كثُر الحديث في الآونة الأخيرة، وتَطاول الكلام عن هيئات الأمر بالمعرُوف والنَّهي عن المُنكر، وذلك من قِبَل كُتَّاب بعض الصُّحُف، وأصبحُوا يَلْمِزُون أعضاء الهَيْئَات ويُهَاجِمُونَهُم ويَفْتَعِلُون القَصَص عليهم، ما رَأْيُ فَضيلتكُم في ذلك، وما هو دورُ المُسلم في الرَّدِّ على هؤُلاء الصَّحَفِيِّين الذِّين زَاغَتْ قُلُوبُهُم وأقلامُهُم؟
أما من يقع في رجال الحِسْبة؛ لأنَّهُم قامُوا بهذه الشَّعِيرة فَعَلى خطرٍ عظيم نسأل الله العَافية؛ لأنه ناتجٌ عن كُرهٍ لهذهِ الشَّعيرة لا لِذَواتهم، فالذِّي يَكْرَه ما أَنْزَل الله أو بَعْض ما أَنْزَل على مُحمد -عليه الصلاة والسلام- من الشَّعائِر كالأَمْرِ بالمَعْرُوف والنَّهي عن المُنكر لا شكَّ أنَّ هذا خطر، وهذا مِن سِيمَا المُنافقين -نسأل الله السَّلامة والعافية-، أمَّا من يَكْره زَيْداً من النَّاس، ولو كان من أَهْلِ الحِسْبَة لمُشَاحَّة دُنيويَّة فيما بينهُ وبينه فمِثل هذا يكون كالشَّخص العادي؛ لكنْ أَذِيَّة الآمرين بالمعرُوف ورجال الحِسْبة بدءاً من الكلام في أَعْرَاضِهِم، والتَّفَكُّه فيهم بمجالسهم، إلى أنْ يَصِل الأمر إلى حدِّ القَتْل، فهو مَقْرُونٌ بِأَذِيَّة الأنبياء الذين يقتلون الذِّين يَأْمُرُون بالقِسْطِ من النَّاس، هذا مَقْرونٌ بِقَتْلِ الأنبياء، فالأَمْر شَأْنُهُ عظيم، والكلام فيهم أَعْظَم من الكلام في غيرهم؛ لأنَّ الكلام في الإنسان المُجَرد عن الصِّفات الشَّرعية أَمْرُهُ أَخَفْ، وإنْ كانت غِيبةُ المُسْلِم حَرَام، والوُقُوع فِي عِرْضِهِ مِن الكَبَائِر؛ لكنْ يَبْقَى أنَّهُ إذا تَكَلَّمَ فِيه بِحَسَبِ ما يَحْمِلُهُ أو يَدْعُو إليهِ من عِلْمٍ أو أمرٍ بمعرُوف ونهي عن منكر فمثل هذا شأنُهُ عظيم، وعلى طالب العلم وعلى مُريد النَّجاة أنْ يَسْعَ بِجهدِهِ أنْ يُدَافِع عن هذهِ الثُّلَّة، وهذهِ الفِئَة لِيَدْخُل فِي زُمْرَتِهِم؛ لِيَكُون مُحِبًّا لهُم، فيكُون فِي الآخِرة مَعَ منْ أَحَب، وهذا أقل ما يُقَدَّم لهُم الدِّفَاع عنهم.