شرح زاد المستقنع - كتاب الصيام (04)
"بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
ومن جامع في نهار رمضان في قبل أو دبر فعليه القضاء والكفارة، وإن جامع دون الفرج فأنزل أو كانت المرأة معذورةٌ.."
معذورةً..
"معذورةً أو جامع من نوى الصوم في سفره أفطر ولا كفارة، ومن جامع في يومين أو كرر في يوم ولم يكفِّر فكفارة واحدة بالثانية وفي الأولى اثنتان، وإن جامع ثم كفَّر ثم جامع في يومه فكفارة ثانية، وكذلك من لزمه الإمساك إذا جامع، ومن جامع وهو معافى ثم مرض أو جن أو سافر لم تسقط، ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا فإن لم يجد سقطت."
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عرفنا أن الذي يفسد الصيام هو الأكل والشرب والجماع هذه أصول المفَطِّرات، وعرفنا أنه يلحق بالأكل ما يغذي ولن كان من غير المنفذ المعتاد والشرب كذلك، ويُلحَق بالجماع ما سيأتي ذكره أو ما ذكره المؤلِّف من الاستمناء والمباشرة وما أشبه ذلك، على كل حال من جامع في نهار رمضان ممن يلزمه الصوم فإن عليه القضاء والكفارة سواء أنزل أو لم ينزل، وسواء كان الجماع حلالا أو حراما من باب أولى، وسواء كان الوطء في قبل أو دبر -نسأل الله السلامة والعافية- وهذه الكفارة كما جاءت في حديث الأعرابي عتق رقبة، والرقبة مقيَّدة بكونها مؤمنة؛ لأنها مطْلَقة في الحديث وفي كفارة الظهار لكنها جاءت مقيدة في كفارة القتل واتحد الحكم وهو وجوب العتق فعلى هذا يُحمَل المطلق على المقيَّد للاتفاق في الحكم وإن اختلف السبب، والعلماء بالنسبة لحمل المطلق على المقيد يذكرون الصور الأربع المتقابلة، الاتحاد في الحكم والسبب، والاختلاف في الحكم والسبب، والاختلاف في السبب دون الحكم، والعكس، فإذا اتحد الحكم والسبب وهذا استطراد يا إخوان لكن يحتاج إليه فإذا اتحد الحكم والسبب حمل المطلق على المقيد اتفاقا يمثلون لذلك بالدم جاء مطلقًا في قوله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [سورة المائدة:3] وجاء مقيدا في قوله تعالى {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} [سورة الأنعام:145] فالحكم واحد وهو التحريم والسبب واحد وهو النجاسة عند من يقول بها أو الاستقذار عند من لا يرى نجاسة الدم، على كل حال الحكم والسبب متحدان وعلى هذا يُحمَل المطلق على المقيد اتفاقا فيبقى الدم غير المسفوح مباحا، إذا اختلفا في الحكم والسبب أعني المطلق مع المقيد فإنه حينئذ لا يحمل المطلق على المقيد اتفاقا ومن الأمثلة على ذلك اليد جاءت مطلقة في آية السرقة ومقيدة في آية الوضوء فالحكم مختلف هذا قطع وهذا غسل والسبب مختلف هذا الغسل سببه الحدث وذاك سببه السرقة فلا يُحمَل المطلق على المقيد لا نقول تقطع يد السارق من من المرافق لا، من المرفق لا، للاختلاف في الحكم والسلف، وإذا اتحدا في الحكم واختلفا في السبب كما هنا كالرقبة في كفارة القتل جاءت مقيدة وفي كفارة الظهار جاءت مطلقة.
فيه شيء؟
يحمل المطلق على المقيد عند الجمهور وإن خالف في ذلك الحنفية الصورة المقابِلة وهي الرابعة..
طالب: ...........
مطلقة في آية الظهار ومقيدة في آية القتل وآية الظهار حكمها حكم ما عندنا ولذا يقولون من جامع في نهار رمضان فعليه كفارة مجامِع أو عليه كفارة ظهار؟ عليه كفارة ظهار لا يقول العلماء: عليه كفارة مجامِع في نهار رمضان إنما يقولون عليه كفارة ظهار، وقد ثبتت كفارة الجماع بالنص فكيف تُلحَق بنص آخر أو بكفارة أخرى؟ معروف أن كفارة الظهار ثبتت بالقرآن المعروف لدى الخاص والعام، كفارة الظهار ثبتت بالقرآن ونظير ذلك البيعة التي حصلت بالنسبة للرجال هي سابقة على بيعة النساء وفي حديث عبادة يقول بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ما بايع عليه النساء كيف يقول عبادة وأنتم قبل النساء لأن بيعة النساء مضبوطة بالقرآن الذي يعرفه الخاص والعام بينما ما جاء في السنة قد يخفى على بعض الناس فعلى هذا لو جامع في نهار رمضان قيل له عليك كفارة ظهار لماذا؟ لأن كفارة الظهار مضبوطة بالقرآن والقرآن معروف لدى الخاص والعام فيحال عليه بخلاف ما جاء في السنة فقد يخفى على بعض الناس، الصورة الرابعة وهي المقابِلة للصورة الثالثة أن يتحدا في السبب دون الحكم يتحدا في السبب دون الحكم وحينئذ لا يحمل المطلق على المقيد عند أكثر العلماء وإن قال الشافعية بحمل المطلق على المقيد بالمثال اليد جاءت مطلقة في آية التيمم ومقيدة في آية الوضوء السبب واحد وهو الحدث والحكم مختلف هذا غسل وهذا مسح إذًا لا يحمل المطلق على المقيد فلا نقول بمسح اليد في التيمم إلى المرافق، على كل حال هذا استطراد حملنا عليه إطلاق الرقبة في حديث الأعرابي، الكفارة عتق رقبة وعرفنا أنها مؤمنة فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين، لكن قد يقول قائل لماذا نحمل المطلق على المقيد المطلق في آية الظهار على المقيد في آية إيش؟ القتل كم ذكر القيد في آية القتل؟ كم؟ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} [سورة النساء:92].
