أفضل أنواع النُسُك التمتع، وهو الذي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- به أصحابه، وأمرهم أن يحلوا من الحج ويجعلوها عمرة، وغضب النبي -عليه الصلاة والسلام- لمَّا تردَّد بعضهم وقال: «لو أني استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لم أسق الهدي، وجعلتُها عمرة» [البخاري: 1651 / ومسلم: 1218]، ولولا أنه ساق الهدي لفعل، فتمنَّى النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يكون أحرم بالتمتع، وأمر أصحابه بذلك، فالتمتع أفضل الأنساك، بأن يعتمر، ثم يحل من عمرته، وإذا جاء يوم التروية أحرم بالحج، وهذا الذي أمر به النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه، وتمنَّى أنه لم يسق الهدي وتمتع بعمرته إلى الحج. وأمرُه -صلى الله عليه وسلم- الأصل فيه الوجوب، وقال به بعضهم، قال: إنه يجب على مَن لم يسق الهدي أن يتمتع، ولكن كونه -عليه الصلاة والسلام- قَرَن فهذا صارف من الوجوب إلى الاستحباب، فيبقى أنه أفضل الأنساك.
وقال بعضهم: إن أفضل الأنساك القران؛ لأنه هو الذي أهلَّ به النبي -عليه الصلاة والسلام- واختاره الله لنبيه، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، لكن فعله معلَّل وهو أنه ساق الهدي، ولا يستطيع أن يحلَّ حتى يبلغ الهدي محله، وعلى هذا فالتمتع هو الأرجح، وهو الذي يدل عليه الدليل، والله أعلم.