون من غير قضاء، يعني نضير ما في قصة أو حديث ابن عمر إلا أنهم لا يقضون شيئاً، في حديث ابن عمر الذي تقدم ركعة بمن معه وسجد سجدتين ثم انصرفوا، لكنه في النهاية يكملون صلاتهم، ثم تأتي طائفة أخرى يصلي بهم الركعة الثانية ويكملون صلاتهم، ولكن هنا في هذه الصورة الصورة التي ذكرها حذيفة -رضي الله عنه-، وفعلها أيضاً حذيفة في طبرستان، هذه الصورة صلى بهم على ضوء حديث ابن عمر إلا أنه من سلم انصرف ما عليه قضاء "صلى في الخوف بهؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة، ولم يقضوا " رواه احمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان" والحديث صحيح، وإذا كان السفر مع الأمن يسقط شطر الصلاة فإذا اجتمع السفر والخوف نعم ألا يقتضي أن يكون الإسقاط أكثر والتخفيف أعظم؟ نعم؟ نعم وهذه الصلاة صلاها حذيفة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- بطبرستان.

"ومثله عند ابن خزيمة عن ابن عباس -رضي الله عنه-" وهذه الصورة أخذ بها جمع من أهل العلم، بحيث إذا زاد الخوف عن هذا الحد الذي لا يتمكنون فيه من أداء ركعة يصلون ولو بالإماء، ولو بالإيماء، وفي سنن أبي داود عن ابن عباس، قال: "فرض الله تعالى الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة" وبعض العلماء يزيد في التخفيف في صلاة الخوف فيصححها بالإيماء، يصحح مجرد الذكر ولو بتكبيرة تجزيء عن الصلاة، لكن لا شك أن الأدلة دلت على وجوب إقامة الصلاة، هذا الأصل وجوب إقامة الصلاة وهو المطلوب إذا اطمأننتم، يعني إذا أمنتم، أما في حال الخوف فيتجاوز عن بعض الواجبات، بل عن بعض أركان الصلاة لكن بحدود الوارد، لا نزيد على ما ورد، لا نزيد على ما ثبت على النبي -عليه الصلاة والسلام-، والحديث الذي معنا صحيح لا شك، لكن الصور التي تقدمت في الصحيحين وغيرهما أثبت من هذه الصورة وإن كانت ثابتة، فإذا كانت الحاجة داعية لمثل هذه الصورة فلا بأس، نعم.

"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة الخوف ركعة على أي وجه كان)) رواه البزار بإسناد ضعيف.

وعنه مرفوعاً: ((ليس في صلاة الخوف سهو)) أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف"

ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة الخوف ركعة على أي وجه كان))" صلاة الخوف ركعة، ويشهد له الحديث السابق حديث حذيفة "على أي وجه كان" يعني على جهة القبلة أو إلى غير جهة القبلة، وهو ثابت وهو ماشي وهو راكب، لكن هذا الحديث ضعيف كما قال الحافظ، بل منكر، منكر في إسناده محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني وهو ضعيف جداًَ عند أهل العلم.

وأخرج النسائي أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى هذه الصلاة بذي قرد، بهذه الكيفية صلاها ركعة على أي وجه كان، نعم وذو قرد موضع قرب المدينة، قرد بفتحتين كما في القاموس، وهذا الحديث عرفنا أنه ضعيف جداً، بل منكر، ومثل ما ذكرنا صلاة الخوف جاءت على كيفيات ستة أو سبعة كما قال الإمام أحمد ولعله لم يثبت عنده إلا هذا العدد ستة أو سبعة، لم يثبت عنده إلا هذا العدد، ويقول ابن حجر في فتح الباري: قد روي في صلاة الخوف كيفيات كثيرة، ورجح ابن عبد البر الكيفية الواردة في حديث ابن عمر، التي صلى بالطائفة الأولى ركعة ثم ينصرفون، ثم يصلي بالطائفة الثانية ركعة ثم يتمون في مكانهم، ثم تأتي الطائفة الأولى فتتم، ورجح ابن عبد البر الكيفية الواردة في حديث ابن عمر لقوة الإسناد، وموافقة الأصول في أن المؤتم لا تتم صلاته قبل الإمام، لا تتم صلاته قبل الإمام.

