شرح أبواب الطهارة من سنن الترمذي (10)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
باب: ما جاء في مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما:
حدثنا هنّاد قال: حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما.
قال أبو عيسى: وفي الباب عن الربيع.
قال أبو عيسى: وحديث ابن عباس حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، يرون مسح الأذنين ظهورهما وبطونهما.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما" في مسح الأذنين ظاهرهما بدل بعض من كل، وباطنهما معطوف عليه.
يقول: "حدثنا هناد" وهو ابن السري، ثقة حافظ "قال: حدثنا عبد الله بن إدريس" يزيد بن عبد الرحمن الأودي الكوفي، ثقة أيضاً، توفي سنة اثنتين وتسعين ومائة "عن محمد بن عجلان" المدني، وهو صدوق من الخامسة، "عن زيد بن أسلم" العدوي مولاهم، ثقة أيضاً "عن عطاء بن يسار" الهلالي المدني ثقة "عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما" ظاهرهما بدل من الأذنين، على ما جاء في الترجمة، والظاهر هو الخارج مما يلي الرأس، والباطن الداخل، داخل الأذنين، وجاءت الكيفية في صحيح ابن حبان من حديث ابن عباس أيضاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ فغرف غرفة فغسل وجهه.. الحديث، وفيه: "ثم غرف غرفة فمسح برأسه وأذنيه داخلهما وخارجهما" داخلهما بالسبابتين، وخالف بإبهاميه إلى ظاهرهما، يمسح ظاهرهما وباطنهما، هذه كيفية مسح الأذنين، يدخل السبابتين في الأذنين، وأما الإبهامان فللظاهر هكذا، يعني طريقة سهلة ما تكلف شيء، وهذه الطريقة واردة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو حديث صححه ابن خزيمة وغيره.
"قال أبو عيسى: وفي الباب عن الربيع بنت معوذ" مخرج عند أبي داود والترمذي والحاكم.
"قال أبو عيسى: وحديث ابن عباس حديث حسن صحيح" وصححه ابن خزيمة وابن مندة "والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم يرون مسح الأذنين ظهورهما وبطونهما" باعتبار أنهما من الرأس على ما سيأتي من الباب الذي يليه، فالأذنان تمسحان مع الرأس، ومن أهل العلم على ما سيأتي من يقرر على أنهما من الوجه، فيجب غسلهما مع الوجه على ما سيأتي، نعم.
الباب الذي يليه وقد قرأه القارئ يقول باب ما جاء أن الأذنين من الرأس قال: "حدثنا قتيبة قال: حدثنا حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة" قتيبة ثقة قتيبة بن سعيد تقدم، وحماد بن زيد بن درهم ثقة أيضاً تقدم، وسنان بن ربيعة الباهلي البصري، صدوق فيه لين، يعني لا يقبل حديثه إلا حيث يتابع "عن شهر بن حوشب" الأشعري الشامي، كلام أهل العلم فيه كثير جداً، وهو مضعّف عند الأكثر، والمتوجه تضعيفه شهر بن حوشب، وأما سبب تضعيفه فالخلاف معروف عند أهل العلم، والقصة المذكورة التي قد تثبت وقد لا تثبت، والذي يغلب على الظن عدم ثبوتها، وهي سرقة الخريطة حتى قال قائلهم:
لقد باع شهر دينه بخريطة |
|
فمن يأمن القراء بعدك يا شهر |
فمثل هذا يروج على الناس، يعني لو.... ظهر إشاعة حول شخص من أهل العلم والفضل يروجها بعض الناس حتى يقول القائل من الشعر ما يقول، فتنطلي على الناس وتروج، والذي يغلب على الظن أنها غير ثابتة، وضعفه عند أهل العلم معروف، في مقدمة مسلم عن ابن عون قال: إن شهراً نزكوه، نزكوه يعني اتهموه بالنيزك، المقصود أنه الغالب عليه الضعف، والشيخ أحمد شاكر –رحمه الله- شدد في مسألة توثيقه، وأنه لا حجة بمن قال بضعفه، وكلام أهل العلم فيها كثير، والمرجح تضعفيه، وإن كان حديثه مما يعتبر به ويعتد به في الشواهد لا مانع من ذلك.
"عن أبي أمامة قال: توضأ النبي -صلى الله عليه وسلم- فغسل وجهه ثلاثاً، ويديه ثلاثاً، ومسح برأسه وقال: «الأذنان من الرأس»" يعني فيمسحان معه لا من الوجه فيغسلان معه.
"قال أبو عيسى: قال قتيبة: قال حماد" يعني ابن زيد: "لا أدري هل هذا" يعني قوله: «الأذنان من الرأس» هل هو "من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- أو من قول أبي أمامة" يعني هل مدرج من قول أبي أمامة أو ثابت في أصل الحديث؟ يقول حماد: لا أدري هو سمعه ممن فوقه عن سنان بن ربيعة عن شهر عن أبي أمامة، لكن هل هو مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أو مدرج من قول أبي أمامة؟ يقول ابن حجر: ورد أن الأذنين من الرأس بثمانية أحاديث، فذكر منها حديث أبي أمامة، وبيَّن أن قوله: "الأذان من الرأس" مدرج من قول أبي أمامة، ولم يثبت رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث.
"قال: وفي الباب عن أنس" أخرجه الدارقطني، وفيه ضعف.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن ليس إسناده بذاك القائم" حسنه، هو ليس إسناده بذاك القائم، يعني ليس بالقوي، يعني إذا كان إسناده ليس بالقوي كيف يُحسن؟ كيف يحسن إسناده وهو ليس بالقائم؟ إذا عرفنا الشروط التي اشترطها الإمام الترمذي لتحسين الحديث وهي: ألا يكون الحديث شاذاً، ولا يكون في رواته من يتهم بالكذب، وأن يروى من غير وجه، بهذه الشروط يصفه الإمام الترمذي بأنه حسن، لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، ما في من يتهم بالكذب، فيه ضعيف، لكن ليس فيه من يتهم بالكذب، يعني فيه الضعيف دون الاتهام بالكذب، وليس الحديث بشاذ؛ لأنه روي من طرق له من يؤيده، ولا يوجد ما يعارضه، فلا يحكم عليه حينئذٍ بالشذوذ، ويروى من غير وجه، والأذنان من الرأس ورد في ثمانية أحاديث كما قرر ذلك الحافظ ابن حجر، هذا سبب حكم الإمام الترمذي عليه بالحسن، وأما قوله: ليس إسناده بذاك القائم، يعني ليس بالقوي.
