أما بالنسبة للأصل، وهو الاعتقاد، فلا شك أن مذهب سلف الأُمَّة وأئمتها من أهل السنة والجماعة الذين يؤمنون بكل ما جاء عن الله وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم-، هذا هو سبيل النجاة.
وأما بالنسبة للمذاهب الفرعيَّة العمليَّة فمعلوم أن المذاهب الأربعة مذاهب سنيَّة معتبرة عند أهل العلم، وإذا أراد الإنسان أن يُفاضل بينها، فينظر إلى أصول الإمام، هذا إذا كان أهلًا لمثل هذا النظر، وأما إذا كان عاميًّا فرضه سؤال أهل العلم فلا شك أنه إذا استفاض في بلده اتباع مذهبٍ معيَّنٍ من مذاهب الأئمة الأربعة، فلا مانع من تقليده.
وعلى كل حال مثل هذا إذا بان له مِن مذهب إمامه ما يُخالف نصًّا صحيحًا صريحًا عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فليضرب بقول هذا الإمام عَرْض الحائط -كما نصَّ على ذلك الأئمة-، ويأخذ بما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-. وإذا أراد أن يُفاضِل، وعنده شيء من الوسائل التي يستطيع بها المفاضلة، فلينظر إلى ألصقهم بالسنة، وأكثرهم اهتمامًا بها، فمثلًا: إذا نظرتَ إلى الأئمة -رحمهم الله-، فالإمام مالك نجم السنن، وهو شيخ الإمام الشافعي، والإمام أحمد لا شك أنه إمام أهل السنة، والإمام الشافعي شيخ الإمام أحمد، والإمام أبو حنيفة أيضًا مذهبه معتبر عند أهل العلم، لكن عنايته بالسنة ليست كعناية مالك وأحمد، والشافعي أقلُّ من مالك وأحمد -رحمة الله على الجميع-، ولا شك أنها مذاهب معتبرة، والعمل بها سائغ لمن ليست لديه أهلية النظر في النصوص، والوصول إلى القول الراجح بدليله.