طالب: ...........
ثلاث مرات، وفي آية الظهار ما ذكر ولا مرة واحدة، قد يقول الحنفي لماذا لم يذكر ولا مرة واحدة مع أنه ذكر ثلاث مرات؟ وقد يقال لهم مع أنهم ما قالوه هذا الشخص الذي قتل مؤمنا ولو عن طريق الخطأ لماذا لا يطالَب بتحرير مؤمن وعتق الرقيق كإحيائه فيكون عتقه في مقابل إتلاف ذلك الرجل المؤمن فيكون اشتراط الإيمان في كفارة القتل أظهر منه في كفارة الظهار وغيرها من الكفارات، نقول: الشرع كما هو معروف يتشوف إلى العتق وأولى من يعتق ويحرر المسلم المؤمن، وإذا كان غير المسلم معروف حكمه إما أن يؤدي الجزية ويبقى صاغِرا وهي نظير الرق أو حده إن كان حربيا القتل فالرق أهون عليه فعلى هذا يتجه قول الجمهور بحمل المطلق على المقيد ولا التفات إلى ما يذكره بعض الحنفية من في هذا، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، فإن كانت المرأة مطاوِعة مختارة غير مكرهة فإنها مثله عليها ما عليه، وعليهما معًا التوبة والندم والعزم على عدم العود إلى مثل ذلك والإقلاع فورًا، في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بينما نحن جلوس عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت. قال: ((مالك؟)). قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هل تجد رقبة تعتقها؟)). قال: لا. قال: ((فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟)). قال: لا. فقال: ((فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟)). قال: لا. قال: فمكث النبي - صلى الله عليه وسلم-. فبينا نحن على ذلك أتي النبي -عليه الصلاة والسلام- بعرق فيه تمر والعرق المكتل قال: ((أين السائل؟)). فقال: أنا. فقال: ((خذ هذا فتصدق به)). فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟. فوالله ما بين لابتيها يريد الحرتين أهل بيت أفقر من أهل بيتي. فضحك النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى بدت أنيابه ثم قال: ((أطعمه أهلك)).
الجمهور: على أن الكفارة لا تسقط بالإعسار، بل تستقر بالذمة، قد يقول قائل: إن الكفارة سقطت، كما عندكم في المتن، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يجد فإطعام ستين مسكيناًً، فإن لم يجد سقطت، لكن الجمهور على أن الكفارة لا تسقط بالإعسار بل تستقر ديناً في ذمته.
كونها تسقط استدلالاً بالحديث، النبي - عليه الصلاة والسلام - ما أمره أن يكفر إذا وجد، يلزمه القضاء أيضاً؛ لأنه أفسد صومه الواجب.
قال ابن حجر: "وقد ورد الأمر بالقضاء في هذا الحديث من طرق يعرف بمجموعها أن له أصلاً".
قد يقول قائل: ما بين، ما قال النبي - عليه الصلاة والسلام - صم يوماً مكانه، أقول: ورد في بعض الروايات، وإن كانت بمفرداتها لا تثبت، إلا أنها بمجموع هذه الطرق تدل على أن له أصلاً، والكفارة كما هو معلوم احتراماً للزمن، وبناءً على ذلك لو كان هذا في قضاء رمضان، فالقضاء واجب، وعليه القضاء لهذا اليوم الذي جامع فيه، لكن ليس عليه كفارة؛ لأنه ليس في شهر رمضان، والكفارة إنما شرعت من أجل احترام رمضان، لو كان الرجل معذوراً بجهل أو نسيان، لو كان الرجل معذوراً بجهل أو نسيان أو إكراه، وكذلك المرأة، فبوجوب الكفارة والقضاء خلاف بين أهل العلم، لكن الأحوط القضاء دون إيجاب الكفارة، دون إيجاب الكفارة، وقد يقال: إن الرجل كان جاهلاً، وألزم بالكفارة فالجواب: أن هناك فرقاً بين جهل الحكم، وبين جهل ما يترتب على الحكم، شخص يعرف أن الزنا حرام مثلاً، لكن لا يعرف أن حده الرجم، جاهل، فجاء إلى الإمام وقال: أنه زنى وهو محصن، يظن أنه بيجلد مائة جلدة ويطلق صراحه، قال: لا، أنت عليك الرجم، قال: أنا جاهل ما أعرف الحكم، لكنك تعرف الزنا وأنه حرام، لا يلزم منه أن تعرف الحكم أو الأمر المترتب على الزنا.
قد يقال: إن الرجل كان جاهلاً، وألزم بالكفارة فالجواب: أن هناك فرقاً بين جهل الحكم، وبين جهل ما يترتب على الحكم، فالذي لا يعرف تحريم الزنا يختلف حكمه، الذي لا يعرف تحريم الزنا لا يدري أن الزنا حرام، وهذا يتصور في مسلم حديث العهد في الإسلام، أو عايش في مكان لم تبلغه شيء من الشرائع، وإلا فمثل هذا معلوم من الدين بالضرورة.
