شرح الموطأ - كتاب الحج (08)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو عبد الملك الذي مر ذكره بالأمس وقلت: إنه أبو عبد الملك البوني، هذا ذكر جاء بورقة قال: ذكر القاضي عياض في ترتيب المدارك: أبو عبد الملك البوني اسمه مروان بن علي القطان أندلسي الأصل، سكن بونة من بلاد إفريقية، كان من الفقهاء المتفننين، وألف في شرح الموطأ كتابًا مشهورًا حسنًا رواه عنه الناس، وهو المراد يعني.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما لا يوجب الإحرام من تقليد الهدي:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى يُنحر الهدي"، وقد بعثت بهدي فاكتبي إلي بأمرك أو مري صاحب الهدي، قالت عمرة: قالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-: ليس كما قال ابن عباس، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثم قلدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، ثم بعث بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أبي، فلم يحرم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء أحله الله له حتى نُحر الهدي".
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سألت عمرة بنت عبد الرحمن عن الذي يبعث بهديه ويقيم، هل يحرم عليه شيء؟ فأخبرتني أنها سمعت عائشة -رضي الله تعالى عنها- تقول: "لا يحرم إلا من أَهلّ ولبّى".
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه رأى رجلًا متجردًا بالعراق فسأل الناس عنه، فقالوا: إنه أمر بهديه أن يقلد فلذلك تجرد، قال ربيعة: فلقيت عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- فذكرت له ذلك فقال: "بدعة ورب الكعبة".
وسئل مالك -عفا الله عنه- عمن خرج بهدي لنفسه فأشعره وقلده بذي الحليفة ولم يحرم هو حتى جاء الجحفة، قال: "لا أحب ذلك، ولم يصب من فعله، ولا ينبغي أن يقلد الهدي ولا يشعره إلا عند الإهلال إلا رجل لا يريد الحج، فيبعث به ويقيم في أهله".
وسئل مالك: هل يخرج بالهدي غير محرم؟ فقال: نعم، لا بأس بذلك.
وسئل أيضًا عما اختلف فيه الناس من الإحرام لتقليد الهدي ممن لا يريد الحج ولا العمرة، فقال: الأمر عندنا الذي نأخذ به في ذلك قول عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بهديه ثم أقام فلم يحرم عليه شيء مما أحله الله له حتى نُحر هديه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما لا يوجب الإحرام من تقليد الهدي" هذه الترجمة ذكرها المؤلف؛ لأنه وجد من يقول: إن من بعث الهدي حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي، ولعل عمدته في ذلك عموم قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] فشمل الهدي على عمومه بما في ذلك المستحب، ومن لم يدخل في النسك، وبهذا يقول ابن عباس على ما سيأتي، فمجرد تقليد الهدي وبعث الهدي إلى البيت لا يترتب عليه الامتناع، وأنه لا يشبه الدخول في النسك، كما أنه لا يشبه الأضحية، فلا يمسك عن شيء كما منع من أراد أن يضحي أن يمس من شعره ولا من بشره شيئًا، فالذي يبعث الهدي لا شيء يمسك عنه.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن زياد بن أبي سفيان" زياد بن أبي سفيان بن حرب هو بهذه التسمية يكون أخًا لمعاوية، ابن حجر في فتح الباري يقول: كأن شيخ مالك حدث به كذلك في زمن بني أمية، قال: زياد بن أبي سفيان، هذا في زمن بني أمية، لا يستطيع أن يقول: زياد ابن أبيه، أو زياد بن سمية، أو زياد بن عبيد لا يستطيع؛ لأنه في زمنهم، حدث به كذلك في زمن بني أمية، وأما بعدهم فما كان يقال له إلا زياد ابن أبيه، وذلك للشك في أبيه، نعم؟
طالب:.........
يأتي، لا تستعجل.
وأما بعدهم فما كان يقال له إلا زياد ابن أبيه، وقبل استلحاق معاوية له، قبل أن يستلحقه معاوية، كان يقال له: زياد بن عبيد، الذي جعلهم يقولون: زياد ابن أبيه، كان مدة من الزمن يقال له: زياد بن عبيد، ثم قيل له: زياد بن أبي سفيان، فلما حصل التردد قيل: زياد ابن أبيه، وأمه اسمها: سمية، مولاة الحارث بن كلدة، وكانت تحت عبيد المذكور الذي كان ينسب إليه سابقًا، فولدت زيادًا على فراشه، على فراش عبيد، فكان ينسب إليه فلما كان في خلافة معاوية شهد جماعة على إقرار أبي سفيان بأن زيادًا ولده، معاوية عمل بهذه الشهادات فاستلحقه معاوية، يعني نظير القصة التي حصلت في ولد زمعة، حيث ادعي، هو ولد على فراش زمعة، وادعاه غيره عتبة، نعم وشبهه بيّن بعتبة، لكنه ولد على فراش زمعة، والقاعدة الشرعية أن الولد للفراش، يعني ولو وجد الشبه، شبهه بيّن بعتبة، وولد على فراش زمعة، فحكم النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((هو لك يا عبد بن زمعة)) يعني هو ولد أبيك؛ لأنه ولد على فراشه، هذا حكم شرعي، قاعدة، ولا يلتفت إلى غيرها مع وجودها ((واحتجبي منه يا سودة)) طيب إذا كان هو لزمعة وولد على فراشه، كيف تحتجب منه سودة بنت زمعة، ألا يكون أخًا لها حكمًا؟ هو أخ لها حكمًا، لكن لما وجدت الشبهة فالاحتياط في مثل هذا من الجهتين، يحتاط لمثل هذا من الجهتين، يعني لو وجد شبهة رضاع، امرأة قالت: إني أرضعت فلانًا وفلانًا، كم أرضعتيهما؟ ما تدري، لكن تجزم بأنها أرضعتهما، نقول: لا يجوز له أن يتزوجها، ولا يجوز لها أن تكشف له، احتياط من الجهتين، استلحقه معاوية لذلك، وزوج ابن زياد ابنته ابنة معاوية، وأمَّر زيادًا على العراقين البصرة والكوفة جمعهما له، ومات في خلافة معاوية سنة ثلاث وخمسين.
