جاءت الروايات في الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم أَهلَّ لما صلى [البخاري (1542)، مسلم (1186)]، وأهلّ لما ركب ناقته [البخاري (1546)، ومسلم (1187)]، وأهلّ على البيداء [البخاري (1551)، ومسلم (1243)]، وأهلّ عند الشجرة [مسلم (1186)]، ولا تعارض بين هذه الروايات كلها، فالإهلال رفع الصوت بالتلبية في هذه المواضع كلها، فكل من سمعه في مكانٍ نقل عنه أنه أهلّ منه، فمن سمعه أهلّ بالمسجد نقل أنه أهل بالمسجد، ومن سمعه أهلّ على البيداء بعد أن ركب الدابة نقل أنه إنما سمعه في ذلك الوقت ولم يسمعه قبل ذلك، وهكذا.
أما قول ابن عمر رضي الله عنهما: «بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا من عند المسجد» [البخاري (1542) ومسلم (1186)]، فيظهر منه أنه فهم من قولهم: «إنما أهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيداء» أنه لم يهل قبل تلك اللحظة، فلذلك أراد أن يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم أهلّ قبل ذلك، ولا ينفي ابن عمر رضي الله عنهما أنه أهل من البيداء أو عند الشجرة، أو بعدما ركب دابته.