البحث مقرَّر من المقررات، والاستعانة فيه من الباحث بغيره؛ ليُعينه في البحث كلِّه أو في جزءٍ منه، كالاستعانة من آخر في المواد الأخرى، وهو الذي يُسمونه في الامتحان -مثلًا-: الغش، فإذا استعان بغيره في أثناء الامتحان قالوا: هذا غَشَّ، «ومن غشَّنا فليس منَّا» [مسلم: 101].
والحق أن هذه خيانة سواء كانت في البحث أو في غيره من المقررات، فالطالب يقوم بنفسه فيما كُلِّف فيه من قِبل جهته الدراسية، سواء كانت في الجامعة أو ما دونها أو ما فوقها، ولا شك أن هناك أمورًا في البحوث يُمكن أن يُستفاد منها ولا تُؤثِّر كالمقابلة بين النُّسخ -مثلًا-، فللباحث أن يستفيد من غيره فيُمسك بنسخة والطالب بيده الأصل أو العكس، فيُقابل أحدَهما ويَذكر الفروق من خلال المقابلة، هذه لا تؤثِّر في البحث، لكن غيرها من توثيق النصوص والتعليق عليها أو تخريج الأحاديث وترقيم الآيات، هذه صلب البحث، وهي محل امتحان الطالب واكتشاف قدرته على البحث، وهي مَحَطُّ تربيته العلمية، فلا يُمكن أن يتعلَّم ويَخرج للناس عالمًا مُعلِّمًا وهو قد اعتمد على غيره، فلا بُد أن يتولَّى عمله بنفسه في البحث كغيره من المقررات، ولا يستفيد من أحد إلا في حدود لا تؤثِّر على صلب الموضوع، كما قلنا في المقابلة.
والباحثون فيما مرَّ علينا من الطلاب يتفاوتون، فمنهم شديد الاحتياط ولا يرضى أن يشترك معه في بحثه أحد، لا في مقابلة ولا في فهارس ولا في غيرها، ومنهم مَن يستند على غيره ويُكلِّفه أن يُعينه في تخريج الأحاديث، وترقيم الآيات، والتعليق على بعض المسائل، وهذا لا يجوز بحال، والله المستعان.