المقصود أن مثل هذا جعل من تأخر يقول: زياد بن أبيه ولا يتحمل مسؤولية؛ لأنه إذا قال: زياد بن أبي سفيان معناه أنه أثبت النسب، وقد ولد على فراش عبيد، نعم، ومن نفاه وهو لا يعلم حقيقة الحال، لكن الذي يظهر ما دامت متزوجة بعبيد، وولدت على فراشه، وإن ادعاه أبو سفيان أو ادعاه معاوية، أو قامت الشهادات بأن أبا سفيان قال: إنه ولده، وما دام الفراش لعبيد فالولد له، ما لم ينفه بلعان ((كيف وقد قيل؟)) نعم؟
طالب:.........
لا، كثير من الأحكام الشرعية مبنية على غلبة الظن، هي أرضعتهما، تجزم بأنها أرضعتهما، كيف وقد قيل، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قال: كم أرضعتكم؟ ولا شيء، قال: ((اتركها، كيف وقد قيل؟)) هذا الأصل، أكثر الأحكام مبنية على غلبة الظن.
طالب:.........
عنده أنها أرضعتهما، ما هي بمسألة غلبة ظن، الجزم أنها أرضعتهم.
"أن زياد بن أبي سفيان" زياد كذا وقع هنا في جميع روايات الموطأ، زياد بن أبي سفيان، وهو كذلك عند الإمام البخاري، ووقع عند مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك في هذا الحديث أن ابن زياد بدل قوله: زياد بن أبي سفيان، في مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك أن ابن زياد بدل زياد بن أبي سفيان، ولا شك أن هذا وهم، والصواب ما وقع في البخاري، وهو الموجود عند جميع رواة الموطأ، كيف يكون عند جميع رواة الموطأ بما فيهم يحيى الذي روايته بين أيدينا وقد خرجه مسلم من طريق يحيى بن يحيى عن مالك بن زياد؟ نعم؟
يحيى بن يحيى الذي يروي عن مالك بواسطته الإمام مسلم هو يحيى بن يحيى التميمي، وراوي الموطأ، وله رواية في الموطأ، لكنها غير مشهورة وغير معروفة، أما يحيى بن يحيى الذي ندرس روايته فهو الليثي، وهذا ليست له رواية في الكتب الستة، وإنما يكتب عليه تمييز، فليست له رواية في الكتب الستة.
"أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن عبد الله بن عباس قال: من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج" يعني هذا الأمير أراد أن يتأكد، بعث هديًا إلى البيت، وأراد أن يتثبت هل يحرم عليه شيء كما يقول ابن عباس؟ أو يبقى حلالًا؟ بعث يسأل عائشة "أن عبد الله بن عباس قال: من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي" يعني حتى يبلغ الهدي محله، وقد بعثت بهدي فاكتبي لي بأمركِ أو مري صاحب الهدي، قالت عمرة: قالت عائشة: "ليس كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما- أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثم قلدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، ثم بعث بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أبي" مع أبي بكر -رضي الله عنه- "فلم يحرم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء أحله الله له حتى نحر الهدي".
الآن الخلاف بين عائشة وابن عباس، فمن الذي يقدم قوله؟
طالب:.........
قول عائشة لماذا؟ لأنها استدلت بمرفوع، ابن عباس لو استدل بمرفوع تحصل الموازنة، لكن هذا اجتهاد منه، وقد استدلت بما نسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقولها هو الراجح.
"من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي" وهذا هدي تطوع يبعث من الآفاق إلى البيت، يبعثه الناس وهم في بلدانهم، فيقلد وتفتل له القلائد، يعني تظفر حبال وتربط في عنقه، ويعلق عليه نعل إن كان من الغنم، ويشعر إن كان من الإبل، والخلاف في البقر هل تلحق بالإبل أو بالغنم؟ والأكثر على إلحاقها بالإبل، فتشعر مثلها، والتفريق سببه أن الغنم ضعيفة لا تتحمل الإشعار، وهي ضربها بالسكين يعني كشطها بالسكين في جانب ظهرها الأيمن، هي ضعيفة لا تتحمل مثل هذا، وأيضًا هذا الإشعار يغطى بالشعر، شعر الغنم كثيف، بينما هو في الإبل والبقر لا يتغطى، وسببه لكي يعرف أن هذا هدي فلا يتعرض له، وأنكر الحنفية الإشعار، وقالوا: إنه تعذيب للحيوان، وما دام ثبت فعله عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كالوسم، النبي -عليه الصلاة والسلام- وسم إبل الصدقة بيده، والوسم حرق بالنار، وما دام ثبت هذا عن أرحم الخلق فكيف يقال: إنه تعذيب؟ المقصود أنه ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني جعلتها ظفرتها، ثم بعد ذلك ربطتها في عنقه وربطت فيها نعل لتعرف أنها هدي بيدي، "ثم قلدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم بعث بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أبي" تعني أبا بكر "فلم يحرم عليه -عليه الصلاة والسلام- شيء أحله الله له حتى نحر الهدي" وهذه السنة مهجورة، ينبغي أن تحيا، فيبعث الهدي، والآن الأمور ما تكلف شيئًا، إذا اشترى شخص خروفًا بخمسمائة ريال، وقلده وبعث به مع ثقة، بحيث يذبحه أو يوكل من يذبحه ويوزعه على مساكين الحرم تكون هذه السنة أحييت، وهذه لا تكلف شيئًا.
