شرح أبواب الطهارة من سنن الترمذي (24)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء فيمن يستيقظ فيرى بللاً ولا يذكر احتلاماً
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا حماد بن خالد الخياط عن عبد الله بن عمر هو العمري عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة -رضي الله عنها - قالت: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاماً؟ قال: «يغتسل» وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولم يجد بللاً؟ قال: «لا غسل عليه» قالت أم سلمة -رضي الله عنها-: يا رسول الله هل على المرأة ترى ذلك غسل؟ قال: «نعم، إن النساء شقائق الرجال».
قال أبو عيسى: وإنما روى هذا الحديث عبد الله بن عمر عن عبيد الله بن عمر حديث عائشة في الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاماً، وعبد الله بن عمر ضعفه يحيى بن سعيد من قبل حفظه في الحديث، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين، إذا استيقظ الرجل فرأى بلة أنه يغتسل، وهو قول سفيان الثوري وأحمد، وقال بعض أهل العلم من التابعين: إنما يجب عليه الغسل إذا كانت البلة بلة نطفة، وهو قول الشافعي وإسحاق، وإذا رأى احتلاماً ولم يرَ بلة فلا غسل عليه عند عامة أهل العلم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء فيمن يستيقظ" يعني من نومه "فيرى بللاً ولا يذكر احتلاماً" يعني يرى البلل –الرطوبة- في ثيابه ولا يذكر احتلاماً، الموجب للغسل عند أهل العلم التقاء الختانين على ما تقدم، أو خروج المني من مخرجه إن كان من مستيقظ فلا بد أن يكون بلذة، وإن كان من نائم فلا يلزم ذلك، لا بد أن يتحقق أنه ماء نطفة على ما سيأتي مني، أما إذا وجد ماء وشك فيه، هل هو ماء نطفه ماء المني أو المذي أو غيرهما؟ فإنه لا يجب عليه الغسل؛ لأن الحدث مشكوك فيه، الحدث الأكبر هذا مشكوك فيه والأصل الطهارة، فلا يلزمه فإذا استيقظ فرأى بللاً ولا يذكر احتلاماً فإنه ينظر في هذا البلل فإن كان منياً وجب عليه الغسل، وإن لم يذكر احتلام، وإن كان مذياً فعليه أن يغسله؛ لأنه نجس، ينضحه نجاسة مخففة، وإن كان عرقاً أو ما أشبه ذلك فلا شيء فيه، فعليه أن يتأكد.
قال: "حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا حماد بن خالد الخياط" القرشي أبو عبد الله البصري ثقة "عن عبد الله بن عمر" بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب "العمري" المكبر الأصغر "عن -أخيه- عبيد الله" الأكبر المصغر، يعني أوصاف متضادة، أوصاف متنافرة، عن عبد الله بن عمر هذا المكبر الأصغر، الأصغر سناً وقدراً وهو مكبر في اسمه عبد الله، وأخوه مصغر عبيد الله وهو أكبر منه سناً وقدراً، فلا مانع أن يوصف الإنسان بوصفين متنافرين إذا انفكت الجهة فيقال: عن عبد الله بن عمر المبكر الأصغر، هذه انفكت الجهة مكبر باعتبار اسمه وأخوه مصغر باعتبار الاسم عبيد الله، وهذا باعتبار السن أصغر من عبيد الله، الأصغر في السن هو المبكر، والأكبر في السن هو المصغر، وقل مثل هذا في القَدْر، ومع تنافر هذا اللفظ أو هذين اللفظين مع انفكاك الجهة يجوز إطلاقه، كما تقول: جاء الطويل القصير، يعني طويل في عمره قصير في قامته، ومن ذلك قول الله -جل وعلا-: {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ} [(4) سورة الحـج] انفكت الجهة فلا مانع، وإن كان أهل العلم يقولون: إن المقطوع والمضاف إلى التابعي لا يطلق عليه أنه متصل للتنافر اللفظي، كيف نقول: مقطوع متصل؟ مع أنه إذا استحضرنا مثل هذا الكلام، وأنه إذا انفكت الجهة فلا مانع من إطلاق اللفظين المتنافرين، فهو مقطوع باعتبار الإضافة إلى التابعي، وهو متصل باعتبار أن كل واحد ممن يرويه يرويه عمن فوقه بطريق معتبر من طرق التحمل، فهو متصل من هذه الحيثية، وإن كان أهل العلم يتحاشون أن يجمع بين اللفظين للتنافر.
عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المكبر، هذا ضعيف عند أهل العلم، ضعيف، والشيخ أحمد شاكر على عادته في تساهله وثقه، وجمهور أهل العلم على تضعيفه "عن عبيد الله" عن أخيه عبيد الله، وهو أكبر منه سناً وقدراً، وهو ثقة عند عامة أهل العلم "عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد" وهو أحد الفقهاء السبعة "عن عائشة قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل" الرطوبة "ولا يذكر احتلاماً؟" والاحتلام افتعال من الحلم وهو ما يراه النائم في نومه، والمراد به –بالاحتلام- الجماع في النوم، يرى أنه يجامع "يجد البلل ولا يذكر احتلاماً" في هذه الحالة إذا وجد البلل "قال: «يغتسل»" هذا خبر بمعنى الأمر المراد به ليغتسل، يعني عليه الغسل، يجب عليه الغسل، وجاء في حديث أم سلمة أو أم سليم كما في الصحيح أنها سألت النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها ترى في المنام ما يراه الرجل هل على المرأة من غسل إذا هي احتملت؟ قال: «نعم إذا رأت الماء» فعلق الغسل بوجود الماء، علق الغسل برؤية الماء، والمراد بالرؤية أعم من أن تكون بصرية؛ لأنه يلزم الأعمى إذا وجد الماء أن يغتسل، المبصر في الظلام لا يرى، لكن إذا تيقن أنه ماء يجب عليه الغسل ولو لم يرَ.
وهذا نظير قوله -عليه الصلاة والسلام-: «من رأى منكم منكراً» لا يزم أن يكون بعينه، يكفي أن يكون بحاسة من حواسه أو بإخبار ثقة، أذا أخبره ثقة عن وجود منكر عليه أن ينكر، يعني إذا جاء شخص من الثقات إلى آخر وقال: رأيت منكراً في مكان الفلاني يقول: لا يلزمني تغييره؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «من رأى منكم منكراً» لا إذا بلغك بطريق صحيح عليك أن تنكر، يقول لك هذا الذي رأى المنكر: اتصل وبلغ المسولين يقول: والله أنا ما رأيت المنكر، هذا الكلام ليس بصحيح، وإن كان بعضهم يتبناه الآن ويؤكد عليه، أقول: هذا أكثر أحكام الدين إنما لزمت بهذه الطريقة بخبر الثقة، فإذا أخبرك ثقة أن هناك منكر، وعرفت من حال هذا الثقة أنه يتثبت ليس من المتعجلين بحيث حصل له مراراً أنه أخبر عن شيء إنما هو عن مجرد إشاعة أو ما أشبه ذلك، فإن مثل هذا إذا كان يصدر عن إشاعات لا عن حقائق مثل هذا لا يقبل خبره ويتثبت في أمره؛ لأنه كم من شخص يأتي ويقول: المنكر الفلاني، رأينا، قرأنا، سمعنا، ثم إذا تؤكد منه فإذا هو ليس بصحيح، يعني قد يكون للخبر أصلاً لكنه ليس على الوجه الذي شرحه، أو قد يكون يحتف به ما يدفعه من دون إنكار، المقصود أن هناك أمور إذا بلغت المكلف بطريق ثابت يعني ما فيه مستنده الحس، يعني أنه رأى يعني من بلغ رأى أو بلغه بطريق يثبت به العلم فإن هذا يكفي في إنكار المنكر، ملزم بإنكار المنكر ولا يلزم أن يراه بعينه، بل إذا أخبره من يثق بخبره ويصدر عن حسن عن يقين، لا عن إشاعات فإن مثل هذا يلزم قبول خبره، وحينئذٍ كأنك رأيت، والنبي -عليه الصلاة والسلام- خوطب بالرؤية في مواضع كثيرة لم يرها {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [(1) سورة الفيل] {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} [(6) سورة الفجر] لا ترى، الرسول -عليه السلام- ما رأى، لكنه بلغه بخبر يثبت فكأنه رأى، ونسمع من يقول: إن الرؤية لا بد أن تكون بالعين المجردة، إذا لم ترَ منكر بعينك لا تنكر، لكن إذا بلغك بطريق صحيح عن شخص متثبت لا يصدر عن إشاعات فإن عليك أن تنكر عاد بالطريقة المناسبة، وهنا: «نعم إذا هي رأت الماء» فإذا رأت الماء ولو كانت عمياء أو كان أعمى راءه بطريق معتبر لا يلزم بالعين المجردة، باللمس، بالشم، بما يثبت به مثل هذا فإنه يجب عليه أن يغتسل، وإلا لو قلنا: إن الرؤية تختص بالعين، قلنا: إن الأعمى ما يلزمه غسل إذا احتلم لأنه ما يشوف، ما رأى، فمثل هذا لا بد من اعتباره، لا سيما وأن مسائل الأمر والنهي يعني عليها كلام كثير في هذه الأيام، نسأل الله أن يحسن العواقب.
"سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يجد البلل" يعني الرطوبة "ولا يذكر احتلاماً، قال: «يغتسل»، وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولم يجد بللاً، قال: «لا غسل عليه»" فالحكم معلقاً بالماء وجوداً وعدماً، الحكم معلق برؤية الماء وجوداً وعدماً "قالت أم سلمة" وعند أبي داود: فقالت أم سليم: يا رسول الله هل على المرأة ترى ذلك غسل؟ قال: «نعم» كالرجل يعني مثل الرجل «إن النساء شقائق الرجال» وهذه جملة استئنافية فيها معنى التعليل؛ لأنه إذا كانت المرأة شقيقة الرجل فجيب عليها ما يجب الرجل، فالنساء نظائر الرجال، وأمثال لهم، كأنهن شققن منهم، وإذا نظرنا في أصل الخلقة وأن حواء شقت وخلقت من ضلع آدم -عليه السلام-.
"قال أبو عيسى: وإنما روى هذا الحديث عبد الله بن عمر عن عبيد الله بن عمر" حديث عائشة وهو مخرج عند أبي داود وابن ماجه أيضاً "حديث عائشة في الرجل يجد البلل ولا يرى احتلاماً، وعبد الله بن عمر ضعفه يحيى بن سيعد من قبل حفظه في الحديث" مضعف عند جمهور أهل العلم، يقول الذهبي في الميزان: صدوق في حفظه شيء.
وعن ابن معين: ليس به بأس يكتب حديثه، وقواه أحمد، وضعفه النسائي وابن المديني، والسبب أنه غلب عليه الصلاح والعبادة حتى غفل عن حفظ الأخبار قاله ابن حبان، والغالب أن من اتجه إلى شيء غفل عن غيره، اتجه إلى العبادة فضعف في جانب الحفظ والعلم؛ لأنه استغرق وقته في العبادة، حتى شاع على ألسنة أهل العلم أن فلاناً أخذته غفلة الصالحين، الصالحون لأنهم لا يلقون بالهم لكل شيء، فتجد فيهم غفلة عن كثير من الأمور لا سميا التي لا تنفعهم في دين ولا في دنيا، وهذه صفة مدح، بخلاف من ينتبه لكل شيء ولا يفوته شيء سواء كان مما يعنيه أو مما لا يعنيه، مثل هذا وإن كان فيه نباهه ويقظة وينتبه لماذا خرج فلان؟ لماذا قام فلان؟ لماذا قعد فلان؟ الصالحون لا ينتبهون لمثل هذه الأمور، حتى ينسبون إلى الغفلة، يعني تجد الصالح أحياناً يزاول جاره أعمال هو في غفلة عنها، وبينما غيره ممن لا يهتم بعبادة ولا يقضي وقته فيها ولا يستغرق وقته فيها منتبه لكل شيء، هذا متى يخرج؟ وهذا متى يطلع؟ وهذا متى يسافر؟ ومتى يرجع؟ الصالح ما له علاقة بهذه الأمور، إنما هو منصرف لما خلق من أجله وهو تحقيق العبودية، فقولهم: غفلة الصالحين هذه ليست مذمة، إلا إذا شغلت العبادة عما هو أهم منها، العبادة إذا استغرق الإنسان وغفل عن طلب العلم مثلاً أو عن واجب أخر فإن هذه لا شك أنها مفضولة، ومسألة المفاضلة بين العبادات مسألة عظيمة كبرى عند أهل العلم، فلا يوفق لها كثير من الناس، تجده ينشغل بالمفضول ويترك الفاضل، لكن الموفق من يبدأ بالمهم فالمهم، أو بالأهم فالمهم، يرتب، المسألة أولويات، فالواجب مقدم على المستحب، وهكذا فعبد الله بن عمر هذا المُكبَّر اشتغل بالعبادة ووصف كثير من المحدثين أو ممن يروي الحديث بهذا الأمر، وغفل عن حفظ الحديث وعن تذكره، ومدارسته فضعف فيه ساء حفظه فيه، هذا أمر جبلي، الإنسان إذا انصرف عن شيء ضعف فيه، تجد بعض الناس لا يحسن من التجارة شيئاً، وبعض الناس حاذق في التجارة لماذا؟ لأن هذا انشغل بها، وصارت لديه خبرة بها، بينما الأخر لا يرفع بها رأساً، وعلى كل حال هو مضعف عند أكثر أهل العلم، والحديث معروف وله شواهد، وله طرق، فأصل الحديث يعني ما يدل عليه الحديث ثابت بما لا ريب فيه.
قال: "وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين" منهم عطاء والشعبي والنخعي "إذا استيقظ الرجل فرأى بلة أنه يغتسل" وعلى هذا أي بلة إذا وجد أي بلل يغتسل "وهو قول سفيان الثوري وأحمد" يعني وإن لم يتيقن أنها الماء الدافق بدليل المقابلة بالقول الآخر، يعني يلزمه الغسل وإن لم يكن تحقق أنه المني، وقال أحمد: أعجب إلي أن يغتسل، وقال أكثر أهل العلم: لا يجب، يعني من مجرد البلل من مجرد الرطوبة لا يجب، حتى تكون بلة نطفة "وقال بعض أهل العلم من التابعين: إنما يجب عليه الغسل إذا كانت البلة بلة نطفة" يعني مني بخلاف المذي، بخلاف...، قد يكون عرق، قد يجد في سراويله عرق فيظنها شيئاً وهي ليست بشيء، فهذه لا يلزم غسلها، ولا يلزم الوضوء منها، ولا الاغتسال، "وهو قول الشافعي وإسحاق" قال: "وإذا رأى احتلاماً ولم ير بلة فلا غسل عليه عند عامة أهل العلم" لأن الاغتسال إنما علق برؤية الماء، هل على المرأة من غسل إذا...؟ قال: «نعم إذا رأت الماء» وحديث الباب يدل على ذلك، نعم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في المني والمذي
حدثنا محمد بن عمرو السواق البلخي قال: حدثنا هشيم عن يزيد بن أبي زياد " ح" قال: وحدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا حسين الجعفي عن زائدة عن يزيد بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي -رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المذي فقال: «من المذي الوضوء، ومن المني الغسل».
قال: وفي الباب عن المقداد بن الأسود وأبي بن كعب.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي عن علي بن أبي طالب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير وجه، من المذي الوضوء، ومن المني الغسل، وهو قول عامة أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم، وبه يقول سفيان والشافعي وأحمد وإسحاق.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في المني والمذي" المني بتشديد الياء كما هو معروف، والمذي بتخفيفها إسكان الذال وتخفيف الياء، ويقال بالتشديد كالمني، وهناك أمر ثالث، أولاً: المني ماء بالنسبة للرجل أبيض غليظ، وماء المرة أصفر رقيق، والمذي ماء لزج خفيف ليس كالمني يخرج مع المقدمات أو التفكير أو ما أشبه ذلك، والودي ماء أبيض كدر لا رائحة له يخرج بعد البول، ولذا لم يرد فيه ما يدل على حكمه، يعني جاء حكم المني وجاء حكم المذي وأما الودي ما جاء فيه شيء لماذا؟ لأنه مصاحب للبول فله حكمه، يعني إذا انتهى البول خرج هذا السائل الماء الأبيض الكدر فحكمه حكم البول، يعني يجب الاستنجاء منه.
