من علماء الحديث من يقول: إن (أن) في الإسناد ليست مثل (عن)، بل هي منقطعة، ونَسب ابن الصلاح هذا القول إلى الإمام أحمد، ويعقوب بن شيبة، وعمدته في ذلك أنهما حكما على خبر واحد مرة بالاتصال، ومرة بالانقطاع، ففي الرواية الأولى: (عن محمد بن الحنفية أن عماراً –رضي الله عنه- مرّ بالنبي -صلى الله عليه وسلم-) قال عنه الإمام أحمد: منقطع، وفي الرواية الثانية: (عن محمد بن الحنفية عن عمار –رضي الله عنه- أنه مرّ بالنبي -صلى الله عليه وسلم-) قال عنه الإمام أحمد: متصل. فابن الصلاح تصّور أن الحكمين اختلفا لاختلاف الصيغة، لكن كما قال الحافظ العراقي:
"كذا له ولم يصوب صوبه" يعني لم يصب المحز، الذي هو السبب الحقيقي للتفريق بين الروايتين، فعندما يقول تابعي -والتابعي ولا شك لم يحضر القصة-: إن عماراً –رضي الله عنه- مرّ بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وكذا لو قال: مرّ عمار –رضي الله عنه- بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول في كلا الحالين: منقطع، لأنك تابعي، فكيف تحكي قصة ما حضرتها؟ لكن عندما يروي هذه القصة عن صاحبها وهو عمار –رضي الله عنه-، فيقول: عن عمار –رضي الله عنه- أنه مرّ بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، فنقول: نعم هنا تكون متصلة؛ لأنه يرويها عن صاحبها. إذن فليس الاختلاف بين الحكمين للاختلاف في الصيغة، وإنما مرده أن التابعي في الطريق الأول يحكي قصة لم يشهدها، فهي منقطعة، وفي الطريق الثاني يروي القصة عن صاحبها الذي سمعها منه، فهي متصلة.