الطاعات تخف على المخلص في إيمانه وتوحيده، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله مرافقته في الجنة: «أعِنِّي على نفسك بكثرة السجود» [مسلم (489)].
والرسول صلى الله عليه وسلم القدوة العظمى في مثل هذا، فقد قام صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه [البخاري (4836)، ومسلم (2891)]، وذلك لقوة إيمانه صلى الله عليه وسلم وإخلاصه وتوحيد قصده إلى الله -جل وعلا-.
وقد ورد في أخبار سلف هذه الأمة من يصلي في اليوم والليلة مئات الركعات، فالإمام أحمد رحمه الله حُفظ عنه أنه كان يصلي ثلاث مائة ركعة في يوم وليلة [مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي، ص382]، فكيف خفت عليه هذه العبادة؟!
ما ذاك إلا للتوحيد والإخلاص في الإيمان، ولما يرجوه العبد من الثواب، فيهون عليه ترك المعاصي لما يخشى من سخط الله وعقابه، ويخف عليه عمل الطاعات، ويعينه الله -جل وعلا- على تحقيق ما يريد من أمور الدين والدنيا.
وعن حذيفة رضي الله عنه، قال: «صليتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها، يقرأ مترسلًا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوَّذ، ثم ركع، فجعل يقول: «سبحان ربي العظيم»، فكان ركوعه نحوًا من قيامه، ثم قال: «سمع الله لمن حمده»، ثم قام طويلًا قريبًا مما ركع، ثم سجد، فقال: «سبحان ربي الأعلى»، فكان سجوده قريبًا من قيامه» [مسلم (772)].
فمن يطيق الصلاة على هذا الوجه وعلى هذه الطريقة؟! وقراءة أكثر من خمسة أجزاء على الوجه المأمور به لا تقل عن ساعتين.