ذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- أن العُرف خصَّ هذا اللفظ بالله -عز وجل-، فلا يقال: (محمدٌ -عز وجل-) وإن كان -عليه الصلاة والسلام- عزيزًا جليلًا، لكن العرف عند أهل العلم من سلف الأمة وأئمتها ومَن جاء بعدهم قالوا: إن هذا العُرف خصَّه بالله -عز وجل-، فلا يقال لأحدٍ غير الله -جل وعلا-: (عز وجل)، وإن كان عزيزًا جليلًا مثل: محمد -عليه الصلاة والسلام-، وغيره من الأنبياء، وأهل الفضل.
كما أنهم خصُّوا الصلاة والسلام به -عليه الصلاة والسلام-، وبالأنبياء -صلوات الله وسلامه على الجميع-، فلا يقال: (أبو بكر -صلى الله عليه وسلم-)، ولا يقال: (عمر -صلى الله عليه وسلم-)، ولا يُصلَّى على أحد على جهة الاستقلال، أما على جهة التبعيَّة فلا مانع، فيقال: (محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه)، على جهة التبعيَّة. وجاء في حديث دفع الزكاة له -عليه الصلاة والسلام-: «اللهم صلِّ على آل أبي أوفى» [البخاري: 1497]؛ امتثالًا لقوله -عز وجل-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103]، المقصود ادعُ لهم، وإذا دعا لهم بلفظ الصلاة في هذا الموضع لا مانع، لكن أن يُتَّخذ ديدنًا يُصلَّى على أحد غير الرسول -عليه الصلاة والسلام-: العُرف عند أهل العلم خصَّه به.
وبعد ذلك الترضِّي عن الصحابة -رضوان الله عليهم-، والعُرف عند جمهور أهل العلم خصَّهم بالترضِّي، ومَن دونهم بالترحُّم، ويتساهل بعض العلماء في الترضِّي عمَّن بعد الصحابة فيقولون: (قال أحمد -رضي الله عنه-)، (قال الشافعي -رضي الله عنه-)، والأمر في ذلك واسع، لكن لو اتُّبِع العرف المُتَّبَع عند أهل العلم في تخصيص الترضِّي بالصحابة والترحُّم على مَن بعدهم كان أولى، والله أعلم.