شرح أبواب الطهارة من سنن الترمذي (05)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله.
والحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، قال الإمام الترمذي -رحمه الله-:
باب: في الاستتار عند الحاجة:
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي عن الأعمش عن أنس قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض"
هكذا روى محمد بن ربيعة عن الأعمش عن أنس هذا الحديث.
وروى وكيع والحِمَّاني عن الأعمش قال: قال ابن عمر: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض" وكلا الحديثين مرسل.
ويقال: لم يسمع الأعمش من أنس بن مالك ولا من أحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد نظر إلى أنس بن مالك قال: رأيته يصلي فذكر عنه حكاية في الصلاة، والأعمش اسمه: سليمان بن مهران أبو محمد الكاهلي، وهو مولى لهم قال الأعمش: كان أبي حميلاً فورثه مسروق.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فيقول الإمام المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الاستتار عند الحاجة" في الاستتار عند الحاجة يعني عند قضاء الحاجة لما يتطلبه ذلك من كشف للعورة فلا بد من الاستتار.
"قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي" أبو بكر الكوفي، ثقة حافظ، توفي سنة سبع وثمانين ومائة "عن الأعمش عن أنس" الأعمش سليمان بن مهران عن أنس بن مالك الصحابي الجليل "قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد الحاجة" يعني إذا أراد قضاء الحاجة، فأراد القعود لها "لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض" يعني لا يترك مدة بين كشف العورة وبين قضاء الحاجة، بل يكون قضاء الحاجة مباشر لكشف العورة بعده مباشرة؛ لأن كشف العورة لا يتم قضاء الحاجة إلا به، فيكون كشف العورة للحاجة، والحاجة لا يتعدى بها موضعها، فقد جاء الأمر بالاستتار، «احفظ عورتك» وجاء الأمر بستر الفخذ «غط فخذك» فكيف بالعورة المغلظة؟ لا يجوز نظر أحد لا تنظر إليه ولا ينظر إليك، اللهم إلا ما كان بين الزوجين مما استثني.
"كان -عليه الصلاة والسلام- إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض" مبالغة في الاستتار "يدنو من الأرض" يعني يقرب منها، محافظة على التستر، واحترازاً عن كشف العورة.
"قال أبو عيسى: هكذا روى محمد بن ربيعة" الكلابي الرؤاسي، ابن عم وكيع الإمام ابن الجراح المعروف، محمد بن ربيعة رواه عن الأعمش، يعني موافقاً لمن؟ لعبد السلام بن حرب المذكور في أصل الحديث، عن الأعمش عن أنس فهذه متابعة لمحمد بن ربيعة يتابع فيها عبد السلام بن حرب.
"قال: وروى وكيع و-أبو يحيى- الحماني" عبد الحميد بن عبد الرحمن الكوفي، وثقه ابن معين، وضعفه أحمد وابن سعد، قال ابن حجر: صدوق يخطئ "عن الأعمش قال: قال ابن عمر: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض" الرواية الأولى والحديث الأول حديث أنس مخرّج في الدارمي وهذا عند أبي داود والدارمي، يقول: "وكلا الحديثين مرسل" المرسل عند أهل العلم المعتمد في تعريفه أنه ما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن الذي عندنا مما وصفه الإمام المؤلِّف بالإرسال يرفعه أنس إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، والثاني يرفعه ابن عمر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فليس مرسلاً إرسال اصطلاحي، وإنما هو بالمعنى الأعم يعني منقطع، وما دام الإرسال انقطاع يشمله المعنى الأعم، ولذا يقول الحافظ العراقي في تعريف المرسل:
مرفوع تابع على المشهورِ |
|
مرسل أو قيده بالكبيرِ |
يعني هذا سقط منه راوي، في الحديثين سقط من كل منهما راوٍ وهو ما بين الأعمش والصحابي، فالحديث يرويه الأعمش عن أنس بواسطة، ويرويه عن ابن عمر بواسطة، ولذا قال الإمام المؤلف -رحمه الله-: "وكلا الحديثين مرسل" يعني منقطع على التعريف الثالث للمرسل، وهو المعنى الأعم "ويقال: لم يسمع الأعمش من أنس ولا من أحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-" يعني لم يسمع من أنس ولم يسمع من ابن عمر إذاً الحديث أو كلا الحديثين منقطع "وقد نظر إلى أنس بن مالك قال: رأيته يصلي، فذكر حكاية عنه في الصلاة" قال على بن المديني: الأعمش لم يسمع من أنس إنما رآه بمكة يصلي خلف المقام، وقال المنذري: ذكر أبو نعيم أن الأعمش رأى أنس وابن أبي أوفى وسمع منهما، والذي قاله الترمذي هو المشهور، يعني لم يثبت سماع الأعمش عن أحد من الصحابة، ولذا يقول المؤلف -رحمه الله-: "لم يسمع الأعمش من أنس ولا من أحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-" إنما له مجرد رؤية؛ ولذا عد من صغار التابعين، وإن لم يسمع من أحد منهم، وإنما رأى أنس بن مالك يصلي خلف المقام.
ثم قال المؤلف -رحمه الله-: "والأعمش اسمه: سليمان بن مهران أبو محمد الكاهلي" ثقة، حافظ، قارئ، معروف بالتدليس -رحمه الله- "وهو مولىً لهم" مولى لبني كاهلة، وليس من أنفسهم "قال الأعمش: كان أبي حميلاً فورّثه مسروق" حميل فعيل بمعنى محمول، مثل جريح وقتيل بمعنى مقتول ومجروح، والحميل هو الذي يحمل من بلده صغيراً ولم يولد في الإسلام، وهذا اختلف في توريثه "قال الأعمش: كان أبي حميلاً فورثه مسروق" يعني جاء مع أمه وادعته أمه وورثه مسروق منها، وهذا رأيه، ومسروق هو ابن الأجدع بن مالك الهمداني الكوفي، ثقة، فقيه، عابد، مخضرم، معروف مشهور، سيد من سادات التابعين، ورّثه مسروق وهذا رأيه، والخلاف في توريث الحميل معروف، يعني جيء به محمول من بلد إلى بلد، ولا يعرف ما نسبه ولا من أبوه إنما يدعيه هذا الذي حمله، حملته امرأة جاءت به فقالت: هذا ولدي ولم تحضر بينه ورثه مسروق، وغيره من أهل العلم لا يورثونه، وأبى عمر -رضي الله عنه- توريث مثل هذا النوع، ولو يستثنوا من ذلك إلا إذا جاء به رجل وادعاه قال: هذا ابني وصدّقه الولد.
يقول المحشي: الحميل بفتح الحاء المهملة الذي يحمل من بلده صغيراً ولم يولد في الإسلام، ومنه قول عمر -رضي الله تعالى عنه- في كتابه إلى شريح: الحميل لا يورث إلا ببينة، سُمي حميلاً لأنه يحمل صغيراً من بلاد العدو ولم يولد من بلاد الإسلام قاله في اللسان، وقال الشارح: وفي توريثه من أمه التي جاءت معه وقالت: إنه هو ابنها خلاف، فعند مسروق أنه يرثها، فلذلك ورّث والد الأعمش أي جعله وراثاً، وعند الحنفية أنه لا يرث من أمه، قال محمد بن الحسن في الموطأ: أخبرنا مالك قال: أخبرنا بكير بن عبد الله بن الأشج عن سعيد بن المسيب قال: أبى عمر بن الخطاب أن يورث أحد من الأعاجم إلا ما وُلد في العرب، قال محمد: وبهذا نأخذ، لا يورث الحميل الذي يُسبى وتُسبى معه امرأة فتقول: هو ولدي، أو تقول: هو أخي، أو يقول: هي أختي، ولا نسب من الأنساب يورث إلا ببينة إلا الوالد والولد، يعني إذا ادعى الوالد أن هذا ولده، وادعى الولد أن هذا أبوه يورث كل منهما من الآخر، فإن ادعى الوالد أنه ابنه وصدّقه فهو ابنه ولا يحتاج في هذا إلى بينة، ولا يحتاج في هذا إلى بينة، هذا ما نقله محمد بن الحسن في موطئه عن مالك، يقول: أخبرنا مالك عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سعيد بن المسيب قال: أبى عمر، وهذا صحيح إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وإلا لو لم يثبت هذا عن عمر لقلنا: ما الفرق بين الوالد والوالدة؟ وقد تكون دعاوى الرجال أكثر من دعاوى النساء، يعني الرجل يدعيه أكثر مما تدعيه المرأة، لكن ما دام ثبت هذا عن هذا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب لا كلام لأحد، والمسألة ليس فيها نص، وإلا فالأصل أن الدعاوى لا تقبل إلا ببينة، البينة على المدعي، فإذا ادعى يحضر البينة وإلا فالأصل العدم، لكن مثل هذه الأمور -أمور الأنساب- تختلف عن أمور الأموال، فأمور الأنساب يكتفى فيها بالاستفاضة، يكتفى فيها بالاستفاضة، إذا استفاض بين الناس أن هذا ولد فلان، وأن هذا أبوه فلان يكفي، ويشهد عليه وإلا ففيه إثبات كثير من هذه الأمور وهذه الدعاوى خرط القتاد، يعني لو جاء واحد بيروح إلى الأحوال يبي إثبات جنسية، يبي يستخرج بطاقة، لو استدعى أحد الجيران الذين يعرفونه منذ أن ولد إلى أن طلب هذا الطلب لا يمكن أن يشهد أحد بشهادة حقيقة باطنة على حقيقة الأمر، ما هناك إلا الاستفاضة؛ لأنه ما الذي يترتب على الشهادة الحقيقة الباطنة التي على مثلها فاشهد وإلا فدع؟ ماذا يترتب عليه؟ نعم؟
طالب:.......
