حديث الآحاد -وهو ما دون المتواتر- إذا ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحَّ سنده، أو وصل إلى مرتبة الحسن، فإنه يجب العمل به عند أهل السُّنَّة.
وأما تسمية مفادِه بالظن أو القطع فهذه مختلف فيها بين أهل العلم، ولا شك أنه إذا احتفَّتْ به قرينة أفاد العلم كالمتواتر، وتسميته عند بعضهم -بل الجمهور على ذلك كما قال ذلك النووي وغيره- تسميته: ظني الثبوت لا يعني أنه يُتساهل في العمل به، بل العمل به واجب، وإنما هو من باب احتمال النقيض، فالواحد -في خبر الواحد- مهما كان من الثقة والضبط والإتقان ليس بمعصوم من الخطأ والنسيان، وما دام وُجِد هذا الاحتمال لا يُقطع بثبوته، لكن يجب العمل به، فإذا احتفَّتْ به قرينة ارتفع احتمال النقيض، وصارت هذه القرينة في مقابل احتمال الخطأ والنسيان، فكان كالمتواتر في إفادة العلم.
وعلى كل حال الواجب العمل بأخبار الآحاد إذا ثبتت بسند صحيح أو حسن، فإنه يجب العمل بها عند جميع من يُعتَدُّ بقوله من أهل العلم خلافًا لأهل البدع، الذين يقولون: إنه ظني الثبوت؛ ليتوصلوا بذلك إلى عدم العمل به، لا سيما في العقائد، فالآحاد يُعمَل بها في جميع فروع الدين وأصوله كالمتواتر، ولا يجوز لأحد أن يَرد حديثًا صحيحًا أو حسنًا؛ لأنه ظني، ويتشبث بهذا.
ومراد أهل العلم بالظنية أنه محتمل للنقيض، فالراوي مهما كان من الحفظ والضبط والإتقان يطرأ عليه الخطأ والنسيان والذهول وما أشبه ذلك، فتنزل نسبة موافقة خبره للواقع عن المائة بالمائة، فإذا نزلتْ وُجِد احتمال النقيض ولو واحدًا أو اثنين أو ثلاثة في المائة، فيكون ظنيًّا وليس بقطعي؛ لأن القطعي: ما لا يحتمل النقيض، والظني عند من يقول به: ما يحتمل النقيض، ومع احتماله للنقيض فالعمل بالظن واجب عند أهل العلم، ولا يؤثر على هذا قول المبتدعة؛ لأننا ننفكُّ وننفصل من قول المبتدعة بأن الظن يجب العمل به في أصول الدين وفروعه، والله المستعان.