وذكرنا في مناسبات أن سبب موت هذه السنة هي كون كتب المناسك وما يتعلق بالحج لا تقرأ إلا في موسم الحج، يعني تقرأ قبيل الحج، وبعد الحج خلاص تهجر، فتنسى هذه السنن وإلا لو قرئت في صفر، في ربيع، في رجب، وتذكر الناس هذه السنة وبعثوها ما نسيت، يعني هل يعرف أحد منا أحدًا بعث بالهدي إلى الحرم، اللهم إلا القليل النادر، يعني الأمة ما تزال فيها خير، لكن على مستوى الجميع أو المجموع لا تكاد تذكر هذه السنة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سألت عمرة بنت عبد الرحمن عن الذي يبعث بهديه ويقيم" يقيم في بلده "هل يحرم عليه شيء؟ فأخبرتني أنها سمعت عائشة تقول: "لا يحرم إلا من أهَلّ ولبّى" يعني لا يحرم على أحد شيء إلا بالنسبة لمن أهَلّ ولبّى، أما الذي لم يدخل في النسك فإنه لا يحرم عليه شيء، وهو بمعنى الحديث السابق إلا أنه موقوف.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه سمع رجلًا متجردًا بالعراق، فسأل الناس عنه، فقالوا: إنه أمر بهديه أن يقلد فلذلك تجرد" وكأنه يرى رأي ابن عباس، يعني مقتضى قول ابن عباس: من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج، أنه يحرم عليه لبس المخيط يتجرد، فكأن هذا سمع كلام ابن عباس فتجرد بالعراق، "فسأل الناس عنه، فقالوا: إنه أمر بهديه أن يقلد فلذلك تجرد، قال ربيعة: فلقيت عبد الله بن الزبير فذكرت له ذلك فقال: "بدعة ورب الكعبة".
بدعة ورب الكعبة يعني التجرد من المخيط والكف عن المحظورات بالنسبة لمن لم يدخل في النسك بدعة، وهذا عمل بقول صحابي، لكن قول الصحابي في مقابل المرفوع لا اعتبار به؛ لأنه في مقابل مرفوع، لكن لو كان التجرد رأي ابن عباس، وعدم التجرد رأي عائشة مجرد رأي، نعم لما جرأ أحد أن يقول: بدعة، لكن لمخالفته المرفوع قالوا: بدعة.
هنا أمر هو متعلق بالمسألة التي طرقناها قبل، وهي الإهلال بالحج قبل الميقات، والتجرد عن المخيط من البلد أراد أن يحرم من دويرة أهله فتجرد وأهل بالحج أو بالعمرة من بيته، هل يجرؤ أحد أن يقول: بدعة، وقد ثبت عن بعض الصحابة، لا يجرؤ أحد أن يقول: بدعة، ابن عمر أحرم من بيت المقدس، وبريدة من كرمان، وغيرهم من البصرة، المقصود أن هذا عمل به الصحابة، وهذا فهمهم، وهو اجتهاد منهم.
لكن من أراد أن يتشبه بالحاج هو لم يحج، ولم يبعث هديًا، نقول: قال بقول ابن عباس، وأراد أن يصنع ما يعرف بالتعريف بالأمصار، التعريف بالأمصار يحتمل أمرين: الأول أنه يشبه أهل الموقف من كل وجه، فيتجرد عن المخيط، ويلزم بيتًا من بيوت الله، أو يخرج إلى الصحراء، ويتعرض لنفحات الله عشية عرفة، لكي يتشبه بالحجاج، وهذا هو التعريف المطابق لفعل أهل عرفة، وهو الذي نص على أنه بدعة، لو أن شخصًا صام يوم عرفة، وقد جاء في الحديث الصحيح أنه يكفر سنتين، صام يوم عرفة، وعشية عرفة لزم المسجد، يدعو الله -جل وعلا- ويتعرض لنفحاته، هل يقال: بدعة؟ لا، ليس ببدعة؛ لأنه ثبت عن السلف أنهم يحفظون صيامهم في المساجد؛ لأن الذي يجلس في المسجد يحفظ صيامه، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ولزوم المصلى بعد الصلاة كل هذه سنن ثابتة، وقد جاء الحث على التعريف، وهو محمول على هذا، والذي جاء وصفه بأنه بدعة النوع الأول، ويوم عرفة يوم فاضل، وأفضل أيام العام، وهو صائم، وينتظر الصلاة، ويتعرض لدعوة مستجابة ما فيه إشكال إن شاء الله.
طالب:.........
ماذا فيه؟
طالب:.........
مسجد ماذا؟
طالب:.........
على كل حال مالك له القول بكراهة الإحرام قبل الميقات، لكنه ثابت عن جمع من الصحابة، ولولا فعل بعض الصحابة نعم وقيل بعدم الإجزاء قبل الميقات لما بعد، فضلًا عن التحريم، لكن ما دام ثبت عن بعض الصحابة ما لنا كلام، وفهمهم لقوله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] قالوا: أن تحرم بهما من دويرية أهلك، والعمرة من بيت المقدس لها شأنها، المقصود أن هناك ما يدل على ذلك، نعم؟
طالب:.........
لا، تعريف الأمصار قلنا: إنه إن كان مشابهة الحجاج من كل وجه هذا بدعة، ما فعله أحد، ولا حث عليه، لكن إن كان مجرد صائم، لزم المسجد في مصلاه الذي صلى فيه العصر، وانتظر فيه صلاة المغرب، وتعرض لنفحات الله ما يلام أبدًا، وحفظ صيامه ببقائه في المسجد، وثبت عنهم أنهم كانوا يحفظون الصيام بالمساجد؛ لأنه إذا خرج من المسجد عرضة لأن يتكلم وأن يلغو وأن...، كيف؟
طالب:.........
