«الطواف بالبيت صلاة» [النسائي: 2922 / ويُنظر: الترمذي: 960]، هذا تشبيه، وهو أبلغ أنواع التشبيه، حيث نُزِّلَ زيد منزلة الأسد، ولا شك أن مثل هذا أبلغ، ولو قيل: (إن الطواف كالصلاة)، أو (مثل الصلاة) فهذا تشبيه، لكن أبلغ منه أن يقال: «الطواف بالبيت صلاة»، وتشبيهه بالصلاة التشبيه البليغ معناه أنه يُطلب له ما يُطلب للصلاة، إلَّا ما دلَّ الدليل على عدم طلبه.
وأما ما ذُكر في السؤال: "مادمتَ تذكر الله فأنت في صلاة" يعني: مادمتَ تنتظر الصلاة فأنت في صلاة، لكن هل تنتظر الصلاة على حَدَث؟ أنت تنتظر الصلاة في مكان الصلاة، «لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة، ما لم يُحدِث» [البخاري: 176]، و«الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه، ما لم يُحدِث» [البخاري: 445]، إذن ليس هذا هو الصلاة، فالذي ينتظر الصلاة لا بد أن يكون على أكمل هيئة؛ ليكون حكمه حكم المصلي.
وحديث «إن أحدكم إذا كان يَعمد إلى الصلاة فهو في صلاة» [مسلم: 602] هذا جاء ما يدلُّ على أنه يَعمد إلى الصلاة بعد الطهارة، «مَن توضأ فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدًا إلى الصلاة، فإنه في صلاة مادام يَعمد إلى الصلاة» [موطأ مالك: 1/33 / ويُنظر: البخاري: 477]، فحكمه حكم الصلاة إذا باشر أسباب الصلاة من الوضوء وغيره، فلا يَرِد هذا الكلام على ما قرَّرناه سابقًا. وشروط الصلاة منها ما يُطلَب للطواف كالصلاة؛ لأن هذا هو الأصل، ومنها ما دلَّ الدليل على عدم طلبه.