لا، لا، أنا أقول: في مثل هذه الصورة، يأتيك ابن جيرانك مثلاً وقد أكمل السن القانونية النظامية ويريد استخراج بطاقة يقول: تشهد لي أني ولد فلان، تشهد بالاستفاضة أنه ولد فلان، لكن حقيقة الأمر ما تدري، نعم، لكن مثل هذا يكتفى فيه بالاستفاضة عند أهل العلم، ودون إثبات حقيقة الأمر خرط القتاد، ما الذي شهد العملية من بدايتها إلى نهايتها، فالاستفاضة في مثل هذا كافية، وعلى كل حال فالحديث رغم انقطاعه والإشكال فيه أنه يرويه راوي الحديث الأول، وإلا فالانقطاع في مثل هذه الصورة ينجبر لو لم يكن الراوي هو راوي الحديث الأول، يعني لو كان راوي الحديث الثاني عن ابن عمر غير الأعمش؛ ولو كان منقطعاً، إذا كان يرويه غير من يروي المنقطع الأول، كما قيل فيما يعتضد به المرسل، أن يروى من غير طريق رجال المرسل الأول ينجبر أما في هذه الحالة فقد يكون من اختلاف الرواة عن الأعمش، اختلاف الرواة عن الأعمش، هل هو من حديثه عن أنس وإن كان منقطعاً أو هو من حديثه عن ابن عمر؟ وهذا لا شك أنه اختلاف مؤثر، مع ما فيه من الانقطاع، وعلى كل حال جاءت النصوص بالأمر بستر العورات، وأنها لا تكشف إلا للزوجة أو ما ملكت اليمين، وما اضطر الإنسان إليه في حالة قضاء الحاجة، أو في حالة علاج يُحتاج إليه، حاجة بالفعل ما هو بأدنى حاجة تكشف العورة، والآن التساهل من كثير من المرضى، وكثير من الأطباء ولو بغير حاجة تجده يكشف، والثياب التي يلبسونها المرضى لا تستر، وليست الحاجة داعية إلى ذلك، تكون مفتوحة من الخلف أو من الأمام، ما في حاجة داعية إلى هذا، فعليهم أن يتقوا الله -جل وعلا-، ويقتصروا في هذه الأمور التي هي على خلاف الأصل على قدر الحاجة، وما عدا ذلك يبقى على المنع، تجده سليم معافى ما في شيء يذهب يصلي في المسجد ويرجع وعليه الثوب هذا اللي شبه عاري، نعم يحتاط لنفسه ويربطه وقد يلبس تحته شيء لكن يبقى ما الداعي إلى مثل هذا الثوب؟ أيضاً تساهل كثير من الأطباء وكثير من المرضى في الكشف عن العورات مع أنه قد لا يحتاج إليها، أمور قد يستغنى بالكلام عن مباشرة النظر إلى العورات، ويتساهل الرجال في النظر إلى النساء، والنساء في النظر إلى الرجال، وقد يزيد الأمر عن النظر باللمس ونحوه، كل هذا ينبغي أن يقدر بقدره، بقدر الحاجة بل الضرورة؛ لأن هذه محرمات بالنص، ليست عن اجتهاد أو مما يشمله قواعد عامة، محرمات بالنص يُحتاط فيها، نعم الفقهاء يقولون: للطبيب المسلم النظر ولمس ما تدعو الحاجة إليه حتى الفرج وباطنه، لكن لحاجة، نحن نرى في المستشفيات يتجاوزون في هذا، بل قد يحضرون مجموعة من النساء بدعوى التعليم مثلاً لتشاهد رجل أو بالعكس مجموعة من الرجال يشاهدون امرأة ليتعلموا، أنا أقول: لا داعي لكثير من هذه التصرفات، فعليهم أن يتقوا الله -جل وعلا- فيما حرم الله عليهم، نعم.
باب: في كراهية الاستنجاء باليمين:
حدثنا محمد بن أبي عمر المكي، حدثنا سفيان بن عيينة عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه.
قال أبو عيسى: وفي هذا الباب عن عائشة وسلمان وأبي هريرة وسهل بن حنيف.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وأبو قتادة اسمه: الحارث بن ربعي، والعمل على هذا عند عامة أهل العلم كرهوا الاستنجاء باليمين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى:
"باب: ما جاء في كراهية الاستنجاء باليمين" و(ما جاء) هذه زيادة في بعض النسخ، وكراهة وكراهية أيضاً زيادة من بعض النسخ دون بعض، والاستنجاء: هو إزالة النجو الخارج من الدبر، وأيضاً القبل الخارج من السبيلين يقال له: نجو، والمراد به قطع هذا الخارج وأثره على البدن، من قولهم: نجوت الشجرة إذا قطعتها، فالمقصود بالاستنجاء القطع، قطع أثر الخارج من السبيلين، والاستنجاء يكون بالماء، والاستجمار يكون بالأحجار على ما سيأتي.
"قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر" العدني، نزيل مكة، صدوق، توفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين "قال: حدثنا سفيان بن عيينة" أبو محمد الهلالي، تقدم ذكره "عن معمر" بن راشد الأزدي البصري، نزيل اليمن، ثقة ثبت أصله من البصرة، ثم نزل اليمن فلما أراد أن يرجع قيل: قيدوه، فزوجوه مو القيد بحبال؟ لا، بالفعل جلس، قيدوه فجلس، وإمام معروف ثقة ثبت، حافظ "عن معمر عن يحيى بن أبي كثير" الطائي مولاهم، ثقة ثبت أيضاً.