قال ابن دقيق العيد في (الإمام) هذا الحديث معلول بوجهين، يعني له أكثر من علة، معلل بعلتين، الكلام في شهر بن حوشب هذه العلة الأولى، الثانية: الشك في رفعه، ثم قوى شهراً بذكر من وثقه، ورجح أن الحديث حسن، هذا ابن دقيق العيد في كتابه: (الإمام) له كتب ابن دقيق العيد منها (الإمام) ومنها: (الإلمام) ومنها: (شرح الإلمام) ثلاثة كتب، (الإلمام) مطبوع في مجلد متداول ومعروف مطبوع من أربعين سنة تقريباً، وهو أصل (المحرر) لابن عبد الهادي؛ لأنه مختصر منه، ومطبوع ولا ذكر له عند طلاب أهل العلم، يعني ما لا يتداولونه ولا يقرؤونه، والشيوخ لا يقرؤونه؛ لأنه يذكر المتون كاملة، والطلاب بحاجة إلى من يختصر لهم المتون كالبلوغ وغيره، يعني يحتاج إلى أن يقتصر إلى موضع الشاهد، بسطر بنصف سطر بسطرين بقدر الحاجة، وأما بالنسبة لـ(للإلمام) يسوق الحديث كاملاً، وهذا يصعب استيعابه أو حفظه على طلاب العلم، وإلا فهو أصل كتاب ابن عبد الهادي (المحرر)، و(المحرر) لو قال قائل: بأنه أصل البلوغ لما بعد، هذا (الإلمام) متن في أحاديث الأحكام مطبوع ومشهور ومتداول، و(الإمام) متن في أحاديث الأحكام لكنه أوسع من (الإلمام)، متن معلل ذكرت فيه علل الأحاديث، وهو أشبه ما يكون بكتب العلل، كتاب نفيس جداً، أما شرح الإلمام فهذا أيضاً شرح مستفيض، أطال فيه النفس ابن دقيق العيد على عادته، وعادة ابن دقيق العيد في الشرح تختلف اختلاف جذري عن طريقة ابن رجب، يعني ابن رجب يعني لو وازنا بين ابن دقيق العيد وابن رجب وجدنا ابن رجب يشرح النصوص بأقاويل السلف فقط، قد يتصرف وقد يجمع بين النصوص, قد يستعمل بعض القواعد، لكن ما هو مثل ابن دقيق العيد، ابن دقيق العيد يحشد العلوم كلها لفهم الحديث، وهذه ميزته، يعني طالب العلم الذي يتخرج على شرح العمدة له بحيث لا يشكل عليه فيه شيء يستحق أن يقال: إنه طالب علم يستطيع أن يشرح ما يشكل من الأحاديث، والكتاب صغير، يعني في مجلدين صغار، لكن يحتاج إلى فهم، فهم لكلام ابن دقيق العيد، وفيه شيء من الوعورة والصعوبة، لكن إذا تخرج عليه طالب العلم يسهل عليه ما دونه، ابن دقيق العيد ذكر العلتين، والأولى هي ضعف شهر بن حوشب والكلام فيه، ثم بعد ذلك عاد فقواه بذكر من وثقه، والثانية: الشك في رفعه ووقفه، ثم حكم على الحديث بأنه حسن، الشيخ أحمد -رحمه الله- بالنسبة لشهر بن حوشب أطال الكلام، وقال عن الحديث: الحديث رواه أبو داود عن مسدد وقتيبة عن حماد بن زيد، ونقل الشك يعني في رفع الأذنان من الرأس، ونقل شك حماد كما نقله الترمذي يعني أبا داود ورواه عن أيضاً عن سليمان بن حرب عن حماد وقال: قال سليمان بن حرب يقولها أبو أمامة، يعني فجزم بأنها مدرجة، وروى ابن ماجه عن محمد بن زياد عن محمد بن زيد بإسناده بلفظك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الأذنان من الرأس» فجزم بأنها مرفوعة، وكان يمسح رأسه مرة، وكان يمسح الماقين، وهذا اللفظ لا يحتمل أن تكون كلمة الأذنان من الرأس مدرجة في الحديث، لا يحتمل أن تكون كلمة الأذنان من الرأس مدرجة في الحديث، يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الأذنان من الرأس» وكان يمسح رأسه مرة، وكان يمسح الماقين، إذا كان الإدراج في أول الخبر كما هنا، يعني: "الأذنان من الرأس" احتمال تكون مدرجة وأن تكون من كلامه -عليه الصلاة والسلام-، الشيخ أحمد يقول: ما دامت في أول الخبر كما هنا، والقول مسلَّط عليها لا يحتمل أن تكون مدرجة، الإدراج عند أهل العلم أكثر ما يكون في أخر الخبر، أكثر ما يكون في أخر الحديث، وقد يكون في أثنائه وهو أقل، وقد يكون في أوله وهو نادر، فإذا كان حديث: "أسبغوا الوضوء «ويل للأعقاب من النار» أسبغوا الوضوء المقرر أنها مدرجة؛ لأنه جاء الفصل "أسبغوا الوضوء" وفي بعض الروايات: "فإن أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم- قال: «ويل للأعقاب من النار»" فلا مانع أن يكون الإدراج في أول الخبر، الشيخ أحمد لما رأى القول قول النبي -عليه الصلاة والسلام- مسلط على هذه الجملة قبل غيرها يمتنع عنده الإدراج، نعم إذا لم يوجد نص يفصل الكلام ويبين المدرج فالذي يغلب على الظن أنه كله مرفوع، أن كل الخبر مرفوع، لا سيما إذا كان الإدراج في أول الخبر والقول مسلط عليه، لكن إذا كان في مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-، منسوب إلى النبي، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أسبغوا الوضوء «ويل للأعقاب من النار» جاء في بعض الروايات قال أبو هريرة: "أسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم- قال: «ويل للأعقاب من النار» عرفنا أن الصحابي يدرج من غير بيان، وهذا لا شك أنه في عصور الرواية لا يخفى، في عصور الرواية لا يخفى، لكن بعد ذالك يخفى على المتعلمين المزيد من الأصل، فلا بد من البيان، وقد يسر الله وقيض لهذا العلم من يقوم به وينو به، ويبين الألفاظ الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- والمزيدة في كلامه.