المقصود أنه مجرد الصيام، يعني الإنسان صائم يلزم المسجد ما يلام، أبدًا.
طالب:.........
معروف أنا أقول: إنه ثبت عن بعض الصحابة، وجاء الحث على العمرة من بيت المقدس، وفهموا من قوله -جل وعلا-: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [(196) سورة البقرة] أن تحرم بهما من دويرية أهلك، ما دام هذا ثابت عن الصحابة، لكن هل هو الراجح؟ ما هو بالراجح، لكن من فعله لا ينكر عليه مثل ما ينكر على بعض من يفعل ما لا أصل له بفعل الصحابة، مثل ما قال: فذكرت له ذلك فقال: بدعة، بدعة ورب الكعبة، لماذا؟ لأنه معارض بنص مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ ولذا قلنا في مناسبات كثيرة: إننا لاحظنا من يدخل المسجد النبوي وهو محرم، يعني شخص أراد أن يتجهز للإحرام، ويركب الطائرة من الرياض، ولبس الإحرام من الرياض نقول: مبتدع؟ بالطيارة ما يمكنه ولا فيه مكان يتجرد فيه، نقول: ما عليه شيء، لكن لا يعقد النية حتى يحاذي الميقات، لكن لو تجرد في المدينة في شقته، في منزله، نعم، وقال: المسافة عشرة كيلو سهل أمُر وأعقد النية وأمشي، لكن أتجرد بدل ما أتجرد بالمحرم وأمسك سرة أتجرد بالبيت وبالشقة، بالسكن، ما يلام، لكن الإشكال يأتي من كونه يدخل المسجد النبوي وعليه إحرامه فخشية أن يقال: إن المسجد يحتاج إلى إحرام، أو يقال: إن زيارة النبي -عليه الصلاة والسلام- تحتاج إلى إحرام يمنع من هذه الحيثية، وكانت قليلة وكأنها زادت الآن، بكثرة تصنع.
يقول: بعث الهدي إلى البيت ما الفرق بينه وبين الأضحية؟ وهل لا يمس من شعره أو ظفره شيئًا؟
بعث الهدي مثل ما جاء عندنا أنه لا يلزم بشيء، فلم يحرم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء أحله الله له حتى نحر الهدي، ما حرم عليه شيء، وجاء في الأضحية ما جاء، ((إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من بشرته شيئًا)) فالأضحية جاء ما يخصها.
"وسئل مالك عمن خرج بهدي لنفسه فأشعره وقلده بذي الحليفة، ولم يحرم هو حتى جاء الجحفة، قال: لا أحب ذلك، ولم يصب من فعله، ولا ينبغي له أن يقلد الهدي ولا يشعره إلا عند الإهلال إلا رجل لا يريد الحج فيبعث به ويقيم في أهله" الآن المسألة مفترضة في شخص خرج من المدينة، ومر بذي الحليفة، أشعر الهدي وقلده من ذي الحليفة، لكنه لم يحرم إلا من الجحفة، هذا عند مالك فيه إشكال؟، قال: لا أحب ذلك، هل لا أحب تأخير الإحرام إلى الجحفة أو لا أحب تقديم تقليد الهدي إلى الإحرام؟
طالب: تقليد الهدي.
نعم، قال: "لا أحب ذلك، ولم يصب من فعله، ولا ينبغي أن يُقلد الهدي -أو أن يقلِد الهدي- ولا يشعره إلا عند الإهلال" يعني في الميقات "إلا رجل لا يريد الحج فيبعث به ويقيم في أهله" فيقلده من بيته.
ابن حجر يقول: المهدي للبيت له حالان: إما أن يسوق الهدي وهو قاصد النسك، فهذا إنما يقلد هديه ويشعره عند إحرامه، وإما أن يسوق الهدي ويقيم فيقلده من مكان إقامته لحديث الباب.
ونستذكر المسألة السابقة وهي أن من تجاوز الميقات الذي حدد له أو مر به إلى ميقات آخر عند مالك لا شيء فيه، والجمهور يلزمونه بدم، وهنا كأن مالكًا لا يرى عليه شيء، مر بذي الحليفة وقلد الهدي بذي الحليفة، ولم يحرم حتى جاء الجحفة، تجاوز الحليفة غير محرم ثم أحرم من الجحفة، ما ألزمه مالك بشيء، إنما أنكر عليه كونه قلد الهدي قبل إرادة الإحرام.
"وسئل مالك هل يخرج بالهدي غير محرم؟ فقال: "نعم لا بأس بذلك" يخرج بالهدي من بيته حتى يأتي المحرم فيقلده، أو يبعث الهدي ويقيم في بلده فلا بأس بذلك ولا يحرم.
"وسئل -أيضًا -رحمه الله- عما اختلف فيه الناس من الإحرام لتقليد الهدي ممن لا يريد الحج ولا العمرة، فقال: الأمر عندنا الذي نأخذ به في ذلك قول عائشة أم المؤمنين: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بهديه ثم أقام، فلم يحرم عليه شيء مما أحله الله له حتى نحر هديه" كما تقدم، نعم؟
طالب:.........
هدي تطوع هذا، حتى في العمرة، ما المانع؟
أقول: لو بحث عمن يبعث معه هدي فلم يجد وأراد إحياء هذه السنة، نعم، فبعث قيمة الهدي، فقال لشخص: اذهب بهذه القيمة وفلان ينتظرك وكيل اتصلت به وقلت له: خذ الدراهم من فلان واشترِ به هديًا تقوم مقامي وتوزعه، هل يكفي بعث قيمة الهدي؟ وهناك ما هو أسهل، يعني تحويله بالصراف وإلا بالهاتف المصرفي وإلا بـ...، الأمور تيسرت -ولله الحمد-، لكن كل هذا لا يقوم مقام تقليد الهدي بين الأولاد، ورؤيتهم لهذه السنة، وبعثه كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يبعثه.