"عن عبد الله بن قتادة" الأنصاري المدني، وهو أيضاً ثقة "عن أبيه" أبي قتادة الأنصاري فارس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، اسمه: الحارث بن ربعي بن بلدمة السلمي، توفي سنة أربع وخمسين "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يَمس الرجل ذكره بيمنه" تكريماً لليمين، وفي حكم الرجل أيضاً المرأة، تكريماً لليمين وجاء تقييد ذلك بحالة البول، الحديث مطلق "نهى أن يمس الرجل ذكره بيمنه" تكريماً لهذه الجهة، وجاء تقييد النهي بحالة البول، ففي الصحيحين وغيرهما: "نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه وهو يبول" وفي رواية: «إذا بال أحدكم فلا يمسن ذكره بيمينه» فهنا قيد، وهل يحمل المطلق على المقيد على الجادة؟ لأن النصوص بعضها مخرجها واحد، فيذكر القيد في بعضها دون بعض، وبضعها جاء مختلف المخرج، والحكم والسبب واحد، وحينئذٍ يحمل المطلق على المقيد، فعلى هذا القول القول بحمل المطلق على المقيد يكون النهي خاص بحال البول، وما عدا ذلك لا يشمله النهي، وهذه قاعدة حمل المطلق على المقيد إذا اتحدا في الحكم والسبب لا إشكال في هذا يحمل المطلق على المقيد، ومنهم من لا يرى حمل المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة، لأنه إذا نهي عن مس الذكر باليمين مع أن الحاجة داعية إلى ذلك؛ فلئن ينهى عن ذلك في غير هذه الصورة في باب أولى، قد يحتاج إلى مس الذكر باليمين إذا أراد أن يبول، فمن باب أولى إذا لم يحتج إلى ذلك في غير هذه الحالة، وحينئذٍ لا يحمل المطلق على المقيد فيكون النهي شامل لهذه الصورة، ولغيره من الصور، ولا شك أن اليمين محل احترام وجاءت النصوص باحترامها، وأنها لا تستعمل فيما يستقذر، وأن الشمال لذلك، لهذا المستقذر، فعندنا من يقول بحمل المطلق على المقيد، وعلى هذا ينهى عن مس الذكر باليمين حال البول فقط، وهل يقاس عليه حال الجماع مثلاً أو لا؟ أو يقال: أن النهي في الحديث باقي على إطلاقه؟ وإذا نهي عن مس الذكر في الحالة التي يحتاج إليها فلئن ينهى عن غيرها مما لا تدعو الحاجة إليه من باب أولى، يعني نظير ما قالوا في الأكل والشرب من آنية الذهب الفضة، الأكل والشرب من آنية الذهب الفضة من أهل العلم من يقول: يقتصر على مورد النص، مورد المنع وما عدا الأكل والشرب من سائر الاستعمالات لا يشمله النهي، ومنهم من يقول: إذا نهي عن الأكل والشرب مع أن الحجة داعية إلى ذلك فلان ينهى عن سائر الاستعمالات التي لا تدعو الحاجة إليها من باب أولى، وعلى كل حال هما مسلكان ومأخذان وفهمان لأهل العلم، ولكل منهما وجه، والأحوط ألا يمس الذكر باليمين مطلقاً، أحياناً تكون القواعد العامة والنصوص العامة التي تشمل هذه الصورة وغيرها قد ترجح الحمل أو عدم الحمل، فمثلاً حديث: «وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها» نسأل الله السلامة والعافية وحسن الخاتمة، هذا الحديث مطلق جاء تقييده بقوله -عليه الصلاة والسلام-: «وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس» لكن ما نجد السلف يقيدون المطلق بهذا اللفظ، ما نجد أحد من السلف يقيد المطلق بهذا اللفظ، لماذا؟ لأن العمل بالنص المطلق أشد في التحرز والتوقي والخوف من سوء العاقبة الذي يجعل الإنسان يحتاط لأمر دينه، ولا يفرط في شيء، فمثل هذا النصوص العامة قد تحول دون حمل المطلق على المقيد، وهناك أمور تحول بين مثل هذا الطريق من طرق الجمع بين أهل العلم، قد يكون الجمع والطريقة التي يجمع فيها..، وإلا حمل المطلق على المقيد في هذه الصورة وفي صورة حديث: «إن أحدكم» للإتحاد في الحكم والسبب لا يختلف فيها أهل العلم، لكن لوجود ما يعارضها من نصوص عامة تقتضي احترام اليمين مطلقاً، ومن نصوص عامة تقتضي أن يكون الإنسان على حذر من سوء العاقبة، هذه تؤيد عدم حمل المطلق على المقيد، وأيضاً هناك ما يعارض حمل المطلق على المقيد من أمور خارجية عن النصين فمثلاً حديث: «إذا لم يجد أحدكم النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين» هذا الحديث قاله النبي –عليه الصلاة والسلام- في المدينة، وهو مقيد بالقطع، لكنه في عرفة ذكر -عليه الصلاة والسلام- أن من لم يجد النعلين فليلبس الخفين ولم يذكر قطعاً، والحكم والسبب واحد، فالقاعدة أن يحمل المطلق على المقيد فيقطع؛ من أهل العلم من يرى أن هناك من يمنع من حمل المطلق على المقيد؛ لأن النص المطلق متأخر عن النص المقيد، وأيضاً سمع المطلق من لم يسمعه، من لم يسمع النص المقيد، وأضعاف أضعاف من سمع المقيد سمع المطلق وهذا وقت بيان، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وحينئذٍ لا يحمل المطلق على المقيد من هذه الحيثية، وقال به بعض العلماء.
فأقول: حمل المطلق على المقيد له صور: أما إذا اتحدا في الحكم والسبب فلا خلاف، فإنه يحمل المطلق على المقيد، اختلفا في الحكم والسبب لا خلاف في إنه لا يحمل المطلق، إذا اتحدا في الحكم دون السبب الجمهور على الحمل، إذا اختلفا في الحكم دون السبب الجمهور على عدمه، لكن هنا اتفقا في الحكم والسبب وحينئذٍ الجادة أن يحمل المطلق على المقيد، ويؤيد حمل المطلق على المقيد حديث طلق بن علي لما سئل عن الرجل يمس ذكره قال: «إنما هو بضعة منك» وإن كان هذا من جهة أخرى فيه شيء من العموم، إذ المس يتناول اليدين معاً وما معنا مخصوص باليمين، فيحمل العام على الخاص باليمين، على كل حال هما مذهبان معروفان عند أهل العلم، والأحوط ألا يمس الذكر باليمين.
قال -رحمه الله-: "وفي هذا الباب عن عائشة" وهو مخرج عند أبي داود "وسلمان" عند الإمام مسلم "وأبي هريرة" عند ابن ماجه "وسهل بن حنيف" لم يقف عليه الشارح "قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وهو مخرج في الصحيحين فهو متفق عليه "وأبو قتادة الأنصاري اسمه: الحارث بن ربعي" ابن بلدمة السلمي "والعمل على هذا عند عامة أهل العلم كرهوا الاستنجاء باليمين" مثل ما ذكرنا إكراماً لها، وصيانة لها عن الأقذار ونحوها، كرهوا الاستنجاء باليمين.. الاستنجاء لا شك أنه داخل في النص المطلق، وداخل أيضاً في النص المقيد.
التعقيب بعمل أهل العلم "والعمل على هذا عند عامة أهل العلم كرهوا الاستنجاء باليمين" النص في أن يمس الرجل ذكره بيمينه، نعم دلت النصوص الأخرى على التقييد بالقول والاستنجاء لكن مثل ما ذكرنا للتوثيق بين هذه النصوص، ليس هذه قصدي من إعادة الكلام في هذه المسألة، المسألة في إرداف الحديث الصحيح بالعمل هل هو من أجل التقوية أو من أجل التضعيف؟ أحياناً يقول الترمذي في غير هذا الحديث هذا الحديث متفق عليه لكن في أحاديث أخرى قال: "والعمل على هذا عند عامة أهل العلم" حينما يردف الترمذي الحديث بالعمل عند أهل العلم، هل هو يريد أن يقوي الخبر بعمل أهل العلم أو يريد أن يغمز الخبر؟ لكنه عمل به أهل العلم فهو من هذه الحيثية لولا عمل أهل العلم يحتاج إلى شاهد؟ أحيان يقول: والعمل على هذا عند أهل العلم، أو عامة أهل العلم في حديث يحتاج إلى تقويه، وهو بهذا يقويه، وأحيانًا العكس، الحديث قوي لكن لولا عمل أهل العلم به لكان فيه ما فيه لوجود معارض له، لوجود حديث آخر معارض له، ويأتينا من الأمثلة ما يدل على هذا وهذا -إن شاء الله تعالى-، وإلا فالحديث الذي معنا في الصحيحين متفق عليه، ما فيه كلام، نعم.
باب: الاستنجاء بالحجارة:
حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: قيل لسلمان: قد علمكم نبيكم -صلى الله عليه وسلم- كل شيء حتى الخراءة فقال سلمان: أجل، نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، وأن نستنجي باليمين، أو أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم.
قال أبو عيسى: وفي الباب عن عائشة وخزيمة بن ثابت وجابر وخلاد بن السائب عن أبيه.
قال أبو عيسى: حديث سلمان حديث حسن صحيح، وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن بَعدَهُم رأوا أن الاستنجاء بالحجارة يجزئ، وإن لم يستنج بالماء، إذا أنقى أثر الغائط والبول، وبه يقول الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق.
