عاشُوراء بالمد على المشهور، وحُكِيَ فيهِ القَصْر، وزَعَم دُريد أنَّهُ اسمٌ إسلامي، يعني ما يُعرفْ في الجاهليَّة، اسمٌ إسلامي، وردَّ عليهِ ابن دحية؛ لأنَّ ابن الأعرابي حكى أنَّهُ سُمِعَ في كلامهم خابُوراء، يعني الصِّيغة موجُودة في كلامهم، وما دامَت الصِّيغة موجُودة والوزن موجُود ما فيه ما يمنع أن يكون من ألفاظهم عاشُوراء، كما أنَّهُ رُدَّ أيضاً بقول عائشة: "إنَّ يوم عاشُوراء يوم تصومُهُ قريش في الجاهليَّة"؛ لكن هل يلزم منْ صِيَامِهِم لهذا اليوم أنْ يكون اللَّفظ معرُوفاً عندهم؟ ما يلزم، وعاشُوراء معدُولٌ عن عاشرة أي اللَّيلة العاشِرة، والعَدْلْ للمُبالغة والتَّعظيم، والأكثر على أنَّ عاشُوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المُحرَّم، وهو مُقتضى الاشتقاق، يعني كيف تقول: عاشوراء مأخُوذ من التَّاسِع أو من العاشر؟ أيهم أقرب؟ من العاشر، تأخذ من التَّاسع تاسُوعاء؛ لكنْ ما تأخُذ عاشُوراء من التَّاسع! هذا هو مُقتضى الاشتقاق، وقيل هو اليوم التَّاسع، عاشُوراء هو اليوم التَّاسع، فعلى هذا على القول الأوَّل اليوم مُضاف للليلة الماضِية السَّابقة على القول الأوَّل؛ لأنَّ عندنا ليلة العاشر قبلها التَّاسع وبعدها العاشر؛ فإذا قلنا عاشوراء، وعاشوراء معدول عن العاشرة؛ قلنا إنَّ هذا اليوم مُضاف للليلة التي قبله، وإذا قلنا بالقول الثَّاني وأنَّهُ التَّاسِع قُلنا أنَّ اليوم مُضاف للليلة التِّي بعدهُ.
رُوي عن ابن عباس هذا القول وأنَّ عاشُوراء هو اليوم التَّاسع، هذا مرويّ عن ابن عباس، له وجه ولاَّ ما لهُ وجه؟ دعنا من اللَّيلة لكن التَّاسع نقول له عاشُوراء ولاَّ ما نقول لهُ؟ هو يستدل بحديث: ((لئن بقيتُ إلى قابل لأصُومنَّ التَّاسع)) مع حَثِّهِ على صوم يوم عاشُوراء، إذاً يوم عاشُوراء هو التَّاسع الذِّي أرادَ النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- أنْ يَصُومَهُ، وما بقي إلى قابل لِيُنْظَر، هل يَصُوم التَّاسع فقط ليكُون هو يوم عاشُوراء أو يُضيف إليهِ العاشر ليكُون عاشُوراء هو العاشر وصِيام التَّاسع من باب المُخالفة، وعلى كل حال الحديث الذي يقول: ((لئن بقيتُ إلى قابل لأصُومنَّ التَّاسع)) يعني مع العاشر، فعاشُوراء هو العاشر ويَصُوم معهُ التَّاسع، ويَدُلُّ عليهِ الأمر بالمُخالفة مُخالفة اليهُود: ((صُومُوا يوماً قبلهُ أو يوماً بعدهُ))، وصيام التَّاسع لا يكفي وحدَهُ ولا تحصُلُ بِهِ السُّنَّة، وليسَ هو بعاشُوراء؛ وإنَّما عاشُوراء هو اليوم العاشر.