نعم.
باب: ما تفعل الحائض في الحج:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: "المرأة الحائض التي تهل بالحج أو العمرة إنها تهل بحجها أو عمرتها إذا أرادت، ولكن لا تطوف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، وهي تشهد المناسك كلها مع الناس، غير أنها لا تطوف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، ولا تقرب المسجد حتى تطهر.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما تفعل الحائض في الحج" قال: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "المرأة الحائض التي تهل بالحج أو العمرة إنها تهل بحجها أو عمرتها إذا أرادت" يعني وهي متلبسة بالحيض، لا مانع من ذلك، وأن الحيض لا يمنع من الدخول في النسك، ولا يمنع عقد الإحرام، ولا يمنع عقد النكاح، الحيض لا أثر له في مثل هذا؛ ولذا جاء في الحديث حديث عائشة: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) وقال في حديث صفية، في قصة صفية: ((أحابستنا هي؟)) فدل على أن الحائض لا تطوف مهما كانت الظروف، وأنها تحبس الرفقة.
يقول: كان يقول: "المرأة الحائض التي تهل بالحج أو العمرة إنها تهل بحجها أو عمرتها إذا أرادت" يعني حائض أو طرأ عليها الحيض بعد أن دخلت في النسك كعائشة، ولكن لا تطوف بالبيت ((غير أن لا تطوفي بالبيت ولا بين الصفا والمروة)) تفعل ما يفعله الحاج مما يقتضيه النسك، ولا نذهب في مثل هذا النص إلى أبعد من هذا، فنقول: إن الحائض تقرأ القرآن بدليل هذا الحديث، تفعل جميع ما يفعل الحاج؛ لأن الحاج يقرأ القرآن، وبعد الحاج يصلي، نعم، فالاستدلال بمثل هذا العموم على مثل هذه المسألة لا شك أن فيه إيغال في العموم.
ولكن لا تطوف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، نعم لا تطوف بالبيت؛ لأنها ممنوعة من دخول المسجد، الطهارة شرط لصحة الطواف، ولا بين الصفا والمروة، وما بينهما خارج عن المسجد، لماذا تمنع من الطواف بين الصفا والمروة؟ لأنهم يشترطون لصحة السعي أن يقع بعد طواف، فإذا اشترطناه للطواف لزم من ذلك اشتراطه للسعي.
لكن لو قالت: إنه جاء في الحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يستثنِ إلا الطواف، والحائض لا تدخل المسجد، "وليعتزل الحيض المصلى" والمسعى خارج المسجد، وجاء أيضًا السؤال عن تقديم السعي على الطواف في حديث أسامة بن شريك، قال: ((افعل ولا حرج)) هي في يوم العيد قالت: أريد أن أسعى، ويبقى الطواف إلى أن تطهر، مقتضى قول مالك قال: لا تطوف بالبيت، نعم، كلام ابن عمر: "ولكن لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة" كأنه يرى أن السعي لا بد أن يقع بعد طواف، وهو شرط عند جمع من أهل العلم صحة السعي إلا أن يكون بعد طواف ولو مسنونًا، نعم؟
طالب:.........
لها ذلك، لكن لا تطوف حتى تطهر.
طالب:.........
أين؟
طالب:.........
إذا أهلت بالعمرة في أيام الحج، واستمر معها الحيض حتى خشيت فوات الحج تدخل الحج على العمرة فتصير قارنة، يعني مثل عائشة أهلت بعمرة، إن كان هناك متسع من الوقت تنتظر حتى تطهر فتأتي بعمرة وتبقى على تمتعها، إن خشيت فوات الحج بفوات الوقوف أدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة، أما كونها تحرم وهي حائض لا مانع.
"وهي تشهد المناسك كلها مع الناس"؛ ولذا جاء في الحديث: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي)) "غير أنها لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، ولا تقرب المسجد حتى تطهر" فالحائض لا يجوز لها أن تدخل المسجد كالجنب، وجاء في صلاة العيد أمر العواتق والحيض وذوات الخدور أن يخرجن إلى المصلى، يشهدن الخير ودعوة المسلمين، وليعتزل الحيض المصلى، ومصلى العيد مسجد، وإن كانت أحكامه أقل من أحكام المسجد المعروف، يتفق مع المسجد في أشياء ويختلف عنه في أشياء، لكن إذا كان هذا في مصلى العيد فالمسجد من باب أولى.
بعضهم يقول: إن المراد بالمصلى مكان الصلاة؛ لأنها ما دامت لم تصلِّ وهي حائض فلماذا تجلس في المصلى الذي هو المكان الذي يصلى فيه فتضيق على الناس وهي لن تصلي؟ تبعد عن الناس ولو كانت في المصلى، لكن موضع الصلاة للمصلى المراد به المحدود معروف الحدود، فتعتزل في جهة منه، ولو كانت داخله، لكن البقعة التي يصلون فيها لا تضيق على الناس، لكن مقتضى قوله: "يعتزلن المصلى" يعني بحدوده أي جميع المصلى، والمسجد من باب أولى، نعم؟
أحسن الله إليك.
باب: العمرة في أشهر الحج:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اعتمر ثلاثًا عام الحديبية، وعام القضية، وعام الجعرانة.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يعتمر إلا ثلاثًا إحداهن في شوال، واثنتين في ذي القعدة.
وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي أن رجلًا سأل سعيد بن المسيب فقال: أعتمرُ قبل أن أحج؟ فقال سعيد: "نعم، قد اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يحج.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن أبي سلمة استأذن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- أن يعتمر في شوال فأذن له فاعتمر ثم قفل إلى أهله ولم يحج.
