الخاسر في الحقيقة هو: الفاسق، الذي ينقض العهود، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل، ويفسد في الأرض، وهذا هو الخسران الحقيقي. أما الذي يبيع السلعة بخسارة يسيرة، فيشتري بألف ويبيع بثمانمائة أو تسعمائة؛ فهذا خاسر في العرف. وإلا فما موقع الدنيا بالنسبة إلى الآخرة؟! عمر الإنسان -مهما طال- محدود، وأنفاسه معدودة، ولو عاش حياته كلها على المصائب وعلى الفقر والحاجة والفاقة والجوع والخوف، فكل هذا لا شيء بالنسبة لكربة من كرب يوم القيامة، وما خسر الخاسرون إلا لأنهم صاروا إلى النار المؤبدة عليهم، عذاب لا ينقضي، وهمٌّ لا يزول، بخلاف الصنف الثاني الذين اتصفوا بضد هذه الأوصاف، الذين لزموا طاعة الله -سبحانه وتعالى- بفعل الأوامر واجتناب النواهي، وهم المتقون الذي يَصِلُون ما أمر الله به أن يوصَل، ويصلحون في الأرض بأعمالهم الصالحة، فيَصلُحون بأنفسهم ويُصلِحون غيرهم، فمن حقق هذه الأوصاف نال الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، كما أن أوصاف الخاسرين من اتصف بها خسر خسرانًا مبينا لا ربح بعده ولا فلاح معه ولا فوز ولا نجاح.