الرسول -عليه الصلاة والسلام- أحرم بعد صلاة، وهي صلاة الصبح على قول النووي أو الظهر على قول ابن القيم، فدل على أنه ينبغي أن يكون الإحرام بعد صلاة، وجاء الأمر بالصلاة قبل الإحرام، في صحيح البخاري: ((صل في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة)) ولا نعلم ما لو لم تكن أو لم يكن إحرامه - عليه الصلاة والسلام - بعد الفريضة ماذا سيصنع؟!؛ ولذا يرى جمهور أهل العلم أن الإحرام له صلاة؛ فإن وقع بعد فريضةٍ فهو أولى، وإن لم يقع بعد فريضة صلى ركعتين للإحرام، وهذا مذهب العلماء كافة، كما قال النووي وابن عبد البر وغيرهما، نقل الخلاف عن الحسن البصري وبعض التابعين، من أهل العلم من يقول أنه ليس هناك صلاة للإحرام، وإنما وقع اتفاقاً أنه صلى الفريضة ثم أحرم؛ لكن الأمر: ((صل في هذا الوادي المبارك)) يعني غاية ما في الأمر أنها تداخلت صلاة الإحرام مع صلاة الظهر، ومعلوم أنه إذا اجتمع هناك عبادتان، صغرى وكبرى، لم تكن إحداهما متعلقة بالأخرى، ولا يكون فعلها على جهة القضاء، فإنها تدخل إحداهما في الأخرى، تدخل الصغرى في الكبرى، وهذه قاعدة عند أهل العلم، على أن من الشافعية من يرى أنها صلاة خاصة فلا تدخل في الفرض، ولا تجزئ عنها الفريضة؛ بل لا بد من هاتين الركعتين للإحرام.
على كل حال جماهير أهل العلم؛ بل هو مذهب العلماء كافة فيما نقله النووي وغيره ولم يخالف في ذلك إلا نفر يسير أن الإحرام له صلاة، وعلى كل حال إن وافق فريضة فبها ونعمت وهو الأولى والأكمل خروجاً من الخلاف، وإن لم يوافق ويصادف فريضة وكان الوقت وقت مطلق غير وقت نهي، فالأولى أن يصلي الإنسان ركعتين ليقع إحرامه بعد صلاة، إن كان الوقت وقت نهي ثبت في الصحيح عن عقبة بن عامر من حديث عمر وغيره النهي عن الصلاة في أوقات النهي، فلا تعارض هذه النواهي بمثل هذه السنة.