يقول ابن القيم رحمه الله: «فكل خطر على المفتي فهو على القاضي، وعليه من زيادة الخطر ما يختص به، ولكن خطره أعظم من جهة أخرى» [إعلام الموقعين (1/38)].
فخطر القاضي أعظم من خطر المفتي؛ لأن القضاء بيان الحكم مع الإلزام، فيلزم الخصمين، والمفتي لا يلزم، لكن القاضي يقضي في مسألة واحدة معينة، والمفتي إذا أفتى بحكم شرعي اطرد، فلو قال شخص للذي يفتي: ما حكم كذا؟ فقال: الجواز، أو التحريم، ثم وقعت لهذا الشخص نظائر لهذه المسألة سيقول: إن الشيخ فلانًا أفتى بكذا، فلا حاجة في أن يسأل عنها مرة ثانية.
يقول ابن القيم رحمه الله: «فإن فتواه شريعة عامة تتعلق بالمستفتي وغيره، وأما الحاكم فحكمه جزئي خاص لا يتعدى إلى غير المحكوم عليه، فالمفتي يفتي حكمًا عامًّا كليًّا: أن من فعل كذا ترتب عليه كذا، ومن قال كذا لزمه كذا، والقاضي يقضي قضاءً معينًا على شخص معين، فقضاؤه خاص ملزم، وفتوى العالم عامة غير ملزمة، فكلاهما أجره عظيم، وخطره كبير» [إعلام الموقعين (1/38)].