لا شك أن هذه الأذكار التي جاء الحث عليها في مواضعها، ورُتب على بعضها الحفظ، أن لها أثرًا في حفظ الإنسان من الشرور والآفات، وعلى كل حال هي أسباب، فإذا توافرت هذه الأسباب وانتفت الموانع ترتَّب هذا الحفظ عليها، وأما إذا وُجد ما يمنع؛ لأن حكمها حكم الأدعية، هي أسباب إن وجد ما يعارضها من الموانع فإنها لا تترتب عليها آثارها، وقد توجد هذه الأسباب كالدعاء، ولا يترتب عليها أثرها في الظاهر، مع أنه يُكافَأ على فعلها بالأجر والثواب من الله -جل علا-، ويدَّخر له في الآخرة ما هو أعظم من ذلك، أو يُدفع عنه من الشرور والآفات أكثر من ذلك. المقصود أنه ليس من اللازم حصول الأثر المُرتَّب على ذلك؛ لئلا يقول قائل: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- سُحِر ومَرِض -عليه الصلاة والسلام-، فهل فرَّط في هذه الأمور التي حث عليها؟! إنما حصل له ذلك؛ لحكمة عظيمة، فيحصل له مثل هذا لمصلحه راجحة، وتشريع يتعلق بما يَعرض له -عليه الصلاة والسلام-، كما حصل له بالنسبة للنسيان: «إني لَأَنْسَى أو أُنَسَّى لِأَسُنَّ» [الموطأ: 1/100]، وحصل له النوم عن صلاة الصبح؛ لمصالح وفوائد وأحكام تترتب على مثل هذا.
المقصود أنها أسباب فلا بد مع توافر الأسباب من انتفاء الموانع، وقد تتوافر الأسباب وتنتفي الموانع، ولا يحصل ما رُتب على ذلك؛ لأنه يُدَّخر للإنسان ما هو أعظم منه كالدعاء.