يعني في حديث سهل بن أبي حثمة وحديث صالح بن خوات عن أبيه مثلاً الحديث الأول الطائفة الأولى تتم صلاتها قبل الإمام، يسلمون قبل الإمام، في حديث ابن عمر ما يسلمون قبل الإمام لا الطائفة الأولى ولا الثانية، ولذا اختارها ابن عبد البر نعم لقوة الإسناد وموافقة الأصول في أن المؤتم لا تتم صلاته قبل الإمام، لا تتم صلاته قبل الإمام، وعلى هذا لو نوى المأموم الإنفراد مثلاً عن الإمام ثم سلم قبله على كلام ابن عبد البر ما تصح، لا بد أن ينتظر، يعني افترضنا شخص يصلي المغرب خلف شخص يصلي العشاء لما قام الإمام إلى الرابعة في العشاء ونوى المأموم الإنفراد؛ لأنه لا يجوز له أن يتابعه لو تابعه بطلت صلاته، نوى المأموم الإنفراد ثم جلس للتشهد ينتظر حتى يسلم الإمام على كلام ابن عبد البر، وغيره يقول: لو نوى الإنفراد وما دام نوى الإنفراد فحكمه حكم المنفرد يسلم متى شاء؟

يقول: وقال ابن حزم: صح منها أربعة عشر وجهاً، أربعة عشر وجهاً، وقال ابن العربي: فيها روايات كثيرة أصحها ستة عشر رواية مختلفة، وقال النووي نحوه في شرح مسلم ولم يبينها، قال الحافظ: وقد بينها شيخنا الحافظ أبو الفضل يعني العراقي في شرح الترمذي وزاد وجهاً فصارت سبع عشرة وجهاً، ولكن يمكن أن تتداخل هذه الأوجه، وشرح الحافظ العراقي على جامع الترمذي هو تكملة لشرح ابن سيد الناس، وهو من أعظم شروح الترمذي، يعني لو طبع هو محقق الآن لو تم طبعه وتداوله بين الناس يمكن يغني جميع..، يغني طلاب العلم عن جميع شروح الترمذي؛ هذا شرح الحافظ العراقي تكملة لشرح ابن سيد الناس.

وقال في الهدي النبوي يعني ابن القيم في زاد المعاد، قال في الهدي النبوي: صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذلكم العزو إلى زاد المعاد بلسان أهل العلم ما يقولون: زاد المعاد، ولا الزاد أبداً، قال ابن القيم في: (الهدي) هذه الجادة عندهم، تجد بعض الشباب وبعض الإخوان يقول: قال في الزاد إيش الزاد؟ هذا ما هو معروف عند أهل العلم بهذا أبداً، إذا قلت: في الزاد راحوا زاد المستنقع، يقول: قال في الهدي النبوي: صلاها النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر مرات، وقال ابن العربي: صلاها أربعاً وعشرين مرة، بعض أهل العلم إذا اختلف الرواة في سياق خبر جعل الخبر متعدد، والقصة متعددة، ولو كان مرد هذا الاختلاف إلى اختلاف الرواة أنفسهم في الخبر الواحد، فتجد الأربعة والعشرين مرة يمكن تختصر في الربع التي ذكرها، في ستة أو سبعة على ما قال الإمام أحمد، إنما بعضهم يجعل صور جديدة لمجرد اختلاف الرواة.

وقال الخطابي: صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- في أيام مختلفة بأشكال متباينة يتحرى فيها ما هو الأحوط للصلاة والأبلغ في الحراسة، لا بد من تحري هذا، فيختار من الصور الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لصلاة الخوف بما يتحقق به الأمران: الأحوط للصلاة والأبلغ في الحراسة.

يقول: فهي على اختلاف صورتها متفقة المعنى، هذا الحديث الذي يليه "وعنه" عنه الضمير يعود على من؟ مقتضاه أن يكون من حديث ابن عمر، صحابي الحديث السابق، وهذه جرت عادة المختصرات أنهم يصرحون باسم الراوي في الموضع الأول، ثم يكنون عنه في الموضع الثاني والثالث وهكذا، فيقولون: "وعنه" لكنه في مجمع الزوائد معزو لابن مسعود، أحد عنده الدارقطني؟ معه الدارقطني هنا؟

ما أشار إلى هذا يا شيخ؟

نعم؟

سمير الزهيري ما أشار عن غير ابن عمر ذكر أنه رواه الدارقطني وضعفه.

طيب هو على كل حال عزو الحافظ للدارقطني وهو من حديث ابن عمر يقول هنا: وقال عقبه اللي هو في سنن الدارقطني من راوية ابن عمر -رضي الله عنهما- قال عقبه: تفرد به عبد الحميد بن السري وهو ضعيف، فهو في الطبراني من حديث ابن مسعود وهو ضعيف أيضاً، وعند الدارقطني من حديث ابن عمر "مرفوعاً: ((ليس في صلاة الخوف..))" مرفوعاً يعني إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- "((ليس في صلاة الخوف سهو)) أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف" طيب ليس فيها سهو يعني لا يمكن أن يخطأ الذي يصلي صلاة الخوف فيسهو يزيد أو ينقص أو يغفل أو يشك؟ أو أنه ليس فيها حكم السهو الذي يترتب عليه السجود ولو وقع السهو من المصلي؟ نعم؟

طالب:.......

