قال: "أخبرني مخبر" هذه طريقة ومنهج عند أهل العلم في الإبهام، إذا وجدت الفائدة عند شخص يلاحظ عليه ما يلاحظ إما في اعتقاد أو في عمل فلا تضيع الفائدة ولا تهدر الفائدة ولا يصرح باسمه؛ لئلا تظن الموافقة، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- روى عن عمرو بن عبيد وأبهمه، وروى عن الذهلي وأهمله، أهمل اسمه ما صرح باسمه لما بينهم من الاختلاف في مسألة اللفظ.
وهكذا ينبغي أن يكون طالب العلم يحرص على الفوائد ممن جاء بها، ثم إذا كانت ممن يتشرف بالتصريح باسمه ممن لا ملاحظة عليه يصرح باسمه، وجدت فائدة في كتاب تقول: وجدت في كتاب كذا، لكن إذا كان هذا الكتاب يخشى من إشهاره بين طلاب العلم أن يتأثر الطلاب بما فيه من مخالفات، يكفي أن تقول: قال بعضهم، قال بعضهم، إذا كان القائل أيضاً عليه ما يلاحظ يبهم، كم من الفوائد التي توجد في كتب بعض من تلبس ببدعة مثل هذه الفوائد تستفاد، والحكمة ضالة المؤمن، لكن لا يصرح باسمه لئلا يفتتن به من لا يميز، من لا يميز بين الغث والسمين، هذا مسلك، والإبهام مفيد في مثل هذه الصورة، قد يبهم القائل للترويج، ترويج الكلام، ابن أبي العز لما نقل النقول الكثيرة عن شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ولم يصرح بهما لا يقال: إن هذا خلل في التصنيف وهذه سرقة لا أبداً؛ لأنه ما نسب الكلام لنفسه، أحياناً يبهم، وأحياناً يأتي به بما يميزه، لكن السبب في ذلك ليروج الكتاب، والمسألة مسألة موازنة بين المصالح والمفاسد، فإذا أريد ترويج هذا الكلام وهذا العلم النافع ولو ترتب عليه مثل هذه الأمور التي الأصل فيها العدم.