من أرادَ أنْ يعتبر ويَدَّكِرْ كما قال القُرطبي في تفسير: ألهاكم التَّكاثر، يقول: من أراد الاعتبار والادِّكَار يَزُور المقابر، يقول: إنْ كانَ مع كثرة زِيَارَتِهِ للمقابر قَدْ قَلَّ أَثَرُها في نَفْسِهِ، تَأْثِيرُها عليه؛ فَلْيَحْضُر المُحْتَضَرِين، حال سُبحان الله العظيم، من شَاهَدَها لا شكَّ أنَّها تُؤَثِّر مَنْ في قَلْبِهِ أَدْنَى حَيَاة؛ لكنْ المَيِّتْ ما لِجُرْحٍ بِمَيِّت إيلامُ! قلب المَيِّتْ ما فيه فايدة! ويُشارك في التَّغسيل ويحضُر الجَنَائِزْ، ومع ذلكم بعض النَّاس يشهد هذه المشاهد ولا تُؤَثِّر فيه شيء، لا شكَّ أنَّ كثرة الإمْسَاسْ، وكثرة مُعاناة هذهِ الأُمُور قد تُخَفِّفُها على النَّفس؛ لكنْ يَبْقَى أنَّها لا بُدَّ من اسْتِحْضَارْ حال الإنْسَانْ في هذا الظَّرْف، فَمَنْ اسْتَحْضَرَ حَالَهُ في هذا الظَّرْف لا بُدَّ أنْ يَتَأَثَّرْ، وعُثمان -رضي اللهُ عنهُ وأَرْضَاه- إذا رَأَى القبر بَكَى بُكَاءً شديداً، يقول: هذا أوَّل منازل الآخرة، يعني إذا نَجِينا من هذا المنزل خلاص عَتَقْنَا، ويُوجد الآنْ رَأْيَ العَيْن مَنْ يُدَخِّنْ على شَفِيرِ القبر! موجود، وليسَ بشابّ – لا – كهل، نصف لحيته أبيض، ويُدَخِّنْ على شَفِير القبر، فضلًا عَمَّنْ يَبِيع ويَشْتَرِي ومواعِيد ونُكت في المقبرة! واللهُ المُستعان.