"باب: الاستنجاء بالحجارة" تقدم الكلام على الاستنجاء، وأن أهل العلم خصوه بقطع أثر الخارج بالماء، وأما الحجارة فيقال لها: استجمار، وهي استعمال الجمار التي هي الحجارة في قطع أثر الخارج، وقد يستعمل هذا في مقام هذا والعكس، يعني يستعمل الاستنجاء بدل الإستجمار والعكس، وهنا استعمل الاستنجاء بالحجارة، قال -رحمه الله-:
"حدثنا هناد" بن السري تقدم "قال: حدثنا أبو معاوية" الضرير محمد بن خازم، ثقة معروف من رجل الكتب الستة "عن الأعمش" سليمان بن مهران "عن إبراهيم" بن يزيد النخعي الفقيه "عن عبد الرحمن بن يزيد" بن قيس النخعي الكوفي ثقة "قال: قيل لسلمان" الفارسي الصحابي الجليل، والقائل لسلمان هم المشركون، قالوا ذلك على سبيل الاستهزاء كما في رواية مسلم: قيل لسلمان: قد علمكم نبيكم -صلى الله عليه وسلم- كل شيء حتى الخراءة هذا استهزاء، لكن هل في هذا منقصة أن يكون الإنسان على علم تام بما يلزمه في دينه؟ هذا من تمام التبليغ الذي أمر به النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقد بلغ الأمانة، وأدى الرسالة على أكمل وجه -عليه الصلاة والسلام-، بلغ البلاغ المبين، ولم يترك لأحد قول ما لم يقله -عليه الصلاة والسلام- أو يقل أصله الذي يستنبط منه "علمكم نبيكم -صلى الله عليه وسلم-" يعني هذه مزيدة من قول المسلمين وإلا فالسائل ما يقول هذا الكلام "كل شيء حتى الخراءة" بكسر الخاء ممدود الألف، المراد به أدب التخلي، والقعود عند الحاجة، وأما نفس الحدث فبحذف الفاء مع فتح الخاء وكسرها "فقال سلمان: أجل" أجل حرف إيجاب بمعنى نعم، كما في حديث ابن مسعود في الصحيح: "إنك لتوعك يا رسول الله وعكاً شديداً" قال: «أجل إني لأوعك كما يوعك الرجلان منكم» قال ابن مسعود: ذلك لأن لك أجرين؟ قال: «أجل» فهي جواب حرف جواب بمعنى نعم "فقال سلمان: أجل، نهانا -يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- أن نستقبل القبلة بغائط أو بول" نستقبل القبلة بغائط أو بول، وهذا تقدم الكلام فيه وفي مذاهب العلماء، في حكم الاستقبال والاستدبار، وأن نستنجي باليمين، وهذا تقدم أيضاً في الباب السابق، فإذا نهي عن مس الذكر باليمين فلئن ينهى عن الاستنجاء باليمين من باب أولى، أو أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار أو أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، فيه بيان أن الاستنجاء بالأحجار أحد الطهرين وإن لم يستعمل الماء، الاستنجاء بالحجارة كافي وهو أحد الطهرين، ولا شك أن الماء أنقى منه، وإن جاء عن بعض السلف النهي عن الاستنجاء بالماء، وأنه لا يجزئ، لكن ثبت من فعله -عليه الصلاة والسلام- فلا كلام لأحد معه، وقد أجمع العلماء على إجزاء الاستنجاء بالماء، الأحجار إذا اقتصر عليها لا بد أن تكون ثلاثة أحجار "وأن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار" فالجمهور على اشتراط العدد الثلاثة، وأنه لا يجزئ أقل من ذلك، والحنفية اشترطوا الإنقاء فقط، اشترطوا الإنقاء فقط ، وحديث الباب دليل للجمهور "وأن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار" فيدل على أن أقل ما يستنجى به ثلاثة أحجار، وسيأتي ما في الاستنجاء بالحجرين في الباب اللاحق، والحنيفة يرون الإنقاء، وإن كان بحجر واحد، فإذا تم الإنقاء انتهى، والحديث رد عليهم، حديث: «من استجمر فليوتر»، «من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج» هذا يستدل به الحنفية على أن الحجرين كافيان؛ لأن الاستجمار بالوتر سنة «من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج» يعارضون به هذا الحديث، حديث الباب وما جاء في معناه، فمن استجمر بحجرين يكفي عندهم؛ لأنه لا حرج فيه، لكن الحديث مجمل يبينه حديث الباب، وأن المراد بقوله -عليه الصلاة والسلام-: «من استجمر فليوتر» «من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج» فيما زاد على الثلاثة، يعني إن لم ينقِ بثلاثة واحتاج إلى رابع يزيد خامس ليقعطه على وتر، إن فعل هذا فقد أحسن ولم لا فاقتصر على الأربع فلا حرج، لكن الحد الأدنى للاستنجاء ثلاثة أحجار "وأن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار" فعلى هذا لا بد من ثلاثة أحجار، وفي حكم الأحجار الأعيان الخشنة التي تزيل الخارج، إذا كانت مناديل خشنة أو خشب بحيث لا يتضرر بها، فإنها تقوم مقام الأحجار؛ لأن العبرة بالمعنى، العبرة بإزالة الأثر، وهذه تزيل الأثر، فمنهم من يقول: لا يزيله إلا الأحجار؛ لأن الأصل أن طهارة الاستجمار طهارة حاجة، وطهارة الحاجة يعفى فيها ما لا يعفى في غيرها، ولذا يقولون: الضابط في الإنقاء في الاستجمار ألا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء، هذا الضابط في إنقاء الأحجار، أن لا يبقى في الموضع إلا شيء لا يزيله إلا الماء، يعني الحجر يرجع في أخر مرة لا شيء عليه، لكن هل معنى هذا أن المكان طهر مائة بالمائة؟ لا، لا يعني هذا، ولذا لو وجد مثل هذا في غير موضع الخارج ما أجزأ إلا الماء، يعني لو وقعت نجاسة على اليد مثلاً هل نقول: يزيلها بالأحجار؟ ولو ذهبت عينها ما يزيلها إلا الماء، هذا الضابط في الإنقاء بالأحجار، وأما بالنسبة للماء فيقولون: عود خشونة المحل، إيش معنى عود خشونة المحل؟ أن يعود المحل خشن؛ لأنه مع وجود المادة ما ذهبت خشونته، يبقى في شيء من اللزوجة، يعني كمن يغسل بالصابون أو بالشامبو، ما دام الصابون موجود نعم فالخشونة مفقودة، فإذا ارتفع جميع ما على اليد من أثر الصابون أو الشامبو تعود اليد خشنة، فإذا عادت اليد خشنة عرفنا أن الصابون انتهى، وهذا يعرفه كل إنسان من نفسه، يعني إذا كانت اليد أنت تغسل بصابون وما زالت اليد لزجة هل معنى هذا أن الصابون انتهى؟ لا، أبداً حتى تعود خشونة اليد، وقل مثل هذا في الاستنجاء بالماء حتى تعود خشونة المحل "أو أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار" منهم من يقول: إن الاستنجاء بالأحجار طهارة حاجة وضرورة فلا تتعدى موضعها، وقد يكون في الأحجار مثلاً أو مما يشبهها على وجه الأرض من الأشياء التي تقاوم ما في هذا الخارج من قاذورات أو جراثيم أو ما أشبه ذلك؛ مثل ما قيل في التراب بالنسبة لغسل ما يلغ فيه الكلب، قد يقال هذا فتتعين الأحجار فلا يكفي مناديل ولا يكفي أخشاب، أما الشيء اللزج مثل الزجاج وما أشبهه فهذا لا ينقي اتفاقاً، ولا يحصل الإنقاء.
"أو أن نستنجي برجيع أو بعظم" نستنجي برجيع، الرجيع هو الروث، روث الدواب، والعذرة أيضاً يقال لها: رجيع، لماذا؟ لأنه رجع عن حالته الأولى، يعني لما دخل إلى الجوف على حال فلما خرج من مخرجه رجع عن حالته الأولى، ولذلك سمي رجيع "أو نستنجي برجيع أو بعظم" الرجيع هو الروث، والروث جاء فيه أنه زاد أو علف دواب إخواننا من الجن فلا نفسده عليهم، ومن باب أولى إذا كان هذا علف دواب الجن فينهى عن الاستنجاء بعلف دواب الإنس من باب أولى، أو بعظم كما في جاء في الحديث: أن العظم يعود أوفر ما كان، وهو طعام وزاد إخواننا من الجن، هذا إذا كان رجيع ما يؤكل لحمه، وإذا كان عظم ما يؤكل لحمه، فهو زاد إخواننا من الجن، وامرأة..، وهذا يوجد عند بعض الناس بعض العظام تكون لينة وبعض الناس مغرم بقضمها، بعد ما يأكل ما عليها من اللحم يقضم هذه العظام، هذا موجود عند بعض الناس، امرأة أصيبت بمس فلما قرئ عليها رقيت تكلم الجني وقال: إنها مسلطة علينا لا تترك لنا شيئاً من زادنا، تقضم العظام، فمثل هذا يتقى.