التثنية استأذنا عمر بن الخطاب؟
طالب: لا، أنا أقصد عمرو بن أبي سلمة وعمر بن الخطاب.
نعم؛ لأنه موهم.
أحسن الله إليك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: العمرة في أشهر الحج" أشهر الحج: شوال والقعدة وعشر من ذي الحجة عند الأكثر، والشهر الكامل عند مالك، وعُمَر النبي -عليه الصلاة والسلام- كلها وقعت في هذه الأشهر الحرم، حتى توقف ابن القيم في تفضيل عمرة رمضان على العمرة في أشهر الحج، بل في الأشهر الحرم؛ لأن عُمَر النبي -عليه الصلاة والسلام- كانت في هذه الأشهر على الخلاف في عمرة رجب أثبتها ابن عمر ونفتها عائشة.
ابن عمر كما في البخاري وغيره يقول: "اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- في رجب" وأنكرت عائشة واستدركت ذلك عليه، فقالت: "ما اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رجب قط، وما اعتمر قط إلا وأبو عبد الرحمن معه لكنه نسي".
فعُمَره -عليه الصلاة والسلام- أربع: عمرة الحديبية التي صد عنها، وحسبت ثم عمرة القضية من قابل حيث قاضى المشركين على ذلك، والعمرة عمرة الجعرانة بعد منصرفه من حنين، بعد الفتح، والعمرة الرابعة التي مع حجه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه حج قارنًا، والقارن جمع بين الحج والعمرة.
قال: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اعتمر ثلاثًا عام الحديبية" وهذه عمرة وإن كانت لم تؤد لأنها كتبت "وعام القضية" من قابل "وعام الجعرانة" يعني أحرم من الجعرانة بعد منصرفه من حنين، ودخل مكة ليلًا، وحنين مكانها الشرايع، نعم، والحجة الرابعة ما عدت هنا؛ لأنها دخلت في الحج، في القران، فليس لها استقلال؛ لأن القارن أعماله كأعمال المفرد، المقصود أن المجموع أربع كما في حديث عائشة في الصحيح.
المقصود أن هذا ما اختاره الله لنبيه -عليه الصلاة والسلام-، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، هكذا قيل، وأما ما جاء في عمرة رمضان، وأنها تعدل حجة وحجة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أن هذا مرجح، مرجح قوي على عمرة رمضان، لكن من توقف كابن القيم هذا دليله، نعم؟
طالب:.........
أين؟
طالب:.........
الذي يظهر أنه قال في أشهر الحج، نعم هذا الذي أحفظه الآن؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما جاء في حديث عائشة- لم يعتمر في غير أشهر الحج.
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يعتمر إلا ثلاثًا إحداهن في شوال" التي هي ماذا؟
طالب:.........
لا، نعم؟
طالب:.........
الجعرانة نعم؛ لأن الفتح صار في رمضان، ثم خرج إلى حنين وانتهى منهن ورجع ليعتمر من الجعرانة، "إحداهن في شوال واثنتين في ذي القعدة"
"وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي أن رجلًا سأل سعيد بن المسيب فقال: أعتمرُ قبل أن أحج؟" يسأل "أعتمر قبل أن أحج؟ قال سعيد: نعم، قد اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يحج" وبعض الناس يستغرب مثل هذا السؤال الذي فيه النص الصحيح الصريح، يوجد مثل هذا ويوجد ما هو دونه، نعم يوجد، الناس يخفى عليهم لا سيما من لا صلة له بالعلم يخفى عليه مثل هذا.
"أعتمر قبل أن أحج؟" قد يقول قائل: ما هذا السؤال؟ والناس متفاوتون في الفهم والإدراك والتحصيل، إذا كان داخلاً صحن الحرم يقول: أين الكعبة؟ مبصر، نعم يسأل عن الكعبة وهو مبصر، فما دون هذا من باب أولى.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن أبي سلمة" ربيب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو ولد زوجته أم سلمة "استأذن عمر بن الخطاب أن يعتمر في شوال فأذن له، فاعتمر، ثم قفل إلى أهله ولم يحج" يعني للإنسان أن يعتمر في أشهر الحج، ولا يلزمه أن يؤدي الحج.
طالب:.........
ما هو؟
طالب:.........
لا، ليس داخل المسجد، ما زال خارجًا عن المسجد، ووضعه الهندسي ما زال خارج المسجد، نعم؟
طالب:.........
سعي الحائض سمعنا كلام ابن عمر -رضي الله عنه-، وعند من يشترط أن يتقدمه طواف، لكن لو طافت ثم حاضت قبل أن تسعى لها ذلك، نعم؟
طالب:.........
لها ذلك، من مقتضى حديث أسامة بن شريك أن لها ذلك، ولو طافت ثم حاضت ثم سعت بعد ذلك صح سعيها، نعم؟
طالب:.........
نعم؟
طالب:.........
لا، لا ما فيه إشكال، على الجادة ((افعل ولا حرج)) فما سئل عن شيء قدم ولا أخر، تشمله القاعدة العامة.
طالب:.........
يشمل، يشمل، تشمله القاعدة العامة، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: قطع التلبية في العمرة:
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم.
قال مالك -رحمه الله- فيمن أحرم من التنعيم: إنه يقطع التلبية حين يرى البيت.
قال يحيى: سئل مالك عن الرجل يعتمر من بعض المواقيت وهو من أهل المدينة أو غيرهم، متى يقطع التلبية؟ قال: "أما المهل من المواقيت فإنه يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم، قال: وبلغني أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يصنع ذلك".
يقول: "باب: قطع التلبية في العمرة" أما قطع التلبية في الحج تقدم الكلام فيه، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما زال يلبي حتى بلغ جمرة العقبة، أو حتى رمى جمرة العقبة.
