ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن القرآن أُنزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا، ثم بعد ذلك فُرِّق نزوله إلى الأرض بحسب المناسبات، وعلى هذا قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]، أي: أنزلناه كاملًا.
والقول الآخر: أن الله -جلَّ وعلا- تكلَّم به في المناسبات، فكل مناسبة تستدعي آية أو آيات، الله -جلَّ وعلا- يتكلَّم بها وتنزل هذه الآيات؛ لأن عقيدة أهل السنة في كلام الله -جلَّ وعلا- أنه وإن كان قديمَ النوع إلَّا أنه حادث متجدِّد الآحاد، فالله -جلَّ وعلا- يتكلَّم متى شاء، إذا شاء.
على كل حال هما قولان معروفان، فمَن يقول: إنه نزل جملة واحدة -وهو قول ابن عباس-، يكون نزوله في ليلة القدر بهذه الكيفيَّة. والذي يقول: إن الله -جلَّ وعلا- يتكلَّم به في المناسبات -أي: عند كلِّ سبب يقتضي نزول شيء منه-، يقول: ابتدأ نزوله في ليلة القدر.