يقول: هذا اللفظ يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الأذنان من الرأس» وكان يسمح رأسه مرة ويمسح الماقين، وهذا اللفظ لا يحتمل أن تكون كلمة: "الأذنان من الرأس" مدرجة في الحديث، وبينا أنه لا مانع، بل وجد الإدراج في أول الحديث، بل هو نص في أنها من اللفظ النبوي، يعني لو لم يوجد في الروايات الأخرى ما يدل على أنها مدرجة فالقطع بأنها مرفوعة لا إشكال فيه، لكن جاء ما يدل على أنها مدرجة والإدراج في أول الخبر وجد من بعض الصحابة، إذاً ما المانع من أن تكون مدرجة ولو كانت في صدر الخبر؟ بل هو نص في أنها من اللفظ النبوي، وقد أطال العلماء البحث في هذه الكلمة، وهل هي مدرجة من كلام أبي أمامة أو مرفوعة؟ ورجح كثير منهم الإدراج، يعني أنها من قول أبي أمامة، انظر التلخيص ونصب الراية، والراجح عندي أن الحديث صحيح، فقد روي من غير وجه بأسانيد بعضها جيد، ويؤيد بعضها بعضاً، ونقل الزيلعي في نصب الراية عن كتاب (الإمام) لابن دقيق العيد أنه قال في حديث أبي أمامة: وهذا الحديث معلول بوجهين:
أحدهما: الكلام في شهر بن حرشب، والثاني: الشك في رفعه، ولكن شهراً وثقه أحمد ويحيى والعجلي ويعقوب بن شيبة، وسنان بن ربيعة اخرج له البخاري وهو وإن كان قد لين فقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وقال ابن معين: ليس بالقوي، فالحديث عندنا حسن، والله أعلم، هذا كلام ابن دقيق العيد.
ثم نقل عن البيهقي في سننه أنه قال: حديث: «الأذنان من الرأس» أشهر إسناد فيه حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة، يعني حديث الباب، وكان حماد يشك في رفعه في رواية قتيبة عنه، فيقول: لا أدري من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- أو من قول أبي أمامة، وكان سليمان بن حرب يرويه عن حماد بن زيد ويقول: هو من قول أبي أمامة، ثم قال الزيلعي: قلت: وقد اختلف فيه على حماد فوقف ابن حرب عنه ورفعه أبو الربيع، واختلف أيضاً فيه على مسدد عن حماد فروي عنه الرفع، وروي عنه الوقف.
وإذا رفع ثقة حديثاً ووقفه أخر، أو فعلهما شخص واحد في وقتين ترجح الرفع أو يرجح الرافع؛ لأنه أتى بزيادة، ويجوز أن يسمع الرجل حديثاً فيفتي به في وقت ويرفعه في وقت أخر، وهذا أولى من تغليط الراوي ثم نقل حديث: «الأذنان من الرأس».
الشيخ أحمد شاكر جرى على طريقة المتأخرين في الحكم بحكم عام مضطرد لكل زيادة، لكن هذا ليس بلازم، وليس عليه عمل الأئمة، ثم نقل حديث: «الأذنان من الرأس» من حديث عبد الله بن زيد مرفوعاً في سنن ابن ماجه، وقال: هذا أمثل إسناد في الباب لاتصاله وثقة رواته، وهو كما قال، ثم نقله من حديث ابن عباس مرفوعاً أيضاً من سنن الدارقطني من طريق أبي كامل الجحدري عن غندر عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس ثم قال: قال ابن القطان: إسناده صحيح لاتصاله وثقة رواته.
قال: وأعله الدارقطني بالاضطراب في إسناده، وقال: إن إسناده وهم وإنما هو مرسل، ثم أخرجه عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً، وتبعه عبد الحق في ذلك، وقال: إن ابن جريج الذي دار الحديث عليه يروي عنه عن سليمان بن موسى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مرسلاً، قال: وهذا ليس بقدح فيه، وما يمنع أن يكون فيه حديثان مسند ومرسل انتهى، ثم قال الزيلعي: فانظر كيف أعرض البيهقي عن حديث عبد الله بن زيد وحديث ابن عباس هذين، واشتغل بحديث أبي أمامة، وزعم أن إسناده أشهر لهذا الحديث، وترك هذين الحديثين وهما أمثل منه، ومن هنا يظهر تحامله، وكتب الحافظ ابن حجر بخطه على نسخة نصب الراية المحفوظة بدار الكتب المصرية ما نصه: البيهقي إنما قال: إن حديث أبي أمامة أشهرهما، ولا يلزم من الشهرة الصحة ولا غيرها، وأما كون حديث ابن عباس وابن زيد أمثل منه فلا يلزم منه الشهرة الموجودة في حديث أبي أمامة فتأمله.
يعني لا ملازمة بين الشهرة والصحة، وهذا من الحافظ تكلف واضح في الدفاع عن البيهقي، ولكن يفهم منه أنه موافق على صحة حديثي ابن عباس وعبد الله بن زيد، والذي قاله الزيلعي دقيق مطابق للقواعد الصحيحة عند علماء هذا الفن، انتهى كلامه -رحمه الله-، ولا شك أنه متساهل في توثيق بعض الرواة، وقد ضبطنا عليه في قسمه الذي حققه من جامع الترمذي توثيق أكثر من عشرين راوي، أكثر من عشرين راوي يوثقهم جمهور الأئمة على تضعيفهم، وعلى كل حال الحديث فيه العلتان التي هي ضعف شهر بن حوشب، وفيه أيضاً الاختلاف في الرفع والوقف.
يقول الترمذي: "والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن بعدهم أن الأذنين من الرأس فيمسحان معه، وهو القول الراجح" هذا الراجح أنهما من الرأس، ويمسحان معه "وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق" وأبو حنيفة "وقال بعض أهل العلم: ما أقبل من الأذنين" يعني ما أقبل من جهة الوجه "فمن الوجه، وما أدبر" يعني من القفا "فمن الرأس" وإليه ذهب الشعبي والحسن بن صالح بن حي، وفي هذا حديث ذكره الطحاوي في شرح معاني الآثار عن علي لكن فيه مقال وضعّفه البخاري.
"قال إسحاق: وأختار أن يسمح مقدمهما مع الوجه، ومؤخرهما مع رأسه، وقال الشافعي: هما سنة على حيالهما يمسحهما بماء جديد" سنة مستقلة بماء جديد، يعني بالنسبة للرأس أو للوجه لا تابعة لا للرأس ولا للوجه، وإنما هي سنة مستقلة تمسح بماء جديد، وهذا هو الذي دعا البيهقي أن يقول ما يقول، ويرجح حديث أبي أمامة على غيره؛ لأن حديث أبي أمامة مختلف في رفعه ووقفه، وإذا اختلف في رفعه ووقفه احتمال أن يرجح الوقف كما رجح ابن حجر وغيره، وأنها مدرجة، فلا يعارض قول إمامهم؛ لأن البيهقي شافعي، وابن حجر شافعي فيضطرون إلى ترجيح مثل هذا، وهذا هو التعصب الذي أشار إليه الزيلعي من البيهقي، وأشار إليه الشيح أحمد شاكر بالنسبة للحافظ ابن حجر.