هذا يختلف حكمه عن حكم من يعرف التحريم، لكن يجهل أن عليه الحد، فالأعرابي كان يعرف تحريم الجماع في نهار رمضان، ولذا قال: يا رسول الله هلكت، قال مالك: قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((هل تجد رقبة)) الحديث.
على أن الإكراه على الجماع مسألة مختلف فيها بين العلماء، يعني تصور أن تكره المرأة على الجماع، لكن هل يتصور أن يكره الرجل عليه؟
المرأة يتصور إكراهها على الجماع، لكن هل الرجل يتصور إكراهه على الجماع؟ أكثر أهل العلم على أنه لا يتصور إكراهه؛ لأنه إذا أكره لم ينتشر، بينما المرأة ما تحتاج إلى شيء من ذلك، ومنهم من يقول: أنه إذا أكره يمكن أن ينتشر.
لا شك أن الانتشار فرع الرغبة، فرع الرغبة، ومع الإكراه مع الإكراه لا توجد الرغبة، إذا كان المكره صادق في كونه مكره، لكن بعض الناس إذا أكره قال: الحمد لله أنا مكره، ولا علي ذنب، ويزاول المعصية، وعلى كل حال الإكراه درجات، والمسألة كما سمعتم مختلف فيها، فإذا وقع الإكراه الملجئ لا شك أنه معفو عنه بالنسبة للإثم، لكن القضاء أحوط.
إذا باشر دون الفرج فأنزل، وهذه مسألة تقدمت الإشارة إليها، فإنه يفطر ولا كفارة؛ لأن النص إنما ورد فيمن جامع، والجماع إذا أطلق إنما ينصرف إلى إيلاج في الفرج دون المباشرة.
إذا قبل أو باشر فلم ينزل فلا شيء عليه، إلا أن الاحتياط، وسد الذرائع في هذا مطلوب.
طالب:...
نعم:
تقدم الكلام في المذي.
نعم:
طالب:...
يقول: نعم أو استمنى أو باشر فأمنى أو أمذى أو كرر النظر فأنزل يقول: فسد صومه، لا شك أنه إن أمنى هذا ما فيه إشكال أنه يفطر؛ لأنه عن شهوة، إذا خرج مني عن شهوة فإنه يفطر؛ لأنه جاء في الحديث: ((يدع شهوته)) نعم وهو ملحق بالجماع في الفطر، أما بالنسبة للمذي وهو يختلف حكمه عن حكم الجماع، فإنه لا يأخذ حكمه في الإفطار، لكن على الإنسان أن يحتاط لدينه، وهذا ركن من أركان الإسلام، ينبغي أن يترك مثل هذه الأمور وإن كانت لا تفطر خروجاً من الخلاف.
تقول عائشة -رضي الله عنه-، نعم.
طالب: وبغير إمذاء الغالب أنه يمذي يا شيخ؟
هذا يختلف باختلاف الأشخاص وتأتي الإشارة إليه فيما يكره، فيما يكره إن شاء الله تعالى.
إذا قبل أو باشر فلم ينزل فلا شيء عليه، إلا أن الاحتياط، وسد الذرائع في هذا مطلوب، لا سيما لمن لا يملك إربه، ولذلك قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يقبل ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه"، وإذا أنزل بالمباشرة فسد صومه كما هو معروف، ولزمه القضاء، إذا استمنى أي طلب خروج المني بأي وسيلة سواءً كان ذلك بيده أو بغيرها، أفطر عند جمهور العلماء، مع أن الاستمناء معروف حكمه وهو التحريم، وهو التحريم، لكن لا شك أنه إذا بلغ به الشبق مبلغاً لا يمكنه الصبر عنه، هو أسهل من الزنا الصريح، وعلى كل حال هو محرم عند جمهور العلماء، لكن مع الحاجة الشديدة وخشية الوقوع في العنت، ولا يمنعه صيام ولا غيره، حينئذ أسهل عليه من أن يباشر المحرم الصريح التحريم.
إذا استمنى أي طلب خروج المني بأي وسيلة سواءً كان ذلك بيده وما أشبه ذلك أفطر عند جمهور العلماء، إذا خرج منه مني خلافاً للظاهرية، فإنه لا يفطر عندهم، وقد ثبت في الصحيح أن الله -سبحانه وتعالى- قال في الصائم: ((يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي)) والاستمناء شهوة، وخروج المني شهوة، فهو حرام في رمضان وفي غير رمضان كما سمعتم، وأما إذا فعل ذلك ولم ينزل فإنه لا يفطر.
وإن أمذى أي خرج منه مذي، وهو ماء رقيق يحصل عقيب النظر والملاعبة ونحوها، فالصحيح أنه لا يفسد صومه بل صومه صحيح؛ لأنه لا شهوة فيه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى-.
