حديث مُطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير، عن أبيه، مُطرِّف بن عبد الله سَيِّدٌ جليل من ساداتْ التَّابعين، وأبُوهُ صحابي، يقولُ: ((رأيتُ رسُول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يُصلِّي وفي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كأزِيزِ المِرْجَلْ)) القِدْر إذا كان على النَّار وهو يَفُور، مع الأسف إنَّ هذا يكاد أنْ يكون ممَّا انْدَرَسْ، حتَّى مع الأسف الشَّديد منْ بعض طُلاَّب العلم، ولا أُبالغ إذا قلت إنَّ بعض العامَّة قد يُوجد منهُ مثل هذا الأمر، وكثير من طُلاَّب العلم بسبب الغفلة والانشغال فيما لا فائدة فيه؛ لمَّا فُتِح على طُلاَّب العلم أبواب الجرح والتَّعديل التِّي لا يستفيد منها الكثير، هذا صار لهُ عُقُوبات، صار لهُ حرمان من بركة العلم والعمل، أنا لا أقول كُلّ طُلاَّب العلم بهذه المكانة؛ لكنَّهُ موجُود على كُلِّ حال, بعض طُلاَّب العلم مع الأسف هَمُّهُ قال فُلان، قال عَلاَّن، القَدْح في العُلماء، عليكَ بخويصة نفسك، أَلْزَمْ ما عليك نَفْسِك، أَصْلِحْ نَفْسِكْ أوَّلاً، تَفَقَّد الخلل الذِّي لديك، يعني يَنْدُر أنْ نَسْمَع منْ يُصلِّي وفي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المِرْجَلْ من البُكاء، مَنْ قَلْبُهُ حاضِر في صَلاتِهِ، يَتَدَبَّر ما يقرأ ويَتَأَمَّلْ، واللهُ المُستعان، والأزِيزْ: هو الصَّوت النَّاتِج من الغَلَيَانْ، غَلَيَانْ القِدْر إذا وُضِع على النَّار يَفُورْ، وخَرَّج البُخاري عن عُمر -رضي الله عنهُ- أنَّهُ قَرَأَ سُورة يُوسف حتًّى إذا بَلَغَ قَوْلَهُ -جلَّ وعلا-: {إنَّما أشكُو بثِّي وحُزْنِي إلى الله} سُمِعَ نَشِيجُهُ -رضي الله عنهُ وأرضاهُ-، وإلى وقتٍ قريب ونحنُ نسمع من الأئِمَّة ومن خلفهم مثل هذا الأمر، وإلى وقتٍ قريب أيضاً في ليلة الثالث عشر أو الثاني عشر عند قراءة سُورة هُود الثاني عشر أو الثَّالث عشر النَّاس يبكُون، يُسْمَع لهم شيء من هذا كثير، وبعضُ الأئِمَّة يُقْصَدُ وإنْ لم يَكُنْ صَوتُهُ من الجمال بحيث يُؤثِّر في النَّاس؛ لكنَّهُ يَتَأَثَّر ويُؤَثِّرْ، وإنْ كانَ الحديثُ الوارد في هُود وأنَّ النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- سُئِلَ عنْ شَيْبِهِ، سَأَلَهُ أبُو بكر أراكَ شِبْتَ يا رسُول الله!، قال: ((شَيَّبَتْنِي هُود وأخَوَاتُها))؛ لكنْ هُود لا شكَّ أنَّها مُؤَثِّرَة، الخَبَر مُضْطَرِبْ، وبَعْضُهُم يُرَجِّح بعض الرِّوايات على بعض ويَنْتَفِي الاضْطِراب؛ ولكن على كُلِّ حال هي مُؤَثِّرة سَواءً ثَبَتَ الخبر أو لم يَثْبُتْ، وعندنا بعض النَّاس يَقْرَأْ سُورة هُود وكأنَّهُ يَقْرَأ جريدة! يعني لا أَثَرْ ولا تأثِيرْ – نَسْأَلْ الله العافِيَة -، وهذا يُخْشَى أنْ يكُون منْ مَسْخْ القُلُوب، ومَعْلُومٌ أنَّ مَسْخ القُلُوب أشَدّ من مَسْخ الأبْدَان، فَعَلَيْنَا جمِيعاً أنْ نَعْتَنِي بهذا الباب.