الأُمُور القَلبِيَّة مُعضِلَة، ونحنُ نَغفُلُ عنها كثيراً، ولَا نَسعَى في إصلَاحِها، ولَا نَتَحَسَّس الخلل فيها؛ لِنَسعَى في عِلَاجِها، أبداً ماشين والقلوب والله المُستعان كل ما لها تَزِيد قَسوَة، والوَضع شيء مُدرَك ومَحسُوس، يعني الآن يَختَلِف اختلاف كبير عَمَّا قبل عشرين سنة، وما قبل عشرين سنة يَختَلِف اختِلَافاً كبيراً عَمَّا قبل أربعين سنة، يعني الأعمَال الظَّاهرة فيها كَثرَة الآن، وقد تكون أفضل من ذي قبل؛ لا سِيَّما في أوسَاط الشَّباب، يعني أَدرَكنا النَّاس وعُمَّار المساجد وهم كبار السِّن، والشَّباب يَندُر أن تَجِد شابّ يُصلِّي لا سِيَّما النَّوافل مِن تَرَاوِيح ومِن تَهَجُّد، الآن هُم عُمَّار المساجد؛ لكن هل القُلُوب قبل أن تُفتح الدُّنيا مثل القُلُوب بعدَ أن فُتِحَت؟! والله اختَلَفَت اختِلَاف جَذرِي، وإذا تَحَدَّثَ الإنسَان، أو فكَّر في هذه الأمور تَمَنَّى أن لَو مات قبل عِشرِين أو ثلاثين سنة! لأنَّ القُلُوب اختَلَفَت، كل إنسان يُحِسّ، ويَلمَس هذا من نفسِهِ، وَوَضعُنا يَختَلِف، وإن كان يعني العلم عليه إقبَال، والعمَل أيضاً عليهِ إقبَال، والأُمُور الظَّاهرة مَاشِيَة ولله الحَمد؛ لَكِن يَبقَى أنَّ القُلُوب هي المُعَوَّل عليها، {يَومَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَن أَتَى اللَّهَ بِقَلبٍ سَلِيمٍ} [( 88 ، 89 ) الشعراء]، تغيَّرت! تَجِد الوَاعِظ المُؤثِّر في النَّاس الذِّي يُبكِيهِم سَابقاً؛ تَجِدُهُ الآن مثل الناس! المَكَاسِب، والمَطَاعِم، والمَشَارِب، كل شيء تغيَّر مع انفِتَاح الدُّنيَا، واللهُ المُستَعَان.