فقهاء المذاهب بيَّنوا الكتب التي أُلِّفَت في مذاهبهم، وفاضلوا بينها، ومن خلال دراستها وتدريسها للطلاب تبيَّن لهم الأنفع منها والموافق لما ثبت عن الإمام عندهم، فهم يحكمون على كتابٍ بعينه من خلال موازنتهم له مع غيره، وتَبيُّن قيمة هذا الكتاب وفضله على غيره، وموافقته لما ثبت عن الإمام وكبار أصحابه.
والكتاب المعتمد في معرفة الفقه المالكي من خلال عناية المالكية به، وكثرة شروحه عندهم -فيما يظهر- (مختصر خليل) ابن إسحاق المالكي، كتابٌ متين ويعتمده المالكية، وشرحوه بشروحٍ كثيرة، وحفظه طلاب العلم عندهم، وهو كتابٌ رصين فيه وعورة وصعوبة على كثيرٍ من طلاب العلم، لكن رأوا أنه بمثل هذا الأسلوب يتربَّى طالب العلم، بخلاف الأساليب السهلة التي يفهمها آحاد الطلبة من غير رجوعٍ إلى شيوخ، ومن غير رجوعٍ إلى شروح، فمثل هذا الذي لا يحتاج إلى مراجعة هذا لا يشق ما جاء فيه من مسائل بحيث يُدركه كل طالب علم بمفرده، أما ما يحتاج إلى مراجعة الشروح، ومراجعة الشيوخ، فهذا يستحق أن يُربَّى عليه طالب علم، فإذا حفظه وفهمه سهل عليه ما دونه، وإذا حصل له أدنى إشكال في أي كتاب فلن يتوقف في حلِّه وفهمه؛ لأنه فهم ما هو أشد منه وأعظم منه، والله أعلم.