إذا كرر هذه مسألة تقدم ذكرها إشارة إذا كرر النظر فأنزل فسد صومه، فعلى الصائم، إذا كرر النظر، إن كرر النظر إلى ما يباح له النظر، فهذا خاص بالصيام؛ لأن له أن يكرر النظر في زوجته ولو بشهوة؛ لأن له ما هو أشد من ذلك، لكن إذا كرر النظر فيما حرم الله عليه - سبحانه وتعالى-، هذا حرام للصائم وغير الصائم، لكن الصائم أمره أشد، فعليه أن يحتاط لهذا الركن، فيغض بصره عن النساء لقوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [سورة النــور:30]؛ لأن إطلاق النظر من وسائل الوقوع في الفاحشة، فالواجب غض البصر مع الحذر من أسباب الفتنة، لكن لا يبطل صومه بمجرد النظر إذا لم يخرج منه منه، أما من أمنى فإنه يبطل صومه وعليه قضاءه إن كان واجباً، وليحذر الصائم أشد الحذر كما ذكرنا مما حرم الله عليه من مشاهدة الأفلام الخليعة، التي يظهر فيها ما حرم الله من الصور المحرمة العارية، وشبه العارية، وهذا محرم على الصائم وغيره، في رمضان وفي سائر العام، لكن في الصيام ورمضان الأمر أشد، يضعف الأمر - نسأل الله العافية-.
أيضاً يحرم التحايل على الفطر في رمضان، كما أنه يحرم التحايل على إسقاط الكفارة، يحرم التحايل على الفطر في رمضان، اشتهى جماع زوجته فقال: نسافر، لما وصل الخرج، الخرج ثمانين كيلو مسافة قصر عند الجمهور، هذا تحايل، فعليه فعله حرام، ويعامل بنقيض قصده، توجب عليه الكفارة، كما أنه يحرم عليه أيضاً التحايل على إسقاط الكفارة، قد يقول قائل وهو في بلده: الكفارة على من أفطر بالجماع في نهار رمضان، يريد أن يتحايل على إسقاط الكفارة فيشرب ماء، يقول: أنا مفطر مفطر، أنا لست بصائم في رمضان، يتحمل التحريم والوعيد الشديد، لكن ما يتحمل الكفارة، نقول: تلزمك كفارة معاقبة له بنقيض قصده، فلو سافر من أجل أن يفطر مع أنه لا حاجة إلى هذا السفر غير الفطر فإنه يحرم عليه، كما أنه يحرم عليه أن يأكل أو يشرب في نهار رمضان من أجل أن يجامع زوجته، فلا تلزمه كفارة حينئذ على حد زعمه، فإذا أكل أو شرب عمداً أفطر، ولزمه القضاء، ولزمه الإمساك بقية اليوم، ولزمته الكفارة لحرمة رمضان، ومعاقبة له بنقيض قصده والله المستعان.
وإن جامع في يومين أو كرره في يوم ولم يكفر فكفارة واحدة في الثانية، يعني في المسألة الثانية، يعني إن كرر الجماع في يوم واحد، ولم يكفر عن الجماع الأول، فإنه يلزمه كفارة واحدة؛ لأن الكفارات تتداخل، أما إذا جامع في يومين فإن عليه كفارتين، لكل يوم كفارة، وهذا باعتبار أن كل يوم عبادة مستقلة، فلا تتداخل مثل هذه الكفارات، ولذا يقول: وإن جامع في يومين أو كرره في يوم ولم يكفر فكفارة واحدة في الثانية، يعني في الصورة الثانية، وفي الأولى اثنتان، وإن جامع ثم كفر ثم جامع في يومه فكفارة ثانية، لماذا؟ هو أفسد الصوم، تقول: لأنه يلزمه الإمساك، يلزمه الإمساك، فلحرمة الشهر يلزمه كفارة ثانية، والمسألة لا تخلو من خلاف.
وكذلك من لزمه الإمساك إذا جامع، من لزمه الإمساك، شخص مسافر ثم قدم وامرأته حائض ثم طهرت، وهكذا.
يقول: وكذلك من لزمه الإمساك إذا جامع، ومن جامع وهو معافى ثم مرض أو جن أو سافر لم تسقط، جامع وهو مقيم، صحيح معافى، ثم سافر، وأفطر في سفره نقول: الآن عليه قضاء هذا اليوم، نقول: عليك الكفارة؛ لأنك أفطرت وأنت صائم مقيم، ومثله لو مرض وأفطر وقد كان قد جامع قبل فطره تلزمه الكفارة ما لم ينو الفطر بالجماع، يعني لو شخص مع أذان المغرب جامع زوجته ناوياً الفطر بذلك، عليه كفارة وإلا لا؟ ما عليه كفارة، لكن شخص سافر واستمر في سفره وهو الآن مخير بين أن يتم صومه، وبين أن يفطر؛ لأن الوصف المبيح للفطر قائم فنوى الفطر بالجماع، نقول: ما عليك شيء، لكن لو لم ينو الفطر إلا بعد الجماع نقول: عليك الكفارة؛ لأنه يقول: ومن جامع وهو معافى ثم مرض أو جن أو سافر لم تسقط، ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان وهي عتق رقبة، لا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان، وإن أوجبها المالكية بالأكل والشرب عمداً.
باب ما يكره.
باب ما يكره ويستحب وحكم القضاء:
ويكره جمع ريقه فيبتلعه، ويحرم بلع النخامة،
يبتلُعه، أو يبتلِعه؟
فيبتلِعه، ويحرم بلع النخامة، ويفطر بها فقط
لكنه على الجواز، النصب على الجواز، نعم.