وأما بالنسبة للمعتمر متى يقطع التلبية؟ هل يقطعها إذا رأى البيت، أو بمجرد دخوله في الحرم، أو إذا رأى بنيان مكة؟ يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم" عروة بن الزبير أحد الفقهاء السبعة من التابعين يقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم، وهكذا كان يفعل ابن عمر.
"قال مالك فيمن أحرم من التنعيم: إنه يقطع التلبية حين يرى البيت" لماذا؟ لأن التنعيم ملاصق للحرم، معناه أنه لا يلبي، خطوات ويدخل الحرم، فمن أحرم من أدنى الحل هذا يستمر في التلبية حتى يدخل البيت، وأما من أحرم من المواقيت لبعدها فإنه لا يزال يلبي حتى يدخل الحرم، هذا كلامه، نعم.
يقول: "قال مالك فيمن أحرم من التنعيم: إنه يقطع التلبية حين يرى البيت.
قال يحيى: سئل مالك عن الرجل يعتمر من بعض المواقيت وهو من أهل المدينة أو غيرهم، متى يقطع التلبية؟ قال: أما المهل من المواقيت فإنه يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم" وأما إذا أحرم من أدنى الحل فحين يرى البيت قال: "وبلغني أن عبد الله بن عمر كان يصنع ذلك" يعني يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم، مجرد ما يدخل حدود الحرم يقطع التلبية، والمراد بالحرم ليس البيت، نعم، في المدونة يقول: يقطع إذا دخل بيوت مكة أو المسجد الحرام، ذلك كله واسع، هذا كله واسع، وجاء عن ابن عباس مرفوعًا: "يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر" وهذا يشمل من أَهَلّ من الميقات ومن دون الميقات، لكن الخبر في إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، الفقيه المعروف، لكنه بالنسبة للحديث مضعف في الرواية سيء الحفظ، نعم، وأبوه من رجال الجماعة، عبد الرحمن بن أبي ليلى، هذا الفقيه الذي يدور اسمه في كتب الفقه كثيرًا، يعني الكتب التي تنقل الأقوال لا يكاد باب يخلو من ذكر اسمه مرارًا، إمام فقيه، جمعت أقواله في رسالة كبيرة جدًّا من مجلدات.
المقصود أنه فقيه كبير، لكنه في ميزان المحدثين سيء الحفظ، وهذه الرسالة لما سجلت في جهة من الجهات وأراد صاحبها أن يحدد المراد بابن أبي ليلى، من المراد بابن أبي ليلى؟ تعب كثيرًا، قرأ كتب التراجم، ما أسعفته، سيء الحفظ ما يمكن يكون بهذه المثابة وبهذه الإمامة في الفقه! نعم، والأب محدث، لكن ما ذكر عنه فقه، وإلا ثقة، وتردد وسأل طويلًا، والذي حل الإشكال، لما ترجم النووي في شرح مسلم لعبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ثقة احتج به الجماعة، وأما ابن أبي ليلى الذي يدور اسمه في كتب الفقه فهو ابنه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه المعروف، ومثل هذا لا يمكن أن يوقف عليه إلا بالجرد، جرد الكتب مع تقييد الفوائد والشوارد، جرد المطولات؛ لأن مثل هذا مشكل يعني لما تخطئ في اسم صاحب البحث الذي تبحثه كارثة، نعم هذه مصيبة.
المقصود أن مثل هذا ينبغي أن يتنبه له، وابن أبي ليلى..، معروف أن من اتجه إلى شيء غفل عما سواه، ابن أبي ليلى فقيه كبير، تقول مثل هذا في أبي حنيفة الإمام الأعظم رمي بسوء الحفظ، ابن أبي ليلى كذلك، كثير ممن اتجه إلى فرع من فروع العلم الشرعي لا شك أنه على حساب غيره؛ لأن العقل لا يستوعب كل العلوم، كذا من غلب عليه حفظ الحديث ورواية الحديث قد يكون عنده ضعف في الاستنباط والدراية، قليل من أهل العلم من جمع الله له بين الفنون، لكن الغالب أن من اتجه إلى شيء وأعطاه كليته في الغالب أنه يكون على حساب غيره، حتى من القراء، من قراءته متواترة ومشهورة ومعمول بها، قد يكون في حفظه شيء، لكن هل ما يقع في حفظه مما يذكره المحدثون له أثر على قراءته؟ أبدًا، لماذا؟ لأن القرآن مضبوط بين الدفتين، مرده للاختبار، اختبر، نعم فيمكن حفظه، القرآن يمكن حفظه حتى من سيء الحفظ؛ لأنه معروف أوله وآخره لا يمكن أن يخفى شيء منه على من أراده، بينما الحديث! الحديث دونه خرط القتاد، فالذي لا تسعفه الحافظة القوية مثل هذا لا شك أنه لن يدرك من الحديث شيئًا يذكر؛ لأنه بحر محيط، وهو كما قال أهل العلم: علم فحل لا يطيقه إلا الفحول، وأهل الرأي كما ذكر ابن القيم وغيره عن بعض السلف أنهم أعياهم حفظ النصوص، نعم وصعب عليهم أنهم إذا سئلوا ما أجابوا، فاستعملوا الفهم، الفهم قد يوجد عند شخص لا يحفظ، والحفظ قد يوجد عند شخص لا يفهم، أو فهمه ضعيف، وفي كل خير، لكن يبقى أن الفهم وحده لا ينفع إلا بما يعتمد عليه من حفظ، نعم، اللهم إلا إذا أراد أن يتورع إذا سئل عن شيء لا يحفظ فيه شيء يقول: الله أعلم، إذا كان بين يديه كتاب وكثير من المحدثين يعدل من التحديث من الحفظ إلى التحديث من الكتاب خشية أن يزل؛ لأنه بصدد الكلام في كلام من لا ينطق عن الهوى، نعم، فكثير من الناس يحرص على أن يحدث من كتابه.
