السفر بشروطه مُبيح للفطر، بل قد يكون الفطر أفضل، والنبي –عليه الصلاة والسلام- صام في السفر وأفطر، ومعه صحابته -رضي الله عنهم- منهم الصائم ومنهم المُفطِر [البخاري: 1941 – 1944 – 1945 - 1947]، وهذا حينئذٍ في وقتٍ لا يشق فيه الصيام، أما إذا شق الصيام فيُكره حينئذٍ، والمستحب الفطر، وإذا زادت المشقة فقد جاء عنه –عليه الصلاة والسلام- في حقِّ أمثال هؤلاء: «أولئك العصاة، أولئك العصاة» [مسلم: 1114].
فإذا كانت المشقة غير موجودة فالصوم حينئذٍ مُباح في السفر، وإذا وُجِدت المشقة المحتملة فإنه حينئذٍ يكون الفطر أفضل، والله يُحب أن تؤتَى رُخصه، وإذا زادت المشقة مُنِع من الصيام، وسمَّاهم النبي –عليه الصلاة والسلام- عُصاة. لكن مَن صام وأكمل صومه في سفرٍ لا مشقة فيه فلا إشكال، وكثير من الناس يؤثِر أن يصوم؛ ليصوم مع الناس؛ لأنه يستثقل القضاء فيما بعد، ولا حرج عليه في ذلك إذا لم يكن هناك مشقة، وبعض الناس يتحمَّل المشقة ولو كانت شديدة، فتجده ينام النهار كلَّه؛ لئلا يُفطِر فيصوم إذا أفطر الناس، والمسألة مسألة شرع، ومسألة دين، أيهما أفضل عند الله –جلَّ وعلا-، وأيهما أعظم أجرًا، المسلم يجب عليه أن ينظر إلى مراد الله ومراد رسوله –عليه الصلاة والسلام-، لكن الأمور قد تصل إلى حدِّ الكراهة إذا وُجِدت المشقة المُحتملة أو زادتْ قليلًا، وأما إذا كانت المشقة شديدة، فالنبي –عليه الصلاة والسلام- سمَّاهم العُصاة، والله أعلم.