جاء في (صحيح البخاري) عن عمرو بن سلمة أنهم لمَّا أرادوا أن يقدِّموا واحدًا منهم -والمعلوم أن الذي يُقدَّم هو الأكثر قرآنًا «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله» [مسلم: 673]- قال عمرو: "فنظروا فلم يكن أحدٌ أكثر قرآنًا مني؛ لِما كنت أتلقَّى من الركبان، فقدَّموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين" [البخاري: 4302]، فإمامة الصبي إذا كان يحسن الصلاة ويُتقنها، وهو أحفظ من غيره، فصلاته صحيحة، وفي (المجموع شرح المهذَّب) للنووي: (فرعٌ في مذاهب العلماء في صحة إمامة الصبي للبالغين: قد ذكرنا أن مذهبنا صحتها، وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور)، وكرِهها بعضهم، ويرى بعضهم أنه لا يَؤُم في المكتوبة، وإنما يَؤُم في النافلة؛ لأن صلاة الصبي بالنسبة له نافلة؛ لأنه لم تُكتب عليه تكاليف، وعلى كل حال ما دام الحديث صحيحًا في (البخاري) في إمامة عمرو بن سلمة فلا قول لأحد.
يبقى الإشكال في كونه لا يُمَكِّن المأمومين من قراءة الفاتحة، وقراءة الفاتحة ركنٌ من أركان الصلاة، فعلى كل حال إذا كان يُحسن الصلاة، وصلاته في ذاته صحيحة، والأصل أن مَن صحَّتْ صلاته صحَّتْ إمامته، فلا إشكال في صلاة الصبي، لكن إذا كان يُصلي صلاةً مشتملةً على خطأ كالسرعة الشديدة التي لا تُمكِّن المأمومين من قراءة الفاتحة التي هي ركن من أركان الصلاة، فحينئذٍ لا يجوز تقديمه، وإذا لُمِس منه ذلك فلا يُمكَّن من إتمام الصلاة، والله أعلم.