الثاني؟

طالب:.......

إيه؛ لأن الخوف مظنة للسهو والغفلة والانصراف عن الصلاة، فقوله: ((ليس في صلاة الخوف سهو)) يعني ليس فيها ما يترتب عليه من سجود، هذا لو صح الخبر، لكنه ضعيف، لكن الخبر ضعيف.

الشارح ذكر بعض الشروط اشترطها بعض أهل العلم منها:

السفر، أشترط بعضهم السفر؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [(101) سورة النساء] فلا تفعل في الحضر، ولذا لم يفعلها النبي -عليه الصلاة والسلام- في غزوة الخندق؛ لأنها في الحضر، وإن كانت على قول الجمهور أهل المغازي والسير بعد غزوة ذات الرقاع، والجمهور على أنه لا يشترط السفر، إنما إذا وجد الخوف صحت، ووجد الداعي لها وكونه -عليه الصلاة والسلام- لم يصل صلاة الخوف في الخندق لأنها لم تكن شرعت على ما سبق تقريره عن الإمام البخاري وابن القيم -رحمهما الله تعالى-.

اشترط بعضهم أن يكون فعل صلاة الخوف في أخر الوقت، في أخر الوقت، لماذا؟ لأنه مادام في الوقت سعة واحتمال أن ينجلي الخوف فتصلى الصلاة كاملة، نعم يعني نظير ما قالوا في التيمم، قالوا: لا يصلي بالتيمم حتى يضيق عليه الوقت ويجزم أنه لن يجد الماء في الوقت، ومثل هذا لا يصلي صلاة الخوف حتى يضيق الوقت، في أخر الوقت بحيث يجزم ويغلب على ظنه أنه لن يصلي الصلاة صلاة حضر، صلاة أمن، إذا جزم بهذا صلاها صلاة خوف، لكن هذا ليس له دليل.

اشترط بعضهم حمل السلاح حال الصلاة، وهذا اشترطه داود، فلا تصح صلاة الخوف إلا لمن حمل السلاح نعم حمل السلاح واجب، حمل السلاح واجب، لكن لا أثر له في الصلاة؛ لأن مخالفة هذا الواجب وارتكاب المحظور بوضع السلاح من غير سبب، نعم من غير حاجة أمر خارج عن الصلاة، فلا أثر له فيها.

منها: ألا يكون القتال محرماً، لا يكون القتل محرماً؛ وذلكم لأن التجاوز عما يتجاوز عنه من صورة الصلاة في صلاة الخوف إنما هو للحاجة فهو على خلاف الأصل، ويكون حينئذٍ في عرف أهل العلم رخصة وإلا عزيمة؟ رخصة والعاصي لا يترخص، العاصي لا يترخص؛ لأنه لا يعان على معصيته، شخص أو مجموعة من الأشخاص يطلبون غيرهم في البراري والقفار لقتلهم والاعتداء عليهم وسلب أموالهم ونتيح لهم فرصة لصلاة الخوف؟ ولذا اشترط بعضهم ألا يكون القتل محرماً، نعم هذا شرط لا بد منه، نظير ما قالوا في كون العاصي بسفره لا يترخص، لا يجمع ولا يقصر ولا يفطر؛ لأنه بإباحة هذه الرخص نعينه على معصيته، ومنها: أن يكون المصلي مطلوب للعدو لا طالباً له؛ لأن الطالب آمن ما هو بخائف، المطلوب هو الخائف الطالب لغيره آمن وإلا خائف؟ آمن لأنه متى ما أراد رجع ما صار شيء، لكن المطلوب هو الخائف، ولذا اشترط بعضهم أن يكون المصلي مطلوب للعدو لا طالباً له؛ لأنه إذا كان طالباً أمكنه أن يأتي بالصلاة تامة أو يكون خاشياً لكر العدو عليه، يقول الشارح: وهذه الشرائط مستوفاة في الفروع، مأخوذة من أحوال شرعيتها، وليست بظاهرة في الشرطية، لا شك أن بعضها ظاهر وبعضها ليس بظاهر؛ لأن صلاة الخوف جاءت على خلاف الأصل فهي رخصة، ولا يعان من لا يشرع له القتال في مثل هذه الصور على ما هو بصدده، ثم قال الشارح: واعلم أن شرعية هذه الصلاة من أعظم الأدلة على عظم شأن الجماعة، من أعظم الأدلة على عظم شأن الجماعة، وهذا قررناه في أول الكلام على صلاة الخوف؛ لأن هذه الصلاة التي أوجبها الله -جل وعلا- على هيئات وكيفيات محددة، فيها أركان وفيها شرائط، وفيها واجبات، يتنازل عن بعض هذه الأركان من أجل الحفاظ على الجماعة يتم التنازل عن هذه الأركان للمحافظة على صلاة الجماعة، ففي حال الأمن من باب أولى، في حال الأمن من باب أولى.

 والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

يقول: بعض الناس يتساهل في قضية الفتوى دون علم ثم إذا سأل قال: الله أعلم؟

هذا ما تساهل، الذي يقول: الله أعلم ما تساهل، الذي يقول: الله أعلم هذا احتياط منه، فالإشكال فيمن يتساهل ويجيب عن كل ما سئل، هذا الذي على خطر هذا إذا لم يكن من أهل العلم.

رجل سها في صلاته فسجد سجدة واحدة فما حكم تلك الركعة؟

أولاً: ما حكم هذا السجود لهذا السهو؟ هل سجد لما يبطل عمده؟ وهل طال الفصل أو لم يطل؟ إذا طال الفصل يأتي بالثانية، إذا طال الفصل والسجود واجب على أنه من أهل العلم من يقول: إنه من نسي السجود وطال الفصل يسقط عنه، من نسي السجود وطال الفصل يسقط عنه، ومنهم من يقول: إذا كان السجود لما يبطل عمده فهو واجب فهو كغيره من واجبات الصلاة، إذا طال وقته يعيد الصلاة من أجله، لكن القول الثاني الذي فيه أن السهو مبني على الترخيص والتسهيل، وهو إنما شرع لجبر الخلل الذي في الصلاة فكيف تعاد الصلاة من أجله؟

يقول: بالنسبة للدعاء: "اللهم اجمعنا في مستقر رحمتك" بعض الناس يقرر أن مستقر الرحمة الذات الإلهية؟

جاء منعه في أثر عن عمر -رضي الله عنه-، لكن مستقر الرحمة هو الجنة، مستقر الرحمة هو الجنة {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي} أين؟ {رَحْمَةِ اللّهِ} [(107) سورة آل عمران] يعني في الجنة، والله -جل وعلا- موصوف بصفة الرحمة، موصوف بصفة الرحمة على ما يليق بجلاله وعظمته، ولا يجوز تأويل هذا الصفة، لكن هناك آيات لفظها لفظ الصفة، وهي في الحقيقة ليست من آيات الصفات، ليست من آيات الصفات.

يقول: ما هي الطريقة المثلى التي تجعلني طالب علم قوي؟

الطريقة المثلى أن تسلك الجادة وتصبر، تسلك الطريق الذي اختطه أهل العلم، والكتب التي يبدأ بها الأصغر، طبقات المبتدئين ثم المتوسط للمتوسطين، ثم كتب المنتهين، وتحرص وتراجع وتحفظ وتقيد وتحضر الدروس وتسمع الأشرطة، وتفرغ، تجتهد تحرص على هذا، فإذا حرصت بنية صادقة خالصة يسر الله لك السبيل.

يقول: هل أمر الخطباء في نهاية الخطبة الأولى بالاستغفار له أصل من سنة الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟

جاء في الحديث: ((استغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات)) وهذا خبر كما تقدم ضعيف، لكن الخطبة مظنة للدعاء والاستغفار منه: "يشهدن الخير ودعوة المسلمين".

يقول: تعلمون ما نعيشه في هذا البلد من النعم والتي من أهمها نعمة الأمن وسلامة المعتقد، ووجود العلماء والعناية بالعلم..