قال -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن عمرو السواق البلخي قال: حدثنا هشيم" بن بشير الواسطي "عن يزيد بن أبي زياد "ح" قال: وحدثنا محمود بن غيلان" (ح) هذه حاء التوحيل من إسناد إلى آخر يستفاد منها الاختصار في الأسانيد بحيث يحذف ما اتفق عليه إسنادان "قال: وحدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا حسين الجعفي عن يزيد بن أبي زياد" القرشي الهاشمي مولاهم ضعيف عن الجمهور، وإن وثقه الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- كعادته في توثيق مثله "عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى" قيل: لم يسمع من علي، مع أنه مولود قبل وفاة عمر، فالمعاصرة حاصلة لعلي -رضي الله عنه-، ومن يقول بالاكتفاء بها مع إمكان اللقاء يصحح مثل هذا الإسناد على قول مسلم وهو قول كثير من أهل العلم "عن علي -رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المذي" فهذا يدل على أن علي -رضي الله عنه- هو الذي سأل بنفسه عن المذي، وفي الصحيحين أنه أمر المقداد، قال: "كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن أسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- لمكان ابنته مني فأمرت المقداد" وفي رواية: فأمر عمار، فسأل المقداد النبي -عليه الصلاة والسلام- وجاء أن عمار أيضاً سأل، وهنا يقول: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فإما إن يقال: إنه سأل بالواسطة، أمر من يسأل، وحينئذٍ يصح أن يقول: سألت، كما أن الأمير يصح أن يقال: بنى مسجد وبنى مدرسة وإن لم يبنها بنفسه وإنما أمر بها، واحتمال أخر وهو أنه أمر المقداد فسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم أمر عمار ليتأكد، ثم بعد ذلك سأل بنفسه ليقف على حقيقة الأمر بنفسه ما في ما يمنع إطلاقاً، لا سيما وأن الروايات جاءت بهذا كله.
"سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المذي فقال: «من المذي الوضوء» يعني لا الغسل، فهو ناقض للوضوء لا موجب للغسل «ومن المني الغسل» وعلى هذا موجب للغسل لكن بشرطه، من المني الغسل من النائم ما يحتاج شيء، إذا وجد مجرد وجوده يكفي للاغتسال؛ لأن الاغتسال علق بمجرد الرؤية وأما من المستيقظ فلا بد أن يكون من مخرجه كما يقول أهل العلم دفقاً بلذة بخلاف النائم.
"قال: وفي الباب عن المقداد بن الأسود" المقداد قصته وسؤاله النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصحيح عند أبي داود والنسائي وابن ماجه أيضاً "وأبي بن كعب" وأخرجه ابن ماجه وابن أبي شيبة.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان، وأخرجه الشيخان مختصراً، لكن كيف يصححه أبو عيسى وفيه يزيد بن أبي زياد وقد ضعف؟ الترمذي عرفت قاعدته بأنه يصحح بالشواهد، يعني صحح حديث علي الذي فيه يزيد بن أبي زياد حديث الباب لما في الباب من حديث المقداد وأبي ابن كعب وغيرهما، طريقة الترمذي معروفة فلذلك صححه، وأما أحمد شاكر وافق الترمذي على تصحيحه ولم ير فيه طعن لطاعن، لم ير فيه مطعن لماذا؟ لأن يزيد بن أبي زياد ثقة عنده، وابن أبي ليلى ما دام عاصر علي -رضي الله عنه- فتكفي المعاصرة.
قال: "وقد روي عن علي بن أبي طالب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من غير وجه «من المذي الوضوء، ومن المني الغسل» وهو قول عامة أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم" قول عامة أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، يعني لم يوجب أحد منهم الغسل بالمذي، ولم يعفِ أحد منهم من رأى المني من الغسل "وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق" وقال الحافظ ابن حجر: هو إجماع، إجماع أنه إذا رأى الماء الذي هو المني يجب عليه الغسل، وأن من رأى المذي فقط فإن عليه الوضوء لا الغسل، ونقل الإجماع على هذا أكثر من واحد.
سم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في المذي يصيب الثوب:
حدثنا هناد قال: حدثنا عبدة عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن عبيد هو ابن السبَّاق عن أبيه عن سهل بن حنيف -رضي الله عنه- قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء، فكنت أكثر منه الغسل، فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسألته عنه؟ فقال: «إنما يجزئك من ذلك الوضوء» فقلت: يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: «يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه أصاب منه».
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، ولا نعرف مثل هذا إلا من حديث محمد بن إسحاق في المذي مثل هذا، وقد اختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب، فقال بعضهم: لا يجزئ إلا الغسل، وهو قول الشافعي وإسحاق، وقال بعضهم: يجزئه النضح، وقال أحمد: أرجو أن يجزئه النضح بالماء.
قال -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في المذي يصيب الثوب" المذي معروف ماء رقيق يخرج عند المقدمات من الملاعبة، ولا يجب فيه الغسل، وهو نجس ناقض للوضوء، وإن كانت نجاسته مخففة يكفي فيه النضح عند جمع من أهل العلم على ما سيأتي، يصيب الثوب هل يجب غسله أو يترك بدون غسل أو ينضح أو يحك ويقرص؟ على ما سيأتي في المني.
قال -رحمه الله-:
"حدثنا هناد" وهو ابن السري "قال: حدثنا عبدة" بن سلميان الكلابي وهو ثقة "عن محمد بن إسحاق" صدوق مدلس، لكنه صرح بالتحديث عند أبي داود، يقول: "حدثنا سعيد بن عبيد" وهنا روى الخبر بصيغته عن محمد بن إسحاق عن سعيد، وجمع من أهل العلم ضعفوه، وكلام الإمام مالك فيه شديد جداً، ومنهم من وثقه، وعلى كل حال التوسط في أمره أن يقال: صدوق، وهو أيضاً مدلس لا بد أن يصرح بالتحديث، وقد صرح بالتحديث في رواية أبي داود، والشيخ أحمد شاكر وثقه -رحمه الله- "عن سعيد بن عبيد هو ابن السباق" ثقة "عن أبيه" ثقة أيضاً "عن سهل بن حنيف" بن واهب الأنصاري صحابي بدري "قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء" يعني مثلما كان علي -رضي الله تعالى عنه- يلقى من الشدة، وكل منهما كان يكثر الاغتسال منه، حتى قال بعضهم: أنه تشقق ظهره من كثرة الاغتسال "قال: كنت ألقى من المذي شدة وعناء" يعني مشقة شديدة "فكنت أكثر منه الغسل" يعني بسببه كنت أكثر الغسل "فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسألته عنه" يعني مثل ما سأل المقداد النبي -عليه الصلاة والسلام- لعلي -رضي الله عنه- "فذكرت ذلك لرسول الله -صلى لله عليه وسلم- وسألته عنه" ذكرت هذه المشقة وهذا العناء وهذه الشدة وسألته عن الحكم؟ "فقال: «إنما يجزئك»" يعني يكفيك «من ذلك» من ذلك أي من خروج المذي «الوضوء» الوضوء فاعل يجزيك "فقلت: يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي منه؟" قال: «يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح به ثوبك حيث تُرى» أو تَرى سواء تحققت أو ظننت «أنه أصاب منه» لأن تُرى يعني تظن، وتَرى بعينك «أنه أصابه منه» فعلى هذا هو نجس، نجس لكنها نجاسة مخففة يكفي فيها النضح، ولا يلزم غسله غسلاً كما يغسل البول «فتنضح به ثوبك حيث ترى -أو ترى- أنه أصاب منه»
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق في المذي مثل هذا، يعني انفرد بروايته محمد بن إسحاق عن سعيد بن عبيد، والترمذي إنما صححه لما يشهد له من حديث علي وحديث المقداد، من أن المذي ينضح، يعني يرشح كما يرش بول الغلام، يأخذ كف من ماء وينضح هكذا يرش، ولا يلزم غسله وفركه مثل البول.