فكأنهما قال: هما يؤيدان المذهب "وقال الشافعي هما سنة على حيالهما يمسحهما بماء جديد" وقال بعض أهل العلم: هما من الوجه لا من الرأس، يعني وجه الشبه بكونهما من الوجه ما فيه إلا أنهما مكشفتان مثل الوجه بدون شعر، والرأس مُغطّى بالشعر، فوجه الشبه بينهما يعني لو قلنا: نحتاج إلى قياس الشبه، إذا قررنا أن الأذنين فرع، وليس بأصل مستقل برأسه، ليس من فروض الوضوء المستقلة المعروفة، فهي فرع، وثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يمسحهما، فهما فرع، فرع متردد بين أصلين، إذا تردد الفرع بين أصلين يلحق هذا الفرع بأي شيء؟ بأقربهما شبهاً، وهذا يسمى عند أهل العلم قياس الشبه، أيهما أشبه بالأذنين الوجه أو الرأس؟ الوجه أشبه؛ لأنه مكشوف بدون شعر، لكن فيه شعر بالنسبة للعارضين بالنسبة للحية؛ لأنه من مسمى الوجه، لكن هما الأذنان أقرب إلى الوجه شبهاً من الرأس، فإذا استعملنا قياس الشبه قلنا: هما من الوجه، كما قال هؤلاء، قال بعضهم: هما من الوجه فيغسلان معه، وإليه ذهب الزهري وداود.
دليل هذا القول، هم ما اعتمدوا على قياس الشبه، لكن من باب ما يدعم به القول إذا أمكن أن يدعم أي قول من الأقوال بدليل لم يطلع عليه أصحاب القول أو بقاعدة عند أهل العلم، أو بأصل من الأصول يمكن أن يلحق به تستقصى المسالة، وإلا هم ما استعملوا قياس الشبه، استدلوا بما رواه أصحاب السنن عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في سجوده: «سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره» فأضيف السمع إلى الوجه، كما أضيف البصر إليه، يعني بعض الناس ينزع منزع بعيد، بعيد جداً قد يستغرب كيف طرأ على باله يستدل بمثل هذا الحديث؟! هذه دقة في الاستنباط، لكن يبقى أن هل مثل هذا النص على بعده عن محل الخلاف هل هو أقرب من الأحاديث التي نصت على غسل..، على أحاديث الوضوء أقل الأحوال، يعني هذا باب باب السجود غير باب الوضوء، باب السجود باب مستقل، يعني مثل من يقرر أن الحائض تقرأ القرآن، الحائض تقرأ القرآن لماذا؟ قال: لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لعائشة: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» الحاج يقرأ القرآن إذاً تقرأ الحائض القرآن، يعني هل في هذا مستمسك لمن يقول: إن الحائض تقرأ القرآن؟ بعد الحاج يصلي تصلي؟! الحاج إذا لم يجد هدي يصوم تصوم؟! إذا لم نستثنِ إلا ما استثناه النبي -عليه الصلاة والسلام- قلنا: إن الحاج تصلي وتصوم إذاً الحائض تصلي وتصوم، إذا منعت من الصلاة ومن الصيام بالأدلة بالنصوص الصحيحة الصريحة فلئن تمنع من غيرها من غير الصلاة والصيام، يعني نُغرب في الاستدلال، إغراب هذا في الاستدلال وإبعاد وسعة في الخطو كوننا نستعمل أعم العمومات في مسألة خاصة، وعندنا من الأدلة ما يمكن أن نبني عليه ما هو أقرب من هذا، فعندنا أحاديث الباب وأحاديث الوضوء وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- مسح على الأذنين بما بقي من مسح الرأس، والأدلة في هذا متكاثرة، نذهب إلى حديث السجود سجود التلاوة نعم قال في سجود القرآن: «سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره» فإضافة السمع إلى الوجه كإضافة البصر إلى الوجه، فما دامت العينان من الوجه إذاً الأذنان من الوجه بمقتضى هذا الحديث، لكن يأتي أن كونه من الوجه هل يلزم غسلهما أو مسحهما؟ العنان من الوجه إجماعاً، لكن هل يلزم غسل العينين؟ يعني إذا غسلنا ظاهر العنين يعني البشرة التي تغطي الأجفان مثلاً هل يلزم أن ندخل الماء داخل العنين كما يطلب هنا أن ندخل الماء داخل الأذنين؛ لأننا إذا قلنا: أنهما من الوجه لزمنا أن نغسلهم كغسل الوجه، وهل قال أحد بغسل داخل العنين من أجل أن نقول بغسل داخل الأذنين لأنهما من الوجه؟ ما فعل هذا إلا ابن عمر وعمي بسبب ذلك ولا وافقه أحد، وهذا من احتياطه، قالوا: وليس بصريح، ولم يثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- غسل الأذنين، بل ثبت عنه المسح، ولو كان تبعاً للوجه لغسل مثله، ومما يدل على أنهما من الرأس قوله في حديث الصنابحي الذي تقدم: «فإذا مسح رأسه خرجت خطاياه من رأسه حتى تخرج من أذنيه» أيهما أقرب هذا الحديث أو حديث: «سجد وجهي»؟ هذا أقرب بكثير، قال ابن القيم في الهدي: لم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أخذ له ماء جديداً، وإنما صح ذلك عن ابن عمر، وفعل ابن عمر ذكره مالك في الموطأ يعني أخذ له ماء جديد وغسلهما غسل كما غسل داخل الأذنين وهذا من مخالفته -رضي الله عنه وأرضاه-، وعلى كل حال المرجح والمختار هو قول جمهور أهل العلم، وأنهما من الرأس ويمسحان تبعاً له، نعم.
عفا الله عنك.
باب: ما جاء في تخليل الأصابع:
حدثنا قتيبة وهنّاد قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي هاشم عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا توضأت فخلل الأصابع».
قال: وفي الباب عن ابن عباس والمستورد، وهو ابن شداد الفهري، وأبي أيوب الأنصاري.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم أنه يخلل أصابع رجليه في الوضوء، وبه يقول أحمد وإسحاق، وقال إسحاق: يخلل أصابع يديه ورجليه في الوضوء، وأبو هاشم اسمه: إسماعيل بن كثير المكي.
حدثنا إبراهيم بن سعيد هو الجوهري قال: حدثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا توضأت فخلل بين أصابع يديك ورجليك».
