الصحابة منهم القرابة ومنهم من صحب النبي -عليه الصلاة والسلام-، وشارك القرابة في هذا الوصف؛ لكنهم ليسوا من قرابته، وللطائفتين-أعني- القرابة والصحابة في عنق كل مسلم حق عظيم؛ لأنَّ القرابة هم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، والصحابة هم الذين حملوا الدين عنه -عليه الصلاة والسلام-، وبلغنا من طريقهم، يعني لولا جهود الصحابة في حفظ الدين، وحفظ ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، لو انقطعت الصِّلة بيننا وبينهم كيف يصل إلينا الدِّين؟ فلهم في أعناقنا مِنة عظيمة، فنترضّى عنهم ونتولاهم، وكذلك نحفظ حقّ قرابة النبي -عليه الصلاة والسلام- الذين وصانا بهم -عليه الصلاة والسلام-، بالنسبة للقرابة غلا فيهم فِرق الشيعة بما فيهم الرافضة والزيدية غلوا فيهم، وبالغوا في حقهم؛ لكن الرافضة رفضوا الصحابة وبما في ذلك أبو بكر وعمر، كفروهم وجعلوا جُل الصحابة ارتدوا بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبالغوا في حق القرابة، وصرفوا لهم ما لا يجوز صرفه من حقوق الله -جل وعلا-؛ فدخلوا في الشرك، يعني على مرأى ومسمع من الناس يقولون: يا علي يا حسين هذا الشرك الأكبر، بالغوا في هذا الباب، وقابلهم النواصب ومنهم الخوارج الذين كفروا علي -رضي الله تعالى عنه-، وكفروا غيره من الصحابة، كفروا علي وكفروا معاوية، وكفروا جل الصحابة ممن رضي بالتحكيم، وأهل السنة يتولون القرابة كما أنهم يتولون الصحابة، وينزلون كل إنسان منزلته في حدود ما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ومثل ما قررنا القرابة لهم حق عظيم {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [(23) سورة الشورى] فالقرابة لاشك أن لهم حقًّا عظيماً في عنق كل مسلم إلى قيام الساعة، والمقصود بالقرابة من هو على الجادة أوائلهم علي -رضي الله عنه-، والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر الصادق، كل هؤلاء أئمة حتى لأهل السنة يروون عنهم الأحاديث، ويتولَّونهم، ويرون أنهم الحق، وكذلك من تبع النبي -عليه الصلاة والسلام- على جادّته من أولادهم وأحفادهم إلى قيام الساعة، ويتولون الصحابة على ما ذكرنا، الرافضة غلوا في الصحابة، النواصب غلوا في القرابة وكفروا الصحابة! إلا نفر يسير هم مُدوَّنُون في كتب أهل العلم، وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- تولى الرد عليهم، وبيّن منزلة الصحابة، بالمقابل النواصب الذين نصبوا العداوة لأهل البيت وبالغوا في خصومهم من بني أمية، هؤلاء يُسمُّون نواصب، والخوارج يُكفِّرون علي، ويكفرون معاوية، ويكفرون الصحابة، ولذا سُمُّوا خوارج، فمن اتَّصف بهذا الوصف سُمِّيَ خارجيًّا، من كفّر المسلمين فهو خارجيّ، من كفَّر بالكبيرة خارجيّ، المقصود أنَّ من غلا بأهل البيت، ورفض غيرهم من الصحابة فهو رافضيّ، من غلا بأهل البيت، وقدَّمهم على غيرهم من الصحابة ولم يُكفِّرهم فهو زيدي؛ لأنّ الزيدية يتولون أبا بكر وعمر؛ لكنهم يُقدِّمون عليهما عليًّا -رضي الله عنه-؛ ولذا سُمُّوا رافضة؛ لأنهم رفضُوا الشيخين، والزيدية رفضوا زيد بن علي؛ لأنه تولى الشيخين فرفضوه فَسُمُّوا رافضة، وإلاَّ فالأصل واحد، والكلام والزمن والوقت لا يتَّسع لبسط مثل هذه المسائل؛ لكن الله -جل وعلا- هدى أهل السنة، واتبعوا نبيّهم -عليه الصلاة والسلام-، وآمنوا بما جاء به من كتابٍ وسُنَّة مما فيه مدح الطائفتين، مدح القرابة، ومدح الصحابة، فهم يتولون الصحابة كما يتولون القرابة، ولذا قال: "وفي أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الرافضة والخوارج" فهو وسط في هذا كله، فعرفوا لأهل الفضل فضلهم، سواء يستوي في ذلك الصحابة كما يتولون القرابة.