ويفطر بها فقط إن وصلت إلى فمه، ويكره ذوق طعام بلا حاجة، ومضغ علك قوي، وإن وجد طعمهما في حلقه أفطر، ويحرم العلك المتحلل إن بلع ريقه، وتكره القبلة لمن تحرك شهوته
لمن تُحرِك
لمن تُحرِك شهوته، ويجب اجتناب كذب وغيبة وشتم، وسن لمن شتم قوله: إني صائم.
وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب، فإن عدم فتمر، فإن عدم فماء، وقول: ما ورد ويستحب القضاء متتابعاً، ولا يجوز إلى رمضان آخر من غير عذر، فإن فعل فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم، وإن مات ولو بعد رمضان آخر، وإن مات وعليه صوم أو حج أو اعتكاف أو صلاة نذر، استحب لوليه قضاؤه.
باب ما يكره ويستحب وحكم القضاء:
يعني هذه ثلاث مسائل أو ثلاثة مباحث: ما يكره فعله للصائم، وما يستحب له، ويندب أن يفعله، وحكم القضاء من قبل من لزمه القضاء، ووجب عليه.
يقول: يكره جمع ريقه فيبتلِعه،
وعلل ذلك كما في الشرح بالخروج من خلاف من قال بفطره كأبي حنيفة، يكره جمع ريقه فيبتلعه، العلة في ذلك الخروج بالخروج من خلاف من قال بفطره، وهذا عند الحنفية أنه يفطر، فللخروج من هذا الخلاف يكره جمع الريق؛ لئلا يكون مفطراً على قول.
مسألة الخروج من الخلاف ليست من الأصول التي تبنى عليها الأحكام، والكراهية حكم شرعي، مسألة الخروج من الخلاف يعلل بها كثيراً، للكراهة والاستحباب، فيقال: يكره إذا قيل بالتحريم، وإن كان الدليل لا ينهض، ويقال: يستحب فعل كذا، إذا قال بعض أهل العلم بوجوبه ولو كان دليله لا ينهض.
والخروج من الخلاف ليس من الأصول التي تبنى عليها الأحكام، فالأحكام إنما تبنى على الكتاب والسنة والإجماع، والقياس الصحيح الذي توافرت أركانه، إذن كيف يقول أهل العلم للخروج من الخلاف؟ الخلاف إذا كان له حظ من النظر معتبر بمعنى أنه وجد في المسألة أكثر من قول، قول راجح، وقول مرجوح، لكن له حظ من النظر، له أدلته، وإن كان مرجوحاً، وقول ثالث لا حظ له من النظر، أدلته واهية، فالعمل بالقول الراجح، هذا هو الأصل، مع ملاحظة القول المرجوح الذي له حظ من النظر؛ لاحتمال أن يثبت دليله، واحتمال أن يرجح الاحتمال الذي رجحه، الآن عندنا إذا كان الدليل واحد، يحتمل أمرين، أحدهما أرجح من الآخر، الاحتمال الراجح يدل: على الإباحة، والاحتمال المرجوح يدل: على المنع، يدل على المنع، نقول: الأولى الكف، الانكفاف عن فعل مثل هذا؛ لئلا يكون الاحتمال المرجوح راجحاً، خشية أن يكون هذا الاحتمال المرجوح راجح؛ لأن الرجحان أمر نسبي، والدليل واحد، نعم إذا خلا القول الثاني المرجوح من الأدلة أو على أقل الأحوال الأدلة المحتملة فلا التفات إليه، فلنعرف سر هذه المسألة، فما دام الاحتمال قائماً ولو كان مرجوحاً ينبغي أن يلاحظ القول، ويكون له حظ من النظر؛ لأنك لن تعدم في يوم الأيام في مسألة من المسائل أن يكون هذا القول المرجوح راجح؛ لأنك وجدت ما يعضده، ووجدت ما ترجح به الاحتمال الآخر، ولو كان المرجح ضعيفاً؛ لأن المرجحات عند أهل العلم كثيرة جداً، المرجحات كثيرة، وبعضها الترجيح به فيه ضعف، إذا عرفنا هذا أنه إذا كان الأدلة للقول الراجح والمرجوح متقاربة، أحياناً يكون القول الراجح راجح بنسبة يسيرة، يكون هذا خمس وخمسين بالمائة وهذا خمس وأربعين مثلاً، علينا ملاحظة القول الآخر، لا لأنه قول لأهل العلم، بل خشية من أن يثبت دليله أو يرجح احتماله، وهنا لا دليل للمخالف أصلاً فلا يكره جمع الريق، لا يكره جمع الريق؛ لأنه لا دليل للمخالف.
ويحرم بلع النخامة.
ويستوي في ذلك أن تكون النخامة من الجوف أو الصدر أو الدماغ مهما كان مصدرها، وتحريمها على الصائم وغيره، على الصائم وغيره؛ لأنها مما يستقذر، وكل ما يستقذر فهو من الخبائث، فهو من الخبائث.
ويفطر بها فقط. يفطر بها فقط، يعني لا بالريق إن وصلت إلى فمه، وفي بعض نسخ الزاد: إلى حلقه، لكن الصواب إلى فمه.
على القول بأنها تفطر؛ لأنها من غير الفم، فإذا وصل لما الجوف أو الصدر أو الدماغ، فإذا وصلت إلى الفم فابتلعها وقد انتقلت من مكانها ثم ابتلعها على المذهب يفطر، نظيرها ما لو أصيب بدسعة قلس، إيش معنى هذا؟ يعني من القيء اليسير، كح مثلاً أو سعل فخرج حبات من الطعام إلى فمه فابتلعها يفطر وإلا ما يفطر؟ أو ما بين الأسنان، ابتلع ما بين الأسنان، لكن تنظيرها بما يخرج من الجوف من الطعام المأكول مع السعال، وهذا يحصل كثيراً، يعني بدلاً من القيء يكون كثير، يكون شيئاً يسير، نعم.