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب.
حدثنا قتيبة قال: حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد الفهري قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا توضأ دلك أصابع رجليه بخنصره.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في تخليل الأصابع" والأصابع جنس يشمل أصابع اليدين وأصابع الرجلين.
"قال: "حدثنا قتيبة وهناد قالا: حدثنا وكيع عن سفيان" وهو الثوري، وذكرنا من القواعد التي يميز بها بين السفيانين أن يكون بينه وبين الأئمة راويان، أما إذا كان راوي واحد فالذي يغلب على الظن أنه ابن عيينة، "عن سفيان" الثوري "عن أبي هاشم" إسماعيل بن كثير الحجازي المكي ثقة "عن عاصم بن لقيط بن صبرة" العقيلي ثقة أيضاَ "عن أبيه" لقيط بن صبرة صحابي مشهور، وهو أبو رزين العقيلي، فيما رجحه جمع من أهل العلم، والأكثر على أنهما اثنان، أبو رزين العقيلي غير لقيط بن صبرة، قاله ابن حجر "قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا توضأت فخلل بين الأصابع»" توضأ فعل ماضي، وعرفنا أن الماضي يطلق ويراد به الفراغ كما هو الأصل في كونه ماضياً بمعنى أن الحدث حصل في الزمن الماضي هذا الأصل، فهل معنى هذا أنه إذا توضأت وفرغت من الوضوء خلل بين الأصابع؟ كما يقال: إذا أكلت فخلل بين أسنانك؟ تخلل ما بين أسنانك أثناء الأكل أو إذا أردت الأكل أو إذا فرغت من الأكل؟ نعم؟ إذا فرغت، هنا إذا توضأت فخلل الأصابع، يعني إذا فرغت؟
طالب:.........
نعم: إذا أردت أو إذا شرعت يعني في أثنائه؟ في أثنائه بلا شك.
"قال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن عباس" مخرج في المسند وابن ماجه والترمذي، "والمستورد بن شداد" المستورد هو ابن شداد مخرج عند الأربعة "وأبي أيوب الأنصاري" أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" ومخرج في المسند وأبي داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وصححه البغوي وابن القطان، إسناده ما فيه إشكال إلا من جهة من؟ قتيبة وهناد وسفيان ووكيع أئمة، أبو هاشم هذا إسماعيل بن كثير الحجازي ثقة أيضاً، وعاصم بن لقيط ثقة، فيه إشكال وإلا ما في إشكال؟ نعم؟ لا أحتمل الأئمة تدليسه، سفيان احتمل الأئمة تدليسه لإمامته وندرة تدليسه بالنسبة لما رواه، احتمل الأئمة تدليسه، ما في إشكال -إن شاء الله تعالى-.
"قال: هذا حديث حسن صحيح" وهو مخرج أيضاً عند الإمام أحمد في المسند وأبي داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وصححه البغوي وابن القطان، ما يظهر فيه إشكال -إن شاء الله تعالى- "والعمل على هذا عند أهل العلم أنه يخلل أصابع رجليه في الوضوء" رجليه، الآن الحديث: «فخلل الأصابع» والأصابع تشمل أصابع اليدين وأصابع الرجلين، يقول: "والعمل على هذا عند أهل العلم أنه يخلل أصابع رجليه عند الوضوء، وبه يقول أحمد، وإسحاق" قال ابن سيد الناس: قال أصحابنا: من سنن الضوء، الآن الأمر: "خلل" والأصل في الأمر الوجوب، يقول ابن سيد الناس: قال أصحابنا: من سنن الوضوء تخليل أصابع الرجلين في غسلهما، وقال: هذا إذا كان الماء يصل إليها من غير تخليل، فلو كانت الأصابع ملتفة لا يصل الماء إليها إلا بالتخليل فحينئذٍ يجب التخليل لا لذاته لكن لأداء فرض الغسل؛ لأنه لا يتم الواجب إلا به فهو واجب التخليل، تعقبه الشوكاني في نيل الأوطار بأن الأحاديث صرّحت بوجوب التخليل، يعني جاءت بالأمر ولا صارف، جاءت بالأمر: «خلل أصابع» ولا صارف، قد صرحت بوجوب التخليل ولا فرق بين إمكان وصول الماء بدون تخليل وعدمه، ولا بين أصابع اليدين والرجلين فالتقييد بأصابع الرجلين أو بعدم إمكان وصول الماء لا دليل عليه "وقال إسحاق: يخلل أصابع يديه ورجليه في الوضوء" وهذا هو الراجح للإطلاق في حديث الباب، "وأبو هاشم اسمه: إسماعيل بن كثير المكي".
قال: "حدثنا إبراهيم بن سعيد هو الجوهري" أبو إسحاق الطبري نزيل بغداد، ثقة حافظ، قال: "حدثنا سعد" يعني "ابن عبد الحميد بن جعفر" الأنصاري، أبو معاذ المدني، صدوق، له أغاليط، قال: "حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد" المدني، صدوق، فقيه، ما حدث به في المدينة فصحيح، وما حدث به في بغداد والعراق فمضطرب "عن موسى بن عقبة عن صالح مولى التوأمة" موسى بن عقبة مولى آل الزبير، ثقة، إمام في المغازي، توفي سنة إحدى وأربعين ومائة "عن صالح مولى التوأمة" صدوق اختلط، لكن سماع موسى بن عقبة منه قبل الاختلاط "عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا توضأت فخلل بين أصابع يديك ورجليك»".
وهذا نص في...، نص مفسر، يعني الحديث الأول نص مجمل، وهذا نص مفسر، فهو حجة على من قال أو من خص التخليل بأصابع الرجلين فقط دون اليدين، وجاء في بعض الأحاديث ذكر الرجلين فقط، يعني جاء في بعض الأحاديث خلل أصابع رجليك، يعني جاء التنصيص على الرجلين فقط، لكن هل هذا يقتضي تخصيص؟ هذا تنصيص على بعض أفراد العام، وإذا جاء اللفظ بصيغة العموم، وجاء ما يدل على الخصوص بحكم موافق لحكم العام هذا لا يقتضي التخصيص عند أهل العلم؛ لأنه تنصيص على بعض أفراد العام بالحكم الموافق، وهذا لا يقتضي التخصيص عندهم.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب" قال الشوكاني: فيه صالح مولى التوأمة ضعيف، وحسنه البخاري لأن سماع موسى بن عقبة من صالح قبل الاختلاط.
