شأن الحج عظيم، وجاء في التَّرغيب بِهِ أحاديث كثيرةٌ جدًّا، ثبتَ عنهُ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- أنَّهُ قال: ((من حجَّ ولم يَرْفُث ولم يَفْسُق رَجَعَ من ذُنُوبِهِ كيوم ولدتهُ أُمُّهُ))، وجاءَ أيضاً: ((الحجُّ المبرُور ليسَ لهُ جزاءٌ إلاَّ الجَنَّة))، وهو واجبٌ على الفَوْر على القول المُحَقَّق عندَ أهل العلم، وإنْ قال كثيرٌ من أهل العلم إنَّهُ على التَّراخي؛ لكنْ جاءت النُّصُوص التِّي تَدُلُّ على أنَّهُ على الفور، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لمَّا فُرِضَ عليهِ الحج في السَّنة التَّاسعة على القول المُحَقَّق عند الإمام البُخاري، وابن القيِّم وغيرهِما أنَّهُ فُرِض في السَّنة التَّاسِعة، وحجَّ النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- في السَّنة العاشِرة – نعم – قد يقول قائل: لو كان على الفور لَحَجَّ في السَّنة التَّاسِعة! بعثَ النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- في السَّنة التَّاسعة أبا بكر، ثُمَّ أَرْدَفُهُ بعلي -رضي الله عنهما- منْ أجلِ أنْ يُبَلِّغا عن النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- ألاَّ يَحج بعد العام مُشرك، وألاَّ يطُوفَ بالبيتِ عُريان، فالنبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- لا يُطِيق هذهِ المناظِر؛ ولِذا أَخَّر الحج وهو واجبٌ على الفور منْ أجلِ ذلك، وكثيرٌ من المُسلمين الآن مع الأسَف الشَّديد أنَّهُ بِطَوْعِهِ واخْتِيَارِهِ منْ غيرِ أيِّ داعٍ يَنْظُر إلى العَوْرَاتْ من خلالِ وسائل الإعلام! لا يلزم أن تكون العورات المُغلَّظة؛ لكنْ هي عورة على كُلِّ حال، المرأة بالنِّسبة للرَّجُل عورة، والأمرُ أعظم من ذلك، ويُذْكَر أُمُور يُسْتَحى من تَخيُّلِها فضلاً عن ذِكْرِها!!! يَسْتَحِي الرَّجُل السَّويّ الذِّي على الفِطْرَة مِنْ مُجَرَّد التَّصَوُّر فضلاً من سَمَاعِ أخبارِها أو تَصَوُّرِها أو الكلامِ فيها!!! واللهُ المُستعان، إذا عَرَفْنَا هذا، وقُلنا إنَّ الحج واجب على الفور؛ فإنَّ من استطاع أنْ يَحُج ولم يَحُجّ آثم ، يَأْثَم إذا أخَّر الحج منْ غَيْرِ عُذْر، ومع الأسف أنَّهُ تُوجد أَعْذَار وَاهِيَة تُؤخَّر من أجْلِها هذهِ الشَّعيرة والفريضة، العام الماضي إذا قيل لبعضهم لم لا تحج؟، قال: والله السنة ربيع، ومع الأسف الشَّديد أنْ يُسْمَع مثل هذا الكلام بين المُسلمين!!! والله ربيع، وقبل ذلك، وقيل لهُ لم لا تحج؟! قال: والله تسليم البحث بعد الحج مُباشرة!!! لا أستطيع أنْ أحُجّ، ومثل هذهِ الأعذار، حِرص الصَّحابة على أداءِ هذهِ الشَّعيرة مع النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- شيء لا يَخْطُر على البال! امرأة يبدأُ الطَّلْقُ بها، الطَّلْق للولادة يبدأُ بها من بيتِها، وتخرُج لتَحُج مع النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- إجابةً لِنِدائِهِ ونِدَاء الله -جلَّ وعلا-! ومع ذلكم تلد في المحرم، في الميقات، بعد مسافة عشر كيلو ، بُيُوت المدينة يراها حديدُ البصر، هذا من حِرْصِهِم -رِضْوَان الله عليهم- على إبراءِ الذِّمَّة من الواجب وامتثالاً للمُسارعة والمُسابقة التِّي أَمَر اللهُ بها -جلَّ وعلا-، والإنسان لا يدري ماذا يَعْرِضُ لهُ، وإذا كانَ المُستطيع الذِّي أنْعَمَ اللهُ عليهِ بالصِّحَّة والعافية والمال ولم يَحُج، ولَمْ يَفِدْ إلى الله -جلَّ وعلا- كُلَّ خَمْسٍ مَحْرُوم! فكيف بمن تَرَك الفرض المُكَمِّل المُتَمِّم لدِينِهِ؟!