هذا إذا ابتلعه يفطر وإلا ما يفطر؟ نعم؟ والنخامة مثله، نعم، يقول:
ويفطر بها فقط، لا بالريق إن وصلت إلى فمه،
طالب:...
مضى في درس الأمس لو طار إلى حلقه ذباب أو غبار، ونحوها مما لا يمكن التحرز منها هذا لا يفطر، ما في إشكال.
طالب: القلس؟
على التفصيل السابق، ومثلها النخامة يمكن التحرز منها أو لا يمكن؟ نعم؟ هو مسألة الوصول إلى الحلق لا يمكن التحرز منها، إلا مع استفراغ، لكن إذا وصلت إلى الفم وهو المرجح في كثير من النسخ؛ لأن بعض النسخ إن وصلت إلى حلقه يفطر بها فقط إن وصلت إلى حلقه، لكن هذا ما له وجه، نعم؛ لأنه لا يمكن التحرز منها إلا مع الاستفراغ، لكن إذا وصلت إلى فمه أمكن التحرز منها، يفطر بها عندهم.
ويفطر بها فقط، لا بالريق إن وصلت إلى فمه؛ لأنها من غير الفم، يعني من الجوف أو الصدر أو الدماغ، فإن لم تصل إلى الفم بأن أحس بها نزلت من دماغه وذهبت إلى جوفه من غير مرور بالفم فإنه لا يفطر، فإنه لا يفطر.
والقول الثاني: أنها لا تفطر مطلقاً؛ لأنها لم تخرج من الفم كالريق، يعني مثل الريق، لو جمع الريق فابتلعه لا يفطر، وهذه مثله، وهي نوع منه، إلا أنها لها وصف خاص، لكن القول بالتفطير كأنه هو المتجه مثل ما لو ابتلع ما بين أسنانه، أو ما صدر منه أو ما ارتفع إلى فمه من طعام بسبب السعال.
يقول: ويكره ذوق طعام بلا حاجة.
يكره ذوق طعام بلا حاجة، مفهومه أنه إذا كان هناك حاجة لذوق الطعام كالطباخ مثلاً أنه لا كراهة، لا كراهة، إذاً كيف يكره ذوق الطعام بلا حاجة وبإمكانه أن يذوق الطعام ثم يلفظ ريقه، ولا أثر لذلك؛ لأنه ربما نزل شيئاً من هذا الطعام إلى الجوف من غير أن يشعر به، أما إذا كان لحاجة كالطباخ، والمرأة في بيتها تذوق الطعام هل ملحه مناسب، هل حلاه مناسب أو لا؟ لا بأس بذلك، كما حكاه البخاري عن ابن عباس.
يقول: ويكره ذوق طعام بلا حاجة، ومضغ علك قوي، والمراد بالعلك القوي: الذي لا يتفتت، الذي لا يتفتت، معروف أن من أنواع العلوك ما يتفتت، ومنها ما لا يتفتت، هل الخلاف في العلك سواءً كان قوي أو غير قوي؟ بأن كان من النوع الذي يتفتت، العلك المطلي بغيره مما له طعم وجرم، أو المراد به الذي لا طعم له؟ ما هو في الأسواق أنواع من العلوك، بعضها نعناع، وبعضها مطلي بطبقة ملونة، وفي أشياء له طعم، طعم وجرم واضح، يعني مثل هذه لو غسلت فذهب الطعم دخلت في الكلام الذي معنا، المقصود بالعلك الذي لم يدخل عليه شيء من التحسينات، ولم تدخله الصناعة، العلك الذي على طبيعته، وهو نوعان: علك قوي لا يتحلل، وعلك يتحلل ويذوب، العلك القوي، نعم.
طالب:...
هو اللبان نعم.
المرارة التي بالعلك ما فيه نوع مر؟ هاه، هل تأخذ حكم المحسنات التي توضع على العلوك؟
طالب:...
نعم؟
طالب: تصبح لها طعم.
أو المقصود بالعلك الذي يذكر هنا في هذا الباب الذي لا يذهب إلى الجوف منه شيء، افترضنا أن شخص علك العلك بالليل مثلاً، وراح الطعم منه مائة بالمائة، ما بقي للطعم أثر، فقال: أنا أرجئه إلى الظهر، أحتاجه؛ لأنه يجم الريق العلك، ولا طعم له، ولا جرم، إنما هو لاستجمام الريق فقط، هذا محل الكلام، إذا كان لا يتفتت.
