جاء في الحديث الصحيح في (البخاري) وغيره من حديث حذيفة -رضي الله عنه- قال: «نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه» [البخاري: 5837]، وكذلك جاء في الصحيحين كما في حديث البراء بن عازب في (البخاري) وحديث علي في (صحيح مسلم): أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لبس القسي وعن جلوس على المياثر، [البخاري: 5849] [مسلم: 2078]، والمياثر كما قال أهل العلم: فرش صغيرة من حرير، قال أبو عبيد: (وأما المياثر الحمر التي جاء فيها النهي فإنها كانت من مراكب العجم من ديباج أو حرير) وعلى كل حال النهي عن اللبس وعن الجلوس صريح، ولا شك أن الجلوس لبس، ولذا يقول أنس: (فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لبس) [البخاري: 380]، مع أنه جاء التصريح بالجلوس، فلا يجوز حينئذٍ وقد تُوعِّد لابس الحرير بالحرمان من لبسه في الآخرة كما ثبت ذلك في الصحيح «من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة» [البخاري: 5832]، وعند مسلم «لم يلبسه» [مسلم: 2073] بدلاً من «فلن يلبسه» كما في (البخاري).
أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك فإنه يستثنى من ذلك ما في (صحيح مسلم) من حديث سويد بن غَفَلة أن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- خطب بالجابية فقال: «نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين، أو ثلاث، أو أربع» [مسلم: 2069]، وكذلك يستثنى منه ما لُبس من أجل العلاج والتطبب، كأن يكون به حكة أو نحوها من الأمراض التي تصيب الجلد، ودليل ذلك ما جاء في الصحيحين عن أنس «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رَخص لعبد الرحمن بن عوف، والزبير في قميص من حرير، من حكة كانت بهما» [البخاري: 2919]، وهذا لفظ البخاري.