((والنصح لكل مسلم))، حتى أن جريرًا من باب النصح اشترى فرساً بثلاثمائة، ثم لما تم العقد قال لصاحبه: فرسك يستحق أكثر من ثلاثمائة، أتبيعه بأربعمائة؟ قال: نعم، فلما قال: نعم، قال: فرسك يستحق أكثر من ذلك، فما زال به إلى أن صارت القيمة ثلاثة أضعاف، كل هذا من النصح. والباعة -لا أقول كلهم بل غالبهم-، مسالكهم تختلف عن هذا كثيراً، تجد الشخص يجد سلعة عند شخص ارتفعت قيمتها، لكن صاحب هذا المحل لم يعرف، وهي موجودة عنده من قديم، فإذا قال له: هذه السلعة بخمسمائة ويعرف المشتري أنها وصلت إلى ألف، قال: "لا يا أخي خمسمائة كثير، خلها أن تكون بثلاثمائة"، ما يقول سلعتك تستحق أكثر مثلما قال جرير، لا. لعلها تكون بثلاثمائة وهو موافق على أن يشتريها بخمسمائة، لكن لو قال اشتريت مباشرة أعاد النظر، قال: "ما جزم وشرى بهذه السرعة إلا أن فيها غبن ونزول"، فتجد المشتري يماكس وإن كانت القيمة نازلة؛ بل بعضهم قد يدلس، ويقول إنه رآها تباع بكذا، وقد رآها قبل عشر سنوات مثلاً، فيقول: "أنا والله حضرتها بيعت بثلاثمائة"، هذا يمكن قبل عشر سنوات. هو ما كذب قد رآها، لكن متى؟ فيختلف، والأقيام تختلف من وقت إلى آخر. فعلى الإنسان أن ينصح لكل مسلم، وثق ثقة تامة أن النصيحة لن تخسِّرك في دنياك أبداً، بل الربح هو الظاهر، رأينا من أرباب التجارات من ينصح المشتري، يقول: "أنا -والله- السلعة عندي هذه اشتريتها بسعر مرتفع ولا أبيعها بخسارة، لكن هي عند فلان يبيعها بأقل؛ لأنه تيسر له أن يشتريها بأقل"، هذا نصح للمشتري، فكما يحصل النصح للبائع يحصل النصح للمشتري، وهكذا. فالنصح لعامة المسلمين مطلوب كالنصح لخاصتهم.