في حديث الذكاة وأنها تكون بكل ما أنهر الدم خلا السن والظفر «ليس السن والظفر» وقال -عليه الصلاة والسلام-: «أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة» التعليل بكونه عظم السن، وهو سن الآدمي بكونه عظم ولا يُلوث بالدم المسفوح كما أنه لا يستنجى بالعظم الذي هو زاد إخواننا من الجن، يعني إذا أردنا أن نربط بين السن والعظم الذي نهي عنه بهذا الحديث، كلامهما عظم، وبغض النظر عن العلة، العلة مختلفة، السبب مختلف أما ما في حديث الباب فلأنه زاد إخواننا من الجن، لكن بالنسبة للسن والتعليل بكونه عظم، هل نقول: إن العلة تعبدية؟ أو نقول: إن الدم المسفوح نجس وحرام لا يجوز أن يباشره الإنسان؟ فلماذا لم يعلل به؟ يعني مقتضى كونه عظم قد يقول قائل: وبعدين صار عظم، هذا كل هذا بعد الرضا والتسليم والإذعان والاستسلام عما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن المسألة مسألة بحث، يعني كون الإنسان بسنه يذكي الصيد، لا شك أن الدم المسفوح محرم إجماعاً، قد يقول قائل: أنا أغسل فمي وكونه عظم ويش يعني؟ هل هذه علة يمكن أن يعلق ويناط بها الحكم؟ فكل عظم لا يجوز التذكية به، لا تجوز التذكية به لأنه عظم؟ وإذا حصلت التذكية به يجزي فيأكل أو لا يجزئ؟ يجزئ فيأكل مع التحريم أو لا يجزئ أصلاً؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- استثناه من كل ما أنهر الدم، ليس السن والظفر، فعلى هذا التذكية به لا تجزئ، لكن العلة هل هو كونه عظم أو لمباشرة النجاسة التي هي الدم المسفوح؟ العلة الوردة في هذا الحديث لا يمكن أن ترد هناك، لا يمكن أن ترد، لا يمكن أن يقال: إن السن إذا طاح يصير زاد إخواننا من الجن، لا يمكن أن ترد، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «أما السن فعظم» وعلى هذا كل عظم لا تجوز التذكية به، والعلة كونه عظم، العلة كونه عظم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- علل بذلك بعض النظر لو قال مثلاً: أنا لا أباشر، وأغلف العظم هذا الذي هو السن, ما عندي شيء أذكي به هذا الصيد، وإذا تركته مات، وما عندي إلا السن أو الظفر، النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر أن هذا لا يجزئ ولا يحل الذبيحة، طيب التعليل كونه عظم لأننا نباشر النجاسة نغلف، في شيء اسمه غلاف فلا نباشر النجاسة، يعني من وراء حائل يستطيع أن يذبح، فهل يجزي هذا؟ نقول: لا يجزي، ونقف عند النص، ولو ذكى بسنه قلنا: ميتة، وكذلك الظفر لأنه مُدى الحبشة، وهل مقتضى كونه من مدى الحبشة كون الظفر من مدى الحبشة أننا لا نستعمله في التذكية ظاهر؟ لكن لا نستعمله بجميع ما تستعمل فيه المدية؟ نعم؟ أنت عندك مثلاً جزر وعلى هذا الجزر طبقة وسخ وتبي تزيله ولا عندك سكين تزيله بظفرك وإلا لا؟ من مدى الحبشة؟ لأن هذا مما يستعمل فيه المدية والظفر من مدى الحبشة وقد نهينا عن مشابهتهم، فهل نزيل ما على الجزر أو ما على الخيار بالظرف وإلا لا؟
طالب: نزيله.
نعم لكن التعليل عموم العلة يشمل جميع ما تستعمل فيه المدية، نعم؟
طالب:........
لا بس عموم العلة يطرد عند أهل العلم، عموم العلة كونه الظفر مدى الحبشة وتستعمله فيما تستعمل فيه المدية، لو استعملته فيما يستعمل فيه الماء مثلاً أزلت شيئاً وقع على ثوبك نقول: ما تستعمل المدية هنا ما في إشكال، لكن ما تستعمل فيه المدية –السكين- نطرد وإلا ما نطرِد بعموم العلة؟ نعم؟
طالب:........
يعني نستعمل العلة في أعم من حقيقتها، الحقيقة يعني الذي ورد فيها النص المنع والتحريم، كوننا نستعمل نص واحد في أكثر من استعمال في التحريم أحياناً وفي الكراهية أحياناً وفي خلاف الأولى أحياناً هل هذا مطرد عند أهل العلم؟ أو يستعملونه مرة واحدة ثم يخرجون ماعدا ذلك في نصوص أخرى؟ ما أدري الإخوان معنا وإلا ما هم معنا؟ لأن المسألة مهمة، يعني كون الظفر مدى الحبشة هل معنى هذا أننا لا نستعمل الظفر لأنه مدى الحبشة في جميع ما تستعمل فيه المدية أو نقول: نقتصر على ما ورد فيه النص وهو التذكية، وماعدا ذلك الأمر فيه سعة؟ يعني العلة التي علل بها النبي -عليه الصلاة والسلام- أن الظفر مدى الحبشة، مقتضى هذه العلة أن الظفر لا نستعمله فيما يستعمل في المدية، التي هي السكين، ما يحتاج إلى السكين ما ننيب الظفر مكان السكين؛ لأنها مدى الحبشة، هذا ما تقتضيه العلة والتعليل، فهل هذا مراد أو ليس بمراد؟ يعني مثلما قلنا في السن: إنه مثلاً لئلا يباشر الدم المسفوح وهو نجس، وعلى هذا يمنع بالسن كل ما كان فيه مباشرة نجاسة، نعم الضرورات تقدر بقدرها هذا أمور أخرى، لكن يبقى أن عموم العلة، عموم التعليل بكونه مدى الحبشة ألا نستعمله في جميع ما تستعمل فيه المدية، هذا ما يقتضي عموم العلة، ما الذي يخرج غير الذبح من هذا؟ لأن عموم العلة معتبر عند أهل العلم، إلا إذا عورض هذا العموم بما هو أخص منه، فحينئذٍ يقدم الخاص، في جواب وإلا ما فيه؟ وإلا تراجع المسألة؟ تراجع، لعلها تراجع إلى السبت.
"أو أن نستنجي برجيع أو بعظم" وعرفنا العلة في ذلك بحديث رويفع: «لعل الحياة تطول بك يا رويفع، فأخبر الناس أن من»... إلى أن قال: «أو استنجى برجيع دابة أو عظم» كل هذا محرم -نسأل الله السلامة والعافية-.
"قال أبو عيسى: وفي الباب عن عائشة" وهو مخرج عند أحمد وأبي داود والنسائي "وخزيمة بن ثابت" عند أبي داود وابن ماجه "وجابر" عند أحمد "وخلاد بن السائب عن أبيه" عند الطبراني في الكبير والأوسط بسند ضعيف.
"قال أبو عيسى: حديث سلمان في هذا الباب حسن صحيح" وهو صحيح مخرج في صحيح مسلم "وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بعدهم، رأوا أن الاستنجاء بالحجارة يجزئ" لأنه ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- الاكتفاء به، وما ورد في مدح الجمع بين الماء والحجارة كما في قول عائشة: "مرن أزواجكن فإن أستحييهم أن يتبعوا الحجارة الماء" وما جاء في قصة أهل قباء، وأن الله مدحهم بأنهم من المتطهرين، وأنهم يتبعون الماء الحجارة، لا يسلم هذا من مقال، لكن لا شك أن إتباع الماء الحجارة أكمل، وأن الاستنجاء بالحجارة فقط مجزئ، وهو متفق عليه، وأن الاستنجاء بالماء مجزئ وهو محل إجماع.
"وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن بعدهم رأوا أن الاستنجاء بالحجارة يجزئ، وإن لم يستنج بالماء إذا أنقى أثر الغائط والبول" إذا أنقى بهذا الشرط، أما إذا لم ينقِ بالحجارة فلا بد من الماء، أيضاً إذا تعدى الخارج محله فلا بد من الماء؛ لأن هذه طاهرة ضرورة وحاجة يقتصر بها على موضعها، فلو تلوث ما حول الخارج لا بد من الماء، أما الخارج يكفيه الحجارة، إذا أنقى أثر الغائط والبول "وبه يقول الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق" وعامة أهل العلم على هذا، ومن يخالف فيرى أن الماء وحده لا يكفي، وهذا موجود في الصدر الأول قالوا: لأنه طعام ولا يجوز الاستنجاء بالطعام، وما دام ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يذهب إلى المذهب الذي هو محل كما سيأتي في حديث ابن مسعود وحديث أنس: "فأنطلق أنا وغلام نحوي بإداوة من ماء يستنجي به النبي -عليه الصلاة والسلام-" ولا كلام لأحد معه، ثم حصل الإجماع على الماء، والحجارة أيضًا ثبتت عنه -عليه الصلاة والسلام- من قوله وفعله، الاستنجاء بالحجرين تكلم وأطال عنه الكلام -رحمه الله-، وفيه علل، وفيه أشياء تحتاج إلى مزيد من البسط، نتركه إلى يوم السبت -إن شاء الله تعالى-.
نشوف أسئلة وردت يقولون من النساء، هذه أسئلة النساء.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هو إلى الفقه أقرب، وإلى فقه الواقع أقرب منه إلى فقه الأئمة، وعلى كل حال هو معدود في أهل العلم، وله جهود لا تنكر، وعنده شيء من المخالفات، فتاواه لا تسلم من شيء مما يخالف عليه.
ما ندري يا أخي، الإنجيل ما ندري كم طبعه من يتدين به، وأما القرآن فالحمد لله يعني طبعاته ملأت الشرق والغرب، وطبع من أول بداية الطباعة، طبع قبل سنة ألف وستمائة حتى عند النصارى طبعوه قبل أربعمائة سنة ثم تتابعوا على طبعه إلى أن بدأت الطباعة عند المسلمين فطبعوه ولله الحمد، وأكثروا من طباعته، وزالت الحاجة إلى استعارته أو إلى كتابته، إلى أن نشأ هذا المجمع المبارك مجمع الملك فهد في المدينة هذا مجمع مبارك، طبعة نفيسة متقنة مضبوطة، ومع ذلك يطبع منه ملايين النسخ في كل سنة.
على كل حال هذه الطبعات ما تسمى طبعات؛ لأنهم يصورون طبعات سابقة، فأفضل الطبعات الذي يصبر على الحرف الفارسي الطبعة الأصلية الهندية، التي فيها أربعة مجلدات والمقدمة في مجلد، هذه أفضل الطبعات ثم طبع عنها في المكتبة السلفية في المدينة طبعة ما تسلم من أخطاء لكنها أفضل من طبعة دار الكتب العلمية.
نعم يقال: "غفرانك".
إرشاد الساري هو أحظى شروح البخاري بالطبع، أكثر طبع من فتح الباري، فتح الباري طبع في بولاق مرة واحدة، وطبع إرشاد الساري في بولاق سبع مرات، بينما عمدة الباري ما طبع ولا مرة في بولاق، بولاق مطبعة يشرف عليها علماء، يعرفون قيمة الكتب، إرشاد الساري شرح متوسط، ولا يشكل عليك شيء في الصحيح وهو بين يديك لا من الأسانيد ولا من المتون؛ لأنه لا يترك كلمة إلا ويبينها، سواء تقدمت أو تأخرت ما يكتفي بما تقدم، فهو مفيد من هذه الحيثية، ولذا طبع في بولاق سبع مرات، الأولى والثانية والثالثة مفرد.. والأولى والثانية والثالثة والرابعة طبعوه مفرداً، والخامسة والسادسة والسابعة على هامشه شرح النووي على مسلم، وطُبع في المطبعة الميمنية مرتين، مرة على هامشه النووي على مسلم، ومرة على هامشه إضافة إلى النووي على مسلم تحفة الباري لزكريا الأنصاري شرح البخاري.
ذكرنا بعض ما يعين على الهمة في طلب العلم في شريط تداوله الإخوان، ولكن النصوص ومعرفة ما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام- في العلم وفضله وفضل أهله كفيل بذلك، والذي لا ترتفع همته بهذا يعالج قلبه، ومع ذلك يوصي أهل العلم بقراءات سير أهل العلم وتفانيهم وتضحياتهم من أجل التحصيل لا شك أنها تعين وتفيد في هذا.
أُثر عن بعض السلف أنه نذر أنه إن اغتاب شخصاً تصدق بدرهم، يقول: فهانت عليه الغيبة، يقول: ثم نذر أنه كلما اغتاب شخصاً صام يوماً فترك الغيبة، هذا لا يعرف له أصل؛ لكن من نذر أن يطيع الله فليطعه، وإذا كان الهدف منه منع النفس وكف النفس مثل هذا كفارته كفارة يمين إذا عجز عنه، وهو مأثور عن بعض السلف.
على كل حال الذهاب إلى الخارج أمره عظيم، وخطره على الدين واضح، وخطره على النساء والذراري أوضح، وكل إنسان يقدر المصلحة والمفسدة المتعلقة به.
كتب الرجال ما يقال فيها: أفضل ومفضول لا يغني بعضها عن بعض، يعني إذا نظرنا إلى كتب الأئمة الكبار التاريخ الكبير والجرح والتعديل والثقات والمجروحين، وسؤالات الدارقطني وغيرها، وكتب..، تواريخ يحيى بن معين، وعلل الإمام أحمد، كتب كثيرة جداً لا يمكن أن يستغني عنها طالب العلم، لكن جاءت كتب للمتأخرين فضمت أكثر ما في هذه الكتب، مثل: تهذيب الكمال، أولاً: الكمال للحافظ عبد الغني، ثم تهذيبه للحافظ المزي، ثم تهذيب تهذيبه للحافظ ابن حجر، وفي كل كتاب من الميزة ما يجعله عمدة في الباب، بحيث لا يستغنى عنه.
هذه تضييع وقت، الروايات والقصص لا سيما التي كتبت بأساليب المعاصرين تضيع الوقت، لكن أهل العلم مع قراءتهم لما ينفعهم في دينهم ودنياهم من العلوم الشرعية، وما يعين على فهمها يقرؤون في كتب التاريخ، ويقرؤون في كتب الأدب، وكل هذا للاستجمام والاعتبار، وفيها فوائد تعين أيضاً على فهم العلم، ومن سمع الدروس المشروحة وجد أهل العلم يذكرون النكت والطرائف من كتب الأدب والتاريخ تشجع على قرأتها.
ذكرنا مراراً قصة الحافظ ابن حجر مع قول أبي حاتم: "بين يدي عدل" وقد كان الحافظ العراقي يظنها تعديل فلما ابن حجر توقف فيها وكونها تدل على التعديل مع تشديد أبي حاتم وتضعيف الراوي من قبل الأئمة التي قيلت فيه هذه الكلمة ابن حجر تحرّى لما قال أبو حاتم الرازي في جبارة بن المغلس: "بين يدي عدل" والأئمة على تضعيفه وأبو حاتم متشدد، الحافظ العراقي يقول: "بين يدي عدل" يعني تعديل للرجل، الحافظ ابن حجر أوجس خيفة من هذه الكلمة، فوجد قصة في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، يقول: كان طاهر القائد معروف على مائدة مع أولاد الرشيد، كان له ولد صغير اسمه: إبراهيم على مائدة، أخذ إبراهيم هذا هندوبات إما كوسة أو قرعة وإلا باذنجان وإلا شيء أخذها من الطعام فرمى بها عين طاهر، وكان أعور طاهر لا يبصر إلا بواحدة، فضرب السليمة، فشكاه إلى أبيه فقال: إن إبراهيم اعتدى على عيني السليمة، والأخرى بين يدي عدل، الحافظ ابن حجر مسك طرف الخيط الآن وذهب يبحث عن العدل هذا، ما معنى العدل؟ فوقف في أدب الكتاب لابن قتيبة أن العدل بن جزء بن سعد العشيرة كان على شرطة تبع، وكان معروف بالشدة والقسوة، إذا أراد تبع أن يقتل أحد سلمه إلى العدل هذا، فإذا هلك أحد قيل: بين يدي عدل، خلاص انتهى، فعلى هذا قول أبي حاتم: "بين يدي عدل" يعني هالك، وهو المناسب لحال الرجل وهو المناسب لتشدد أبي حاتم، فعرفنا هذا من أي شيء؟ يعني ما عرفناه إلا من خلال الأغاني في أول الأمر ثم من أدب الكاتب لابن قتيبة، فهذه الكتب ما تسلم من فائدة، نعم فيها أشياء وفيها سقط كثير وفيها..، لكن يقرأ فيها طالب العلم على حذر ويستفيد منها، ووجدنا نسخ من الأغاني عليها أسماء شيوخنا المعروفين بالعلم والعمل أهل الزهد والورع الذين ما يظن أنهم يقتنون كتب الأغاني، لكن نشره بين الصغار وبين الشباب الذين يتأثرون ببعض القصص؛ لأن الرجل ما يؤمن على الأخبار، متشيع لا يؤمن على الأخبار، لكن الكتاب لا يخلو من فائدة.
