مسألة العذر بالجهل كلام أهل العلم فيها كثير جدًّا، وعلى كل حال لا بد من بلوغ الحجة، وأما قبول الحجة فليس بمسوِّغ للحكم على هذا الجاهل، فعندنا بلوغ الحجة، وعندنا فهم الحجة، وعندنا إزالة ما يمنع من قبول الحجة:
- فأما بلوغ الحجة فأمر لا بد منه، {لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} [الأنعام: 19].
- وأما فهم الحجة، فإذا كان السامع لهذه الحجة بمنـزلة الأعاجم الذين لا يفهمون من الكلام شيئًا، فلا بد من إفهامه وتفهيمه وشرح هذه الحجة له.
- وأما ما يمنع من قبول الحجة من اتباعٍ للرؤساء والآباء وما أشبه ذلك، {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} [الزخرف: 23]، فهذا لا يلزم منه عدم الحكم على الفاعل، ولذا تجدون في كثير من الأقطار أنه يوجد عندهم ما يوجد من الموانع لقبول الحجة، وما هذه الموانع؟ تجده -مثلًا- إذا قيل له: الطواف على القبور شرك -نسأل الله السلامة والعافية-، يقول: (عهدنا شيوخنا -وقد عرفناهم منذ عرفنا أنفسنا- وهم يطوفون بالقبور، وهم أهل علم وخير وفضل وصلاح، وكما تثق أنت بعلمائك نحن نثق بهم)، فهذا لا شك أنه مانع من قبول الحجة، لكنه ليس بعذر إذا بلغت الحجة وفُهمت.