يعني هل الفرار إلى الله -جل وعلا- بأن نركب المراكب الفضائية لنحلق بها إلى ما فوق العرش، نفر إليه بأبداننا إليه -جل وعلا-؟ أو نفر مما يبعدنا منه إلى ما يقربنا إليه؟ لأن التقريب هو أقرب إلينا من حبل الوريد، وأقرب للإنسان من عنق راحلته؛ لكن القرب ثابت لله -جل وعلا- لكن قربنا إليه؟ قربه إلينا ثابت بالنصوص، لكن قربنا إليه بما يقربنا إليه من فعل أوامره، واجتناب نواهيه، و((أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد)) ففروا إلى الله: فروا إلى ما يقربكم إليه، فعلى الإنسان أن يفر إلى الله -جل وعلا-، إذا جلس معه أناس وطال بهم المجلس وهناك مكان يمكن أن يختفي به عن هؤلاء، وراغ عنهم بخفية، وانسل إلى هذا المكان، وجلس يذكر الله، ويقرأ القرآن، بحيث لا يلفت أنظارهم إليه، أو يصلي ركعتين ثم رجع إليهم، وكأن شيئاً لم يكن هذا فرار إلى الله.
{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [(50) سورة الذاريات] وأمثال ذلك كثيرة، يعني أقل ما يكون فرار القلب إلى الله -جل وعلا-، وكم من إنسان يخالط الناس من خواص المسلمين من عُبَّادهم، من علمائهم، من فُضَلَائِهِم تجده يُخالط الناس ببدنه وقلبه مُعلق بالله -جل وعلا-، {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} [(50) سورة الذاريات]...