والتحديث من الكتاب معروف عند أهل العلم، وضبط الكتاب أيضًا نوع من أنواع الضبط الذي به يصح الخبر.
المقصود أن مثل هذا لا بد أن يعتمد طالب العلم على الحفظ بالدرجة الأولى ثم الفهم، لا يطغى الحفظ على الفهم بحيث يكون مجرد زيادة كتاب أو ما أشبه هذا مما يقال، أو لا يطغى الفهم أيضًا بحيث يستطيع أن يمشي السائل بالرأي من غير أن يعتمد على نص، فالعلم قال الله وقال رسوله، فالحفظ بدون فهم قليل الجدوى، وأيضًا الفهم دون حفظ قد يكون في بعض الأحوال عديم الفائدة، فعلى طالب العلم أن يهتم بهما معًا، نعم؟
طالب:.........
فقيه، نعم، يحتاج إلى دليل، لكنه فقيه على طريقة الفقهاء، يعني هنا قد يوجد محدث على طريقة الفقهاء، وقد يوجد فقيه على طريقة المحدثين، نعم، وأنت تعرف كل الذين يدرسون مر عليك كلامهم وأشرطتهم، تسمع من بعض الناس تجزم بأنه نفسه حديث، وبعض الناس وإن كان يشرح الحديث تجزم بأن نفسه فقه، وقد يُشرح كتاب من كتب الحديث، أو كتاب أخص من ذلك من كتب المصطلح، قد يشرح بنفس الفقهاء، نعم، والعكس قد تشرح كتاب من متون الفقه على طريقة أهل الحديث، والموفق من وفقه الله للجمع بينهما، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"سيأتي ذكر العمرة في أشهر الحج في هذا الدرس إن شاء الله تعالى.
وهو موضوع هذا الدرس -إن شاء الله تعالى- ويشار إليه.
قال البخاري في صحيحه في الصيام: بكير عن أم علقمة: كنا نحتجم عند عائشة فلا تنهى..، وعلق لها في الحيض أيضًا ووصله مالك في الموطأ، قال العجلي: مدنية تابعية ثقة، وقال في الكاشف: وثقت، بينما قال ابن حجر في التقريب: مقبولة، وهي من الثالثة.
يعني كون البخاري يعلق لها لا يعني أنها من رجال الصحيح، إنما المقصود برجال الصحيح الذين خرج لهم في الأصول معتمدًا عليهم، وكون ابن حبان ذكرها في الثقات مجرد الذكر لا يقتضي التوثيق لا سيما إذا عورض، اللهم إلا إذا اجتمع ذكر الراوي في الثقات مع تخريجه له في صحيحه، أو أن ينص على توثيقه، يذكره في الثقات ويقول: ثقة، أو يكون من شيوخه الذين عرفهم وخبر أحوالهم هذا يتجه القول بتوثيقهم، أما مجرد ذكر الراوي في الثقات فلا يلزم منه التوثيق، وقد ذكر رجالًا في الثقات، وذكرهم في المجروحين.
على كل حال قول ابن حجر: تابعية مقبولة، وهي من الثالثة، يعني من التابعين، قال العجلي: مدنية تابعية ثقة، هي ممن تقادم العهد بهم، وممن أدرك الصحابة، أدرك جمع من الصحابة، فيظن به التوثيق، لكن هذا الكلام السابق على القول بأنها مقبولة، وعرفنا ما في هذا القول من إشكال.
يعني حتى يأتي يوم النحر، ويتحلل التحلل الأول إن كان معه، ويحل بمنى يوم النحر، يعني لا يحل قبل يوم النحر.
{وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] والمقصود به يوم النحر، ويكون بفعل اثنين من ثلاثة والحلق منها.
وهذه الحركة لسكون وصمت ثوانٍ أو جزء من الثانية إلى غير هذا الكلام الذي ينشره.
على كل حال الاقتصار على لفظ الجلالة ليس بذكر، إنما الذكر يكون بجملة مفيدة، فالمبتدأ دون خبر لا يفيد، فلا بد أن يقال: الله أكبر، الله أجل، الله أعز، الله الكبير، الله العزيز، لا بد أن يُؤتى بجملة مفيدة، أما مجرد الاسم المفرد "الله" فهذا اعتاد المتصوفة تكراره، وأن ديدنهم الله، الله، الله، الله، هذا ذكر مبتدع بالاسم المفرد، وأن المبتدأ دون الخبر لا يفيد الخبر الجزء المتم الفائدة، قد يقول قائل: جاء ذكر لفظ الجلالة مكررا في القرآن، فهل يعني هذا تكريره؟ أين جاء مكررا: (حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ) الأنعام: ١٢٤ (اللَّهُ أَعْلَمُ) الأنعام: ١٢٤ يقولون فيها: الله الله، صاحب الشبهة يريد أن يتشبث بأدنى شيء، لكن لفظ الجلالة الأول (حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ) الأنعام: ١٢٤ انتهى الكلام، (اللَّهُ أَعْلَمُ) الأنعام: ١٢٤ هذه جملة ثانية ولا يحسن النطق حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله، الله، ما تأتي.
طالب: ..............
نعم، معروف؛ لأنها تابعة للكلام السابق.
طالب: ..............
هذا لست بحاجة إلى الرواية عنه، مثل هذا لا يؤخذ عنه العلم الذي يأتي بالكلام الذي ذكرناه ألصق اللسان ووضع اللسان هذا ليس بأهل لأن يؤخذ منه وليس بكفءٍ أن تطلب منه الإجازة.