قال: "حدثنا قتيبة قال: حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو عن أبي عبد الرحمن الحبلي" ثقة أيضاً، ويزيد بن عمرو المعافري صدوق "عن المستورد بن شداد الفهري" الذي أشار إليه الترمذي سابقاً بقوله: "وفي الباب" "قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا توضأ دلك" أي خلل "أصابع رجليه بخنصره" هذا التنصيص على الرجلين، نعم هذا التنصيص على الرجلين، وهذا تنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص عند أهل العلم، بخنصره يعني خنصر يده اليسرى.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة" لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة، يعني حديث هذا الصحابي لا يعرف إلا من حديث ابن لهيعة، وأما ما جاء عن غيره من الصحابة فهو معروف من طرق، على ما ذكره الترمذي في هذا الباب.
قال ابن سيد الناس: شارك ابن لهيعة في روايته عن يزيد بن عمرو الليث وعمرو ابن الحارث، فالحديث إذاً صحيح سالم عن الغرابة، قاله في النيل، ولا مفر ولا محيد بعد سماع ما ذُكر من تخليل الأصابع، سواء كانت ملتفة أو يمكن وصول الماء إليها، ويستوي في ذلك أصابع اليدين والرجلين، نعم.
عفا الله عنك.
باب: ما جاء: «ويل للأعقاب من النار»:
حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ويل للأعقاب من النار»
قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو وعائشة وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن الحارث هو ابن جزء الزبيدي، ومعيقيب وخالد بن الوليد وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان.
قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار».
قال: وفقه هذا الحديث أنه لا يجوز المسح على القدمين إذا لم يكن عليهما خفان أو جوربان.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء ويل للأعقاب من النار" الترجمة بلفظ الحديث.
قال: "حدثنا قتيبة" وهو ابن سعيد تقدم الكلام فيه "قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد" الدراوردي، أبو محمد، الجهني مولاهم، صدوق، توفي سنة سبعة وثمانين ومائة، ومع ذلك حديثه مخرج في الصحيحين وغيرهما، "عن سهيل بن أبي صالح" أبو صالح اسمه: ذكوان السمان، وابنه سهيل صدوق، تغير حفظه بأخرة "عن أبيه" ذكوان السمان أبو صالح، ثقة "عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ويل للأعقاب من النار»".
الويل اختلف في معناه، لكن جاء من حديث أبي سعيد مرفوعاً: «ويل وادي في جنهم» وهذا مخرج في الترمذي، والويل في اللغة: الحزن والهلاك والمشقة، وفسره ابن سعيد كما جاء في الحديث مرفوعاً: «ويل وادي في جهنم» نسأل الله السلامة والعافية، والأعقاب: جمع عقب، وهو مؤخر القدم، والمراد من قصر في غسلهما، وإذا عُذبت الأعقاب فالعذاب على جميع البدن، نسأل الله السلامة والعافية؛ لأن بعض الناس يسمع مثل هذا الكلام لا سيما في مثل حديث الإسبال «ما أسفل من الكعبين ففي النار» ما الذي في النار؟ الإزار وإلا صاحبه؟
طالب:.......
صاحب الإزار بلا شك، وهنا صاحب العقل وهو المتوعد، وقل مثل هذا «وكل ضلالة في النار» صاحبها المراد صاحبها.
"قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو" متفق عليه عند البخاري ومسلم "وعائشة" عند مسلم "وجابر" عند بن أبي شيبة وابن ماجه "وعبد الله بن الحارث هو ابن جزء الزبيدي" وهو الذي سيأتي ذكره في أخر الباب، "ومعيقيب" أخرجه أحمد والطبراني في الكبير "وخالد بن الوليد وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان" مخرجة عند ابن ماجه.
"قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح" ومخرج في الصحيحين، وفي الباب عن عمر بن الخطاب أخرجه مسلم، وعن ابنه عبد الله أخرجه ابن أبي شيبة، وعن خالد بن معدان أخرجه الإمام أحمد، "وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار»".
وهذا الحديث رواه الطبراني في الكبير وابن خزيمة في صحيحه من حديث عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي مرفوعاً، ورواه أحمد موقوفاً عليه، وهو الذي تقدمت الإشارة إليه، وعلى كل حال فقه الحديث كما قال الإمام -رحمه الله تعالى- قال: "وفقه هذا الحديث أنه لا يجوز المسح على القدمين إذا لم يكن عليهما خفان أو جوربان".
لأنه إذا توعد على التفريد بغسل العقب الذي هو مؤخر القدم، فإذا توعد عليه بالنار فهل يتصور أن المسح جائز؟ نعم؟ إذاً المسح لا يجوز، لا بد من غسل العقب وبطون الأقدام كما جاء في الرواية الأخرى والحديث الأخر، فإذا وجب غسل العقب وباطن القدم فالظاهر من باب أولى، ويذكر عن...، بل هو المعتمد عند الرافضة عموماً أن المسح يكفي عملاً بقراءة الجر: "وأرجلِكم" عطفاً على الرأس الذي هو ممسوح، وينسب هذا القول للإمام أبي جعفر بن جرير الطبري، أما بالنسبة للرافضة فلا عبرة بوفاقهم ولا خلافهم.
ابن جرير الطبري كلامه في التفسير وإن أوهم المسح بل صرح بالمسح، لكن مراده بالمسح الغسل، مراده بالمسح الغسل؛ لأنه يطلق المسح ويراد به الغسل في لغة العرب بدليل أنه احتج على ما اختاره بحديث: «ويل للأعقاب من النار» وذكره بطرقه، فهل يتصور أن ابن جرير يرى المسح وهو يورد هذا الحديث لشرح كلامه وتوضيح كلامه؟ ما يتصور، نعم نقل عن ابن جرير أنه يرى هذا القول في التفاسير كلها، ويقولون: محمد بن جرير الطبري، لكن في تفسير الألوسي يقول: وقال أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري، هذا رافضي ذا، هذا ليس الإمام ابن جرير المعروف، وهنا حصل اللبس، إضافة إلى أن ابن جرير قرر المسح في تفسيره، مراده المسح الغسل؛ لأنه يطلق المسح ويراد به الغسل في لغة العرب، وقرره ودعم كلامه بحديث: «ويل للأعقاب من النار» كيف يورد ابن جرير الطبري الحديث بطرقه ويريد بذلك المسح؟ فحصل اللبس من جهتين: أولاً: أنه قرر المسح ومراده به الغسل.
