المعجم في اصطلاح المحدثين هو: الكتاب الذي تُرتب فيه الأحاديث على شيوخ المصنِّف، مثل: معاجم الطبراني الثلاثة، وكثيرٌ من أهل الحديث ألَّفوا معاجم ينتقون فيها من أحاديث شيوخهم ولو لم يستوعبوا، فالمعجم يُرتب على أحاديث الشيوخ، والشيوخ يُرتَّبون على الحروف، ويخالف بذلك المسند، فالمسند تُرتب أحاديثه على الصحابة، بينما المعجم تُرتب أحاديثه على شيوخ المؤلفين، ومن أشهر ما صنف في هذا معاجم الطبراني الثلاثة (الكبير) و(الأوسط) و(الصغير)، وللعلماء حتى المتأخرين منهم معاجم، مثل (المعجم المختص) للحافظ الذهبي، ومعاجم الشيوخ كثيرة.
وأما بالنسبة للمعجم في اصطلاح اللغويين فهو: الكتاب الذي تُرتب الكلمات فيه على الحروف، وتُشرح فيه هذه الكلمات من لغة العرب، والحروف كذلك تُرتب، وكلٌّ له طريقته في ترتيب هذه الحروف، فالمتقدمون لهم ترتيب وفيه عُسْر على المتعلمين، مثل: (تهذيب الأزهري) و(العين) للخليل، وغيرهما من الكتب التي رُتبت على مخارج الحروف، وهذه لا يمكن أن يستفيد منها طالب العلم الذي ليس له يد في هذه الصناعة إلا بفهرس، وقد فُهْرِسَت، ومنهم من يُرتِّب المواد على الحروف الهجائية، وللمغاربة ترتيب، وللمشارقة ترتيب، وبينهم اختلاف يسير ليس بكبير، لكن الاختلاف موجود، وأَلِفَ الناس ترتيب المشارقة، على خلاف بين اللغوين في ترتيب الحروف الهجائية حتى على ترتيب المشارقة، فبينهم اختلافٌ في الحرف المرتَّب عليه المبدوء به هل هو آخر الكلمة كما في (الصحاح) و(القاموس) أو أول الكلمة كما في (اللسان)، وهذا الترتيب أمره سهل؛ لأن طالب العلم إذا أكثر وأدام النظر في هذه الكتب سهل عليه مراجعتها، وكثير من المحققين يكتفي في العزو إلى هذه الكتب المشهورة المرتبة على هذه المواد بذكر المادة، ولا يذكرون الجزء والصفحة؛ لأنهم يعتبرون أن طالب العلم لا يخفى عليه مثل هذا الترتيب، وأنه سهل ميسر يمكن استيعابه.
الكتب التي رُتبت على أواخر الحروف رُتبت على أوائلها مثل (ترتيب القاموس) مثلًا، وبالمناسبة كتب اللغة لا يستغني عنها طالب علم، ولا يمكن أن يكتفي بواحد أو اثنين أو بعضها عن بعض، وكل كتاب له ميزته وخصيصته، فـ(التهذيب) له أصالته وقدمه، قل مثل ذلك في (العين) و(الصحاح)، وما جاء بعدها له أيضًا أهميته في جمعه واستيعابه، ففي (الصحاح) -على ما قيل- أربعون ألف مادة، و(القاموس) ستون ألفًا، و(اللسان) ثمانون ألفًا، و(تاج العروس) -على ما قيل مما لم أضبطه بنفسي- مائةٌ وعشرون ألفًا من المواد، فهي كتب جوامع لا يستغني عنها طالب العلم، وإن كانت حاجته إلى كتب المتقدمين قائمة، فلا يستغني بالمتقدمين عن المتأخرين، ولا بالمتأخرين عن المتقدمين، مع ملاحظة أن كتب المتأخرين تأثرت بالمذاهب، مما صار له أثر على اختيار المعنى الذي يرجحه صاحب المعجم، فإذا كان هذا اللفظ في معناه أَثَر على ما يعتقده أو أثر على ما يعمل به من أحكام صَعُب الترجيح من خلال هذه الكتب، كما أشرنا إلى ذلك مرارًا بالنسبة لكتب المعاجم المرتبطة بكتب الفقه مثل: (المصباح المنير) فهو مرتب على ترتيب (العزيز شرح الوجيز) للرافعي، و(الـمُغرب) للمُطَرِّزي، و(الـمُطلع)، و(تهذيب الأسماء واللغات) للنووي، هذه كتب تأثرت بأصولها الفقهية، ولذلك يَصْعُب أن تنظر إلى حقيقةِ لفظٍ وَرَدَ في نصٍّ من الكتاب أو السنة أو لغة العرب ثم ترجِّح معناه من خلال هذه الكتب التي تأثرت بالمذاهب، فالمطلوب من طالب العلم أن يُعْنَى بالقديم، ومع ذلك يستفيد مما زاده المتأخرون، والموضوع بحاجة إلى مزيد من البسط والتوضيح، لكن هذا القدر كافٍ في مثل هذا المقام.