قال -رحمه الله-: "وقد اختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب فقال بعضهم: لا يجزئ إلا الغسل" لماذا؟ لأنه نجس، والنجس يجب غسله؛ ولأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال في حديث علي: «يغسل ذكره» وفي رواية: «وأنثييه ويتوضأ» والنضح إذا بولغ فيه وصل إلى طريقة الغسل فلا اختلاف، لكن النضح حقيقته غير حقيقة الغسل، النضح والرش حقيقتهما غير حقيقة الغسل، قال: "وقد اختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب فقال بعضهم: لا يجزئ إلا الغسل، وهو قول الشافعي وإسحاق" لأنه محكوم بنجاسته والنجس لا بد من غسله "وقال بعضهم: يجزئه النضح، وقال أحمد: أرجو أن يجزئه النضح بالماء" وذلك استدلالاً بحديث الباب، ورواية الغسل إنما هي في الفرج لا في الثوب الذي هو محل النزاع، لكن هل يمكن أن يركب من القولين قول وهو أنه يغسل في الفرج وينضح في الثوب فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه أصاب منه؟ وقال في حديث علي: «يغسل ذكره» وفي رواية: «وأنثييه» يعني هل تختلف حقيقته في الثوب عن حقيقته في البدن؟ يعني جاء في حديث علي: «يغسل ذكره» وفي حديث الباب: «فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه أصابه منه» يعني هل لقول من فرق بين البدن والثوب هل له وجه أو ليس له وجه؟ يعني الجمع بين هذه الأحاديث لو حلمنا حديث علي على حقيقة الغسل قلنا: إنه في البدن يغسل، وفي الثوب ينضح، ولو قال قائل مثلاً: إن العكس أولى، لماذا؟ يعني لو قال قائل من حيث التعليل: إن العكس أولى من هذا القول؛ لأن الثوب يشرب، يتشرب النجاسة والبدن لا يتشرب النجاسة، فغسل الثوب أشد من غسل البدن، والحقيقة واحدة، يعني ما تغير، وطهارة الثوب شرط لصحة الصلاة كطهارة البدن، يعني من فرق بينهما فقال: إنه يغسل في البدن وينضح في الثوب هذا ماشي مع النصوص، لكن لقائل أن يقول: العكس أولى، أولاً: الحقيقة واحدة هو المذي سواء كان في الثوب أو كان في البدن، واحد ما يتغير لكنه في الثوب أشد منه في البدن يتشرب النجاسة والبدن لا يتشرب النجاسة، فلو نضح البدن وسال عليه الماء كفى، لكن الثوب تشرَّب النجاسة فلا بد من غسله، وهذا من حيث النظر له حظ من النظر بينما الأثر يشهد لضده، وعامة أهل العلم على أنه لا فرق بين الثوب والبدن، فإما أن يغسل أو ينضح، جاء النضح بأدلة صحيحة صريحة وجاء الغسل، فإما أن يقال: إنه نضح يبالغ فيه حتى يصل إلى الغسل، يعني بدايته نضح ونهايته غسل، وإما أن يقال: غسل خفيف شبيه بالنضح، وعلى كل حال جاء بهذا وهذا، وكون نجاسته مخففة أمر لا يشك فيه أحد، فنجاسة المذي ليست كنجاسة البول قولاً واحداً، وما دام حكمه التخفيف فيكفي فيه النضح على ما في حديث الباب، والرش كما في غيره، نعم. عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في المني يصيب الثوب
حدثنا هناد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث قال: ضاف عائشة ضيف فأمرت له بملحفة صفراء فنام فيها فاحتلم، فاستحيا أن يرسل بها وبها أثر الاحتلام، فغمسها في الماء ثم أرسل بها، فقالت عائشة: لم أفسد علينا ثوبنا؟ إنما كان يكفيه أن يفركه بأصابعه، وربما فركته من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأصابعي.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول غير واحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء مثل سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: في المنى يصيب الثوب يجزئه الفرك، وإن لم يغسل، وهكذا روي عن منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث عن عائشة مثل رواية الأعمش، وروى أبو معشر هذا الحديث عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة وحديث الأعمش أصح.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في المني يصيب الثوب" يعني هل يجب غسله أو يكتفي بنضحه كالمذي أو الأمر فيه أخف فيكتفى بحكه أو حته؟
قال: "حدثنا هناد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث قال: ضاف عائشة ضيف" يعني نزل بها ضيف "فأمرت له بملحفة صفراء" ملحفة يعني ما يلتحف به أو يتغطى به "فنام فيها فاحتلم، فاستحيا أن يرسل بها وبها أثر الاحتلام" استحياء أن يردها لعائشة وبها أثر الاحتلام "فغمسها في الماء ثم أرسل بها، فقالت عائشة: لم أفسد علينا ثوبنا؟ إنما كان يكفيه أن يفركه بأصابعه" يعني يكفيه أن يدلكه بأصابعه حتى يذهب أثره "قالت: وربما فركته من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأصابعي"،
وفي رواية مسلم عن عبد الله بن شهاب الخولاني قال: كنت نازلاً على عائشة فاحتلمت في ثوبي فغمسته في الماء، فرأتني جارية لعائشة فأخبرتها، ليس معنى أنه كان ضيفاً عندها أنه نام معها في غرفتها إنما في ضيافتها، ولا يلزم أن يكون في منزلها إنما نزل في ضيافتها؛ لأن مثل هذا الخبر قد يتلقفه من يتلقفه من الذين يتبعون الشبهات والشهوات، فيستدل به على أن المرأة وإن كانت بمفردها في البيت يمكن أن ينزل بها رجل ضيف، هذا الكلام ليس بصحيح، قال عبد الله بن شهاب الخولاني: كنت نازلاً على عائشة يعني ضيف عندها فاحتلمت في ثوبي، وهنا يقول: فأمرت له بملحفة، ولا يمنع أن ينسبه إلى نفسه لأنه قد تغطى به، والنسبة تكون لأدنى ملابسة، فاحتلمت في ثوبي فغمسته في الماء، فرأتني جارية لعائشة، فأخبرتها فبعثت إلي عائشة كل هذا يدل على أن عائشة ليست بحضرته وليس بحضرتها، فبعثت إلي عائشة فقالت: ما حملك على ما صنعت بثوبك؟ قال: قلت... إلى آخره أنه استحيا أن يرسل بها وبها أثر الاحتلام، ثم قالت له: إنما كان يكفيك أن تفركه بأصابعك، تدلك بأصابعك، وربما فركته من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأصابعي.
الذي ينزل ضيف لا شك أن مسألة أن يختلط بنسائهم هذا أمر مفروغ منه، مفروغ منه لا يجوز بحال، وكونه يخلو الخلوة محرمة بالنصوص الصريحة الصحيحة، وكونه يحتلم وهو في بيتهم وإن كان بعيداً عنهم لا شك أنه...، لا سيما إذا كان فيه نساء من بنات وغيرهن، فيه حرج عليه كبير، حرج كبير فماذا يصنع؟ شيخ الإسلام في مثل هذا الصورة يقول: له أن يتيمم، لئلا يتهم لأنه يعني ما شعور الإنسان وعنده ضيف نائم عنده في المجلس وبناته في غرفهن نائمات، ثم إذا قام صاحب البيت ليوقظ هذا الضيف يجده يغتسل، هذا يقع في نفسه شيء وحرج، والشيطان يحرص حرصاً شديداً أن يوقع في النفوس في مثل هذه المواقف أشياء عظيمة، شيخ الإسلام يقول: إنه في مثل هذه الصورة له أن يتيمم، ليدفع الحرج عن نفسه وعن غيره، ولا شك أن هذه شجاعة من شيخ الإسلام وجرأة، ولكن عنده من العلم بنصوص الدين وقواعده العامة والمصالح والمفاسد يعني عنده بسبب اطلاعه الواسع ما يجعله يقول مثل هذا الكلام، لكن هل لأي عالم أو لطالب علم أن يقول مثل هذا الكلام؟ والنصوص إنما أباحت التيمم لمن لم يجد الماء، وهذا واجد للماء لا يمكن أن يقول بهذا أحد دفعاً لهذا الحرج والمشقة، يعني له أن يقول: يتوضأ، له أن يحتال، فيتوضأ في بيت هذا الرجل، وله أيضاً أن يوري تورية أنه يريد أن يصلي في مكان آخر له ذلك ثم يذهب فيغتسل، أما أن يقال له: تيمم وأنت واجد للماء هذا...، لا شك أن شيخ الإسلام ليس في هذا إلا أجر واحد، يعني أجر الاجتهاد أم أن يتمم وهو واجد للماء فلا، هذا الذي احتلم وهو في ضيافة عائشة أولاً: ليس عنده نساء يتهم بهن احتلم وجاءت الجارية لتحضر له شيء أو تأخذ منه شيء من غير ريبة ولا ظنة ولا تهمة فرأته يفعل ذلك، فرأتني جارية لعائشة فأخبرتها فبعثت إلي عائشة فقالت: ما حملك على ما صنعت بثوبك؟ قال: قلت... الحديث، وفي رواية مسلم تبين أنه ليس عند عائشة وليس في غرفتها، إنما نزل ضيفاً عليها، والآن بالإمكان أن ينزل الضيف على من يشاء ويضيفه من شاء ولا يحصل شيء من الخلوة، أو شيء من الاختلاط أو شيء من المحظور، وربما فركته من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إنما كان يكفيه أن يفركه بأصابعه، وربما فركته من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا هو الشاهد من الحديث، وأن المني يصيب الثوب يكفي فيه الفرك، وبهذا يستدل من يقول بطهارته.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه "وهو قول غير واحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء مثل سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: في المنى يصيب الثوب يجزئه الفرك وإن لم يغسل" وهذا على أساس أنه طاهر، فهذه النصوص تدل على أنه طاهر، وهو قول أبو حنيفة إذا كان يابساً، أما إذا كان رطباً فلا بد من غسله، وقال مالك: لا بد من غسله مطلقاً يابساً كان أو رطباً.
