جاء في الصحيحين وغيرهما عنه –عليه الصلاة والسلام- أن «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيتَ الصبح فأوتر بواحدة، توتر لك ما قد صليت» [البخاري: 473 / ومسلم: 749].
لكن جاء عنه –عليه الصلاة والسلام- في (صحيح مسلم) عن سعد بن هشام بن عامر، قال: قلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتر رسول الله –صلى الله عليه وسلم –، فقالت: "كنا نُعِد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوَّك ويتوضأ، ويُصلي تسع ركعاتٍ لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يُسلِّم، ثم يقوم فيُصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله تعالى ويحمده ويدعوه، ثم يُسلِّم تسليمًا يُسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعدما يُسلِّم وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة يا بُني، فلما أسنَّ نبي الله –صلى الله عليه وسلم– وأخذه اللحم أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول، فتلك تسعٌ يا بني، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم– إذ صلى صلاةً أحب أن يُداوم عليها" [746].
فإذا أوتر بتسع فإنه يسرد ثمانيًا، ثم يجلس فيتشهد، ثم يقوم بدون سلام، ثم يأتي بالتاسعة، ثم بعد ذلك يجلس ويُسلِّم، وإذا أوتر بسبع يسرد سبعًا من غير جلوس، ويجلس في السابعة ويتشهد ويُسلِّم، وإذا أوتر بخمس كذلك يسرد الخمس، ثم بعد ذلك يجلس ويتشهد ويُسلِّم من دون جلوسٍ قبل ذلك، وإذا أوتر بثلاث فإن شاء سردها، وإن شاء فصل بينها بسلام، وإذا شرع في الثلاث وهو ينوي فصلها بسلام، ثم عدل عن هذه النية في أثناء الصلاة وسردها بدون سلام، فقد عدل من مشروع إلى مشروع ولا شيء عليه، وكذا العكس لو شرع فيها ناويًا أن يسردها، ثم فصل بينها بسلام.
وأما إذا زاد على ذلك بأن أوتر بإحدى عشرة، فكما في حديث عائشة –رضي الله عنها- في الصحيحين وغيرهما أنه «ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تسل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي أربعًا فلا تسل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي ثلاثًا» –عليه الصلاة والسلام- [البخاري: 1147 / ومسلم: 738]، والأربع الأولى بسلامين، والأربع الثانية بسلامين؛ لتتحد الأدلة على ما تقدَّم من قوله –عليه الصلاة والسلام-: «صلاة الليل مثنى مثنى».
وعلى هذا المسؤول عنه: (هل تصح صلاة الليل سردًا بمعنى أن أصلي –مثلًا- سبع ركعاتٍ؟)، نعم هذا جاء عنه –عليه الصلاة والسلام- أنه سرد السبع من دون سلام، والله أعلم.