يقول: تعلمون ما نعيشه في هذا البلد من النعم والتي من أهمها نعمة الأمن وسلامة المعتقد، ووجود العلماء والعناية بالعلم، يقول: ومنه هذه الدورات العلمية، ولكن الأعداء قد غاظهم ذلك وسعوا جاهدين لإفساده بما استطاعوا، وقد نفذ بعض أفكارهم وللأسف إلى بعض شبابنا فزهدوا في العلم، وطعنوا في العلماء، وسعى بعضهم في زعزعة الأمن؟
لا شك أن مثل هذا خلل، خلل في التصور، ولا شك أن الأمن من أعظم النعم، وهو أهم من نعمة الأكل والشرب، ولذا جاء تقديمه {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشيء} [(155) سورة البقرة] من إيش؟ {مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ} [(155) سورة البقرة] قدم الخوف على الجوع في الابتلاء، فالأمن لا يعدله شيء، كيف يتعبد الناس؟ كيف يحقق الناس الهدف من وجودهم بغير أمن؟ وبعض المفسرين ضرب لذلك مثلاً: بأن جاء بشاة مسكورة كسيرة، أقلقها الألم، اشتد عليها الألم، ووضع عندها طعام مناسب لها، وجاء بأخرى سليمة ووضع عندها الطعام، وربط أمامها ذئب، لما جاء من الغد وجد الكسيرة قد أكلت الطعام كله، ووجد الخائفة من الذئب لم تأكل شيئاً، فلا شك أن الأمن نعمة من الله -جل وعلا-، فمن يسعى في تهديده أو الإخلال به لا شك أنه جاني على الأمة، والله المستعان.
فعلى كل أحد أن يحافظ على هذا الأمن بقد استطاعته، ومع الأسف أن بعض الناس يساهم في الإخلال بالأمن وهو لا يشعر، العاصي مثلاً العاصي مساهم في الخلل بالأمن؛ لأن الأمن نعمة تحتاج إلى شكر، فإذا لم نشكر هذه النعمة فرت، فإذا عصينا الله -جل وعلا- ونحن نتقلب في نعمه التي من أعظمها نعمة الأمن، يعني بعد نعمة الدين المسألة مفترضة في مسلمين، يعني بعد نعمة الدين ما في مثل الأمن.
فإذا عصى الإنسان ربه، وحل بالمسلمين بسبب معصيته ومعصية غيره والثاني والثالث هم المتسببون في اختلال الأمن؛ لأن الأمر يكون له مباشر ويكون له متسبب، يكون له مباشر مباشرة يعني يحاولوا تهديد الأمن، لكن هناك من يتسبب في زعزعة هذا الأمن وهم العصاة الذين لم يشكروا هذه النعمة، وعلى كل واحد من المسلمين كفل من هذا، بقدر ما يقترفه من معاصي {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [(30) سورة الشورى]
يقول: نفذ بعض أفكارهم وللأسف إلى بعض شبابنا فزهدوا في العلم، وطعنوا في العلماء.
لا شك أن الحاجة إلى أهل العلم في الظروف الحالكة أشد، ولا بد من الابتلاء، لا يظن أن العالم أو الداعية أو غيره الطريق سهل ممهد، ما هو بصحيح، في مثل هذه الظروف نرى أن بعض العلماء يواجهون ما يواجهون، فبعض طلاب العلم يقول: أنا ليش أعرض نفسي لمثل ما وصلوا إليه من الإحراجات وغيرها؟ لماذا أصل؟ يا أخي لا بد أن تصل، الطريق ليس بالسهل، وكلما يزداد الأمر شدة يزداد الأجر، وتعظم الأجور بمثل هذا، والله المستعان.
فعلى طالب العلم أن يستمر في طريقه، وأن يحرص ويجد ويجتهد، لأن طلبه للعلم وعبادته لله -جل وعلا- على بصيرة، وسعيه في هداية الناس هذا لا شك أنه نصر للإسلام، نصر للإسلام، فعلى طالب العلم أن يطلب العلم ويجد ويجتهد لا سيما من أدرك شيئاً منه، لا ينبغي له أن يضيع نفسه، على الجادة والطرق المعروفة الجواد المسلوكة عند أهل العلم، ويأخذ العلم عن أهله المعروفين بالعلم والعمل، والثبات والروية والأناة، بالرفق والين، لا بد من هذا، لا بد من هذا ليتم له ما يريد -إن شاء الله تعالى-.

هذا يقول: هل حفظ الأصول..؟ يقول: ما الوسيلة لحفظ حديث الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ هل تكون بحفظ الأصول الكتب الستة أم للمختصرات؟

لا، المختصرات، يبدأ بالمختصرات، يبدأ بالأربعين والعمدة والبلوغ والمحرر وغيرها من المختصرات، ثم بعد ذلك يرتقي بعدها إلى كتب الأصول.

يقول: ما حكم التهنئة بالمعانقة أيام العيد؟ هل هي من البدع أم تعتبر من الأمور الخاضعة للعادات والتقاليد؟

أولاً: التهنئة تهنئة القادم، تهنئة من حصل له أمر يسره في دينه ودنياه، يعني كما حصل للثلاثة الذين خلفوا أمر مشروع، أما التهنئة والمعانقة في العيد فلا يثبت لها دليل، وكذلك تبادل العبارات والجمل المعتادة بين الناس، والإمام أحمد -رحمه الله تعالى- كان يتساهل في هذا، فلا ينكر، لكنه لا يبدأ أحداً، لا يبدأ أحداً، أما إذا هنئاه أحد رد عليه من باب: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [(86) سورة النساء].

يقول السؤال: من زاد على الثلاث مرات في الوضوء تعد وظلم فهل الزيادة تبطل الوضوء؟

الزيادة لا تبطل الوضوء، لكن لنعلم أن الغسلة الرابعة والخامسة وما بعدها داخلة في حيز الابتداع في الدين، بدعة، ولذا قررنا سابقاً أنه إذا تردد هل غسل العضو مرتين أو ثلاثاً يكون ثلاث، ولا يجعلها اثنتين يبني على الأقل كالصلاة، لماذا؟ لأنها إن كانت بالفعل ثلاثاً جاء بالسنة، وإن كانت اثنتين فهو إلى سنة، لكن لو زاد؟ فإن كانت ثلاثاً خرج عن حيز السنة إلى البدعة، فكونه يتردد بين سنة وبدعة فالسنة هي المطلب، وهذا تقدم تقديرها، والزيادة لا تبطل الوضوء.

