وعن نُبيشة الهُذلي، يُقال لهُ نُبيشة الخير -رضي اللهُ تعالى عنهُ- قال : قال رسُولُ الله -صلَّى الله عليهِ وسلَّم-: ((أيَّامُ التَّشريقِ أيَّامُ أكلٍ وشُرْب ، وذكرٍ لله -عزَّ وجل-)) أيَّامُ أكلٍ وشُرْب، وهذا خبر متَضَمَّن للنَّهي، وعند أهل العلم أنَّ النَّهي إذا جاء بِصِيغة الخبر كانَ ابْلَغ من النَّهي الصَّريح ((أيَّامُ أكلٍ وشُرْب، وذكرٍ لله -عزَّ وجل-)) وهل هذا النَّهي تحريم أو تنزيه؟ الأصل في النَّهي التَّحريم وقالَ بِهِ جمعٌ من أهلِ العلم وأنَّها مُلْحَقة بالعيد، حُكمُها حكمُه وإنْ لم تكُن في منزِلتِهِ في قُوَّة التَّحريم؛ لأنَّهُ خُفِّفَ في أمرِها بالنِّسبةِ لِمن لمْ يَجِد الهَدْي، وأمَّا يومُ العيد فلا يُصامُ بِحال، وما دَخَلَهُ الاستِثناء أَخَفُّ حُكماً مِمَّا لم يَدْخُلُهُ الاسْتِثْنَاء؛ ولذا جاء عن عائشة وابن عُمر -رضي الله عنهما- قالا: "لمْ يُرخِّص في أيَّام التَّشريق أنْ يُصَمْنَ إلاَّ لِمن لم يَجِد الهدي" رواهُ البُخاري، الذِّي لم يجد الهَدْي يَلْزَمُهُ صِيَامُ ثلاثة أيَّامٍ في الحج وسَبْعَةٍ إذا رَجَع إلى أهلِهِ، صِيَامُ ثلاثة أيَّامٍ في الحج الأصل أنْ تكُون قبل عَرَفة، فالذِّي لا يجد الهَدْي يُحْرِم بالحج... متى؟! بحيث يَتَمَكَّن منْ صِيَام الثَّلاثة أيَّام قبل يوم عَرَفة على الخِلاف في صوم يوم عرفة على ما سيأتي، يَصُوم السَّادس والسَّابع والثَّامن، فَيُحرِم قبل السَّادس لتكون في أيَّام الحج؛ فليكُن صَومُهُ في الحج في الثَّلاثة أيام؛ لكنْ عندهُ نَفَقَة، وعندهُ دراهم يستطيع أنْ يَشْتَرِي بها اهَدْي، في يوم عَرفة سُرق المبلغ الذِّي معهُ لِيَشتري بِهِ الهَدْي! الآن ما بَقِي عندَهُ أنْ يَصُوم مِنْ أيَّام الحج إلاَّ أيَّام التَّشريق، فَيَصُوم أيَّام التَّشْرِيق؛ ولِذا جاء: ((لمْ يُرخِّص في أيَّام التَّشريق أنْ يُصَمْنَ إلاَّ لِمن لم يَجِد الهدي)) [رواهُ البُخاري].