يقول: ومضغ علك قوي، أي الذي لا يتفتت لئلا يتسرب شيء إلى بطنه من طعمه، إن كان له طعم، فإن لم يكن له طعم فلا كراهة، لكن ينبغي أن لا يمضغه أمام الناس؛ لئلا يساء الظن به، الشخص الذي يمضغ العلك أمام الناس يساء به الظن، وأيضاً يفتح مجال لمن أراد أن يأكل، فقد يأكل أشياء بعض الناس الذين عندهم رقة في الدين، أو بعض الأطفال الذين يمرنون على الصيام، قد يأكلون؛ لأنهم لا يرجون بذلك ثواب من الله -سبحانه وتعالى- إنما هو لمجرد التمرين، فالطفل، وأشد من ذلك من كان في دينه رقة، قد يأكل أشياء، ويظهر للناس أنها علك، أنها علك، فلا ينبغي أن يستعمل مثل هذا أمام الناس، الأمر الثاني: أن العلك صار من سمة النساء، صار من سمة النساء يعني هل ترون رجلاً في مكتمل رجولته يمضغ العلك أمام الناس؟ نعم؟ يوجد لا يوجد، وعلى هذا فاستعماله مخالف للمروءة، ومثل هذا مسقط للعدالة عند أهل العلم، فلا ينبغي أن يزاوله من بلغ هذه المنزلة في المروءة والرجولة؛ لئلا يتسبب في إسقاط عدالته.
وإن وجد طعمهما في حلقه أفطر،
وجد طعمهما في حلقه أفطر، طعم الطعام وطعم إيش؟ العلك القوي، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى - ينازع في كون مناط الحكم وصول الطعم إلى الحلق؛ لأن الطعم قد يصل إلى الحلق ولا يبتلع، شيخ الإسلام -رحمه الله- له رسالة صغيرة اسمها: حقيقة الصيام، طبعت قديماً، وهي نافعة في هذا الباب، طبعت بمطبعة المنار قديماً، شيخ الإسلام -رحمه الله- تعالى ينازع في كون مناط الحكم وصول الطعم إلى الحلق، إنما مناطه وصول الطعم إلى الجوف؛ لأن الطعم قد يصل إلى الحلق ولا يبتلع.
يقول: ويحرم العلك المتحلل إن بلع ريقه
يحرم العلك المتحلل، يعني هو الذي يقابل العلك القوي الذي سبقت الإشارة إليه، وهذا لا شك في تحريمه؛ لأنه وسيلة إلى إفساد الصوم.
يقول - رحمه الله-: وتكره القبلة لمن تُحرِك شهوته
تكره القبلة لمن تُحرِك شهوته، تكره يعني مع أمن إفساد الصوم، أما إذا خشي إفساد الصوم بإنزال ونحوه فهذا حكمه التحريم، فلا يجوز له حينئذ أن يقبل، أما من لا تتحرك شهوته، أو قبل ما لا يحرك الشهوة كطفل صغير أو محرم، أو امرأة كبيرة في السن، مثل هذه لا تحرك الشهوة، من لا تحرك شهوته فلا كراهة، وقد ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ((أنه كان يقبل وهو صائم))، [ومتفق عليه من حديث عائشة].
وأما حديث: ((أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سأله رجل عن القبلة فأذن له، وسأله آخر فلم يأذن له، فإذا الذي أذن له شيخ، والذي لم يؤذن له شاب))،[أخرجه أبو داود حديث ضعيف، حديث ضعيف]، وليس المرد في ذلك إلى الشباب والشيخوخة، فكم من شيخ أشد من الشباب في هذا الباب، وكم من شاب أضعف من الشيوخ في هذا الباب، لكن لو نظر إلى المرأة التأثير للمرأة لا للرجل، نعم لا شك أن الناس يتفاوتون، من الناس من يثيره أدنى شيء، ومن الناس من لا يثيره شيء، فالرجل وقوته وشهوته لها حظ من النظر في هذا الباب، والمرأة أيضاً لها دور في التأثير على الرجل في هذا الباب.
كونه لم يأذن للشاب وأذن للشيخ، أولاً: الحديث ضعيف، الأمر الثاني: أنه ليس المرد الشباب والشيخوخة، بل المرد إلى الشهوة قوة وضعفاً.
يجب اجتناب كذب وغيبة وشتم.
وهذا يجب على الصائم وغير الصائم، لكنه في حق الصائم آكد، ففي صحيح البخاري: ((من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) [خرجه البخاري من حديث أبي هريرة].
الكذب كبيرة من كبائر الذنوب، وكذلك الغيبة، السب والشتم، كل هذه من المحرمات، التي يجب على المسلم اجتنابها في كل وقت، وفي كل مكان، لكن إذا اجتمع وانضم إلى هذا التحريم تحريم من وجه آخر أو من وجوه، كأن يكون صائم في رمضان، في بلد حرام، من كبير سن من طالب علم، من عالم، كل هذه تجعل التبعة أكبر، فعلى المسلم أن يحتاط لدينه عموماً وعلى طالب العلم أن يحتاط لنفسه.
يقول: إذا كان الجماع في نهار رمضان محرم لا يجوز فإن الوسيلة إلى الجماع أيضاً محرمة كذلك، حتى ولو كان مالكاً لإربه أليس كذلك؟ إذا كان مالك لإربه ليست هناك وسيلة، الوسيلة إذا كان قربه من زوجته سبباً للجماع المحرم، فحينئذ يمنع القرب منها؛ لأنه وسيلة إلى الوقوع في المحرم، أما إذا كان مالكاً لإربه فلا يمنع من النوم معها، أو من حتى تقبيلها إذا كان مالكاً لإربه على حد زعمه، لكن إذا كان لا يملك إربه ويخشى من نومه بجانبها أو قربه منها فإنه لا يجوز له ذلك سداً للذريعة الموصلة إلى المحرم.
على كل حال إذا كان متقدِّما إلى مكان ثم تركه ليرجع إليه فهو أحق به من غيره، وإذا كان لا يتمكن من الوصول إليه إلا أن يتخطى زملاءه فلا بأس، على أن على صاحب هذا الكتاب الذي وضع في الأرض ألا يضعه على الأرض فعلى الإنسان أن يحتاط لمثل هذا.
