لما ذكر ابن الصَّلاح أنَّ أحاديث البُخاري ومُسلم، يعني ما خُرِّج في الصَّحيحين يُفيد القطع، قال: "سِوى أحرُف يسيرة تكلَّم عليها بعض الحُفَّاظ كالدَّارقُطني وغيرهِ" هذهِ الأشياء التِّي تَكَلَّمُوا فيها ليست قَطْعِيَّة الثُّبُوت كالأحاديث التِّي لم يتكلَّم فيها، هذا كلام ابن الصَّلاح "سِوى أحرُف يسيرة تكلَّم عليها بعض الحُفَّاظ كالدَّارقُطني وغيرهِ" فهذهِ مُسْتَثْنَاة مِمَّا حكم له ابن الصَّلاح أنَّهُ يُفيد القطع، يقول: "فهي مُسْتَثْنَاة من دعوى الإجماع على صِحَّةِ حَدِيثهما وقد ذكر الجواب على مَنْ خالف بصحة تلك الأحاديث النَّادرة" نعم أُجِيب عن أحاديث الصَّحيحين التِّي انْتُقِدَتْ، أجاب الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وفي مُقدِّمة الفتح عن الأحاديث التِّي تكلَّم فيها الدَّارقُطني، أجاب النَّووي -رحمهُ الله- عن الأحاديث التِّي تكلَّمَ عليها الدَّارقطني في صحيح مُسلم، أَجَابُوا، والغالب أنَّ الصَّواب مع البُخاري ومُسلم؛ لكنْ قد يَذْكُر الدَّارقُطني شيئاً لا يستطيع أهل العلم الإجابة عليهِ؛ لكنْ لو كان البُخاري أو مُسلم موجُود؛ أجَابُوا براحة! لأنَّهُ قد يُدْرِك الدَّارقُطني من العِلَل ما لا يُدْرِكُهُ من جَاءَ بعدهُ؛ لكنْ ماذا عن الدَّارقُطني لو كان البُخاري ومُسلم موجُودين؟! يمكن يتغيَّر الوضع؛ ولِذا نقول: الغالب أنَّ الإصابة مع الشَّيخين، وإذا كان الدَّارقُطْنِي إمام في هذا الشَّأْن وله وجه أنْ يَنْتَقِد، فماذا عن آحاد الصِّبْيَان الذِّين لا يَعْرِفُون من هذا العِلْم إلا اسْمُهُ! ويَنْتَقِدُون البُخاري ومُسلم! ويقولُ بعضهم مِمَّن لا علاقة لهُ بالحديث في البُخاري أكثر من خمسمائة حديث ضعيف! ويكتب كاتِبَهم من أهل الهوى -نسأل الله السَّلامة والعافية- من المُغْرِضِينْ، يقول إنقاذُ الأُمَّة منْ افتراءات البُخاري ما أدري إيش تكملة العنوان، شخص لا علاقة لهُ لا من قريب ولا من بعيد بالحديث! ويكتب في مُجلَّد! وبعضُ النَّاس يُسَخِّرُونَ أنْفُسَهُم لِخِدْمَةِ الأعداء، ولا شكَّ أنَّ الدِّراسة على أيدي المُستشرقين لهذا العِلْم وغيرِهِ؛ لا شكَّ أنَّها أفْرَزَت مثل هذه التَّصَرُّفاتْ، وإلاَّ ما كان أحد من الأُمَّة يَتَطَاوَل على الصَّحيحين؛ لكنْ المُسْتَشْرِقينْ يَخْدِمُون غَرَضاً عندهم، وهو نُصْرَة دينهم، وتشكيك المُسلمين في دِينِهِم، يَخْدِمُون هدف فماذا عن المُسلمين الذِّينَ دَرَسُوا عندهم، واقتنعُوا بآرائهم! ليسَ ذلك إلاَّ مُجَارَاةً لَهُم؛ لأنَّ شُيُوخهم ونتائج شهادَاتُهُم بِأيْدِيهم، يعني مِمَّن لا يكتب مثل هذا الكتاب ما مُنِح الشَّهادة! ومن هُنا دخل الخلل علينا! وصَارْ لَهُمْ أَذْنَابْ منْ بَيْننا، ويكتبُون بألسنتهم ما يُريدُونْ، وإلاَّ ما كان أحد يجْرُؤ على الصَّحيحين؛ ولِِزاماً على كل طالب علم أنْ يُدَافِع عن الصَّحيحين، وعَنْ سُنَّة النبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-، وإذا تَطَاوَلَ النَّاس على الصَّحيحين ما بَقِيَ لنا شيء! سهل أنْ يُنسف حديث في المُسْنَدْ أو في سُنن أبي داود إذا تَكَلَّمنا في الصَّحيحين! وكُل شخص لا يُناسِبُهُ حديث يَطْعَنْ فيهِ، مُبْتَدِعة من المُعتزلة وغيرهم طعَنُهم في السُّنَّة قديم؛ لكنْ يَبْقَى أنَّهُ مع الأسف أنَّهُ وُجِدْ مِنْ جِلْدَتِنا من يَنْصُرُ أعْدَاءنا وهو لا يشعر! ويَتَكَلَّمْ بِأَلْسِنَتِهِم؛ وإنْ تَكَلَّمَ بِلِسَانِنا في الظَّاهِر! لكنْ مع ذلك على الإنسان أنْ يَهْتَم لهذا الأمر، ولا يقبل كل دعوى، ومنهُم منْ يَزْعُم أنَّ البُخاري مملُوء بالإسرائيليَّات، ولا بُدَّ منْ تَطْهِيرِهِ، ولا بُدَّ منْ تَنْقِيَتِهِ! فمثل هذا لا يُمْكِنْ أنْ يَرُوج على أهل الحقّ -إنْ شاء الله تعالى-، وإنْ كَانَ الآنْ المَجَال مَفْتُوحْ، والشُّبَهْ تُسْمَع، شُبُهات وشَهَوات، ودَخَلَتْ على بُيُوت عَوامِّ المُسْلِمين؛ يعني لا شكَّ أنَّ هذا أمرٌ خطير، يعني من السَّهل أنْ يُقال في قناةٍ من القنوات حديث أبي هُريرة في صحيح البُخاري باطل! وجُيُوش مُجَنَّدة للطَّعن في الدِّينِ وأهلِهِ من خلال هذهِ القَنَواتْ، وعبر وسائل الإعلام المُختلفة!