يقول النووي في شرح مسلم: اختلف العلماء في طهارة المني فذهب مالك وأبو حنيفة إلى نجاسته إلا أن أبا حنيفة قال: يكفي في تطهيره فركه إذا كان يابساً، وهو رواية عن أحمد، وقال مالك: لا بد من غسله رطباً كان أو يابساً، وفرق الحسن بين الثوب والبدن فقال: لا تعاد الصلاة إذا كان في الثوب وتعاد إذا كان في البدن، ونستحضر ما أسلفناه في المذي وأن البدن يختلف عن الثوب على قول، وذهب كثيرون إلى أنه طاهر، روي ذلك عن علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وعائشة وداود وأحمد في أصح الروايتين وهو مذهب الشافعي وأصحاب الحديث، دليلهم ما جاء في فركه، ودليل مالك على نجاسته ووجوب غسله رواية وحديث الغسل على ما سيأتي: أنها غسلت مني من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الآحق، فجاء الفرك وجاء الغسل، والأدنى يقضي على الأعلى، إيش معنى هذا؟ أن الفرك أدنى والأعلى الغسل، وإذا جاز الأدنى صار الحكم له، وأما الأعلى فيمكن تأوليه، الغسل ليس خاص بالنجاسات، الغسل ليس خاص بالنجاسة، فإذا وقع على البدن شيء أو على الثوب شيء مما يُقَذِّره ويؤثر فيه فإنه يغسل، ولو ترك ما أثر في الصلاة، لكنه نظر لستقذاره يعني كالمخاط والبصاق وما أشبه ذلك يغسل، وكذلك لو وقع على الثوب أو على البدن شيء من الطاهرات، لو أنسكب على ثوبك مرق مثلاً وقيل لك: اغسله، هل الغسل لنجاسته؟ لكن لأنه لوث الثوب ويشوه الثوب وكذلك ما جاء في غسل المني على ما سيأتي محمول على هذا، فإنه يقذر الثوب كالبصاق فإن كان يابساً يحك بالظفر، وأن كان رطباً لا يفيد فيه الحك يغسل على ما سيأتي.
قال -رحمه الله-: "وهكذا روي عن منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث عن عائشة مثل روية الأعمش" وهذا في صحيح مسلم، رواية منصور في صحيح مسلم "وروى أبو معشر هذا الحديث عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة" الخبر مداره على إبراهيم النخعي، إبراهيم يرويه مرة عن همام ومرة عن الأسود يروي طريق همام منصور، ويروي طريق الأسود أبو معشر، قال -رحمه الله-: "وحديث الأعمش أصح" يعني حديث الباب أصح، أصح من رواية منصور وأصح من رواية أبي معشر، ورواية منصور ورواية أبي معشر في صحيح مسلم، لكن ما الداعي لقوله: أصح هل بين هذه الروايات اختلاف؟ ليس بينها اختلاف ليقال: هذه أصح وهذه أرجح وهذه مرجوحة، ليس بينها اختلاف، ولذا يقول الشارح: ما أدري ما وجه كونه حديث الأعمش أصح فإن الأعمش لم يتفرد برواية الحديث عن إبراهيم وكذلك أبو معشر لم يتفرد بروايته عن إبراهيم بل كلاهما صحيحان، ليس واحد منهما أصح من الآخر.
الشيخ أحمد شاكر علق على قول الترمذي وحديث الأعمش أصح، قال: هكذا قال الترمذي وهو خطأ منه، فإن الحديث ثابت من رواية همام بن الحارث عن عائشة، ومن رواية الأسود عن عائشة وأبو معشر وزياد بن كليب التميمي الحنظلي الكوفي وهو ثقة، قال ابن حبان: كان من الحفاظ المتقنين، ومع ذلك فإنه لم ينفرد برواية الحديث عن إبراهيم عن الأسود، بل تابعه عليه غيره، ومنهم الأعمش نفسه كما سترى، فليس من الصواب ترجيح إحدى الروايتين عن الأخرى، فإن كلتيهما روايتان صحيحتان، لا سيما وأن رواية منصور في مسلم ورواية أبي معشر أيضاً في مسلم، فلا داعي لترجيح هذه الرواية على غيرها، نعم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: غسل المني من الثوب
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا أبو معاوية عن عمرو بن ميمون بن مهران عن سليمان بن يسار عن عائشة -رضي الله عنها- أنها غسلت منياً من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن ابن عباس، وحديث عائشة أنها غسلت منياً من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس بمخالف لحديث الفرك؛ لأنه وإن كان الفرك يجزئ فقد يستحب للرجل أن لا يرى على ثوبه أثره، قال ابن عباس المني بمنزلة المخاط، فأمطه عنك ولو بإذخرة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: غسل المني من الثوب"
قال: "حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا أبو معاوية" محمد بن خازم الضرير "عن عمرو بن ميمون بن مهران عن سليمان بن يسار" أحد الفقهاء السبعة "عن عائشة -رضي الله عنها- أنها غسلت منياً من ثوب النبي -صلى الله عليه وسلم-".
وعرفنا أنه استدل به من يقول بنجاسته، استدل به من يقول بنجاسة المني، وهو محمول عند من يقول بطهارته على الاستحباب لئلا يرى الأثر.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وخرجه الأئمة الستة: البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، إضافة إلى الترمذي "وفي الباب عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، وحديث عائشة أنها غسلت منياً من ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس بمخالف لحديث الفرك" يعني حديث الغسل المذكور في هذا الباب ليس بينه وبين الفرك اختلاف، ليس بمخالف لحديث الفرك لماذا؟ "لأنه وإن كان الفرك يجزئ فقد يستحب للرجل أن لا يرى على ثوبه أثره، قال ابن عباس: المني بمنزلة المخاط، فأمطه عنك ولو بإذخرة".
أمطه يعني: أزله، ولو بإذخرة واحدة الإذخر الذي استثناه النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قال له عباس: إلا الإذخر لما ذكر لا يختلى خلاها، ولا يحش أو يحتش حشيشها قال العباس: إلا الإذخر، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: «إلا الإذخر» وهو نبت طيب الرائحة يستعملونه في أسقف البيوت وفي القبور وغير ذلك، ولو بإذخرة يعني بشيء من الشجر يحك به، قال: "فقد يستحب للرجل أن لا يرى على ثوبه أثره" يقول ابن حجر في هذا: ليس بين حديث الغسل وحديث الفرك تعارض؛ لأن الجمع بنيهما واضح، على القول بطهارة المني بأن يحمل الغسل على الاستحباب للتنظيف لا على الوجوب، وهي طريقة الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث، يعني الذين قالوا بطهارته، وكذا الجمع ممكن على القول بنجاسته بأن يحمل الغسل على الرطب والفرك على اليابس، وهذه طريقة الحنفية، الحنفية يقولون: نجس، لكن إزالة النجاسة إذا زالت عينها بفرك أو بغسل كفى، يعني كما يطهر النعل بالدلك بالتراب، والشمس تطهر الأرض عندهم، ولا يحتاج غسلها، والاستحالة عندهم كافية في ارتفاع النجاسة فعندهم لا يستقل الماء بإزالة النجاسة، يعني عند الحنفية، والجمع ممكن على القول بنجاسته بأن يحمل الغسل على الرطب والفرك على اليابس وهذه طريقة الحنفية، والطريقة الأولى أرجح؛ لأن فيها العمل بالخبر والقياس معاً؛ لأنه لو كان نجساً لكان القياس وجوب غسله دون الاكتفاء بفركه، يعني كالدم وغيره من النجاسات يعني لا يكتفى بفركها، وهم لا يكتفون -يعني الحنفية- فيما لا يعفى عنه من الدم بالفرك، وأما الإمام مالك فالغسل عنده على كل حال، والفرك لا يجزئ، والحك لا يجزئ، كل هذا لا يجزئ لا بد أن يغسل، وأما مالك فلم يعرف الفرك وقال: إن العمل عندهم على وجوب الغسل كسائر النجاسات، وحديث الفرك حجة عليهم، فإما أن يقال: إنه طاهر والفرك علامة عليه، إذا لو كان نجساً للزم غسله على كل حال، أو يقال: إنه نجس نجاسة مخففة كما يقول الحنفية، ويكفي في ذلك الفرك إن كان يابساً، والغسل إن كان رطباً، نعم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الجنب ينام قبل أن يغتسل:
حدثنا هناد قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينام وهو جنب ولا يمس ماءً.
حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق نحوه.
قال أبو عيسى: وهذا قول سعيد بن المسيب وغيره، وقد روى غير واحد عن الأسود عن عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يتوضأ قبل أن ينام، وهذا أصح من حديث أبي إسحاق عن الأسود، وقد روى عن أبي إسحاق هذا الحديث شعبة والثوري وغير واحد ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في الجنب ينام قبل أن يغتسل" الجنب يلزمه الغسل، لكن متى يلزمه الغسل؟ والمحدث يلزمه الوضوء لكن متى يلزمه الوضوء؟ اللزوم إنما هو إذا أراد أن يباشر عملاً لا يصح مع الحدث كالصلاة والتلاوة، إذ أراد أن يباشر الصلاة لا بد أن يغتسل، وإذا كان محدثاً حدث أصغر لا بد أن يتطهر، «لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ» إذا أراد أن ينام أو أراد أن يؤكل والنوم والأكل لا يشترط لهما طهارة، فماذا يصنع يأكل وهو جنب؟ ينام وهو جنب أما ماذا؟ هل يغتسل أو يخفف الجنابة بالوضوء؟
قال -رحمه الله-: "حدثنا هناد قال: حدثنا أبو بكر بن عياش" الأسدي الكوفي، ثقة عابد "عن الأعمش" سليمان بن مهران "عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينام وهو جنب ولا يمس ماء"، ينام ولا يمس ماء: واستدل به من قال بجواز النوم للجنب دون وضوء ولا غسل، وهذا الحديث على ما سيأتي فيه مقال.
قال: "حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق نحوه"
"قال أبو عيسى: وهذا قول سعيد بن المسيب وغيره" يجوز له أن ينام ولا يمس ماء، يعني لا ماء غسل ولا ماء وضوء ولا غيرهما "وقد روى غير واحد عن الأسود عن عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يتوضأ قبل أن ينام" يتوضأ قبل أن ينام، يعني أن هؤلاء غير واحد أكثر من واحد خالفهم أبو إسحاق فرواه باللفظ السابق، ينام وهو جنب ولا يمس ماء "وهذا أصح من حديث أبي إسحاق عن الأسود" يعني حديث الباب حديث أبي إسحاق عن الأسود ينام وهو جنب ولا يمس ماء، والأصح منه فيما رواه غير واحد عن الأسود عن عائشة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يتوضأ قبل أن ينام، يعني يخفف، يخفف الجنابة بالوضوء، ومعلوم أن الجنابة ومجالسة الناس على جنابة والنوم على جنابة والبقاء والمكث على جنابة مفضول ليس بفاضل، فالملائكة لا تدخل بيتاً فيه جنب، وعلى أقل الأحوال يخفف هذه الجنابة بالوضوء، وإذا أراد أن يأكل أيضاً خفف هذه الجنابة "وقد روى عن أبي إسحاق هذا الحديث شعبة والثوري وغير واحد، ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق" أبو إسحاق السبيعي هذا ثقة، لكن الثقة قد يغلط.
قال الإمام أحمد هذا ليس بصحيح، يعني ينام ولا يمس ماء بل أمر بالوضوء، وكان يتوضأ قبل أن ينام، قال أحمد: ليس بصحيح، وقال أبو داود: هو وهم، وقال يزيد بن هارون: هو خطأ، وقال ابن مفوِّز أبو طاهر ابن المفوز: يقول أجمع المحدثون على أنه خطأ يعني ولا يمس ماء، أجمع المحدثون على أنه خطأ،، خطأ من أبي إسحاق، قال الحافظ: تساهل في نقل الإجماع، فقد صححه البيهقي وقال: إن أبا إسحاق قد بين سماعه من الأسود في رواية زهير عنه.
الذي يخشى أن يكون أبو إسحاق قد دلسه، وأسقط راوياً؛ لأنه معروف بالتدليس ولم يصرح في حديث الباب لكنه قال: صححه البيهقي وقال: إن أبا إسحاق بين أن سماعه من الأسود في رواية زهير، فارتفع ما كنا نخشى أو ما كان يخشى من تدليسه، ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق، ويأتي في الباب الذي يليه إن النبي -عليه الصلاة والسلام- حث على الوضوء، نعم.
عفا الله عنك.
قال الإمام -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام:
حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر -رضي الله عنهما- أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: «نعم إذا توضأ» قال: وفي الباب عن عمار وعائشة وجابر وأبي سعيد وأم سلمة.
قال أبو عيسى: حديث عمر أحسن شيء في هذا الباب وأصح، وهو قول غير واحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين، وبه يقول: سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: إذا أراد الجنب أن ينام توضأ قبل أن ينام.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام" في الباب السابق جاء في الحديث باب الأصل أنه ينام ولا يمس شيئاً، وذكر الترمذي أنه بهذا اللفظ ضعيف، وأن زيادة: "لا يمس شيئاً" خطأ من أبي إسحاق، وأن الرواة الثقات الإثبات رووه دون هذا اللفظ، ثم أردفه بباب ما يصنعه الجنب إذا أراد أن ينام، فقال: باب: ما جاء في الوضوء للجنب إذا أرد أن ينام.
قال -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: «نعم إذا توضأ»" يعني بهذا القيد، ومفهومه أنه لا ينام قبل أن يتوضأ، واللفظ مشعر بوجوب الوضوء، لكنه عند الجمهور غير واجب بل مستحب؛ لأنه مثلما ذكرنا أن الحدث إنما يطلب رفعه لمباشرة ما يشترط له رفع الحدث، أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: «نعم إذا توضأ» اختلف العلماء في حكم الوضوء للنوم فقال الجمهور: غير واجب، واستدلوا بالحديث السابق: "ولا يمس ماء" وفيه ما تقدم من الكلام، وأنه مضعف، وذهب داود وجماعة إلى وجوبه، وجوب الوضوء كما هو مفاد: أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: «نعم إذا توضأ» يعني بهذا الشرط، وأما بغيره دون هذا الشرط فإنه لا يجوز له أن ينام، وذهب داود وجماعة إلى وجوبه ففي البخاري وغيره: «ليتوضأ» هذه لام الأمر «ليتوضأ ثم لينم» قال الشوكاني: يجمع بين الأدلة بحمل الأمر على الاستحباب، يجمع بين الأدلة بحمل الأمر على الاستحباب، ولا شك في أن الوضوء مستحب للجنب قبل أن ينام وقبل أن يأكل.
«ليتوضأ ثم لينم» اللام هذه لام الأمر في قوله: «ليتوضأ» فماذا عن هذه اللام في: «لينم»؟ هل نقول: إنها لام الأمر فكما ألزمناه بالوضوء نلزمه بالنوم؟ أو نقول: إن وجود هذه اللام في: «لينم» دليل على أن اللام في قوله: «ليتوضأ» ليست للأمر، يعني في البخاري «ليتوضأ» لما سئل عن الجنب يريد النوم قل: «ليتوضأ ثم لينم» قالوا: هذه لام الأمر والأصل في الأمر الوجوب، وإلى هذا ذهب داود وجماعة إلى وجوب الوضوء قبل النوم بالنسبة للجنب لهذه الرواية رواية: «ليتوضأ» واللام لام الأمر والأصل في الأمر الوجوب، لكن إذا قلنا: هل يقول: داود وجماعة الجماعة الذين معه مثلما أوجبوا الوضوء يوجبون النوم؟ هل يفعلون هذا؟ ما يوجبون، وإن كان مقتضى اللفظ أنه واجب مثلما ما أوجبوا «ليتوضأ» يوجبون «لينم» وقال الشوكاني: يجمع بين الأدلة بحمل الأمر على الاستحباب، والصارف له ما عرف من عموم أبواب الطهارة أن الطهارة إنما تطلب للعبادات التي منها القراءة ومنها الصلاة، لا للعادات والنوم عادة، يعني هل نشترط للنوم نية ليصح؟ ما يشترط له نية، نشترط له ما يشترط للصلاة للعبادة؟ ما نشترط له، هل نشترط إخلاص؟ ما نشترط لهذا العادات لا نشترط من شروط القبول شيء لكن مع ذلك إذا أردناها أن تنقلب عبادات نوينا بها التقوي على طاعة الله -عز وجل-، فإذا نوينا بالنوم التقوي على طاعة الله –عز وجل- قلنا: صار عبادة ويؤجر عليه، فإذا تحقق أن رفع الحدث إنما يجب للعبادات دون العادات قلنا: إن الوضوء للنوم مستحب وليس بواجب، حتى ولو جاء بلفظ الأمر، ولو جاء بلفظ بالمضارع المقترن بلام الأمر؛ لأن مما اقترن بلام الأمر أو جاء على صيغة الأمر الصريح ما حمل على الاستحباب، رواية: "ولا يمس شيئاً" ضعيفة لا نستطيع أن نقول: إنها صارفة من الوجوب إلى الاستحباب لضعفها، لكن الضعيف يرجح به أو لا يرجح؟ يعني إذا وجد عندنا في مسألة من المسائل أدلة متكافئة، وعندنا...