مثل هذا الذي يفسد عليك دينك ودنياك ما الذي يضطرك إليه، فعليك بالاستقامة {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تتنزل عليهم الملائكة} [(30) سورة فصلت] وأي شرف وأي فخر أعظم من هذا؟ «قل أمنت بالله ثم استقم» يعني الزم الطريق.
تحويل النافلة إلى فريضة لا يصح في القول المرجح عند أهل العلم، وأما العكس فقالوا: إذا قلب منفرد فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز.
الأفغاني شيخ للشيخ محمد عبده، وصاحب المنار محمد رشيد رضا شيخ لهما، وهو لا يسلم حيث أتهِم بعظائم فمثل هذا لا يقرأ له، أما محمد عبده فقد تأثر بهذا الرجل من الناحية العقلانية وأدخل عقله في كثير من الأمور التي مردها إلى الشرع، لكن في كتبه فوائد، وأنفع منهما محمد رشيد رضا، ولو اقتصر طالب العلم على أئمة التحقيق ومشى على الجادة كان أفضل له.
أنا لا أقرأ لمثل هؤلاء، ولا أتهمهما بشيء، فلا أحكم عليهما.
ذكرنا في تقدمة لألفية العراقي كيف يدرس طالب العلم مصطلح الحديث؟ وأنه يبدأ بالنخبة، وإن بدأ قبلها بالبيقونية وقرأ الشروح وسمع الأشرطة يستفيد، ثم النخبة مع شروحها، ثم اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير، وما كتب عليه، ثم ألفية العراقي مع شروحها، وبهذا يتأهل -إن شاء الله تعالى-.
الأصل أن يكون الأذان إعلام بدخول الوقت، فإذا دخل الوقت تصلى الراتبة القبلية ثم تصلى الفريضة، لكن مع ما يثار من كون التقويم متقدم على الوقت لا سميا في صلاة الصبح فالاحتياط أن تؤخر الصلاة.
إذا تمحّض قصده للوظيفة دخل في هذا الحديث، وإذا جاهد نفسه وإن كان دخوله في أول الأمر فيه ما فيه ثم جاهد نفسه وتخلص من ذلك تنقلب النية -بإذن الله- وينتفع.
هذا -إن شاء الله- يصدر فيه كتابة بالأمثلة -إن شاء الله تعالى-، هذا مطلوب ومطروق, وجاءت الطلبات كثيرة أول ما ذكرناه في الجامعة الإسلامية، وبسطنا فيه الكلام، ثم فُرغ من جهات من البحرين ومن ليبيا ومن جهات أخرى، وطلبوا المزيد فيه والتوضيح، ثم ينشر -إن شاء الله تعالى-.
الشرح يكون على جميع الكتاب، على جميع جمل الكتاب، والحاشية تكون كالنكت على بعض جمله.
لا شيء في أن يمد رجليه إلى جهة القبلة.
نقول: الترك ليس بعلاج، العلاج في المجاهدة.
فأي فائدة أعظم من حفظ الأسانيد التي يتوقف عليها معرفة الصحيح من الضعيف؟ وأما طريقة الحفظ فمن خلال تحفة الأشراف، ينظر في الأسانيد للمكثرين فرب إسناد واحد تحفظه مرة واحدة ويروى به مئات الأحاديث، مثل هذا يعين، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه في الكثرة.
الزاد سبق أن شرحناه مع شرحه الروض المربع، وما زال يعني الزاد محل عناية وله دورات، وله أشرطة مسجلة، يعني ما أهمل الزاد، لكن شرح المنتهى مهمل، وهو أصعب كتاب على حد علمي، يعني إذا استثنينا (مغني ذوي الأفهام) يكون أصعب كتاب من كتب المذهب، وعلى مثله يربى طالب العلم؛ لأنه إذا فهم المنتهى خلاص ما يشكل عليه شيء.
لا هي تسكيت، يعني اسكت، لكنها من الكلام المرذول الذي ينبغي أن يترفع عنه المسلم لا سيما من له عناية بالعلم.
هذا أمر بتزويج الجميع الذكور والإناث، الأحرار والعبيد، ولا ينظر حينئذٍ إلى ما عنده من مال؛ لأن التوجيه النبوي اقتصر على الدين {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [(32) سورة النــور] وجُرب هذا الباب فكثير من الناس عاش فقيراً ثم تزوج ففتح الله عليه.
بعض الناس يستطيع أن يستجمع الفكر ويقرأ الكتاب على ما هو عليه ويحفظ، وبعض الناس لا يستطيع حتى يجزئ الكتاب ويراه خفيفاً بيده ينشط له، وبعض الناس لا يستطيعون الحفظ إلا بعد كتابة ما يريد حفظه، والكتابة مجربة ونافعة وترسخ الحفظ، إذا أردت حديث تحفظه اقرأه وقابله على الأصل مرة مرتين حتى تظن أنك أتقنته ثم احفظه يسهل عليك هذا.
أولاً: القتاد الشوك، والشوك يكون في العصا –الغصن- الذي هو فيه، فإذا أراد الإنسان أن يخرطه بيده هكذا من أشق الأمور، يعني تصور غصن طوله متر مملوء بالشوك وتأتي وتجعله بين أصبعيك لتخرطه فتزيل عنه هذا الشوك، هذا صعب نعم، لكن إذا استصعب أمر قيل: إن خرط القتاد دونه، أسهل منه، فهذا مثل يضرب لاستصعاب الأمر.
قيل ذلك لكن ليس له أصل.
قبل أن يأوي إلى فراشه أو إذا أوى إلى فراشه وجاء بأذكار النوم ينظر ماذا عمل من أعمل صالحة؟ فيحمد الله عليها، ويعزم على المزيد في الغد وما يليه، وما عمله من أعمال سيئة يتنصل منها ويتوب منها، وإذا كان أحدهم قد أخطأ عليه يحلله ويدعو له، وإذا كان قد أخطأ على غيره يبادر بالتخلص من هذا الخطأ.
أما صحيح مسلم فالطبعة العامرة طبعة اسطنبول العامرة، في ثمانية أجزاء متقنة إلى حد ما، أفضل طبعة لشرحه الذي يصبر على قراءة الحروف الصغيرة القديمة وعلى حواشي الكتب فشرح النووي على هامش إرشاد الساري في الطبعة السادسة أفضل الطبعات، الذي لا يصبر على هذه الطريقة في الطباعة القديمة يقتني الطبعة المصرية البهية المطبوعة من قبل سبعين عاماً في ثمانية عشر جزءاً.
في يأجوج ومأجوج أظن السؤال في كونهم ينقبون ثم يعاد إلى أن يريد الله -جل وعلا- خروجهم فلا يعاد، مع أن الحديث -حديث زينب- في الصحيح: «ويل للعرب من شر قد اقترب» قلت: أنا استظهرت في إجابته أنهم ينقبون شيئاً لا يستطيعون الخروج معه، أو يستطيعون الخروج معه ثم يعاد لئلا يخرجوا، وأما ما فتح في عهده -عليه الصلاة والسلام- فإنه مثل هذه مثل الحلقة الصغيرة.