عاد هذا عندكم عاد هذا عندك؟
طالب: ...........
هذا عند الإخوان إذا كان إذا كان يمكن وما فيه شك أن الحضور بينقص كثير آخر الأسبوع فإن كان.
طالب: ...........
لكنهم كأنهم يرتبطون بالإعلان وبالفسح وما أشبه ذلك الإذن الرسمي.
شهر رمضان شهر الصيام شهر القرآن ينبغي لطالب العلم أن يعقد العزم على أن يصوم صيامًا موافِقًا لسنة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأن يصون صيامه وأن يحرص عليه من أن يخدشه بشيء من المعاصي والمنكرات، ومثل هذا قد لا يُتصوَّر من طالب العلم لكن يُذَكَّر به وإلا فالأصل في طالب العلم على وجه الخصوص والمسلم عموما أن يغتنم مثل هذه الأوقات التي تضاعَف فيها الحسنات، وهو شهر القرآن كما أنه شهر الصيام هو شهر القرآن، وعادة السلف رحمهم الله في هذا الشهر أن يتركوا جميع العلوم ويعكفون على كتاب الله سبحانه وتعالى يقرؤونه بالتدبر والترتيل والتفهم فهو شهر القرآن والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان جبريل يدارسه القرآن في رمضان والله المستعان يُذكَر عن السلف أن منهم من يختم في رمضان في كل يوم، ومنهم من يختم في ثلاث، وتأتي الإشارة إلى ذلك في آخر ليلة إن شاء الله من هذه الدورة مع قيام رمضان وفضل صيامه إن شاء الله تعالى.
لا شك أن النفس تتوق لمثل هذا لاسيما بعض الناس الذين عندهم شيء من النهم في الأكل اللي يسمونهم اللي يقول العوام عنهم اللي جوعه حار، بعض الناس جوعه حار فمثل هذا لا شك أنه بيتمنى لكن هذا لا أثر له في الصيام مجرد التمني غير التردد في كونه يأكل أو لا يأكل.
يصومه المقصود لا يصومه من باب الاحتياط لرمضان.
على كل حال يفتي به بعض أهل العلم أنه خارج البلد وعلى هذا فالصلاة صحيحة- إن شاء الله تعالى-.
مقتضى هذا أنه يعيد، يفطر ويقضي؛ لأن اليوم الذي يغسِّل فيه يُخرَج الدم كاملا ويُنقَّى ويُصَفَّى ويضاف إليه أشياء ثم يعاد إلى الجسد.
طالب: ...........
لا لا، الحجامة إخراج تضعف وهذا إدخال مثل الأكل هذا إدخال.
لا تحتاج لأنها نفل.
عليه أن يقضي ما بين بلوغه بالإنزال إلى الخامسة عشرة فإذا كان بلغ الثالثة عشرة يقضي صيام سنتين شهرين.
على كل حال إذا كان الأمر مضبوطا ومعروف الأيام التي وجبت عليه ولم يصمها عليه أن يقضيها لكن إذا كان لا يصلي فعليه أن يكثر من النوافل وأن يندم على ما فات والله المستعان، والمسألة التي يغفل عنها بعض الشباب ويكثر عن السؤال عنها وهي أن بعضهم قد يبلغ بغير السن قبل ذلك مثل ما ذكر هذا السائل، ولا يغتسل إما خجلاً من أهله أو جهلاً بالحكم ويصلي الصلوات وعليه غسل، وقد يصوم ويزاول بعض المفطرات مما ذُكر بالأمس من الاستمناء أو غيره جهلاً منه بالحكم، مثل هذا عليه أن يحتاط لنفسه ويقضي مثل هذه الأيام حتى يغلب على ظنه أنه أدى ما عليه.
عرفنا أن الصيام في السفر، النبي -عليه الصلاة والسلام- صام في السفر وكان معه الصحابة منهم من الصائم ومنهم المفطر فلم يعب بعضهم على بعض لكن إذا شق فالأفضل له أن يفطر.
الشيخ رحمه الله الشيخ عبد العزيز رحمه الله يقول كلَّفْنا لجنة من طلبة العلم، كتب هذا في الصحف وخرجوا يرقبون الفجر فوجدوه مطابِقا للتقويم هذا مع أن كثير من طلبة العلم يؤكِّد أن التقويم متقدِّم على الوقت، لكن في مثل هذا نحتاط للطرفين فنمسك على التقويم ولا نصلي إلا بعد مُضِيّ هذا الوقت الذي نشك فيه فنحتاط من الجهتين.
إذا كان الأمر مضبوطا ومتقنا يحفظ ما فاته فعليه أن يقضيه، وإذا كان يشق عليه يقضيه على التراخي لكن يكون في نيته العزم على قضائه.
نعم إذا تبيَّن أنهم أفطروا قبل غروب الشمس عليهم أن يقضوا ذلك اليوم كما في حديث أسماء.
مثل ما تقدم البارحة عرفنا أن شيخ الإسلام يقول يجزئه هذا الصيام؛ لأنه لم يتردد في نية الصيام وإنما كان تردده في ثبوت الشهر، وأما الصيام فهو عازم عليه وشيخ الإسلام رحمه الله يرى أن الجهة مُنْفَكَّة فالتردد هنا غير الجزم هناك.