طالب:........
نعم؟
طالب:........
بين إيش؟
طالب:........
ما أنا بقول لك في هذه المسألة، عموماً إذا كان عندنا في المسألة أدلة متكافئة فهل نرجح بالضعيف أو لا نرجح بالضعيف؟ ابن القيم -رحمه الله- وهو ممن يرى عدم العمل بالضعيف مطلقاً قال: يرجح بالضعيف، يعني في تحفة المودود أشار إلى أنه قد يرجح بالضعيف، عندنا: «ليتوضأ» «نعم إذا توضأ» الأسلوب محتمل للوجوب والاستحباب، هذا اللفظ محتمل، وإن كان الأصل الوجوب، والقواعد العامة تدل على عدم الوجوب، القواعد العامة من نصوص الشريعة مجتمعة تدل على أن الوضوء ليس بواجب للنوم، الطهارة عموماً ليست بواجب وإنما هي مستحبة، والحديث ضعيف "ولا يمس ماء" لكن هل نحتاج أن نرجح بهذا الحديث بين هذه الاحتمالات التي ذكرنها؟ أنت أفترض أن الحديث ما وجد أصلاً "لا يمس ماء" وأنت تعرف من قواعد الشرع أن النوم لا يحتاج إلى شروط، لا يحتاج إلى نية ولا يحتاج إلى طهارة، ولا يحتاج إلى شيء بإمكانه أن ينام وهو مُحدث، مع أنه جاء الحث على النوم على الطهارة، فهل الجنب مثله أو نقول: لا بد أن تخفف الجنابة؟ هل مكث الجنب على جنابته يعني أجنب بعد صلاة الصبح وبيجلس سبع ساعات إلى صلاة الظهر هل نقول: يجب عليك الغسل فوراً؟ أو خفف هذا الغسل يجب عليك؟ إنما الواجب رفع الحدث للصلاة، قراءة القرآن للطواف لما يشترط له الطهارة وأما ما عدا ذلك فعلى سبيل الاستحباب، يعني ينبغي للمسلم أن لا يمكث جنباً، ويدل على ذلك أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه جنب، فهو مسألة استحباب فقط.
قال: "باب: ما جاء في الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام"
قال: "حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: «نعم إذا توضأ»" قد يقول قائل: إن المراد بهذا وضوء لُغوي، يغسل يديه ويغسل ما لوث وينام ما يحتاج يتوضأ وضوء كامل؛ لأن هذا الوضوء لا يفيده، هل ينفعه الوضوء؟ لا ينفعه، لا يستطيع أن يقرأ ولا يستطيع أن يصلي ما يستفيد منه، كما لو احتلمت الحائض، ورأت الماء هل نقول: اغتسلي للجنابة؟ وهل تستفيد من هذا الغسل أو لا تستفيد؟ لا تستفيد، لا تستفيد من الغسل، وهل يقال للحائض: توضئي قبل أن تنامي؟ لا يقال لها، إذاً ما معنى أن الجنب يأمر بالوضوء؟ من أجل تخفيف الجنابة والحيض لا يخف، مهما بذلت ما يخف إلا بانقطاع الدم، والمراد هنا الوضوء الشرعي لا اللغوي، بين ذلك في رواية البخاري: «توضأ للصلاة» قال ابن حجر: أي توضأ كما لو توضأت للصلاة، يعني وضوء شرعي وليس بوضوء لغوي.
قال -رحمه الله-: "وفي الباب عن عمار وعائشة وجابر وأبي سعيد وأم سلمة" عن عمار عند أحمد في المسند والترمذي، وعائشة حديثها عند الجماعة عند السبعة أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود الترمذي النسائي ابن ماجه، وحديث جابر قال الشارح: لم نقف عليه، وأهمل حديث أبي سعيد وأم سلمة عند الطبراني.
"قال أبو عيسى: حديث عمر أحسن شيء في هذا الباب وأصح" عن ابن عمر عن عمر أحسن شيء في هذا الباب وأصح، وروه أيضاً الجماعة "وهو قول غير واحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين وبه يقول: سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: إذا أراد الجنب أن ينام توضأ قبل أن ينام" لكن الجمهور على أن هذا الوضوء مستحب؛ لأنه لا تترتب عليه آثاره، فلا يستطيع أن يقرأ به، ولا يستطيع أن يصلي به، ولا يستطيع أن يطوف به على القول باشتراط الطهارة، نعم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في مصافحة الجنب
حدثنا إسحاق بن منصور قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال: حدثنا حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقيه وهو جنب قال: فانخنست أي فانخنست.
قال قال.
قال: فانخنست.
أي.
أي فنخست فاغتسلت.
ما تجي، ما تجي، صوابها فانبجست أي: انخنست،
عفا الله عنك.
قال: فانبجست أي فانخست فاغتسلت ثم جئت، فقال: «أين كنت أو أين ذهبت؟» قلت: إني كنت جنباً، قال: «إن المسلم لا ينجس».
قال: وفي الباب عن حذيفة وابن عباس.
قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة أنه لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو جنب حديث حسن صحيح، وقد رخص غير واحد من أهل العلم في مصافحة الجنب، ولم يروا بعرق الجنب والحائض بأساً، ومعنى قوله: فانخنست يعني: تنحيت عنه.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"باب: في مصافحة الجنب" الجنب محدث، والحدث يطلق على الخارج نفسه، ويطلق على الوصف القائم بالبدن، قيل: يا أبو هريرة ما الحدث؟ قال: "فساء أو ضراط" على ما تقدم، فالحدث كما يطلق على الخارج نفسه يطلق أيضاً على الوصف القائم بالبدن الذي يمنع من هذه العبادات، فعلى كل حال الجنب محدث وعليه حدث، وبه وصف قائم يمنعه من العبادات، فحاله أقل من حال من يتلبس بهذا الوصف.