الرفاعي يقول: إنه لا يبقى منقوباً ألا أن يقول صاحبه: إن شاء الله فيبقى منقوباً فيخرجون للدنيا، وهل هناك فتحة لم تسد وهي التي يقصد بها الرسول.......؟
نعم هناك فتحة هي التي أخبر عنها النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكنهم لا يستطيعون الخروج معها.
الجزء معروف وبينه وبين المجلد تداخل وتباين، فأحياناً يكون الجزء عبارة عن مجلد، جزء يكون عبارة عن مجلد، فتح الباري في ثلاثة عشر جزءاً كل جزء في مجلد، وأحياناً يكون المجلد يضم أكثر من جزء، فتفسير الطبري مثلاً ثلاثون جزءاً في اثني عشر مجلداً، وأحياناً يكون الجزء في أكثر من مجلد، وهذا إذا قُسِّم الجزء الواحد إلى أقسام، مثل: (التاريخ الكبير) للإمام البخاري أو الجرح والتعديل لابن أبي حاتم أو غيرهما، والغالب أن هذه التقاسيم أن لم تكن من صنيع المؤلف كفتح الباري مثلاً فتكون من الناشر أو الطابع يرى الأبواب المناسبة لفصل بعضها عن بعض ليقف الجزء على موقف مناسب، فهم يقسمون الأجزاء على حسب اجتهادهم، ولذا تجد فتح الباري طُبع في ثلاثة عشر مجلداً سوى المقدمة، وطبع في سبعة عشر مجلداً، وطبع في ثلاثين جزءاً، أحياناً تكون في ثلاثين مجلداً، وأحياناً تكون في خمسة عشر مجلداً.
جاء في النصوص في الصحيحين وغيرهما لعب البنات وأنها موجودة في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- وأنه كان يراها، لكن لعب البنات الموجودة في عصره -عليه الصلاة والسلام- عبارة -كما قال الشراح- عن وِساد كبير في رأسه وساد صغير لا أكثر ولا أقل، ويتعلمون بهذه اللعب المشروحة تربية الأطفال، وهذا معروف ومتوارث إلى عهد قريب، ثم جاءت الصور المجسمة المجمع على تحريمها، الذي أجمع أهل العلم..، هذه صور، الموجودة الآن الصور الدقيقة وفيها مضاهات لخلق الله -جل وعلا-، إذا أوقفت فتحت عينيها، إذا أنيمت غمضت العين، بعضها إذا صُفق له رقص، وبعضها في يدها مكبر وتدور وتغني هذه لا يشك أحد في تحريمها، وقد جرت من ورائها..، مسألة خطوات شيطان أول ما جاءت على أشكال صغيرة ثم أكبر إلى أن جاءت بحجم بني آدم، ولو قيل وقد ذُكر هذا من بعض الإخوان الذين يعملون في الحسبة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنه وجد أحجام بقدر النساء وبقدر الرجال، ووجد من يستعملها من الجنسين، وهذه خطوات الشيطان فلا شك في منعها وتحريمها.
أنا لا أدري، لكن ما رأيت كتاب طبع أكثر من (جواهر الأدب) للهاشمي، طبع مرارًا كثيرة جداً لا يحاط بها.
أما ما يتعلق برجال البخاري وتمييز المهمل فيه فما في مثل (إرشاد الساري) يعني اصطحاب (إرشاد الساري) للقسطلاني كفيل بهذا كله، هذا ما يتعلق بصحيح البخاري؛ لأنه هو الذي يكثر من إهمال الرواة فيميزون في (إرشاد الساري) كتب التراجم كلها موجودة، رجال الكتب الستة مخدومين، فالأمر ما يشكل فيهم، وجرح وتعديل يعني يمكن أن يكون هذا باختصار شديد، ولو اقتصر الطالب في هذه المرحلة وفي هذه المرة على التقريب كفاه.
كبر وهو حامل يعني صف يصلي دخل في الصلاة وهو حامل النجاسة ولم يتذكرها إلا وهو في أثناء الصلاة، هذه يتخلص منها إن استطاع أن يتخلص منها إن استطاع إن كانت في نعلين في شماغ، في شيء لا يشترط لصحة الصلاة، أما إذا كان في السترة المشترطة للصلاة فلا يستطيع أن يتخلص منها، إذا كانت في خمار المرأة، أو كانت على عورة الرجل لا يمكن التخلص منها إلا بقطع الصلاة، أما إذا استطاع أن يتخلص منها فالنبي -عليه الصلاة والسلام- خلع نعله لما أخبره جبريل أن فيها نجاسة.
مخضرم يعني أدرك زمانين بينهما نوع اختلاف، فالذي أدرك الجاهلية والإسلام مخضرم، والذي أدرك زمن النبوة وزمن التابعين ولم يدرك النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا مخضرم، وغالب ما يطلق المخضرم على هذا، على من أدرك النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يسلم في وقته أو لم يدركه هذا مخضرم، وهم معددون في طبقة كبار التابعين.
على كل حال الجمهور على التحديد، تحديد المدة، والأكثر على أربعة أيام.
أفضل شرح لسنن أبي داود شرح الخطابي، هو الأصل في هذا الباب على اختصاره، وهو رغم اختصاره الشديد إلا أن فيه فوائد وقواعد وضوابط يحتاجها طالب العلم، وأما شرح ابن رسلان فهو من أوسع الشروح لكنه لم يطبع، إنما المطبوع (عون المعبود) وهو كتاب نفيس وبنفس أهل الحديث، يرجح على ضوء النصوص وأيضاً شرح السهارنفوري (بذل المجهود) شرح طيب، لكن ترجيحه لا يعتمد عليه؛ لأنه حسب المذهب، يرجح تبعاً لمذهب أبي حنيفة ولو خالف النص، هناك شرح اسمه: (المنهل العذب المورود) لمحمود خطاب السبكي معاصر، توفي ولمّا يكمل الكتاب، أكمله ابنه أمين، والكتاب في جملته جيد ومرتب ومنظم.
أما أفضل طبعة للمتن أنا عمدتي على طبعة الدعّاس، عزة عبيد الدعاس مرقمة ومفهرسة ومخرجة الأحاديث، والأخطاء فيها قليلة، ظهر أخيراً طبعة لمحمد عوامة اعتمد فيها على نسخة الحافظ ابن حجر، فمن جمع بين الطبعتين انتفع -إن شاء الله تعالى-.
الآن موجود في الأسواق صورة عن الطبعة السلفية الأولى ألف وثلاثمائة وثمانين، قد توجد في الأسواق.
يعني ميزة الكتاب -ولهذا اخترناه- أن فيه الكلام على أكثر أنواع علوم الحديث.
الشيخ -رحمه الله- أسلوبه أسلوب أدبي رفيع، قرأ كتب السير واستخرج منها هذه الكتب، وهي مناسبة للشباب، وهي مقررات تدرس في المدارس، وهي نافعة على كل حال.
تحقيق الشيخ محمود شاكر ومراجعة الشيخ أحمد لا يعدله تحقيق، بل طالب العلم لو قرأ هذا الكتاب لا لذات الكتاب إنما ليستفيد كيفية التحقيق لكفاه هذا، تحقيق الشيخ محمود شاكر لهذا الكتاب وتحقيق الشيخ أحمد للمسند ولرسالة الشافعي ولأوائل الترمذي منهج يسير عليه طالب التحقيق، الكتاب لم يكمل لا شك لكن ما فيه إلى سورة إبراهيم فيه كفاية لتمرين الطالب على التحقيق، ومع ذلك ما يوجد فيه من أصح ما طبع، حقيقة الدكتور التركي ظهر أخيراً وأنا ما تمكنت من قراءته لكن المؤمل أن يكون جيداً.
الطبقة عبارة عن مجموعة من الرواة يشتركون في السن وفي الشيوخ في الأخذ عن الشيوخ، والحافظ -رحمه الله- جعل الصحابة طبقة واحدة، ثم الطبقات التي تليها الثانية والثالثة والرابعة للتابعين، والطبقات عنده تُقارب كل طبقة بينها وبين الأخرى ما يقارب عشرين سنة؛ لأنه رتب الكتاب على ثنتي عشرة طبقة إلى الأئمة.
على كل حلال أهمية هذه الأمور على حد سواء.