الأمر الثاني: اتفاقه مع من يرى المسح من الشيعة في الاسم والكنية والنسبة، وغسل الرجلين محل إجماع بين كل من يعتد بقوله من أهل العلم، وأنه لا يجوز المسح بحال، طيب قراءة الجر: "وأرجلِكم" منهم من يقول: إن الجر للإتباع، لمجرد الإتباع لا لإرادة المسح الحقيقي، ومنهم من يقول: مسح كل شيء بحسبه، فمسح الرأس بمجرد إمرار اليد المبلولة عليه، ومسح الرجل بغسلها كما قرر ذلك ابن جرير، ومنهم من يقول : إنه ثبتت القراءتان، فقراءة النصب يؤخذ منها غسل الرجل، وقراءة الجر يؤخذ منها مسح القدم إذا كان عليها خف أو جورب، فتكون الآية دليل للأمرين، وعلى هذا إذا كانت الرجل مكشوفة فلا بد من غسلها، إذا كانت مغطاة بخف أو جورب يكفي في هذا المسح، والنصوص في هذا متواترة، يكفي فيها المسح، لكن إذا كانت مكشوفة لا مغسولة ولا ممسوحة تصح الصلاة وإلا ما تصح؟ ما تصح، إذاً من مسح على الخف وخلع الخف هل هذا يصلي بقدم مغسولة أو ممسوحة أو لا مغسولة ولا ممسوحة؟
إذاً وضوؤه ناقص، فلا تصح صلاته حينئذٍ، ولا يتجه أن نقول: إن خلع الخف أو خلع الجورب مبطل للوضوء أصلاً ما في وضوء، هذا وضوء ناقص، لا رجل مغسولة ولا خف ممسوحة، فالقول ببطلان صلاته هو المتجه، وسيأتي -إن شاء الله تعالى- في المسح على الخفين، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذه الكتب وُزعت في الدورة، وزعت في الدورة وتم شرحها كاملة -ولله الحمد-.
لا أنصح أحد باقتناء أي قناة، لكن المبتلى بالقنوات والدشوش هي خير الموجود.
هو تفسير بالرأي في الغالب، أنا سمعت منه بعض الشيء لما كان يلقيه في الإذاعة، لكن هو تفسير بالرأي، والمعول في هذا الباب على أئمة التحقيق من المفسرين الكبار مثل الطبري وابن كثير وغيرهما.
هذا حصل فيه إشكال كبير جداً يعني، وحصل فيه هدم بيوت بسببه، فهو آفة عظيمة، شر مستطير بسببه واقتناؤه حرام لا يجوز، سواء كان استعمله في التصوير لذوات الأرواح أو غيرها، لماذا؟ لأنه يسهّل ارتكاب المعصية، وكم من شخص من الأخيار من طلاب العلم ممن لا يرى التصوير جره إلى التصوير، في بداية الأمر يقول: أنا أحتاط ولا أصور، أصور مناظر، أصور الربيع، أصور المناظر الطبيعية، ثم بعد ذلك ينظر إلى ولده الصغير يحبو وإلا يقوم ويتعثر ويمشي الخطوات الأولى يطيب له هذا المشهد ثم يصوره، يقول: المشايخ الآن يفتون بالتصوير ونستغفر الله ونتوب إليه، هذا أول الأمر، ثم يصور ثاني وثالث ثم يصير التصوير عنده عادي.
تقريب الأسانيد كتاب بدأنا به وشرحنا منه ما يقرب من خمس الكتاب، ويكمل في المدينة -إن شاء الله تعالى- على دورات، مثل الدورات التي تقام هنا -إن شاء الله-، وفي الشرقية وفي مكة يكمل هذا الكتاب، وأما الجامع من المحرر الذي شرح هذا له ظرف خالص، هذا لطالب الجامعة الإسلامية الخرجين، ويكمل -إن شاء الله تعالى- في السنة القادمة، في الدورة اللاحقة.
لا مانع، من استفاد يقول، الذي يستفيد لا مانع أن يقول.
هذه الوصايا موجودة في أشرطة لكن منها (معالم في طريق الطلب) فيه بعض الوصايا.
والحديث عند الطبري مخرج، وقال: إسناده ضعيف كما فصلناه هناك؟ الذي فهمته أن الشيخ فصله عند الطبري فأرجو التوضيح؟
التحقيق للشيخ محمود، الشيخ محمود شاكر هو الذي حقق الطبري، وأما الشيخ أحمد فهو خرج الأحاديث، الشيخ خرج الأحاديث، وأما تحقيق الكتاب فلمحمود، يعني الجهد الأكبر وجمع النسخ، وضبط النص، والتعليق على الكتاب كله للشيخ محمود، ماعدا تخريج الأحاديث فهو للشيخ أحمد.
هذا ملاحظ، ولكن على طالب العلم أن يعنى به؛ لأن من يتصدى لعلم الكتاب والسنة بلسان العرب وبلغتهم، فلا بد من تعلم ما يعين على فهم الكتاب والسنة من علوم العربية وبفروعها العشرة المعروفة عند أهل العلم، ولا يمكن أن يتصدى لتفسير القرآن أو لشرح كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا بعد معرفة قدر كافي من العربية، أهل العلم لا سيما أهل الحديث يشددون في هذا الباب، حتى أن بعضهم جعل اللحّان يدخل في قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» ووجه ذلك أن اللحان إذا قرأ «إنما الأعمالَ بالنيات» كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، النبي ما قال هكذا، وقوّله ما لم يقل، فعلى طالب العلم أن يعنى بهذا الشأن، لكن كثير من طلاب العلم قد يتقن القواعد النظرية، وإذا قيل له: أعرب هذه الجملة أو هذا الكلام أعربه إعراباً صحيحاً، لكنه إذا تكلّم حصل الخلل الكبير، وأقول: في معرفة القواعد العربية أمران:
الأول: تقويم اللفظ واللسان، وهذا مهم جداً للمعلم وللخطيب وللداعية هذا في غاية الأهمية، لكن إذا لم يتم هذا فيحصل الأمر الثاني وهو فهم الكلام، لأن فهم الكلام مبني على إعرابه، والشخص الذي لا يتولى خطابة ولا تعليم ولا دعوة ولا شيء قد يكتفي بالأمر الثاني، وكلها مبنية على التعود والمران، الذي تعود القراءة على الشيوخ الذين يعنون بتقويم الألفاظ مثل هذا يستفيد فائدة كبيرة.
هذا كتاب قديم، يعني قديم بالنسبة للكتب الجديدة الوافدة مما فتن الناس به من الكتب العصرية، وقرأه بعض الشيوخ ويقول: إن فيه فوائد، لكن أنا ما قرأت الكتاب، ولا أنصح به أحداً، والقلق يعالج بالنصوص الشرعية، يعالج بتدبر القرآن.
