عندنا كلام واجب، وكلام مستحب، وكلام مباح، وكلام مكروه، وكلام محرم، فالذي يتكلم بالمستحب مع إمكانه أن يتكلم بالواجب، هذا خلاف الأولى، يتكلم بمباح مع إمكانه أن يتكلم بمستحب بدلاً من القيل والقال الذي لا تبعة فيه، ولا تحريم فيه يسبح ويذكر الله -جل وعلا-، صار يتكلم بما هو خلاف الأولى، فضلاً عن أن يتكلم بالمكروه والمحرم.
وسلف هذه الأمة يتعاظمون كثير من الأمور التي هي ليست بشيء عند غيرهم، ليست بشيء، يعدون بعض الأمور من العظائم وهي عندنا كأنه ذباب وقع على الأنف فطرد، لا شيء، فأبو بكر يقول: إن هذا أوردني الموارد، فكيف بغيره؟ كيف بغيره ممن اعتاد أن يقضي أوقاته بالقيل والقال، ولا بد أن يخرج عن دائرة المباح إلى المكروه إذا كثر الكلام وطال المجلس، لا بد أن يكون للشيطان فيه نصيب، ثم بعد ذلك هناك أقوام وفئام من الناس لا يتورعون عن الكلام المحرم، ومع الأسف أنه قد يوجد بين بعض طلاب العلم، قد يوجد بين بعض طلاب العلم بعضهم كأنه نصب حكماً بين العباد، إذا جلس في مجلس ليس له هم إلا أن فلان قال، وفلان أفتى، وفلان زعم، وفلان ترك، فيأتي يوم القيامة مفلساً، وإن كان له أعمال.