أبو هريرة -رضي الله عنه- رأى أن مقامه وهو جنب لا يليق بمصافحة النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "باب: ما جاء في مصافحة الجنب" قال: "حدثنا إسحاق بن منصور قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال: حدثنا حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقيه" يعني لقي أبا هريرة "عن أبي هريرة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لقيه" الأصل أن يقول: لقيني كما في رواية البخاري، عن أبي هريرة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "لقيني" وهو جنب والأصل أن يقول: وأنا جنب، وهذه الجملة حالية، قال أبو هريرة: فانبجست أي انخنست، يعني في الصورة انبجست وانخنست وانحبست كلها متقاربة، ومعنى ذلك تأخرت، الخناس: الذي يتأخر عند الذكر، فإذا أذن المؤذن ولى هارباً، هذا الوسواس الخناس يتأخر عند الذكر، عند التكبير، عند الآذان، على كل حال أبو هريرة انخنس تأخر، العوام يقولون ماذا يقولون؟ إيش؟ ها يا أبو أحمد؟ ما يقولون: "نس"، أبو هريرة -رضي الله عنه- رأى أن مقامه في هذه الحالة وهو متلبس بجنابة دون مقام النبي -عليه الصلاة والسلام- أكمل الخلق وأطهر الخلق، فرأى أنه لا يليق به أنه يصافح النبي -عليه الصلاة والسلام- ويجالس النبي -عليه الصلاة والسلام- ويخاطب النبي وهو على هذه الحالة، "قال: فانخنست فاغتسلت ثم جئت" رأى أن نفسه صالحة الآن للمقابلة والمجالسة "ثم جئت، فقال: «أين كنت؟»" يعني بعض الناس إذا صار مدعو على وليمة وبيحضرها أعيان وتيسر له أن مر البيت قبل ذلك وفعل ما فعل، أو أخذته عينه فنام في مسجده أو في بيته فاحتلم وهو مدعو إلى وليمة فيها أعيان وفيها أخيار يعني هل يليق به أن يذهب بجنابته أو يغتسل؟ لا سيما وأنه يحتمل أن يقتضي المقام أن يقرأ آية وإلا يقرأ شيء أو يستدل بآية، هو عرضة لمثل هذه الأمور والمجالس لا شك -لا سيما مجالس الأخيار- ينبغي أن تكون على أكمل حال "قال: فانخنست فاغتسلت ثم جئت، فقال: «أين كنت أو أين ذهبت؟» قال: إني كنت جنباً، قال: «إن المسلم» وفي رواية: قال: «إن المؤمن» وهي في البخاري، «لا ينجس» المسلم لا ينجس مفهومه أن الكافر نجس نجس العين، قال ابن حجر: تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر فقال: إن الكافر نجس العين وقواه بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] والجمهور على خلافه؛ لأن الله أباح نساء أهل الكتاب، ومن لازم معاشرة هذه النسوة أن تمس أبدانهن وعرقهن وإذا اغتسلن أمور كثيرة، يعني المخالطة تقتضي المماسة، فما دام نساء الكتاب مباحات للمسلمين إذاً بدن المشرك طاهر، وفي قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] المقصود به النجاسة المعنوية، نجاسة الشرك، ونقل عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن أعيان الكفار نجسة كالخنزير، وعن الحسن: "من صافحهم فليتوضأ" وهو محمول إن صح على المبالغة في البعد عنهم، والاحتراز منهم، والآية: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] محتملة، والأصل في النجاسة العينية، وأما النجاسة المعنوية هذه لا شك أن لها ما يؤيدها لكن ليست هي الأصل، في قوله: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة] واليهود والنصارى أبيحت لنا نساءهم، نساء أهل الكتاب مباحة للمسلمين بالنص، فهل نقول: إن اليهود والنصارى يدخلون في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [(28) سورة التوبة]؟ وبعبارة أخرى هل اليهود والنصارى مشركون أو ليسوا بمشركين؟ أولاً: هم كفار بالإجماع، ما في أحد يخالف في كفرهم، حتى قال أهل العلم: من شك في كفرهم كفر إجماعاً يعني اليهود والنصارى، لكن هل يقال لهم: مشركون، الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- يقرر أنهم وإن كانوا كفاراً بالإجماع إلا أنهم ليسوا بمشركين، وإنما فيهم شرك، وأحكامهم تختلف عن أحكام المشركين، نعم فيهم شرك، لكنهم ليسوا بمشركين، فمن وافق في وصف لا يمكن أن ينسب، حينما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي ذر: «إنك امرؤ فيك جاهلية» هل يعني هذا إن أبا ذر جاهلي؟ لا، ومن كانت فيه خصلة من النفاق لم يكن منافقاً، لكن فيه خصلة من النفاق، وابن رجب يقول: إن اليهود والنصارى فيهم شرك وإن لم يكونوا مشركين، ولذلك لا يحتاجون إلى مخصص لقوله: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ} [(221) سورة البقرة] لا يدخل فيه نساء اليهود والنصارى لأنهن أبحن بالنص، ولا يدخلن في أية المنع لأنهم ليسوا مشركين، ومن قال: إنهم مشركون كغيرهم لا سيما وأن الشرك وقع فيهم، الشرك وقع في اليهود والنصارى لكن ليسوا مثل غيرهم من طوائف الشرك الذين لا يقرون بالتوحيد ولا يعترفون بالله -جل وعلا-، وإن اشتركوا مع غيرهم في جحد الرسالة لذلك الطوائف متفاوتة، منها القريب ومنها البعيد، واليهود والنصارى أقرب من غيرهم، ولذا أبيح منهم ما لم يبح لغيرهم أو من غيرهم.
قال: "وفي الباب عن حذيفة" وهو عند البزار "وابن عباس".
"قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة أنه لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو جنب حديث حسن صحيح" وهو مخرج في الصحيحين وغيرهما "وقد رخص غير واحد من أهل العلم في مصافحة الجنب، ولم يروا بعرق الجنب والحائض بأساً" قال البغوي في شرح السنة: وهو قول عامة العلماء، وفيه جواز تأخير الاغتسال بالجنب، وأنه يسعى في حوائجه، ما في ما يمنع أنه يجنب ويخرج إلى السوق ليشتري ما يريد، ومعنى قوله: فانخنست يعني تنحيت عنه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"أفضل تحقيق هو طبعة حلب تحقيق أبو غدة، يعني استدرك على المؤلف أحاديث كثيرة، فعمله في هذا الكتاب جيد.
نعم فيهم المحدث أبو السعادات صاحب النهاية وجامع الأصول، وفيهم المؤرخ صاحب الكامل، وفيهم الأديب صاحب المثل السائر.
نعم هذا الهيتمي معروف، غير ابن حجر العسقلاني، وهناك أيضاً من يقول له: ابن حجر متأخر جداً، متأخر يعني في أيامنا، لكنه توفي ابن حجر صاحب قطر.
لا يجوز لأن الجمعة فرض مستقل كالفجر، لا تجمع ولا يجمع إليها.
نعم يدخل في ذلك سؤر الفأرة.
يمكن التعامل معه على ضوء قواعد الجرح والتعديل، عندهم مسألة هي مسألة تعارض الجرح مع التعديل، وهناك قواعد وضوابط معروفة عند الأئمة يرجحون بها إما الجرح وإما التعديل، والأصل أنه إذا كان الجرح مفسراً فإنه مقدم على التعديل؛ لأن الجارح معه زيادة علم خفيت على المعدل، وعلى كل حال كل راوٍ بحسبه، فقد يكثر عدد الجارحين، وقد يكثر عدد المعدلين، وقد يتساوى العددان، وقد يكون الجرح شديداً والتعديل خفيفاً أو العكس، كل هذه لها أثر في الجنوح والميل إلى التعديل أو الجرح.
هل يقبل حديثه أم لا؟
على حسب ما يترجح من حاله إما القبول وإما الرد.
وهل ينطبق هذا على كل حديث رواه؟
نعم إذا تفرد به انطبق، وإذا توبع عليه ارتقى حديثه إن كان ضعفه غير شديد.
نعم، يحتج بخبر الواحد إذا بلغ درجة الحسن أو الصحيح في جميع أبواب الدين حتى في العقائد.
كيف الرد على من خالفه؟
يرد بأن الدين واحد، جاء من إله واحد، بواسطة جبريل -عليه السلام- على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو واحد متساوي الأقدام كما يقول أهل العلم، فما يثبت في الفضائل يثبت بالعقائد، والتفريق الذي يحتاج إلى دليل.
وهل من مثال لحديث آحاد في السنن أو في المسانيد أو في المعاجم؟
موجودة الأحاديث كلها في الغالب آحاد؛ لأن الضابط في الآحاد ما لم يبلغ درجة التواتر.
لا، الشيخ متساهل جداً، لكن قراءة كتبه لا بد منه لطالب الحديث.
المسائل الاصطلاحية لا يخلط بينها وبين ما جاء في النصوص هذه مسألة اصطلاحية يعني لو رجعت إلى ألفاظ التعديل وجدت مرضي دون ثقة، فأعلى درجات التوثيق عند ابن حجر في التقريب الصحابة، وعند غيره ما جاء بأفعل التفضيل أوثق الناس أعدل الناس، أصدق من رأيت من البشر، ثم بعد ذلك ما كرر من ألفاظ التعديل، ثقة ثقة، بعد ذلك ما أفرد من ألفاظ التعديل، ثقة فقط، ثم بعد ذلك يأتي ما دونها في التعديل من مرضي ونحوه.
يدرس العلمين معاً فلا فقه إلا بحديث، ولا فهم للحديث إلا من خلال فهم أهل العلم، لا سيما سلف هذه الأمة فالجمع بين العلمين هو الذي يحقق للطالب فقه النفس.
رواية الحيضة في صحيح مسلم، هي في صحيح مسلم.
الأولى أن يصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-.
هذا الحديث ليس فيه إشكال، ثابت.
ثم لو صح أليس فسره نفسه بتمام الحديث قيل: يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال: «حلق الذكر»؟
حلق الذكر، أيضاً فُسر قوله -جل وعلا-: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [(60) سورة الأنفال] قال -عليه الصلاة والسلام-: «ألا إن القوة الرمي» يعني ما نستعد إلا بالرمي؟ هذا كلام ليس بصحيح، يعني ذكر بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص.
فالوضوء ليس من خصائص هذه الأمة، بل الذي من خصائصها الغرة والتحجيل.
الأربعون المكية هذه جمعت من قبل مشروع تعظيم بيت الله الحرام، كتاب معاصر مؤلف حديث من قبل هذه الجمعية ألف هذه الكتاب، ولا أعرف من كلف بهذا التأليف، وعلى كل حال هي موضوعها ما يتعلق بالبلد الحرام.
لا، طباعة دار الكتب العلمية ضعيفة، يعني من أضعف المطابع.