يقول: ما هو أفضل كتاب للذي يريد البداءة بفن الحديث من أوله؟

ذكرنا أن الأربعين هي التي يبدأ بها ثم العمدة.

يقول: ما الأحاديث الضعيفة في الأربعين النووية؟

الأحاديث تكلم عليها الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- في شرحه: جامع العلوم والحكم، وبين درجة هذه الأحاديث، والأسئلة كثيرة جداً والوقت ضيق، والأخوان يطالبون في الإتيان على أكبر قدر ممكن من الكتاب.

هل يجب على المسافر التمام خلف إمام البدل؟

إذا ائتم بمقيم لزمه الإتمام، إذا ائتم بمقيم لزمه الإتمام .

هذا يقول: هل يجوز الجمع بين صلاة الجمعة وصلاة العصر؟

العلماء أفتوا بأنه لا يجوز، لا يجوز الجمع بين الجمعة وصلاة العصر لعدم الدليل؛ لأنه لا يوجد ما يدل على أنه -عليه الصلاة والسلام- جمع أو أقر من جمع بين العصر مع الجمعة علماً بأن الجمعة فرض مستقل كالصبح، لا تجمع ولا يجمع إليها.

يقول: جلسة التورك لمن فاته شيء من الصلاة يتورك عند جلوس الإمام للتشهد الأخير؟

لا يتورك عند جلوسه هو بعد الفراغ من أخر ركعة له سواء كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية.
أم يتورك عند إتمامه للصلاة وجلوس المأموم المتأخر للتشهد الأخير أم في كلا الحالتين؟
لا يتورك في أخر تشهدٍ في صلاته.

يقول: هل كتاب الترمذي جامع أم سنن؟ وإذا كان جامع فلماذا يعد من أصحاب السنن؟

يعد من أصحاب السنن على جهة التغليب، وإلا فهو جامع نظير البخاري ومسلم؛ لأنه يجمع غالب أبواب الدين، أما كونه يجمع مع السنن فيقال: السنن الأربعة، أخرجه البخاري وأصحاب السنن، أحمد وأصحاب..، المقصود أنه من باب التغليب، من باب التغليب.

يقول: سمعت من يقول: بأن العادة السرية فيها خلاف، وأن بعضهم أجازها لما ورد عن أحد الصحابة وكذلك الأخذ من اللحية هل فيها خلاف قوي جزيتم خيراً؟

على كل حال مسألة العادة تساهل بعض العلماء فيطلق الكراهة، والقول المعتمد عند أهل العلم أنها محرمة؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(29-30) سورة المعارج] ما استثنى إلا هذا، وأرشد العاجز إلى الصيام، لكن إذا كان بين خيارين إما الفاحشة وإما هذه العادة فارتكاب أخف الضررين مقرر في الشرع، على أنها محرمة ويأثم بها، لكن هي أسهل من الفاحشة، نسال الله السلامة والعافية، فإذا اضطر إليها وفعلها وندم على ذلك واستغفر يرجى، الأخذ من اللحية ثبت عن ابن عمر في النسك أنه يحلق رأسه ويأخذ من لحيته ما زاد عن القبضة، متأول قوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [(27) سورة الفتح] يعني معاً، فإذا حلق رأسه يقصر إيش؟ ما عنده إلا الحية، و وليست هذا عنده للتقسيم إنما هي للجمع هذا رأيه، وهذا اجتهاده، لكن الثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أكرموا)) ((وفروا)) ((أعفوا)) ((أرخوا)) ولحيته -عليه الصلاة والسلام- كثة، تعرف قرأته -عليه الصلاة والسلام- من خلفه باضطراب لحيته.

يقول: ما أفضل الكتب المؤلفة في الحكم على الأحاديث من حيث الصحة والضعف؟

كتب التخريج كثيرة جداً، التفاسير لها كتب تخريج، كتب الحديث هي الأصل في هذا الباب، وخدمت وخرجت، وحكم عليها من قبل الأئمة وأهل العلم، كتب الفقهاء أيضاً لها تخريج، خرجت أحاديث الفقهاء وحكم عليها، نصب الراية، والتلخيص الحبير، والبدر المنير، وإرواء الغليل وغيرها كتب كثيرة جداً، كتب العقائد أيضاً خرجت، فالكتب كثيرة.

يقول: كيف يوجه قول من قال: إن الجمعة بدل عن الظهر والبدل يقوم مقام المبدل وبالتالي يصح جمع الجمعة مع العصر لأن الجمعة بدل من الظهر والظهر.....؟

العبادات توقيفية، العبادات توقيفية، ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع الظهر والعصر، وثبت أنه جمع المغرب مع العشاء، لكن لم يثبت أنه جمع الجمعة مع العصر، والعبادات توقيفية.

