مَن قرأ في سير الأئمة والعلماء وجد من ذلك العجب العجاب، فهم يُنفقون الأوقات الطويلة، ولا يعرفون الدَّعة والراحة، والليل يُقسم أثلاثًا: ينام ثلثًا، ويكتب ثلثًا، ويقرأ ويصلي ثلثًا، والنهار كذلك، وبعضهم يحضر اثني عشر درسًا في اليوم الواحد، مَن يطيق مثل هذا في مثل زماننا؟! نعم يوجد مَن يقرأ في هذا الزمان في اليوم اثنتي عشرة ساعة، ويحضر دروسًا، ويوجد أيضًا في هذا الزمان مَن يداوم الدوام الرسمي، من الساعة السابعة والنصف إلى الثانية والنصف، يعني: جُلَّ الوقت، وهو بحاجة إلى وقت راحة، وهو أيضًا مُطالَب بالعبادات، ومُطالَب بالمستحبات من النوافل، كعيادة المرضى وتشييع الموتى، وأيضًا له نصيب وردٍ من كتاب الله لا يُخلُّ به سفرًا ولا حضرًا، ومع ذلك هو مُكِب على قراءة الكتب، وحضور الدروس، وإذا علم الله -جل وعلا- صدق العبد ورضي عنه أعانه ووفَّقه، وإذا رضي الله -جل وعلا- وبارك، فحدِّث ولا حرج، والأمر موجود إلى يومنا هذا، ولا يقال: إن البركات انتهتْ، نعم لا شك أن البركة في الوقت عند المتقدمين؛ لعدم وجود الملهيات والمغريات والصوارف أظهر، لكنها موجودة الآن، فمَن جلس في مثل أيام الصيف من صلاة الصبح إلى الساعة التاسعة أو العاشرة، يجد من اللذة وطول الوقت وانشراح الصدر، وإنجاز ما لا يُنجزه في أيام، ولا يَعرف هذا إلا مَن جرَّبه.
السؤال
حدِّثونا عن الجلَد والصبر في الطلب.
الجواب