يقول في حديث أبي هريرة: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا جلس))" يعني الرجل، وحذف للعلم به، ((بين شعبها)) الضمائر ضمير المذكر للمذكر، وضمير المؤنث للمؤنث، لو أراد المرأة لقال: إذا جلست بين شعبه، تتغير الضمائر، لكن الجلوس مسند إلى الرجل، إذا جلس يعني الرجل بين شعبها يعني المرأة، الأربع.
الشعب الأربع قيل: هي يداها ورجلاها، وقيل: غير ذلك، فالمقصود أن الكل كناية عن الجماع، ما يحتاج إلى مزيد تفصيل في هذا الباب؛ لأنه واضح، نعم، أقول: ما نحتاج إلى تفصيل، وقد كان الناس يخفى عليهم الشيء الكثير من بداهيات هذا الأمر إلى وقت قريب، ثم جاءت وسائل الشر المقروءة والمسموعة فصار يطلع على مثل هذه الأمور حتى الصبيان، فإلى الله المشتكى، وكان الناس إلى وقت قريب مثل هذه الأمور قبل الدخول بليلة يعرف مثل هذه الأمور، قبل ذلك لا يدري.
النووي -رحمة الله عليه- مكث شهرين يغتسل من قرقرة البطن، يقرأ في كتب الفقه أن الموجب للغسل إيجاب حشفة أصلية في فرج...، فظن هذا هو، قرقرة قال: هذا موجب للغسل، ما يعرفون هذه الأمور، في غفلة تامة عن هذه الأمور، لكن الآن لو تسأل أصغر الصبيان ذكر لك بالتفصيل شيء لا تعرفه، كله بسبب هذه الوسائل الوافدة التي القصد منها والهدف تدمير الأخلاق، وهي من أقوى وسائل الهدم وإفساد البيوت والمجتمعات، من المؤسف والأسف شديد أن بعض الناس ممن يتصف بالعقل، أو يدعي لنفسه العقل يجلب هذه الأمور وهذه الشرور إلى بيته، فيجني على نفسه أولاً، وعلى من تحت يده، وكم مُني الناس بالكوارث والمصائب بسبب اتخاذ هذه الآلات واستعمالها، نسأل الله السلامة والعافية، والغش ظاهر للرعية، فيمن يقتني مثل هذه الآلات، وإن ادعى ما ادعى أنه يراقبها، وأنه يستعملها فيما يباح من أخبار وما أشبه ذلك، لكن حتى الأخبار هل تسلم من الشر؟ من الذي يقدم الأخبار في هذه القنوات؟ من الذي يسلط عليه الضوء في هذه الأخبار من اللقطات، تجد هؤلاء الأشرار يسلطون الأضواء على المومسات الفاتنات، نسأل الله العافية، وتجد الإنسان يزعم أنه ينظر إلى الأخبار، ويستمع الأخبار، ويعتني بالأخبار، وقد أصابته دعوة أم جريج، ينظر في وجوه المومسات صباح مساء، ويظن هذا أمر عادي، ولا يدري كيف أثر هذا الأمر على قلبه وعلى ولده؟ والأسئلة كثيرة، والمصائب كبيرة التي جرتها هذه الآلات، فكم من امرأة تتصل تشتكي زوجها، أنه يمكث الأشهر لا ينام مع امرأته في فراشها، فإذا رأى هذه الصور الفاتنة الماجنة ازدرى زوجته، وزهد بها، وكم من مصيبة وقعت بين الأب وبنته، والابن وأمه، وبين الأخ وأخته، حدث ولا حرج من المصائب والكوارث التي امتلأت بها البيوت، والمعصوم من عصمه الله، والجاني الأول هو المتسبب، ولا يعذر المباشر، على كل حال الذي جرنا إلى هذا أننا لا نحتاج إلى تفصيل معنى ((إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها)) لأن هذا كان غير معروف عند الناس، فيشرح في كتب الحديث، ويوضح ويبين إيش معنى هذا الكلام؟ لأن مثل هذا الكلام وإن كان كلاماً في الأصل قبيح ينبغي أن لا يباح به، إلا أن الحاجة تقتضي ذلك، كيف يبين الحكم الشرعي المستنبط من هذا الحديث والحديث ما فهم أصلاً؟ لا بد منه، لكن في مثل هذه الأوقات كثير من الناس لا يحتاج إلى بيان، يعرفه.