هذا يقول: كيف نوفق بين التنفل بعد العصر وحديث الساعة الخفيفة التي يجاب فيها الدعاء لا يوافقها عبد وهو قائم يصلي إذا قلنا: بأنها بين صلاة العصر وبين المغرب؟

يعني مفاد السؤال أن هذا الوقت ليس وقت للصلاة، ليس وقت للصلاة، بين العصر وبين المغرب وقت نهي فكيف يقال: إنه هو وقت الساعة التي يجاب فيها الدعاء، وجاء فيها: ((لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي)).
الجواب عن هذا أجاب به بعض الصحابة -رضوان الله عليهم-، وهو من اختار هذا الوقت لساعة الإجابة، وهو أن الذي ينتظر الصلاة فهو في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، مادام ينتظر صلاة المغرب فهو في صلاة، مادامت الصلاة تحبسه، وهذا ينبغي ذكره مع شرح الحديث السابق، لكن الإلحاح من بعض الإخوة على الاختصار في الشرح وعدم الاستطراد، رجاء أن نأخذ أكبر قدر ممكن من الأحاديث يجعل بعض الأمور وإن كانت مهمة تتجاوز.

يقول: في قتال الفتن هل يرخص للفئتين من المسلمين أن يصلوا صلاة الخوف؟

أولاً: من جهة من عرف أنه ليس على الحق لا يجوز له أن يقاتل، بل يجب عليه أن يكف، فإذا اشتبه عليه الأمر، وصارت بالفعل فتنة، وغلب على ظنه أن الحق معه، وأنه ينصر الحق فلا بأس يصلي صلاة الخوف.

يقول: حديث القراءة بـ(ق) في الخطبة ألا يعارض ظاهر حديث الأمر بقصر الخطبة وطول الصلاة؛ لأن قراءة (ق) في الصلاة يلزم منها طول الخطبة؟

لا ذكرنا أن الطول والقصر نسبي، الطول والقصر نسبي، وإذا كان هناك ظرف أو حاجة داعية لتطويل النسبي الذي لا يدخل في حيز الإملال، وجعل المستمعين ينصرفون عن الخطبة، ويتضايقون منها، هذا لو دعت الحاجة إلى ذلك لا بأس، لو دعت الحاجة إلى ذلك، ومن الحاجة قراءة (ق).

هذا من الإنترنت يقول: علمنا رأيكم في قضاء الصلاة المتروكة عمداً حتى يخرج وقتها، فماذا نقول في أثر عن الصديق: "إن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل".. إلى أخر الأثر؟

القول بلزوم القضاء فيمن أخر الصلاة عمداً حتى يخرج وقتها قول جماهير أهل العلم، ونقل عليه الإجماع أنه يلزمه قضاء الصلاة إذا تركها عمداً كان أو سهواً حتى يخرج وقتها، يجب عليه القضاء، وعليه التوبة والاستغفار مما اقترفه من الذنب العظيم، وإن نقل ابن حزم الإجماع على خلافه، فهذه من المسائل التي نقل فيها الاتفاق على القولين المتضادين، وعلى كل حال عامة أهل العلم على أنه يلزمه القضاء، وأما أثر الصديق -رضي الله عنه-: "إن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل".. إلى أخر الأثر، فهذا معروف أن نفي القبول يرد ويراد به نفي الصحة، كما أنه يرد ويراد به نفي الثواب المرتب على العبادة، وهذا سبق أن قررناه عند حديث: ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور)) وحديث: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) وإلى غير ذلك.
المقصود أن نفي القبول يأتي ويراد به نفي الصحة، كما في هذين الخبرين، ويأتي ويراد به نفي الثواب المرتب على العمل، كما في قوله -جل وعلا-: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة].

يقول: قراءة القرآن مرتلاً في الخطبة أو المواعظ هل هو سنة أم هذا خاص بالقراءة؟

الترتيل مأمور به مطلقاً، في الصلاة وخارج الصلاة، عند إرادة القرآن وعند قرأته في الخطب والدروس وغيرها، هو مأمور بترتيله لا سيما إذا كان تأثيره في السامع أبلغ.

يقول: هل الرخصة أفضل أم العزيمة في حق المأمومين لصلاة الجمعة إذا وافق يوم عيد؟

لا العزيمة أفضل، يعني كونه يتحامل على نفسه ويصلي صلاة العيد وصلاة الجمعة، لا شك أنه أفضل، وهذا فعله -عليه الصلاة والسلام-.

