مواطن إجابة الدعاء هناك أوقات وأزمان وهناك أماكن:
- فمن الأزمان التي جاء النص فيها على أنها وقت لإجابة الدعاء: الثلث الأخير من الليل، وقت النزول الإلهي، وبين الأذان والإقامة، وبعد المكتوبة، وفي آخر ساعة من الجمعة، ومن دخول الخطيب يوم الجمعة، وفي عشية عرفة، وليلة القدر، وفي ليالي رمضان، وغيرها، المقصود أن أوقات إجابة الدعاء كثيرة وجاءت بها النصوص، فليتعرض المسلم لنفحات الله ولا يترك هذه الفرص تفوته.
- وأما بالنسبة للأماكن: الحِجْر جزء من الكعبة، قصرت النفقة بقريش فما أدخلوه؛ لأن النفقة قصرتْ دونه، وتمنى النبي -عليه الصلاة والسلام- بل ذكر أن لولا أن قريشًا حديثو عهد بجاهلية لنقض الكعبة وبناها على قواعد إبراهيم، يعني وأدخل الحجر، ثم بعد ذلك مضى الأمر على عهده -عليه الصلاة والسلام- وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي –رضي الله عنهم- والأمر على ماكان عليه، ثم جاء ابن الزبير –رضي الله عنه- فنقضها وأعادها على قواعد إبراهيم وأدخل الحجر باعتباره جزءًا من الكعبة، ثم نُقضت بعد ذلك وأُعيدت على ما كان عليه الأمر في عهده -عليه الصلاة والسلام-، ثم استشير الإمام مالك فقال: لا، ومنع؛ لئلا تكون ملعبةً للملوك كل مَن جاء أراد أن يكسب هذا الشرف في بناء الكعبة فنقض وبنى، ثم يأتي مَن بعده فينقض ويبني، فمنع الإمام مالك؛ لئلا تكون ملعبة، فتُترك كما هي ولو تمنى النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تعاد على قواعد إبراهيم خشية الفتنة وخشية القيل والقال من عموم الناس، المقصود أن الحِجر جزء من الكعبة.
والملتزَم وهو بين الركن والباب جاء أن فيه دعوة مستجابة، لكن ليس فيه شيء مرفوع، وإنما فعله بعض الصحابة –رضي الله عنهم-، التزمه بعضهم كابن عمر، وابن عباس –رضي الله عنهم-، وبعض التابعين، المقصود أن مثل هذا يُرجى فيه أن تستجاب الدعوة؛ لفعل هؤلاء الأخيار من صحابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأما شيء مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا أعرف شيئًا مرفوعًا.
وأما بالنسبة للروضة الشريفة بين المنبر وبيت النبي -عليه الصلاة والسلام- فجاء في الحديث الصحيح «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» [البخاري: 1195]، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا» [الترمذي: 3510]، وهذه روضة بالنص، وقد أُمرنا أن نرتع برياض الجنة، وهذه منها، فعلينا أن نرتع فنُصلي فيها ونذكر الله ونتلو القرآن وندعو الله -جل وعلا- في هذه الروضة من رياض الجنة، وهذا معنى «ارتعوا»، وأما تفسير «رياض الجنة» بحلق الذكر فهذا تفسير بفرد من أفراد العام، وهذا لا يقتضي التخصيص، «إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا» قيل: وما رياض الجنة؟ قال: «حلق الذكر»، هذه روضة من رياض الجنة بلا شك لكن لا يعني أن رياض الجنة وهي جمع خاصة بهذا الفرد من أفرادها، كما جاء تفسير القوة في قوله -جل وعلا-: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠]، «ألا إن القوة الرمي» [مسلم: 1917] فهل يعني أننا ما نستعد للعدو إلا بالرمي؟! هذا فرد من أفراد العام، فنستعد بالرمي ونستعد بغيره، ونرتع في حلق الذكر ونرتع بما جاء في تسميته وصح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه روضة من رياض الجنة، وقد قيل ما قيل من أن سيحان وجيحان -كما جاء في الحديث الصحيح- من أنهار الجنة، هل يلزم من ذلك أن نغتسل أو نشرب أو نتوضأ؟ نقول: ما جاء فيها شيء، ما جاء أمرٌ عنه -عليه الصلاة والسلام-: إذا مررتم بأنهار الجنة فافعلوا كذا، فنحن نقف على ما جاءنا عنه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه هو الأسوة والقدوة، وهو الذي يجب اتباع قوله -عليه الصلاة والسلام-.