يوجد الآن قطيعة بين كثير من الناس بهذا السبب، مع الأسف الشديد أنه يوجد قطيعة بدون مبرر، بين الأقارب وبين الجيران، قطيعة بين الأقارب وبين الجيران بدون مبرر، يعني كلاهما على قلب رجل واحد، كلاهما على مستوى واحد من المحافظة والتدين، ومع ذلك هذا لا يدعو هذا، وهذا لا يدعو هذا، لماذا؟ هذا مما ابتلي به الناس اليوم، كثير من الناس يقول: والله ودي أتمنى أن أخي وأولاده يزوروننا أو إخوانه من الأب من الأم أو جيرانه يتمنى زيارته لكن مشكلة، عنده أولاد يعبثون بالأثاث وعنده...؛ لأن مسألة العناية بالمظاهر صارت على حساب الصلات.
يعني بعض البيوت التي تسرح الفرشات بالاستشوار، هذا في يوم من الأيام يبي يدعو أخاه أو جاره مع أطفالهم وبزرانهم يفسدون عليه هذا الأثاث، هذا يصعب عليه كثيراً، ووجدت القطيعة بهذا السبب، يعني صعب أنك تبي تدعو أخاك العزيز عليك أو جارك أو كذا وتجلسه أو أطفاله بملحق وإلا بارتداد وإلا بشيء، وصعب عليك أيضاً تدخل هؤلاء الأطفال في البيت يلعبون بالأثاث والتحف والمفروشات وكذا، فهذا له آثاره السلبية التي أوجدت قطيعة بين الأقارب والجيران، ومثل هذا ليس بمبرر للقطيعة إطلاقاً، هذا ليس بمبرر.
بعض الناس يتجاوز هذه ويقول: الصلة موجودة، وندعو الأقارب، وندعو الجيران، لكن باستراحة، ما لازم يخربون علينا، ويفسدون علينا، هذا يحقق بعض المصلحة، لكن أيضاً كونك تربأ بجارك أو بأخيك عن دخول بيتك هذه بعد مشكلة، فينبغي للمسلم، بل على المسلم أن يتجاوز مثل هذه الأمور يجعل تحقيق مراد الشرع فوق ما يريده هو، فوق ما يريده هو، ولذا العناية بهذه المظاهر من آثارها ما سمعتم، وهي في أصلها أيضاً سرف، ممنوعة من الأصل، كثير منها ممنوع؛ لأنه يدخل في باب السرف، وإذا أدى إلى هذه الحقيقة المرة ازداد سوءاً على سوء، فالجار له حق، والقريب له حق، والمسلم له حق، وإذا اجتمعت الحقوق صارت له ثلاثة حقوق.
العناية بالجار لتسود المودة والألفة والأخوة بين المسلمين، وجاء في الحديث: ((لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم)) يعني أقل الأحوال أن تكون مع جارك السلام عليكم، كيف حالك يا أبا فلان، وبعض الناس لا يتنزل لمثل هذه الأمور، وقد يقذف الشيطان في قلبه أنك إنسان لك منزلة، ولك مكانة، وسنك وعلمك خلي الحق لك يا أخي، كيف تتنازل أنت لتقول: يا فلان وتدعو فلان وتذهب إلى فلان لا يا أخي إن جاءوك وإلا الحق لك؟! لا شك أن هذا من تلبيس الشيطان، وفي الحديث الصحيح يقول: ((خيرهما الذي يبدأ بالسلام)) وعلى الكبير..، نعم الحق له، يعني إذا التقى الكبير مع الصغير الصغير يسلم على الكبير، لكن افترض أن الصغير ما سلم ألا يسلم الكبير ليدخل في حديث: ((خيرهما الذي يبدأ بالسلام))؟ ولد مع أبيه مر الولد ما سلم عليه يسلم الأب ويش المانع؟ عم مع ابن أخيه وهكذا، ينبغي للإنسان أن يكون مبادراً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يبادر الصبيان فيسلم عليهم، ومع الأسف أن الناس كلهم ينظرون إلى بعض العمال نظرة استحقار؛ لأن العامل تجده جالس، ثم يمر هذا فيقول العامل: السلام عليكم، يقول: شوف ها المسكين ذا يسلم وهو قاعد، نعم، خليه يسلم ويش صار؟ يعني صحيح أنك أنت أولى منه بالسلام لكن تركت الأولوية خله يأخذ الأجر، يعني ليس معنى هذا أن الكبير يسقط عنه السلام، أو الجالس أو الراكب أو ما أشبه ذلك، لا، نعم فصحيح أن هذا يكون أولى بالسلام، الصغير أولى بالسلام بالبداءة من الكبير، لكن إذا بدأ الكبير صار خير الاثنين، وبعض الناس يرفع رأسه ويقول: أنا الحق لي، ومتى ما سلم ردينا وإلا بهواه.
يا أخي الصلة مطلوبة من الطرفين، وهذا يكثر بين الأقارب، يقول: والله أنا عمه أنا الحق له أنا بمثال أبوه، عم الرجل صنو أبيه صحيح هذا صحيح، لكن لا صار محروم ما تصير أنت المبادر؟! فالمبادرة من المسلم مطلوبة، فليظفر المسلم بهذا الأجر.