يقول: ما رأيك في لعن المعين أو الكافر؟

المعين من المسلمين لا يجوز لعنه ولو لعن جنسه، ولو جاء النص بلعن جنسه ((لعن الله السارق)) نعم ((إن الله لعن في الخمر)) ثم عدهم ((شاربها وحاملها وعاصرها ومعتصرها والمحمول إليها)).. إلى أخره، لكن لما جئ به -الشارب- قال بعضهم: "لعنه الله ما أكثر ما يؤتي به" قال: ((لا تكن عوناً للشيطان على أخيك)) فالجنس غير المعين، المعين لا يجوز لعنه من المسلمين، بخلاف الجنس قد يرد لعن الجنس، وجاء في المتبرجات: ((فالعنوهن)) يعني جنس المتبرجات، ويلحق بالجنس -وإن كانت المسألة مسألة تحتاج إلى نظر إذا كانت فئة معينة أكثر من واحدة اتصفت بهذا الوصف، لو قيل: انتشر التبرج في العرس الفلاني جنس هذا ينتابه أمران: الجنس والتعيين، هو دائر بين الجنس والتعيين، المرأة الواحدة المتبرجة معينة، وجميع وعموم المتبرجات ((العنوهن فإنهن ملعونات)) لكن يبقى لو تبرج أكثر من واحدة مجموعة في حفل مثلاً عرس أو شبهه هن من حيث التعيين والانحصار في هذا الجمع معينات، لكنه لا يقصد بذلك واحدة بعينها، إنما يقصد الجنس، فهذه ينتابها الأمران، وعموماً ((ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا بالفاحش البذي)).
وقال عبد الله بن أحمد لأبيه كما في الأحكام السلطانية وغيرها: "ما تقول في يزيد -الذي استباح المدينة، وأهان الصحابة، وقتل بعضهم تكلم فيه بكلام شديد جداً- قال له عبد الله: "لماذا لا تلعنه؟ قال: "وهل رأيت أباك لعاناً؟" هذا بالنسبة لمن هو في دائرة الإسلام، يبقى مسألة الكافر المعين، جاء في قنوته -عليه الصلاة والسلام-: "اللهم العن فلاناً وفلاناً" ثم نزل قوله -جل وعلا-: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شيء} [(128) سورة آل عمران] ولعن الكافر المعين مسألة خلافية بين أهل العلم لا سيما من اعتدى وظلم المسلمين عند جمع من أهل العلم من أهل التحقيق المتجه جوازه.

الإشارة بالأمر بالسكوت أثناء الخطبة؟

أباحه بعض أهل العلم على ألا يقول لصحابه: أنصت، أم المناولة لشيء كالمصحف أثناء الخطبة هذا مثل مس الحصى.

يقول: ما هو القول الراجح في الأخذ بالحديث الضعيف؟

النووي -رحمه الله تعالى- نقل الإجماع على أنه يعمل بالضعيف في فضائل الأعمال، أولاً: العقائد والأحكام لا مدخل ولا مجال للضعيف فيها، مسألة الفضائل والمغازي والسير والتفسير وبعض الأبواب التي تساهل فيها أهل العلم النووي نقل الاتفاق على أنه يؤخذ بالضعيف، ويعمل به في الفضائل نقل الاتفاق، مع أن الخلاف موجود، الخلاف موجود، والفضائل أحكام؛ لأن هذه الفضائل إن رتب عليها أجر تكون داخلة في حيز السنة، والسنة حكم من الأحكام، فالذي يرجحه أهل التحقيق أن الضعيف لا يعمل به مطلقاً.
الجمهور الذين يعملون به يشترطون له شروط أوصلها بعضهم إلى عشرة شروط، وكثير منها لا يمكن تطبيقه.

يقول: ما رأيكم في الحديث الذي يستدل به كثير من الناس لمحبة الكفار وهو أن الوفد النصراني الذي أتى النبي -عليه الصلاة والسلام- من نجران فلما حان وقت الصلاة أذن لهم النبي بالصلاة في المسجد......؟

المحبة أمر قلبي، لا يجوز أن يميل القلب ويحب الكفار ولا واحداً منهم، مهما كان أثره عليك، لكن المكافأة مطلوبة، المكافأة مطلوبة، التأليف أيضاً باب معروف في الشرع، يصرف للكافر من الزكاة التي هي ركن الإسلام للتأليف لتأليف القلوب، مسألة التأليف غير الميل القلبي والحب والمودة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ} [(1) سورة الممتحنة] المحبة لا تجوز بحال ولا الميل القلبي إليهم، لكن المكافأة لا بأس بها، أيضاً حسن التعامل {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [(46) سورة العنكبوت] المداراة عند الحاجة إليها، وفي حال الضعف مثلاً وحال تسلط عدو، المداراة غير المداهنة، والتنازل عن شيء من الدين، المداراة تختلف عن المداهنة، فالمكافأة مطلوبة، وأيضاً التأليف تأليف القلوب على الإسلام أمر مقرر في الشرع.