هو يقصد ما في قول الله –جلَّ وعلا-: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: 3].
{آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا}، فيرى الطبري في تفسيره أن هذا في حق المنافقين، والآية في سورة المنافقون، يقول الطبري: (يقول تعالى ذكره: {إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [المنافقون: 2] هؤلاء المنافقون الذين اتخذوا أيمانهم جُنَّة من أجل أنهم صدَّقوا الله ورسوله، ثم كفروا بشكِّهم في ذلك وتكذيبهم. وقوله: {فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [المنافقون: 3] يقول: فجعل الله على قلوبهم ختمًا بالكفر عن الإيمان...وقوله: {فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: 3] يقول تعالى ذِكره: فهم لا يفقهون صوابًا من خطأ وحقًّا من باطل؛ لطبع الله على قلوبهم).
وفي (تفسير ابن كثير): ({ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} [المنافقون:3] أي: إنما قُدِّر عليهم النِّفاق؛ لرجوعهم عن الإيمان إلى الكفران، واستبدالهم الضلالة بالهدى، {فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ} أي: فلا يصل إلى قلوبهم هدى، ولا يخلص إليها خير، فلا تعي ولا تهتدي).
فمن نكص واستبدل الكفران بالإيمان فهذا يُطبع على قلبه كما في قوله –جلَّ وعلا-، وإذا أراد الله له الهداية، وكانت الهداية مكتوبةً له في الأصل في الأزل فالله غالبٌ على أمره، وله المشيئة النافذة.