ذكرت مراراً في مناسبات أن طالب العلم يبدأ في التفسير بتفسير الشيخ: فيصل بن مبارك (توفيق الرحمن في دروس القرآن) وإن قرأ معه تفسير الشيخ السعدي أو جعله مرحلة ثانية طيب، فيهما فائدة كبيرة لطالب العلم المبتدئ، ثم بعد ذلك يقرأ في تفسير ابن كثير مباشرة.
المقصود أن الخلاف في القراءة خلف الإمام خلاف قديم، وأدلته كثيرة، وأدلة الفريقين تكاد تكون متكافئة، والترجيح في المسألة قد يصعب، وهي كما يقرر أهل العلم من عضل المسائل ليست بالمسالة السهلة الهينة بحيث يتصدى للفتوى فيها صغار طلاب العلم، وعلى كل حال المعول على قوله -عليه الصلاة والسلام- «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» فهي لازمة لكل مصلٍ ما عدا المسبوق المستثنى بحديث أبي بكرة.
عليه أن يعنى بالمتون التي ألفت للمبتدئين الصغار من طلاب العلم، أُلف لهم متون تناسبهم، ويحضر الدروس في شرح هذا المتون.
كل شيء له ضريبة، تعداد الكتب على حساب المشي في كل كتاب على حدة، يعني بعد صلاة الصبح أحياناً بعض المشايخ يقرأ عليه بعشرة كتب، وبعضهم في كتاب واحد، المسألة ما تختلف يعني في عشرة كتب يقرأ في كل كتاب صفحة أو صفحتين أو ثلاثة بدون تعليق، ويقرأ في كتاب واحد إما عشرين أو ثلاثين صفحة بدون تعليق، نظير ما قرأ في عشرات الكتب، أو يقرأ خمس صفات أو أربع صفحات بالتعليق، فالمسألة كل شيء له ضريبة، يعني سواء كان كتاب أو كتب، أو طال التعليق أو اختصر، كل شيء على حساب شيء، من أراد الفراغ من الكتاب فليخصص له الوقت كامل، ويقل من التعليقات، من أراد أن ينفع الطلاب، ويبسط لهم الشرح، ويوضح لهم ما يريدون صار على حساب تكميل الكتاب.
من يتوقع منه أو فيه أو يتوسم فيه الخير، وأنه مجاب الدعوة فمثل هذا لا مانع من طلب الدعاء منه، وعمر -رضي الله تعالى عنه- طلب من أويس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- حث الصحابة أن يطلبوا الدعاء منه، ويستغفر لهم، وطلب النبي -عليه الصلاة والسلام-: «لا تنسنا» قاله لعمر، المقصود أن مثل هذا لا بأس به -إن شاء الله تعالى-.
أنسب الشروح الأربعين النووية في شرح للشيخ عبد المحسن العباد شرح مختصر مناسب، وشرح للنووي نفسه أيضاً هذا شرح طيب، وكل الصيد في جوف الفراء في جامع العلوم والحكم، الأصول الثلاثة والقواعد الأربعة شيوخنا كلهم شرحوها، وشروحهم مسجلة ومطبوعة، وفي كلها خير -إن شاء الله تعالى-، منظومة البيقوني في حاشية المشاط، وفيها أيضاً شروح مطبوعة للمشايخ طيبة في الجملة، ولنا أشرطة مسجلة على هذه الكتب، وحائية بن أبي داود هذه شرحها عبد الرزاق البدر ابن الشيخ عبد المحسن شرح جيد نافع، المتون التي جمعها الشمراني هذه ليست له إنما تولى جمعها، وهي متون علمية معتبرة عند أهل العلم.
القراءة على الشيخ طريق صحيح مجمع عليه من طرق التحمل يسمونه العرض، ومن روى بطريق العرض يقول: أخبرنا فلان، من روى أو تحمل على الشيخ بطريق العرض الذي هو القراءة على الشيخ يقول: أخبرنا فلان، وإن كان بقراءة غيره أخبرنا فلان فيما قُرئ عليه وأنا أسمع هذه الصيغة صيغة الأداء المناسبة لطريق العرض بقراءة غيره، وإذا كان هو القارئ قال: أخبرنا قراءة عليه، أو بقراءتي عليه، وهو طريق من طرق التحمل، ويقصد به مجرد القراءة على الشيخ من أجل الرواية هذا في الأصل، أما القراءة على الشيخ من أجل الشرح والتوضيح فهي كذلك تكون بقراءته هو أو بقراءة غيره وهو يسمع والشيخ يشرح ويقرر، على ما هو معروف عند أهل العلم.
ما أدري هل المباريات الذي مسكت وهي لا أصل لها، يعني الاحتياطات والقيود التي ذكرت لا يمكن أن تشاهد معها، لكن بعض الناس يصير حساس من بعض الأمور وتصير هي همه، وإلا لا يمكن أن تشاهد المباريات من خلال كلامي الذي قررته هنا، ولا في غيره من الأماكن.
فطبعة أبي الأشبال -يعني الشيخ أحمد شاكر- لم تكتمل، وطبعة بشار عواد على تأخرها إنه لم يتيسر له الرجوع إلى الأصول الخطية، وقد ذكر اثنتا عشرة نسخة إحداها في القرن الخامس وستة في القرن السادس، فلو يضاف مع شرحكم المبارك للسنن تحقيق للكتاب يلقى مع الدروس، ويقوم فيه النص لكان عملاً جليلاً، ولا مانع من أن يقوم بجلب النسخ إمام هذا المسجد، ويوضح منهج التحقيق يقوم به بعض طلبة العلم؟
هذه النية موجودة، وجمعنا بعض النسخ، لكن باعتبار النسخ إلى الآن لم تكتمل، النسخة التي أشار إليها من القرن الخامس وصلت -ولله الحمد-، وكذلك نسخ عتيقة وصلت، لكن بقية النسخ لم تصل بعد، والنية قائمة لتحقيق الكتاب مع شرحه، فنظراً لتأخر وصول النسخ القدر الذي شرحناه ما تم النظر فيه ولا تحقيقه من حيث إقامة النص، واكتفينا بتحقيق الشيخ أحمد شاكر، لكن مع ذلك في الدورات اللاحقة يتيسر -بإذن الله- ويتحقق هذا الطلب.
الناس اعتمدوا ومشوا على رياض الصالحين، وهو كتاب نافع، فيه أحاديث في الآداب يوصي جمع من أهل العلم بحفظه، وألا يقتصر على أحاديث الأحكام، وإن قرئ في الجزء الحادي عشر من الدرر السنية الذي فيه النصائح والرسائل لأئمة الدعوة أحياناً فهو طيب.